عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2012
  #93
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني

أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نأذن لزوجاتنا في التصدق بما جرت به العادة من مالنا ولا نمنعهن من ذلك طلبا لنزول الرحمة على بيتنا في غيبتنا وحضورنا، ولتدوم النعمة أيضا علينا، وهذا العهد يخل به كثير من الناس فيمنع زوجته أن تتصدق برغيف أو مغرفة طعام على فقير، فيكون ذلك سببا لتضييق الرزق على أهل البيت، وكذلك لا نمنعها أن تقري الضيف في غيبتنا على طريق العرب العرباء، لكن من غير مخالطة للضيوف والأجانب، وقد كان على هذا القدم سيدي الشيخ عثمان الحطاب، والحافظ الشيخ عثمان الديمي فكان كل منهما يذهب إلى بيت الآخر في غيبته، ويجلس مع امرأة أخيه وتخرج له ما يأكل وما يشرب، فكانا من أولياء الله تعالى ،


لكن أنى لنا في هذا الزمان أن يظفر أحدنا بأخ صالح يأمنه على الخلوة بعياله بحيث لا يتخلله تهمة فيه، فوالله لقد قل الصادقون الذين يؤتمنون على مثل ذلك، فنوصي عيالنا أن يخرجوا للضيف ما يأكل وما يشرب مع الخادم ولا يختلطن به.


واعلم يا أخي أنه كلما كثر طعامك للناس كلما كثرت النعمة عليك، فإن الله تعالى يسوق لكل عبد من الرزق بقدر ما يعلم في قلبه من السخاء والكرم، فمنهم من يكون عنده قوت خمسة أنفس، ومنهم من يكون عنده قوت عشرة، وهكذا إلى الألف نفس أو أكثر، فتعرف مراتب الناس في الكرم بقدر عيالهم، وقد يكون بعض الأولياء يطلب لنفسه الخفاء والتجرد، فلا يكون عنده أحد وهو في غاية الكرم، ويود أن لو كان كل من في الدنيا عائلته، فمثل هذا يعطيه الله تعالى في الآخرة أجر من عال جميع الخلق وراثة محمدية، فيحصل له هذا الثواب العظيم مع الخفاء وعدم الشهرة، فإن الله هو الرزاق للعبد، ومن كان هذا مشهده فكثرة العيال وقلتهم عنده سواء لا يتحمل هما من جهتهم أبدا ولو أنهم كلهم كانوا متوجهين إلى الله دونه ما تأثر من جهتهم قط ولا حمل هما من جهتهم أبدا وإنما يلحقه بعض كرب إذا توجهت العائلة إليه من حيث كونه واسطة مع عدم شهودهم أن الله هو الرزاق، فيقصرون أجرهم على ذلك العبد فيؤثرون فيه الضيق والكرب حتى يصل إليهم رزقهم الذي قسمه الله لهم على يده، ولو أنهم كلهم كانوا متوجهين إلى الله دونه ما تأثر من جهتهم قط ولا حمل هما.


وقد كان سيدي أحمد الزاهد يقول: وعزة ربي لو كان أهل مصر كلهم عيالي ما طرقني هم أبدا لعلمي بأن القسمة وقعت في الأزل فلا زيادة ونقص، ولا يقدر أحد يأكل لقمة قسمت لغيره وتعويق الرزق عن العبد إنما هو تأديب له أو اختبار أو رفع درجة. قلت: وقد من الله تعالى علينا بذلك فلو كان جميع من في الأرض كلهم عيالي ما اهتممت لهم إلا من جهة توجههم إلى قصور بصرهم أو لكونهم لا يستحقون ما طلبوه مني لتركهم الصلاة وتعديهم الحدود ونحو ذلك فالحمد لله رب العالمين.


ولا تصل يا أخي إلى العمل بهذا العهد إلا بالسلوك على يد شيخ مرشد يوصلك إلى شهود ما ذكرناه، وإلا فمن لازمك الاهتمام بالرزق وترادف الأوهام المكدرة عليك حتى لا تكاد ترجع إلى شهود أن الله تعالى فرغ من قسمة الرزق إلا بعد تأمل وتفكر، وهناك تعلم أن إيمانك مدة الاهتمام بالرزق ناقص وأنه يجب عليك تجديد إيمانك كلما حصل عندك اهتمام بالرزق، ولو أنك سلكت الطريق لم يطرقك اتهام الله تعالى ولا اهتمام بما وعد الله بحصوله لك أو لغيرك، ولا منعت زوجتك من الصدقة في ليل أو نهار إلا لعذر شرعي. فاسلك يا أخي على يد شيخ يخرجك من ظلمات الاتهام والأوهام، والله يتولى هداك: {وهو يتولى الصالحين}.


روى أبو داود والنسائي واللفظ له وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرطهما مرفوعا: من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن أتى إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه. وفي رواية للطبراني: حتى تعلموا أنكم شكرتموه، فإن الله تعالى شاكر يحب الشاكرين.


وروى الترمذي وأبو داود وابن حبان في صحيحه مرفوعا: من أعطى عطاء فوجد فليجز به، فإن لم يجد فليثن فإن من أثنى فقد شكر، ومن كتم فقد كفر.


وفي رواية للترمذي مرفوعا وقال حديث حسن: من صنع إليه معروف، فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء.وفي رواية له: من أسدى إليه بمعروف فقال للذي أسداه جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء.


وروى الإمام أحمد ورواته ثقات والطبراني مرفوعا: إن أشكر الناس لله تعالى أشكرهم للناس. وفي رواية لأبي داود والترمذي وقال حديث صحيح: لا يشكر الله من لا يشكر الناس. قال الحافظ المنذري: روى هذا الحديث برفع الله وبرفع الناس، وروى أيضا بنصبهما وبرفع الله وبنصب الناس وعكسه، أربع روايات.


وروى الطبراني وابن أبي الدنيا مرفوعا: من أولى معروفا فليذكره فمن ذكره فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره>>. وروى ابن أبي الدنيا وغيره مرفوعا بإسناد لا بأس به: من لم يشكر القليل لا يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لا يشكر الله والتحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر>>.


وروى أبو داود والنسائي واللفظ له: قال المهاجرون يا رسول الله ذهب الأنصار بالأجر كله؟ ما رأينا قوما أحسن بذلا للكثير، ولا مواساة في القليل منهم، ولقد كفونا المؤونة، قال أليس تثنون عليهم به وتدعون لهم؟ قالوا بلى، قال: فذاك بذاك. والله تعالى أعلم." اهـ

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس