عرض مشاركة واحدة
قديم 02-25-2013
  #18
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي الباب السابع : الحيض والنفاس والاستحاضة

الباب السابع : الحيض والنفاس والاستحاضة
الحيض :
[ التعريف ]

- التعريف : هو لغة : السيلان يقال : حاض الوادي إذا سال ماؤه
واصطلاحا : دم جبلة ( غير مرضي ) يخرج من أقصى رحم المرأة بعد بلوغها في أوقات معتادة من غير سبب الولادة لونه أسود محتدم ( حار كأنه محترق ضارب إلى سواد ) لذاع ( مؤلم موجع )
والأصل فيه قوله تعالى : { ويسألونك عن المحيض } ( البقرة : 222 ) وما روت عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في الحيض : ( إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم ) ( البخاري ج 1 / كتاب الحيض باب 1 / 290 )

سن الحيض :
- أقل زمن تحيض فيه المرأة تسع سنوات قمرية ( السنة القمرية 354 يوما ) فلو رأته قبل تمام التسع بزمن يضيق عن حيض وطهر فهو حيض وإلا فهو دم فساد ينقض الوضوء ولا تتعلق به أحكام الحيض . ولا حد لأكثر الحيض عند الشافعية إذ يمكن أن تمكث المرأة فيه إلى حلول الموت على أن الغالب انقطاع الحيض بعد اثنتين وستين سنة خلاف ما عند باقي الأئمة

مدة الحيض :
- اقل الحيض يوم وليلة على الاتصال المعتاد في الحيض ( وبناء عليه فما تراه الآيسة من دم متفرق خلال الخمسة عشر يوما إن لم يبلغ مجموعه سيلان دم يوم وليلة يعتبر استحاضة والآيسة : هي المرأة المسنة التي انقطع حيضها ويئست منه ) أي لا يتخلله نقاء وأكثره خمسة عشر يوما مع لياليها فإن زاد على ذلك فهي مستحاضة . أما غالب الحيض فهو ستة أو سبعة أيام بلياليها ( هذه المعلومات في بحث الحيض والنفاس حصلها الشافعي بالاستقراء فما لم يوجد له ضابط في الشرع ولا في اللغة رجع فيه إلى العرف العام ) لما روته حنة بنت جحش رضي الله عنها - وكانت تستحاض فلا تطهر - في حديث لها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لها : ( إنما هو ركضة ( أصل الركض الضرب بالرجل والإصابة بها كما تركض الدابة وتصاب بالرجل أراد الإضرار بها والأذى والمعنى أن الشيطان قد وجد بذلك طريقا إلى التلبيس عليها في أمر دينها وطهرها وصلاتها حتى أنساها ذلك عادتها وصار في التقدير كأنه ركضة بآلة من ركضاته ) من الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله ( أي التزمي الحيض وأحكامه فيما أعلمك الله من عادة النساء ) ثم اغتسلي فإذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلي أربعا وعشرين ليلة أو ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها وصومي وصلي فإن ذلك يجزئك وكذلك فافعلي كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن ) ( الترمذي ج 1 / أبواب الطهارة باب 95 / 128 )


مدة الطهر

- أقل الطهر بين حيضتين خمسة عشر يوما بلياليها ولا حد لأكثره ولا حد لأكثره فقد تمكث المرأة دهرا بلا حيض . أما مدة الطهر بين حيض ونفاس فليس لها حد فلو انقطع نفاسها يوما ثم رأت الدم فإنه قد يكون دم حيض . أما غالب الطهر فيعتبر بغالب الحيض فإن كان الحيض ستة أيام مثلا كان الطهر أربعة وعشرين يوما
وبناء على ما تقدم من أقل الحيض وأكثره : لو حاضت سبعة أيام مثلا ونقيت بعده اثني عشر يوما ثم رأت الدم في اليوم الثالث عشر بعد النقاء فيعتبر هذا الدم دم استحاضة لأن أقل الطهر خمسة عشر يوما ويكون حكمها حكم المستحاضة في اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر اعتبارا من بدء النقاء أما إن استمرت رؤية الدم لليوم السادس عشر وما بعده فيعتبر دم حيض عندئذ لأن المدة جاوزت أقل الطهر . ولو حاضت أربعة أيام مثلا ثم نقيت بعدها ستة أيام ثم رأت الدم ثانية فيعتبر هذا الدم دم حيض لأن مجموع الأربعة والستة عشرة وهي أقلمن أكثر الحيض أي تعتبر الأيام الستة التي طهرت فيها من الحيض ويبقى حكمها حكم الحائض لمدة خمسة أيام بعد ذلك فإن جاوز الدم الثاني الخمسة أيام تبين عندئذ أنها مستحاضة لأن مجموع الأربعة والستة والخمسة خمسة عشر يوما وهي أكثر مدة الحيض فما جاوزها يعتبر استحاضة وسيرد بيان حالات الاستحاضة في حينه
ويعتبر طهر غير المستحاضة منذ رؤيتها القصة البيضاء لما روي " أن النساء كن يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة فتقولك لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء تريد بذلك الطهر من الحيضة " ( البخاري ج 1 / كتاب الحيض باب 19 ، والدرجة : سفط صغير تضع المرأة فيه طيبها وما أشبهه والكرسف : القطن والقصة : الجصة والجص معروف والمراد في الحديث حتى ترين الخرقة بيضاء كالقصة لانقطاع الصفرة والكدرة في نهاية الحيض وخروج الرطوبة البيضاء ) أما الصفرة والكدرة فهما من الحيض ما كانتا أيام الحيض قبل رؤية القصة البيضاء سواء كانت مبتدأة ( المبتدأة : هي التي حاضت للمرة الأولى ) أو معتادة خالف عادتها أو واقعها فإذا رؤيتا بعدها لم تعتبر من الحيض لما روت أم عطية رضي الله عنها قالت : " كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا " ( أبو داود ج 1 / كتاب الطهارة باب 119 / 307 )

النفاس :

تعريفه :

- لغة : الولادة
واصطلاحا : هو الدم الخارج عقب الولادة وقبل مضي خمسة عشر يوما وإلا أي إذا لم يخرج الدم إلا بعد خمسة عشر يوما من الولادة - فهو حيض لا نفاس . أما لو رأت الدم بعد عشرة أيام من الولادة مثلا فتبلك العشرة من النفاس عدا لا حكما فتجب عليها فيها الصلاة ونحوها أما ما صامته خلالها فتجب عليها إعادته هذا إذا كانت مبتدأة ( المبتدأة هنا : هي التي نفست للمرة الأولى ) أما المعتادة فتترك الصلاة والصيام بعد الولادة مباشرة وإن لم تر الدم والعادة تثبت بمرة ويرجع دوما إلى آخر مرة في العادة
ومثل الولادة إلقاء العلقة أو المضغة فالدم الخارج عقب ذلك نفاس ( وعليه فإن الإسقاط الحاصل قبل مرور أربعين يوما على الإلقاح لا يعتبر ولادة والدم الذي تراه بعده تجري عليه أحكام الحيض ) أما الدم الذي يصاحب الولد أو يخرج قبله فليس بدم نفاس إنما له حكم دم المستحاضة فتصلي وتصوم قبل انفصال الولد ونحوه من العلقة والمضغة

مدة النفاس :

- أقل النفاس لحظة . وغالب النفاس أربعون يوما وأكثره ستون . وعليه لو نفست ثمانية وثلاثين يوما وطهرت بعدها عشرة أيام مثلا ثم عادت فرأت الدم فيمكن أن يكون هذا الدم حيضا أو نفاسا بحسب صفاته فإن كان حيضا صح صيامها في فترة الطهر وليس عليها إعادة وإن كان نفاسا فعليها إعادة ما صامت لأن مجموع الثمانية والثلاثين إلى العشرة هو ثمانية وأربعون وهو لا يجاوز ستين يوما ولو نفست فعبر الدم الستين فحكمها حكم الحيض إذا عبر الخمسة عشر في الرد إلى التمييز والعادة والأقل والغالب لأنه بمنزلة الحيض في أحكامه فكذلك في الرد عند الإشكال

ما يحرم بالحيض والنفاس :

- 1 - تحرم على الحائض والنفساء الطهارة بنية رفع الحدث أو نية العبادة كغسل الجمعة أما الطهارة المسنونة للنظافة كالغسل للإحرام وغسل العيد ونحوه من الأغسال المشروعة التي لا تفتقر إلى طهارة فلا تحرم والدليل عليه قوله صلى الله عليه و سلم لعائشة رضي الله عنها حين حاضت في الحج : ( افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري ) ( البخاري ج 2 / كتاب الحج باب 80 / 1567 )
- 2 - الصلاة فرضا أو نفلا وصلاة الجنازة وسجدة الشكر والتلاوة فإذا حرمت هذه الأمور بالحدث الأصغر فلأن تحرم بالحدث الأكبر أولى . روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال للنساء : ( أليس إذا حاضت - يعني المرأة - لم تصل ولم تصم ) ( البخاري ج 1 / كتاب الحيض باب 6 / 298 )
- 3 - الصوم فرضا أو نفلا للحديث المتقدم
- 4 - قراءة القرآن أي التلفظ به بحيث تسمع نفسها إذا كانت معتدلة السمع لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن ) ( الترمذي ج 1 / أبواب الطهارة باب 98 / 131 ) ولا مانع إذا أجرت القرآن على قلبها أو نظرت في المصحف أو حركت لسانها وهمست همسا بحيث لا تسمع نفسها فكل ذلك لا يحرم لأنه لا يسمى قراءة وإشارة الأخرس حكمها حكم النطق إذا كان يفهمها كل أحد وإلا فلا تحرم وتقع الحرمة كذلك إن قصدت القراءة ولو مع غيرها من النيات أما إن قصدت الذكر أو أطلقت - أي لم تنو شيئا - فلا حرمة لأنه لا يسمى قرآنا لوجود الصارف ( أي الحيض أو النفاس ) أما في حال عدم وجود الصارف فمجرد القراءة يسمى قرآنا ولو لم يقصد
والنطق ولو بحرف واحد بقصد التلاوة مع وجود الصارف يحرم لأنه شروع في معصية أما التسبيح والتهليل وسائر الأذكار غير القرآن فجائز
- 5 - مس المصحف ( المصحف اسم المكتوب من كلام الله والمراد به كل ما كتبه عليه كلام الله ولو عمودا ولو لوحا أو نحو ذلك وبهذا تخرج التميمة ما لم تسم مصحفا والتميمة عوذة تعلق على الإنسان دفعا للحسد أو سائر الأذى وقد يكون خرزة أو ما يماثلها من شبة وغيرها وهذه لا فائدة منها يحرم الاعتقاد بنفعها وتعتبر مصحفا إذا كان عليها آيات من القرآن فلا يجوز عندئذ حملها في الحيض والنفاس . وهذه التي كتب عليها شيء من القرآن لا مانع من أن يعلقها الطاهر عليه تبركا معتمدا على الله ) بأي جزء من البدن لقوله تعالى { لا يمسه إلا المطهرون } ولو كان المس بحائل ومس ثوبه وصندوقه وكرسيه وهو عليه وجلده المتصل به أو المنفصل عنه ما لم تنقطع نسبته إليه كأن يجعل جلدا لكتاب آخر ويحرم أيضا حمل المصحف ولو ضمن أمتعة إن قصد حمله هو فقط أما إن قصد حمل المتاع أو قصد حمله والمتاع فلا حرمة كذلك لا حرمة في حمل تفسيره الذي مزجت فيه آياته بتفسيرها وكان التفسير أكثر منه أما التفاسير التي فصلت فيها الآيات الكريمة عن التفسير فلا يجوز مسها وحملها إلا على طهارة . أما إن خافت إحداهما ( الحائض والنفساء ) على المصحف من حريق أو نجاسة أو وقوع بيد كافر فلها أن تحمله بل يجب
- 6 - يحرم اللبث في المسجد والتردد فيه لقوله صلى الله عليه و سلم فيما روته عنه عائشة رضي الله عنها ( فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ) ( أبو داود ج 1 / كتاب الطهارة باب 93 / 232 ) أما العبور لأخذ شيء ألو للوصول إلى جانب آخر من الطريق أو غير ذلك فجائز لقوله تعالى : { إلا عابري سبيل } على أن تستوثق من نفسها وتأمن التلويث وإلا حرم . أما عبورها المسجد بلا حاجة فمكروه ولو أمنت التلويث وصورة العبور أن يكون للمسجد بابان فتدخل من أحدهما تخرج من الآخر وإلا كان ترددا وهو لا يجوز
- 7 - الطواف لأنه بمنزلة الصلاة إلا أن الله أحل فيه النطق بخير . وسواء كان الطواف فرضا كطواف الإفاضة أو واجبا كطواف الوداع أو نفلا كطواف القدوم لما روت عائشة رضي الله عنها من قوله صلى الله عليه و سلم لها لما حاضت في الحج ( فإن ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم فافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري ) ( البخاري ج 1 / كتاب الحيض باب 7 / 299 )
- 8 - الوطء ولو في الدبر لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمدا ) ( الترمذي ج 1 / أبواب الطهارة باب 102 / 135 ) ويحرم ذلك قبل انقطاع الدم ويكفر مستحله إن كان عامدا مختارا عالما بالتحريم وبالحيض ذاكرا له أما بعد انقطاع الدم وقبل الغسل فحرام على كليهما ولكن لا يكفر مستحله أما بعد الغسل فله أن يطأها في الحال من غير كراهة إن لم تخف عودة الدم وإلا استحب له تجنب الوطء احتياطا . قال تعالى : { ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله } ( البقرة 222 )
ويكفر مستحل الوطء في الزمن المجمع على الحيض فيه - أي الأيام العشرة الأوائل من الحيض - بخلاف غير المجمع عليه وهو الزائد على العشرة فلا يكفر مستحل الوطء فيه كل ذلك ما لم يخف الوقوع في الزنى وإلا جاز له الوطء ولو لم ينقطع الدم والمشهور في المذهب الشافعي أنه لا كفارة فيه لكن يسن له التصدق بدينار إن كان الوطء فيه إقبال الدم وبنصف دينار إن كان دما أحمر فدينار وإن كان دما أصفر فنصف دينار ) ( الترمذي ج 1 / أبواب الطهارة باب 103 / 137 )
- 9 - يحرم الاستمتاع - التمتع والتلذذ - فيما بين السرة والركبة بوطء أو غيره لقوله تعالى : { فاعتزلوا النساء في المحيض } ولما روي عن حرام بن حكيم عن عمه " أنه سأل الرسول صلى الله عليه و سلم ما يحل لي من امرأتي وهي حائض ؟ قال : ( لك ما فوق الإزار ) " ولأن الاستمتاع ولو بلا شهوة قد يدعو إلى الجماع فمن يرعى حول الحمى يوشك أن يخالط الحمى لذا حرم . فما سوى ما بين السرة والركبة مباشرتها فيه حلال بإجماع المسلمين روي عن عائشة رضي الله عنها قالت " كانت إحدانا إذا كانت حائضا فأراد الرسول أن يباشرها ( المباشرة هنا : التقاء البشرتين على أي وجه كان ) أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها . قالت : وأيكم يملك إربه كما كان النبي صلى الله عليه و سلم يملك إربه " ( البخاري ج 1 / كتاب الحيض باب 5 / 296 )
وقيل لا يحرم إلا الوطء وهذا ما رأى الإمام النووي أنه الأقوى لما روى أنس رضي الله عنه : قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح ) ( مسلم ج 1 / كتاب الحيض باب 3 / 16 ) لكن المعتمد هو الحديث الأول
- 10 - يحرم الطلاق لأن الطلاق والمرأة حائض أو نفساء يطيل عليها العدة لأن مدة الحيض أو النفاس أثناء الطلاق لا تحسب من العدة وهذا فيه ضرر
وإذا نقيت الحائض أو النفساء ارتفع من الأمور المحرمة - المتقدم ذكرها في الأحكام - قبل أن تغتسل : تحريم الصوم والطهارة والعبور بالمسجد وارتفعت عن الزوج حرمة الطلاق وذلك لانتفاء على التحريم في كل منها : وهي في الصوم اجتماع ضعفين الصوم والنزف وفي الطلاق إطالة مدة العدة وفي عبور المسجد خوف التلويث فصارتا عن انقطاع الدم كالجنب ولا تحل الصلاة والطواف وقراءة القرآن وحمل المصحف حتى تغتسلا لأن المنع منها للحدث والحدث باق وكذا لا يحل الاستمتاع بها حتى تغتسل كما تقدم
ويجب على الحائض والنفساء بعد النقاء قضاء الصوم دون الصلاة للحديث المروي عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان يصيبنا ذلك - تعني الحيض - فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة " ( مسلم ج 1 / كتاب الحيض باب 15 / 69 ) والعلة في عدم قضاء الصلاة أنها تكثر فيشق قضاؤها وقال بعضهم بحرمة قضاء الصلاة عن أيام الحيض والنفاس وقال آخرون بكراهته والأوجه عدم التحريم


الاستحاضة

تعريفها


هي لغة السيلان
وشرعا : دم علة خارج فيغير وقت الحيض والنفاس . وكذا ما تراه الصغيرة دون التاسعة من العمر والآيسة ( الآيسة هي المرأة المسنة التي انقطع حيضها ويئست منه فإذا رأت دما بعد ذلك اعتبر هذا الدم استحاضة ) وعليه فكل ما زاد على أكثر مدة الحيض أو نقص عن أقله يعتبر استحاضة . فالمستحاضة إذن هي التي يجري دمها مستمرا في غير أوانه


[ أحكامها ]

- ولا تمنع الاستحاضة من الصوم والصلاة والوطء وغيرها مما يمنع الحيض والنفاس لأنها حدث دائم فيجوز وطؤها في الزمن المحكوم بأنه طهر ولو كان الدم جارا فعن عكرمة قال " كانت أم حبيبة تستحاض فكان زوجها يغشاها " ( أبو داود ج 1 / كتاب الطهارة باب 120 / 309 ) بل وتباح لها الصلاة التي هي أعظم فعن عائشة رضي الله عنها قالت : " جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة فقال : ( لا إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي ) " ( مسلم ج 1 / كتاب الحيض باب 14 / 62 ) معنى ذلك أنها تتحيض ( أي تعد نفسها حائضا ) أمدا من الزمن فتفعل ما تفعل الحائض تحل على نفسها ما تحل وتحرم ما تحرم وتبقى كذلك ما دامت ترى أنه دم حيض ودم الحيض يتميز عن دم الاستحاضة بلونه وريحه لما روي عن فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها أنها كانت تستحاض فقال لها النبي صلى الله عليه و سلم ( إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف فأمسك عن الصلاة وإذا كان الآخر فتوضئي فإنما هو عرف ) ( النسائي ج 1 / ص 185 )
فإذا غلب على ظنها أنها طهرت اغتسلت وتوضأت بعد دخول الوقت من كل صلاة تصلي بالوضوء الواحد فريضة واحدة وما شاءت من النوافل لكن يلزمها الاحتياط في طهارتي الحدث والنجس فتغسل فرجها ثم تحشوه بالقطن إلا إذا أحرقها أو كانت صائمة أو لم يندفع الدم بذلك وحده أو كانت بكرا فتعصب الفرج بخرقة تتلجم ( تتلجم : تشد خرقة مكان الدم على هيئة اللجام ) بها فإن لم يكف ذلك جعلت ثوبا تحت اللجام مبالغة في الاحتياط من خروج الدم ثم تتوضا أو تتيم بعد دخول الوقت وعقب العصب مباشرة ومن غير إمهال ثم تبادر إلى الصلاة بعد الوضوء من غير إمهال أيضا تقليلا للحدث لحديث حمنة بنت جحش رضي الله عنها قالت : " قلت يا رسول الله إني أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما تأمرني فيها قد منعتني الصيام والصلاة ؟ قال : ( أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم ) قالت هو أكثر من ذلك قال : ( فتلجمي ) قالت هو أكثر من ذلك . قال ( فاتخذي ثوبا ) قالت هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجا ثم قال : إنما هي ركضة من الشيطان ) على ما تقدم فإذا استوثقت على الصفة المذكورة ثم خرج دمها بلا تفريط لم تبطل طهارتها ولا صلاتها
ولو أخرت الصلاة لمصلحة الصلاة نفسها كستر العورة وانتظار جماعة وعطر وزينة للصلاة لم يضر ذلك لأنها لا تعد بذلك مقصرة أما إن كان التأخير لغير مصلحة الصلاة فلا يجوز وعليها إعادة الوضوء ومع كل وضوء يجب تجديد غسل الفرج والحشو أو العصب إن زالت العصابة عن موضعها زوالا له تأثير أو ظهر الدم على جوانب العصابة ( الأحكام المذكورة جارية لا شك إذا كان دمها يستمر وقت صلاة كاملة بحيث لا تجد فيه المرأة انقطاعا يتسع لقدر الوضوء والصلاة فلو انقطع النزيف بمقدار ما تتمكن فيه من الوضوء والصلاة لم تعتبر من دائمي الحديث ويجب عليها عندئذ غسل النجاسة والوضوء وأداء الصلاة بطهارة كاملة )
فإن لم يتميز دم حيضها عن دم استحاضتها ردت إلى عادتها إن ذكرت وقتها وقدرها وإن نسيت كل شيء فهي المتحيرة وبحث المتحيرة بحث طويل ومعقد يصعب إيجاز أحكامه في مثل هذا الكتاب كما أن حالتها نادرة الوقوع لذلك اكتفينا فيما يلي من الصفحات بإيجاز حالات المستحاضات التي يتكرر حدوثها ( من أراد تفصيل أحكام المتحيرة فليرجع إلى كتاب المجموع أو روضة الطالبين للإمام النووي ) :

[ المستحاضات ]

- نقول المستحاضات أربع :

[ الأولى : المبتدأة المميزة ]
الأولى : المبتدأة ( المبتدأة هي التي ابتدأها الدم ) المميزة ( المميزة : هي التي ترى الدم على نوعين أو أنواع أحدها قوي ) : ترد إلى التمييز فتكون حائضا في أيام الدم القوي مستحاضة في أيام الدم الضعيف وإنما يعمل بالتمييز بثلاثة شروط :
- 1 - ألا ينقص القوي عن يوم وليلة
- 2 - ألا يزيد على خمسة عشر يوما
- 3 - ألا ينقص الضعيف عن خمسة عشر ليمكن جعل القوي حيضا والضعيف طهرا فإذا رأت الدم الأسود ( قولهم الأسود والأحمر تمثيل وإلا فالاعتبار بالقوي والضعيف كيف كان ) يوما وليلة أو أكثر ثم اتصل به أحمر قبل الخمسة عشر وجب عليها أن تمسك في مدة الأحمر عما تمسك عنه الحائض لاحتمال أن ينقطع الأحمر قبل مجاوزة المجموع خمسة عشر فيكون الجميع حيضا فإن جاوز خمسة عشر عرفنا حينئذ أنها مستحاضة مميزة فيكون حيضها الأسود ويكون الأحمر طهرا فعليها الغسل عقب الخمسة عشر وتصلي وتصوم وتقضي صلوات أيام الأحمر
هذا حكم الشهر الأول فأما الشهر الثاني وما بعده فإذا انقلب الدم القوي ضعيفا ( المراد بانقلاب الدم القوي ضعيفا أن يتمحض ضعيفا أما لو بقيت خطوط من السواد وظهرت خطوط من الحمرة فلا ينقطع حكم الحيض وإنما ينقطع إذا لم يبق شيء من السواد ) لزمها أن تغتسل عند انقلابه وتصلي وتصوم ويأتيها زوجها ولا ينتظر الخمسة عشر لأن الاستحاضة علة مزمنة فالظاهر دوامها فإن انقطع الضعيف في أحد الأدوار قبل الخمسة عشر يوما تبينا أن الضعيف مع القوي في هذا الدور كان حيضا فيلزمها قضاء الصوم والطواف أي الواجبات المؤديات أيام الحيض وهذا لا خلاف فيه فإن صار السواد ستة عشر فهي فاقدة للتمييز بالاتفاق فترد إلى يوم وليلة
[ الثانية : مبتدأة لا تمييز لها ]

- الثانية : مبتدأة لا تمييز لها : بأن يكون جميع دمها بصفة واحدة أو يكون قويا وضعيفا وفقد شرط من شروط التمييز فينظر فيها فإن لم تعرف وقت ابتداء الدم فحكمها حكم المتحيرة وإن عرفته تحيضت يوما وليلة ويكون باقي الشهر طهرا وهكذا يكون دورها أبدا ثلاثين
وإذا رأت المبتدأة الدم في أول أمرها أمسكت عن الصوم والصلاة وغيرهما مما تمسك عنه الحائض رجاء أن ينقطع لخمسة عشر يوما فما دونها فيكون كله حيضا فإذا استمر وجاوز الخمسة عشر علمنا أنها مستحاضة فترد إلى يوم وليلة ( هذا إذا لم تميز كما هو معلوم ) فإذا استمر بها الدم في الشهر الثاني وجب عليها الغسل عند انقضاء المرد ولا تمسك إلى آخر الخمسة عشر لأنا علمنا في الشهر الأول أنها مستحاضة فالظاهر أن حالها في هذا الشهر كحالها في الأول وهكذا حكم الشهر الثالث وما بعده
ومتى انقطع الدم في بعض الشهور لخمسة عشر فما دونها تبينا أن جميع الدم في ذلك الشهر حيض فيتدارك ما ينبغي تداركه من صوم وغيره مما فعلته بعد المرد وتبينا أن غسلها بعد المرد لم يصح لوقوعه في الحيض ولا إثم عليها فيما فعلته بعد المرد من صوم وصلاة وغيرها لأنها معذورة . وتثبت الاستحاضة بمرة واحدة بلا خلاف أي إذا استحاضت في الشهر الأول اعتبرناها مستحاضة في الشهر الثاني إلا إذا ثبت غير ذلك

[ الثالثة : معتادة غير مميزة ]

- الثالثة : معتادة غير مميزة : وهي التي كانت تحيض من كل شهر أياما ثم عبر الدم عادتها وعبر الخمسة عشر ولا تمييز لها . فإن كانت لها عادة دون خمسة عشر فرأت الدم وجاوز عادتها عليها الإمساك عما تمسك عنه الحائض لاحتمال الانقطاع قبل مجاوزة خمسة عشر فيكون الجميع حيضا ولا خلاف في وجوب هذا الإمساك ثم إن انقطع على خمسة عشر يوما فما دونها فالجميع حيض وإن جاوز خمسة عشر علمنا أنها مستحاضة فيجب عليها أن تغتسل ثم ما دامت غير مميزة ترد إلى عادتها فيكون حيضها أيام العادة في القدر والوقت وما عدا ذلك فهو طهر تقضي الصلوات التي فاتتها فيها
ملاحظة : ترد إلى ما اعتادته من الحيض والطهر ويكون هذا دورها فإن كانت عادتها أن تحيض يوما وليلة وتطهر خمسة عشر ثم يعود الحيض في السابع عشر فدورها ستة عشر يوما وإن كانت تحيض ستة أيام وتطهر أربعة وعشرين يوما فدورها ثلاثون يوما ثم إن استمر بها الدم في الشهر الثاني وجاوز العادة اغتسلت عند مجاوزة العادة لأنا علمنا في الشهر الأول أنها مستحاضة فتغتسل في كل شهر عند مجاوزة العادة فتصلي وتصوم فإن انقطع دمها على خمسة عشر يوما فما دونها علمنا أنها ليست مستحاضة في هذا الشهر وأن جميع ما رأته فيه حيض وتبين أن كل ما أتت به في هذه الأيام من صوم أو صلاة أو طواف أو اعتكاف كان باطلا لمصادفته الحيض وتثبت العادة بمرة واحدة على الأصح وإن كانت عادتها مختلفة - مرة خمسة ومرة سبعة أيام مثلا - فترد إلى العادة المتقدمة على الاستحاضة


[ الرابعة : المعتادة الذاكرة المميزة ]


- الرابعة : المعتادة الذاكرة المميزة : ترد إلى التمييز لا إلى عادتها فمثلا إن كانت تحيض كل شهر خمسة أيام ثم رأت في شهر عشرة أيام دما أسود ثم رأت دما أحمر أو أصفر واتصل ردت إلى التمييز وجعل حيضها أيام السواد
هذا إذا لم يتخلل بين الدم أقل الطهر أما إذا تتخلل بينهما أقل الطهر فإن رأت عشرين فصاعدا دما ضعيفا ثم خمسة قويا ثم ضعيفا وعادتها القديمة خمسة فقدر العادة من الضعيف حيض والقوي حيض آخر لأن بينهما طهرا كاملا
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس