عرض مشاركة واحدة
قديم 10-15-2008
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي من عقلاء المجانين ( سعدون )

:extra37:

قال عطاء السلمي احتبس عنا القطر بالبصرة فخرجنا نستسقي فإذا بسعدون المجنون فلما أبصرني قال يا عطاء إلى أين ؟ قلت خرجنا نستسقي فقال بقلوب سماوية أم بقلوب خاوية ؟ قلت بقلوب سماوية، فقال لا تبهرج فإن الناقد بصير، قلت ما هو إلا ما حكيت لك فاستق لنا، فرفع رأسه إلى السماء، وقال: أقسمت عليك الا سقيتنا الغيث، ثم أنشأ يقول:



أيا من كلما نـودي أجـابـا = ومن بجلاله ينشي السحابـا
ويا من كلم الصديق موسـى = كلاماً ثم ألهمه الصـوابـا
ويا من رد يوسف بعد ضر = على من كان ينتحب انتحابا
ويا من خص أحمد باصطفاء = وأعطاه الرسالة والكتـابـا


إسقنا. قال: فأرخت السماء شآبيب كأفواه القرب. فقلت زدني، قال ليس ذا الكيل من ذاك البيدر، ثم قال:



سبحان من لم تزل له حجـج = قامت على خلقه بمعرفـتـه
قد علموا أنـه مـلـيكـهـم = يعجز وصف الأنام عن صفته


قال عبد الله بن سويدك رأيت سعدون المجنون وبيده فحمة وهو يكتب بها على جدار قصر خراب:


يا خاطب الدنيا إلى نفسه = إن لها في كل يوم خليل
ما أقبح الدنيا لخطـابـهـا = تقتلهم عمداً قتيلاً قـتـيل
تستنكح البعل وقد وطنـت = في موضع آخر منه البديل
أنعم في عيشي وأيدي البلا = تعمل في نفسي قليلاً قليل
تزودوا للموت زاداً فـقـد = نادى مناديه الرحيل الرحيل

قال خالد بن منصور القشيري قدم علينا سعدون المجنون فسمعته ليلة من الليالي يقول في دعائه: لك خشعت قلوب العارفين وإليك طمحت آمال الراجحين، ثم أنشأ يقول:

وكن لربك ذا حب لتخدمه = إن المحبين للأحباب خدام
قال إسماعيل بن عطاء العطار: مررت بسعدون فلم أسلم عليه، فنظر إلي ثم قال:


يا ذا الذي ترك السلام تعمداً = ليس السلام بضائر من سلما
إن السلام تحية مـبـرورة = ليست تحمل قائلاً أن يأثمـا


قال ثابت بن عبد الله أنشدني سعدون المجنون أبياتاً في الوصف:


تفهم يا أخي وصف الـمـلاح = وقد ركبوا النجائب في الوشاح
من الحور الحسان منعـمـات = تفوق وجوهها ضوء الصباح
يراهن المهيمن مـن عـبـير = وشرفهن حقـاً بـالـفـلاح
وصدغ فوق سالفة بـمـسـك = كمشق النون في رق مبـاح
إذا خطرت تحير كل حـسـن = وإن مرحت أهل للـمـراح
تقول إذا أتت نحو الـعـذارى = ألا يا خود هل حبي بـصـاح
فقد نغصن لذاتـي جـمـيعـاً = واعدمني هواها شرب راحى

قال الفتح بن سالم كان سعدون سياحاً لهجاً بالقول فرأيته يوماً بالفسطاط قائماً على حلقة ذي النون وهو يقول يا ذا النون متى يكون القلب أميراً بعد أن كان أسيراً فقال ذو النون:

إذا اطلع الخبير على الضمـير = ولم ير في الضمير سوى الخبير
قال فصرخ سعدون وخر مغشياً عليه، ثم أفاق فقال:
ولا خير في شكوى إلى غير مشتكي = ولا بد من شكوى إذا لم يكن صبـر

ثم قال استغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال يا أبا الفيض إن من القلوب قلوباً تستغفر الله قبل أن تذيب قال: نعم نبأت قبل أن تطيع أولئك قوم أشرقت قلوبهم بضياء روح اليقين، ثم قال: أوحى الله تعالى إلى نبي من الأنبياء كن لي بكليتك أكن لك وقل للمطيعين إن لم تطيعوني فلا تقربوا مني.

وكان ابن أبي أوفى يقول قعدنا في جزيرة من الجزائر نتشارب المز وفينا شيخ يغني ويقول:


أما النبيذ فلا يذعرك شاربـه = واحفظ ثيابك ممن شربه الماء

وإذا رجل يهتف: كذبت يا شيخ:


أما النبيذ فقد يذري بصاحبـه = ولا أرى شارباً يذري به الماء

فالتفتنا فإذا سعدون المجنون.

قال عطاء التيمي: كنت أبني فأشرفت من بعض الجدران فإذا سعدون يكتب بقطعة فحم على جدار:


ما حال من سكن الثرى ما حاله = أمسى وقد رتّ هناك حبـالـه
أمسي ولا روح الحياة يصيبـه = أبداً ولا لطف الحبيب ينـالـه
أمسي وقد درست محاسن وجهه = وتفرقت في قبره أوصـالـه
واستبدلت منه المحاسن غبـرة = وتقسمت من بعـده أمـوالـه
ما زالت الأيام تلعب بالفـتـى = والمال يذهب صفوه وجلالـه


قال ذو النون المصري رأيت سعدون في مقابر البصرة وهو يناجي ربه ويقول بصوت عال أحد أحد فسلمت عليه فرد علي، فقلت بحق من تناجيه ألا وقفت، فوقف، ثم قال: قل: قلت أوصني بوصية أحفظها عنك أو تدعو بدعوة فأنشأ يقول:


يا طالب العلم من هنا وهنا = ومعدن العلم بين جنبـيكـا
إن كنت تبغي الجنان تسكنها = فاسبل الدمع فوق خديكـا
وقم إذا قام كل مجـتـهـد = وادعه كي يقول لبـيكـا


ثم مضى وهو يقول: يا غياث المستغيثين، فقلت له ارفق بنفسك فلعله ينظر إليك برحمته فنزع يده من يدي، وهو يقول:


سلام على طيب المقام سـلام = فليس لعين المستهام مـنـام
ولو ترك الأغماض يوماً لجفنه = لا يقظه مما يجـن ضـرام


ثم مضى وتركني.

قال رباح القيسي: سمعت مالك بن دينار، يقول: أصاب الناس بالبصرة قحط شديد، فخرجنا نستسقي فإذا أنا بسعدون في بعض الخرابات فقلت له بالذي خلقك استسق لنا، فرفع رأسه إلى السماء وقال "يا فاطر الأشباح والأرواح ومنشئ السحاب والرياح وفالق الأصباح بحق ما جرى البارحة أن ترحم عبادك وبلادك ولا تهلك بلادك بذنوب عبادك" قال فما استتم كلامه حتى أرخت السماء غرابيلها وجادت بوابلها فخرج يخوض الماء وهو يقول:


قل لدنياي أبعـدي وتـولـي = ان تريني فإنـنـي لا أراك
وصلي واملكي وداد سـوائي = انني مغرم بـحـب سـواك
إن تكوني أسرت بالذنب قوما = فاذهبي أنا لست من أسراك
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 10-15-2008 الساعة 11:17 AM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس