عرض مشاركة واحدة
قديم 03-31-2009
  #2
أبو يوسف
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 518
معدل تقييم المستوى: 16
أبو يوسف is on a distinguished road
رد: السلوك إلى ملك الملوك ( تائية الشرنوبي )

أصول طريق القوم أهل الحقيقة = هداة الورى المهدين من خير ملة
طهارة أنفاس وصدق مودّة = وحذق وآداب وتجريد همّة
حياء وإخلاص ذكاء وفطنة = كذا الورع المحمود في كل شرعة
وذوق وشوق والحضور بقلبه = وفطم مراد النفس عن كل شهوة
وزهد وقنع بالكفاف ورهبة = من اللّه في حالي رخاء وشدّة
وتفويض أمر ثمّ حسن توكّل = خضوع خشوع والبكاء بذلة
وتقوى إله العرش سرّاً و جهرة = وحسن مسير في علوم الشريعة
وعزف عن الأكدار والغير والسوا = وبذل وتهذيب وإخلاص نيّة
وصمت وتسهيد وموت بحبّه = وتحسين أوصاف وتجويع معدة
وإثبات إيثار بسط كرامة = بما حزت من مال وروح لمنحة
ورفق وتصديق وعشق محبّة = وسحق ومحق و الفنا بعد سكرة
وحمد وشكر والوفا بأوامر = ولا تعد عن حكمي كتاب وسنة
وراقب جناب الحقّ من غير أن ترى = لنفسك فعلاً من فعال جميلة
وجاهد تشاهد كل معنى محجّب = عن العقل والأبصار من غير ريبة
ولا بدّ من فكر وذكر ووجهة = على يد شيخ عارف بالطّريقة
محا لحظوظ النفس بالعلم والتّقى = نصوح كريم بالعلوم السنيّة
تجلى له الرغبة والهوى في السرى = وناسوته بالسرِّ حجَّت ولبَّت
وقد جال في ملكوته كلُّ حاصل = كذا رهبة الغيب من غير شبهة
وسار بعزم في كراسي عروشه = وطار بسرِّ السرِّ في حال نشأة
يضيء كضوء الشمس تبدو لناظر = له همّة تبرى عليل الجبلّة
حكيم يداوي الطالبين بطبّه = خبير بداء القلب في كلِّ لحظة
يرى بعيون القلب ما كان خافياً = ويدرك بالأبصار حجب الأكنّة
وأدرج في التوجيه في طيّ غيبه = غيوث عيون الغيب كنز الذخيرة
وأدرجت الأكوان في غيب ذاته = كإدراج ميت في قميص وعمة
ويخبر بالأشياء قبل وقوعها = من اللوح يقراها بعين البصيرة
متين الحجا يدعو إلى الرشد بالهدى = وقد جاءنا تشبيه بالنبّوة
له قدم فيما يقول ويدّعي = وتصريفه فيه بحكم المشيئة
يصرّف أقواماً وميدان سرِّه = جلا غيهب الأسرار من كل بقعة
له الفضل والإجلال والفخر والعلا = من اللّه والتوفيق في كلِّ لحظة
هناك له الإمداد في كلِّ طالب = يدعه كما الإبريز فوق البسيطة
وفرض عليه أن يكون مؤدباً = لدى شيخه في كلِّ وقت وساعة
ليبدي له الإشكال في كلِّ صورة = ويلقي له من سرِّ سرِّ الحقيقة
و يصحبه كالميت في حال غسله = يقلّبه للغسل من كلِّ وجهة
مع الذلِّ والتهذيب والخوف والرّجا = وعجز وتسليم وتعظيم حرمة
ويخرج عن نفس توالت همومها = ويخشع للّه الكريم بخشية
ويعتقد الأستاذ فيما يقوله = ويفعله من غير شكٍّ وريبة
ويدرج ما يختاره في مراده = وأوصافه باللطف منه استمدّت
فإن قال لِمَ يوماً فذلك عندهم = حقيق بلَمْ يفلح إلى يوم بعثة
ولم ينتفع ما لم يسر في شهوده = مراع له من غير مين وعلة
ولا يقترف معنى شهياً لنفسه = فإنَّ حظوظ النّفس رأس البليّة
تزيّن له الأفعال مع قوله ولا = يكون له من فعله وزن ذرّة
ويظهر ما يخطر عليه لشيخه = ففيه أمور كالشموس المضيئة
ومنه شؤون كالسيوف قواطع = وفي كتمه حجب وفقد نتيجة
وتحسينه ما حسّن الشّيخ ثمّ ما = يقبحه من بعد نصب الأدلة
وإن صار يخفى عنه شيئاً فإنّه = بذلك يعصى عند أهل الحقيقة
بل الواجب المشهور إيثار أمره = وإظهاره بالصدق دون البرية
ونفي خلاف وامتثال لأمره = وإبداء وارده بصفو السريرة
ويشهده في القرب والبعد عنده = مقيماً على حالي حضور وغيبة
وإيثاره بالمال والروح بالرضا = وتفويضه للّه في كل طرفة
ويلزم لبس الصّوف فهو شعار من = تلقب بالصوفيّ بين الخلية
ويتخذ الإبريق من بعد مئزر = وقد صحَّ في الأخبار إرخاء عذبة
وتطويلها فِتْراً لقد جاء مسنداً = وللناس في خير الورى خير أسوة
وخيطاً و مخياطاً وموسى وسبحة = وما كان محتاجاً إليه لفطرة
ويعتزل الخلق الجميع وفعلهم = كذاك ولاة الأمر في دار دنيّة
ولا يلتفت يوماً إلى غير شيخه = فذلك وصف موجب للقطيعة
وأغصانه للطرف حال جلوسه = لديه وفي حالات أنس ووحشة
ويرفع توقيراً كبيراً لسنّه = كذا فاضلاً عنه ولو ابن ليلة
ويرفع أبناء الطريق ويتّصف = بأوصافهم يسمو بنفس زكيّة
فتعظيمهم أجر وتحقير نفسه = وأنصافهم منها جدير بجنة
وبرّهمو إن تستطعه فواجب = وإنقاذهم من كل ضيق وشدّة
ويظفر بالدّار التي عزَّ وصفها = وفيها البدور الغيد أسقت وغنّت
يشاهد أقماراً بها وعرائساً = ويشرب من كأس الهنا والمسرّة
هناك الكرام النازلون من العلى = منازل أفراد معاهد سادة
بحيث البها والأنس بالقدس ينجلي = على السرِّ جهراً في جمال وبهجة
وحيث كمال الذّات بالذّات واحد = تغانت به الأكوان عن كلِّ وجهة
وحيث البقا بعد الفناء لسالك = أزال حجاب العين من غين نقطة
وإن لم يكن شيخ يريه شخوصها = ويدنيه من أم القرى وبثينة
فليس له من عمره غير رسمه = وعيشته فينا كعيش البهيمة
ويدعى لقيطاً أين حلَّ معطلاً = وإن كان ذا علم كزوج عقيمة
دعيّاً مع السّادات في كلِّ موطن = كذا نقلوه جلُّ أهل الحقيقة
وأيّامه تمضى وأعماله بها = بلا وفق شرع في أمور الشريعة
وهذا الذي قد يسّر الله نظمه = على أحمد المشهور بين الخليقة
بوالده عثمان مرباً ومنشأ = بحانات شرنوب بأرض البحيرة
وأرجو من اللّه الكريم قبوله = وستر عيوب فيه طمّت وعمّت
وينفعنا بالعلم ثمّ يعيننا = بتوفيقه في كلِّ وقت ولحظة
ويجعل إخلاصي إليه محققّاً = ويرحم شيبي في شتاتي وغربتي
ويدر جنافي سلك قوم أحبّهم = رضوه وأرضاهم بحسن مزيّة
ويعفو عني والذين أحبّهم = ويدفع عنّا كل سوء وفتنة
ويرزقنا والمسلمين بأسرهم = يقيناً يقينا كل شكٍّ وريبة
بجاه نبيّ من سلالة آدم = بمن خلفه الأملاك والرسل صلّت
ولولاه ما كانت لآدم صورة = ولا تاب عنه الّله من بعد أكلة
ففي فضله القرآن جاء مبيّناً = وناهيك قول اللّه من غير خلقة
كلام قديم منزل غير محدث = به جاء جبريل على خير أمّة
محمّد المبعوث للخلق رحمة = ودعوته فيما سوى اللّه عمّت
عليه صلاة اللّه ما هبّت الصبا = وما ناح طير فوق غصن أريكة
وعن مالك والشافعيّ وأحمد = ونعمان والثوري وباقي الأئمّة
وعن منشئ الأبيات من فكره ومن = قراها وأقراها بفهم وفطنة
ومن قد رأى عيباً وأصلحه ولو = بخط حروف أو بتغيير شكلة


__________________
خَليليَّ وَلّى العمرُ مِنّا وَلَم نَتُب = وَنَنوي فعالَ الصالِحات وَلَكِنّا
أبو يوسف غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس