عرض مشاركة واحدة
قديم 07-09-2011
  #2
عمرالحسني
محب فعال
 الصورة الرمزية عمرالحسني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 93
معدل تقييم المستوى: 15
عمرالحسني is on a distinguished road
افتراضي رد: 4.رشحات البال لما في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الأنوار : د، الإستمداد

لعب السلطان في حياة السالك دورا مهما في تحديد وجهته و قصده ، فإما أن يكون مفتقرا ذليلا لسلطان خالقه ، متقلبا في قبضته لا يرى في وجوده سوى ذلك الأفتقار الدائم لرحمة الله تعالى ، و الشغف للقاءه و الوقوف في بابه ، فيتحكم فيه سلطان الشوق ، و ترد عليه بواده الإشارات تدله على الطريق.
و إما يستأثر به الالسلطان الأبليسي فإذا به يتنكب عن الطريق و يستدرج في متاهات الهوى و النفس و الشيطان.
لا تكاد تجد فيمن يسير على طريق الحق من يدلك بصدق عن سر السلوك إلا القليل، و غالبا ما يضع المربي و ليده على شفا الطريق ، ثم يدله على العمل السني ، و الإلتزام الوقتي المكاني ، ثم يتركه في منازلاته نفسه ، إلى أن تلوح علامات الإرادة .بمعنى أصح ، المريد و المراد.أو وحدة الذكر و الذاكر والمذكور، أحاط الله تعالى في سابق علمه على أن العبد الجامع الدال عليه ، يذكر ربه لا يفتر عنه ، فإن غفل جائت عناية الله به أن قم و استيقظ و تنبه فالطريق من هنا ، و الرحمة الجامعة لفضائل القرب و الزلفى أسها : متابعة الحبيب صلى الله عليه وسلم في كل شيء.
1.نور المراد :
يقول ابن عربي رحمه الله في كتابه الفتوحات المكية : (.......أعلموا أن المراد في اصطلاح القوم هو المجذوب عن إرادته مع تهيؤ الأمور له ، فهو يجاوز الرسوم و المقامات من غير مشقة بل بالتذاذ و حلاوة و طيب نفس تهون عليه الصعاب و شدائد الأمور.)ص 513/م2.
من أجل الأستمدادات من الجناب النبوي الشريف ، أنجذاب العبد إلى المرد ، ويقصد به إرادة وجه الله مع وجود سبق العناية ، أو التهييئ عن طريق ملازمة الحضرة النبوية ، توجها تضمحل في الرسوم و المقامات و العبارات و الإصطلاحات.بمعنى حضور قلبي في كل حين ألى المراد العالي.
وقد ألح أهل الله تعالى على هذا الأمر في مذكراتهم ، وو ضعوا للمراد ونوره أي المجذوب أحكاما و أحوالا سيجت بلجام الشريعة فلا يقبل منه إلا ما كان في حضوره العقلي ن لاغير. وتترك شطحاته لحين الصحو و اندثار السكر عنه.
و أجل ما يجده هذا العبد ، هو الحضور السني المشرق في العقل و الجسد و الروح ، فتصير ذاته تتقلب في الأقتداء لا تزيغ منه ، وهذا أرفع المقامات يلا شك، أن يمون الحبيب صلى الله عليه وسلم حاضرا في كل فعل .
يقول الشيخ عبد السلام ياسين حول سياج علم الشريعة قائلا : (
إن المتقدسين بالعزلة عن دنس الدنيا، المتنزهين عن مخالطة الغافلين، الذاكرين الله كثيرا في الخلوات، كانوا عرضة للخطإ والزيغ من جهات لا يتعرض لها عامة الناس. كانت لهم أذواق تلْطُف أن يُلِمّ بها الخيال، أو يحوم حول حماها كثيف المقال. والأذواق والكشف تخطئ كما يخطئ الرأي، بل يجد الشيطان والهوى منهما مدخلا ليستحوذا على هواجس النفس ويكدرا خواطر القلب. لذا كان مُعوَّل أئمة الصوفية على سياج الشريعة يحوطون به تلامذتهم، ويذكِّرون ويبصِّرون. إذ لا عاصم من الزيغ العامد والخطإ غير الراشد إلا معيار التقوى وتعليم الهدى. وما زال أئمة التربية يوصون بحفظ الشرع والوقوف عند الأمر والنهي تلامذتهم المُقدمين على خوض لُجّة الرياضات وسلوك فجاج الخلوات.
كان أبو سعيد الخراز يقول: "كل باطن يخالفه ظاهر فهو باطل". ويقول الإمام الجنيد: "علمنا هذا مشتبك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم". ويقول: "سمعت أبا سليمان الداراني يقول :ربما تقع في نفسي النكتَةُ من نُكتِ القوم (يعني الذوق من أذواقهم) أياماً، فلا أقبل منها إلا بشاهدين عدلين: الكتابِ والسنةِ". ويقول أبو يزيد البسطامي: "لو نظرتم إلى رجل أُعطِيَ من الكرامات حتى يرتفع في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود". ويقول سري السقَطِيُّ: "من ادعى باطن علم ينقض ظاهر حكم فهو غالط". ويقول أبو بكر الشفاف: "من ضيع حدود الأمر والنهي في الظاهر حرم مشاهدة القلب في الباطن". ويقول الجريري: "أمْرُنا هذا مجموع كله على فضل واحد، وهو أن تلزم قلبك المراقبة ويكون العلم على ظاهرك قائما". ويقول أبو جعفر: "من لم يَزِن أقواله وأفعاله وأحواله بالكتاب والسنة ولم يتهم خاطره فلا تعُدَّه في ديوان الرِّجال".) كتاب الإحسان.
لا ينفع السكر و دقائق فهومه صاحبه إن لم يقف عند الشرع!.
لا يستقيم العبد على جادة الأمر و صلاحه إن لم يكن كتوما لأسرار الطريق ، يقول الشيخ في نفس الكتاب ، في فقرة الإرادة و الهمة و العزم : (
قال شيخ الإسلام ابن القيم في تفصيل الإرادات والهمم: "لذّة كل أحد على حسب قدْره وهمته وشرف نفسه. فأشرف الناس نفسا، وأعلاهم همة، وأرفعهم قدرا، من لذّته في معرفة الله، ومحبته، والشوق إلى لقائه، والتودد إليه بما يحبه ويرضاه. فلذته في إقْباله عليه، وعكوف همته عليه. ودون ذلك مراتب لا يحصيها إلا الله، حتى تنتهي إلى من لذته في أخس الأشياء من القاذورات والفواحش في كل شيء من الكلام والفعال والأشغَال"[1].
وصنف الإمام الغزالي إرادات الناس وتعلُّقَها بالمطلوبات والمحبوبات، من لعب الأطفال، يرى الأطفال أن اللعب أعظم اللذات، إلى لذة البطن والفرج عند الكبير، إلى لذة العلم في عمر النضج، إلى لذة الرئاسة لمن نَالَهَا بالسيف أو القلم. ويشير الغزّالي من طَرْف خَفِيٍّ إلى قصته حين زهد في الرئاسة وخرج يبحث عن الدليل إلى الله فسخر منه الساخرون. قال: "وكما أن الصبي يضحك على من يترك اللعب ويشتغل بملاعبة النساء وطلب الرئاسة، فكذلك الرؤساء يضحكون على من يترك الرئاسة ويشتغل عنها بمعرفة الله تعالى. والعارفون يقولون: )إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) ".(سورة هود، الآيتان: 38–39)
من الإرادات من زادُها العَوَز، ومن الهمم مَن طبعها الخَوَرُ. كان لأمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز نفس تواقة عالية. قال لمولاه مزاحم وقد تعجب مزاحم من زهد مولاه الذي كان في شبابه متوسعا في المعايش فلما ولي أمر المسلمين ضرب لمن بعده مثلا خالدا : "ويحك يا مزاحم! لا يكثرن عليك شيء صنعته لله، فإن لي نفسا توّاقة، لم تَتُقْ إلى منزلة فنالتها إلا تاقت إلى ماهو أرفع منها، حتى بلغت اليوم المنزلة التي ما بعدها منزلة. وإنها اليوم قد تاقت إلى الجنة".
هذا التوقان المجيد إلى الجنة حُداءٌ تترنم به النفوس الطيبة. وهناك التوقان الأعظم، الشوق إلى رب الجنة والنار، والسعي إليه والعجلة إليه على أجنحة الهمم الطيارة. ما تحدث ابن عبد العزيز عن هذه المرتبة، وكانوا في القرون الثلاثة الفاضلة كتومين لمواجيدهم وأشواقهم. ولله همم أولياء الله الذين حَدَوْنا وتحدّونا بالإخبار عن إراداتهم الشامخة ومطالبهم السامية. جزاهم الله عنا أفضل الجزاء، فسروا لنا بمثالهم وقصة حياتهم معاني القرآن حين ينادي "سابقوا"، "سارعوا"، ومعاني "من تقرب إلي شبرا تقربت إليه باعا" الوارد في الحديث القدسي. همم صوارم! ).كتاب الأحسان ج/2.
نسأل الله تعالى أن يرحمنا آمين



عمرالحسني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس