عرض مشاركة واحدة
قديم 02-24-2009
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: سيدي محي الدين بن العربي

تحقيق المقال فيه:
أولا ـ إن إطلاق اللسان بالطعن في إنسان ورميه بالكفر أو الزندقة ـ مع وجود شبهة في إسلامه ، وإمكان براءته ـ أمر خطير يجب على المسلم ألا يقدم عليه ، وخاصة فيمن مات ، ولا مصلحة في الطعن فيه .
ثانيا ـ إن فكرة الحلول أو الاتحاد أو وحدة الوجود التي تفهم من ظاهر بعض نصوص وردت في كتـب ابن العربي ,والتي بسـببها أطـلقت الألسـنة في الطـعن به ورميه بالكفر والزندقة ..
أقول : إن هذه الفكرة أو هذه العقيدة لا تجوز نسبتها لابن العربي ، ويجـب تبرئته منها ، وذلك للأسباب التالية :
1 ـ تبرؤ ابن العربي من هذه العقيدة ـ وحدة الوجود ـ من خلال عقيدته التي نصّ عليها في كتابه الفتوحات المكية ـ وهي عقيدة سليمة موافقة لاعتقـاد أهل السـنة والجماعة ـ كما نص على تبرّئـه من هذه العقـيدة وهاجم القـائل بها في عدة مواضع من الكتاب .
2 ـ قال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء : ولا ريب أن كثيرا من عباراته ـ يعني ابن العربي ـ له تأويل إلا كتاب فصوص الحكم ، انتهى
وقد ذهب عدد من المحققين إلى أن كتاب فصوص الحكم لا تصح نسـبته إلى ابن العربي ، كما سيأتي بيان ذلك .
3 ـ ذكر عدد من المحققين ومن أهل العلم أن كتب ابن العربي قد تعرضت للدسِّ والتزوير .
وفيما يلي تفصيل القول في هذه الأمور الثلاثة :
أولا : عقيدة ابن العربي من كلامه :
قال ابن العربي في الفتوحات المكية 1/ 36 :
. . فيا إخواني ويا أحبابي رضي الله عنكم ، أَشهدكم عبد ضعيف مسكين فقير إلى الله تعالى في كل لحظة وطرفة ، وهو مؤلف هذا الكتاب ( الفتوحات المكية ) ومنشئه ، أشهدكم على نفسه بعد أن أشهد الله تعالى وملائكته ومن حضره من المؤمنين وسمعه ، أنه يشهد قولا وعقدا :
أن الله تعالى إله واحد لا ثاني له في ألوهيته ، منزه عن الصاحبة والولد ، مالك لا شريك له ، ملك لا وزير له ، صـانع لا مدبر معه ، موجود بذا ته من غير افتقـار إلى موجد يوجده ، بل كل موجود سـواه مفتقر إليه تعالى في وجـوده ، فالعـالم كله موجود به ، وهو وحـده متصف بالوجـود لنفسه ، لا افتتاح لوجوده ، ولانهاية لبقائه ، بل وجـوده مطلق غير مقيد ، قائم بنفسـه ، ليس بجوهر متحيز فيقدر له المكان ، ولا بعرض فيسـتحيل عليه البقاء ، ولا بجسم فتكون له الجهة و التلقاء ، مقدس عن الجهات والأقطار ، مرئي بالقلوب والأبصار إذا شاء ، استوى على عرشه كما قاله ، وعلى المعنى الذي أراده ، كما أن العرش وما سـواه به استوى ، وله الآخرة والأولى ، ليس له مثل معقول ، ولا دلت عليه العقول ، لا يحده زمان ، ولا يقله مكان ، بل كان ولا مكان ، وهو على ما عليه كان ، خلق المتمكن والمكان ، وأنشأ الزمان ، وقال : أنا الواحد الحي ، لا يؤوده حفظ المخلوقات ، ولا ترجع إليه صفة لم يكن عليها من صنعة المصنوعات ، تعالى أن تحله الحوادث أو يحلها ، أو تكون بعده أو يكون قبلها ، بل يقال : كان ولا شيء معه ، فإن القبل والبعد من صيغ الزمان الذي أبدعه ، فهو القيوم الذي لا ينام ، والقهار الذي لا يرام ، ليس كمثله شيء ، خلق العرش وجعله حد الاستواء ، وأنشأ الكرسي وأوسعه الأرض والسموات العلى ، اخترع اللوح والقلم الأعلى ، وأجراه كاتبا بعلمه في خلقه إلى يوم الفصل والقضاء ، أبدع العالم كله على غير مثال سبق ، وخلق الخلق وأخلق الذي خلق ، أنزل الأرواح في الأشباح أمناء ، وجعل هذه الأشباح المنزلة إليها الأرواح في الأرض خلفاء ، وسخر لنا ما في السموات وما في الأرض جميعا منه ، فلا تتحرك ذرة إلا إليه وعنه ، خلق الكل من غير حاجـة إليه ، ولا موجـب أوجب ذلك عليه ، لكن علمه سـبق بأن يخـلق ما خـلق ، فهو الأول والآخر ، والظاهر والباطن ، وهو على كل شيء قدير ، أحاط بكل شيء علما ، وأحصى كل شيء عددا ، يعلم السر وأخفى ، يعلم خائنـة الأعين وما تخفي الصدور ، كيف لا يعلم شـيئا هو خلقه ؟( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )، علم الأشياء منها قبل وجودها ، ثم أوجدها على حد ما علمها ، فلم يزل عالما بالأشياء ، لم يتجدد له علم عند تجدد الإنشـاء ، بعلمه أتقن الأشـياء وأحكمها ، وبه حكم عليها من شـاء وحكمها ، علم الكليات على الإطلاق ، كما علم الجزئيات بإجماع من أهل النظر الصحيح واتفاق ، فهو عالم الغيب والشهادة ، فتعالى الله عما يشركون ،( فعال لما يريد ) ، فهو المريد للكائنات ، في عالم الأرض والسموات ، لم تتعلق قدرته بشيء حتى أراده ، كما أنه لم يرده حتى علمه ، إذ يسـتحيل في العقل أن يريد ما لا يعـلم ، أو يفعل المخـتار المتمكن من ترك ذلك الفعل ما لا يريد ، كما يستحيل أن توجد نسب هذه الحقائق في غير حي ، كما يستحيل أن تقوم الصفات بغير ذات موصوفة بها ، فما في الوجود طاعة ولا عصيان ، ولا ربح ولا خسران ، ولا عبد ولا حر ، ولا حياة ولا موت ، ولا حصول ولا فوت ، ولا نهار ولا ليل ، ولا اعتدال ولا ميل ، ولا بر ولا بحر ، ولا شفع ولا وتر ، ولا جوهر ولا عرض ، ولا صحة ولا مرض ، ولا فرح ولا ترح ، ولا روح ولا شبح ، ولا ظلام ولا ضياء ، ولا أرض ولا سماء ، ولا تركيب ولا تحليل ، ولا كثير ولا قليل ، ولا غداة ولا أصيل ، ولا بياض ولا سواد ، ولا رقاد ولا سهاد ، ولا ظاهر ولا باطن ، ولا متحرك ولا ساكن ، ولا يابس ولا رطب ، ولا قشر ولا لب ، ولا شيء من هذه النسب المتضادات منها والمختلفات والمتماثلات إلا وهو مراد للحق تعالى ، وكيف لا يكون مرادا له وهو أوجده ؟ فكيف يوجد المختار ما لا يريد ؟ لا رادّ لأمره ولا معقب لحكمه ، يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ، ويعز من يشاء ويذل من يشاء ، ويضل من يشاء ويهدي من يشاء ، ما شـاء كان وما لم يشـأ أن يكون لم يكن ، لو اجتمع الخلائق كلهم على أن يريدوا شيئا لم يرد الله تعالى أن يريدوه ما أرادوه ، أو يفعلوا شيئا لم يرد الله تعالى إيجاده وأرادوه عندما أراد منهم أن يريدوه ما فعلوه ، ولا اسـتطاعوا على ذلك ولا أقدرهم عليه ، فالكفر والإيمان ، والطاعة والعصيان ، من مشـيئته وحكمه وإرادته ، ولم يزل سبحانه موصوفا بهـذه الإرادة أزلا ، والعالم معدوم غير موجود ، وإن كان ثابتـا في العلم في عينه ، ثم أوجـد العالم من غير تفكر ولا تدبر عن جهل أو عدم علم ، فيعطيه التفكر والتدبر علم ما جهل ، جل وعلا عن ذلك . . .
فهذه هي عقيدة ابن العربي التي أشهدنا عليها بعد إشهاد الله تعالى ، والتي ينبغي أن نحكم عليه من خلالها ، وانظر كيف يتبرأ من عقيدة الحلول والاتحاد بقوله : ( تعالى أن تحله الحوادث أو يحلها ) .
ثانيا : التحقيق في عدم صحة نسبة كتاب ( فصوص الحكم ) لابن العربي :
ذكر الباحث الأستاذ محمود محمود الغراب في مقدمة كتابه (شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ) الأدلة على عدم صحة نسبة كتاب ( الفصوص ) لابن العربي ، ثم بين خلال عرضه للكتاب الكثير من النقاط التي تخالف أقوال ابن العربي في الكتب الأخرى التي صحت نسبتها له .
وألخص الأدلة التي أشار إليها في مقدمته بما يلي :
1- حتى تاريخه لم تظهر نسـخة لكـتاب فصوص الحكم بخط يد الشـيخ الأكبر محي الدين بن العربي . وعلى فرض صحة وجود كتاب للشيخ بهذا الاسم فليس هو الكتاب المطبوع والمتداول في المكتبات .
2- يزعم أنصار نسبة الفصوص للشيخ الأكبر أنه آخر كتاب للشيخ وأنه يعود لتاريخ /627/ هـ فإذا صحت الإشارة الواردة في كتاب الديوان عن الفصوص فهي تدل على أن الديوان كتب بعد الفصوص وهذا مغاير لزعمهم .
ثم إنه من الثابت لدى الدارسين أن الشيخ الأكبر استمر في كتابة الفتوحات المكية حتى عام /635/ هـ ولم يذكر كتاب الفصوص لا في الفتوحات ولا في أي من الكتب التي هي بخط يده مع أنه رضي الله عنه أكثر من ذكر العديد من مؤلفاته .
3- إن نسخة الفصوص المنسوبة إلى الصدر القونوي والتي عليها سماعا واحدا لم يذكر فيه من أي فصل أو فقرة تم هذا السماع ، ولا أين جرى ذلك ، ولا من هم الحضور الذين حضروا هذا السماع على غير المألوف في ذلك ، إضافة إلى أنه تمت كتابته على غلاف الكتاب ونسب فيه أن القارىء كان صدر الدين القونوي والمسمع الشيخ الأكبر رضي الله عنـه عام 630 هـ ، وهذا التدوين لا يعتد به لكونه كتـب على الغلاف وغير محدد ولا يوجـد سـامعين مع كثرة السامعين المدونة أسماؤهم في الفتوحات مثلاً من نساء ورجال ، ومن المعلوم أن الشيخ كان في هذه الفترة في دمشق .
إن الصدر القونوي لم يأت الشيخ على ذكر اسمه في أي من مؤلفاته المكتوبة بخط يده بينما ورد لغيره مثل بدر الحبشي واسماعيل بن سودكين ، كما أن الصدر لم يحضر السماعات المدونة على كتاب الفتوحات المكية التي هي بخط يد الشيخ الأكبر وعددها /57/ سماعا عام 633هـ جرت في دمشق . وقد ورد أنه كان كاتبا في السماعين /12/، /13/ عام 634هـ .وإن الشيخ الأكبر استمر في إسماع فقرات من الفتوحات المكية منذ عام 633- 637 هـ .
5ـ تم تسجيل /14/ سماعا على نسخة الفتوحات التي بخط يد الشيخ بعد وفاة الشيخ بين عامي : 639-640هـ في مدينة حلب وكان المسمع فيهما إما إسماعيل بن سودكين أو الصدر القونوي . ولـم يدون الصدر القونوي أي مخالفة لمذهب الشيخ مقارنة مع ما هو موجود في الفصوص المنسوبة إليه !!! .
6- إن الإجازة المنسوبة للشيخ أنه أجاز فيها الملك أبي بكر بن أيوب والتي تاريخها /632/ هـ والتي جاء فيها ذكر اسم كتاب الفصوص عندما يتم مقارنتها مع الفهرس المنسوب للشيخ الأكبر ومع الفترة التي ثبت أن الشيخ كان لا يزال يكتب فيها الفتوحات المكية يتبين مدى هشاشة هذا التزوير .
7ـ إن كتاب الفصوص كتب بأسلوب مغاير لما هو معهود عن الشيخ الأكبر في قوة العبارة ورفعة الأسلوب وهذا الأمر يلمسه كل من له إلمام بسيط في قراءة كتب الشيخ .
8 ـ إن فصوص الحكم يحتوي على الكثير من المخالفات والعبارات التي تناقض تماما مذهب الشيخ الأكبر ولا يوجد وجه جامع يجمع بين هذه التناقضات .
9- إن الشواهد التي وردت في كتاب الفصوص للاستدلال بها في بعض المسائل الواردة فيه ، ضعيفة وغير واضحة مقارنة بها مع ما نجده لنفس المسائل في كتب الشيخ الأخرى كالفتوحات وغيرها .
10- من الفقرات التي لا يخفى على أي قارئ معرفة خطئها هو قوله في الفصوص إن سيدنا إلياس هو سيدنا إدريس عليهما السلام ، وكذلك كلامه في قصة سيدنا جبريل مع السيدة مريم في مسألة خلق سيدنا عيسى عليهم السلام .
وغير ذلك من المسائل التي أوردها الشيخ محمود محمود الغراب على صفحات كتابه متناولا المواضيع التي هي ثابتة للشيخ ، إضافة للنقاط التي فيها خلاف مع مذهب الشيخ الأكبر والتي تجاوزت العشرات.




الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر
الاســـم:	Moh_Deen.jpg‏
المشاهدات:	931
الحجـــم:	71.2 كيلوبايت
الرقم:	1616  
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 12-25-2010 الساعة 03:35 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس