عرض مشاركة واحدة
قديم 08-06-2009
  #3
بنت الاسلام
بنت الاسلام
 الصورة الرمزية بنت الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,350
معدل تقييم المستوى: 17
بنت الاسلام is on a distinguished road
افتراضي رد: النشاط الكنسي والتبشيرى فى غرب إفريقيا وتأثيره على دارفور

التنصير في غرب إفريقيا وأثره علي دارفور :

نحاول في هذه الفرعية من الدراسة النظر في إمكانية وجود تأثير مباشر أو غير مباشر للنشاط التبشيري في وسط وغرب إفريقيا علي دارفور في ظل وجود التوترات الحالية ، وهل توجد آلية محددة يتم عبرها استقطاب المسلمين إلي المسيحية ؟ وهل يمكن أن يؤثر الوجود المسيحي في غرب إفريقيا علي طبيعة الصراع الموجود في دارفور ، خاصة مع بقاء قوات إفريقيا بها اعداد لابأس بها منا منطقة غرب إفريقيا ، ومع تدخل نيجيريا كوسيط لحل أزمة دارفوةر ، وقد استضافت المتنازعين ، علي مدي اشهر في إطار التفاوض ؟ وكيف يمكن أن تكون تشاد عاملا مهما في إضعاف الهوية الإسلامية لمنطقة دارفور واستخدامها في معركة المبشرين واتجاهاتهم لكسب ارض جديدة للمسيحية في دارفور؟

من ناحية جغرافية ، تشمل هذه المنطقة كل المساحة التي يحدها من الشمال والشرق خط وهمي يسير شرقا من مصب نهر السنغال الي الحدود الغربية لجمهورية السودان ، ومن هناك نحـو الجنوب الغربي ، إلي جبل الكميرون ويحدها من الغرب والجنوب المحيط الأطلسي ، وعلي ذلك فهي تتضمن كل الجزء الأدني من الانتفاخ أو البروز الغربي العظيم لإفريقيا الواقع بين المحيط الاطلنطي ووادي النيل ، وتضاريس هذه المنطقة عبارة عن سهل ساحلي ضيق يأخذ في الارتفاع نحو الداخل ليكون هضبة داخلية( فوتا جالون ) لتمثل خط تقسيم مياه لأنهار غرب إفريقيا ( 34).

والمجتمع في هذا الاقليم ، فهو كغيره من المجتمعات الإفريقية ، ففي أغلب مناطقه ، تنتظمه القبلية ، أما من الناحية المعيشية ، فنجد مجتمعاته تتراوح بين فلاحين يعيشون بشكل بسيط في القري أعلي التلال وبين مجتمعات في المدن الكبيرة تعد علي درجة ما من التنظيم ومن ناحية أخري فإن ثقافاته تختلف بين الثقافة البدائية للعقائد المحلية ، وبين ثقافة الصفوة من أهل الفكر ذوي الثقافة الغربية ، وفي أمكنة عدة لاتزال تلك الممالك القديمة في الغابات ، كما توجد أيضا مجتمعات رعوية في المناطق شبه الجافة في اطراف الاقاليم والمتاخمة للمناطق الصحراوية ، أما أديان ومعتقدات هذا الأقليم فإنه تنتشر به المعتقدات التقليدية المحلية والتي أثرت علي حضارات تلك المنطقة خاصة فني النحت إضافة إلي وجود الإسلام والمسيحية(49).

هناك حملتان تبشيريتان وفدتا علي تلك المنطقة الأولي في أعقاب الحروب الصليبية ، وكان البرتغاليون والفرنسيون طرفا فيها لكن هذه الحملة لم تدم طويلا وفي الواقع لم يكن لهاتين الحملتين أي تأثير بين الإفريقيين ، أما الحملة التنصيرية الثانية والتي جاءت بعد فترة فقد دامت عدة قرون وأولها كان علي يد البرتغاليين في ساحل غينيا في القرن الرابع عشر الميلادي(50).

وأشارت بعض المصادر أن تاريخ اكبر البعثات الكاثوليكية إلي غرب إفريقيا يعود إلي العام 1860 ، ففي هذا العام أخذت فرنسا علي عاتقها توسيع مستعمراتها هناك ، وهناك إشارات عديدة إلي تواريخ مختلفة لرحلات تبشيرية انجليزية وغيرها ، ومن ناحية الانتشار الراسي للمسيحية في دول غرب إفريقيا وهو يعني مدي فهم الوطنيين لتعاليم اللاهوت المسيحي المستقاة من نصوص الكتاب المقدس ، وبصورة أخري كمية النشاط المسيحي ونوعه ومستوي أداء مؤسسات العبادة النصرانية في تأدية الشعائر والدعوة للنصرانية ، ومن هذه الناحية ، نجد أن في عدد المسيحيين في دول غرب إفريقيا تفاوتا من دولة إلي أخري ، وحتي الدولة الواحدة نجد اختلافا في المصادر في تحديد نسبة أصحاب العقائد ، إضف إلي ذلك الاختلافات الكمية داخل المسيحية نفسها عند اجراء المقارنة بين الطوائف والمذاهب المختلفة للمسيحية ، ونجد أن دولا يتزايد فيها عدد المسلمين ودولا أخري يتزايد فيها تعداد المسيحيين علي حساب العقائد الأخري وهكذا ، وفي الغالب أن الدول التي يسود فيها الإسلام ، يعكس هذا الأمر مدي ضعف التأثير المسيحي وضعف الإنتشار الرأسي في تلك الدول ، وبذلك يعتبر الإسلام أحد العوامل التي تعوق انتشار العقيدة المسيحية في تلك المناطق(51).وبالنظر إلي ماذكرناه فإنه يمكن استبعاد فرضية أن تؤثر الأنشطة الكنسية البعيدة نسبيا ومن ناحية جغرافية فــي مناطق غرب إفريقيا علي المسلمين في دارفور .

وعلي الرغم من وجود ممرات تقليدية وطرق قديمة تربط غرب إفريقيا الأقصي عبر تشاد بدارفور ، الا أن هذا المؤثر يظل ضعيفا ، وقد يكون محتملا مع وجود النازحين في شرقي تشاد ومع وجود القوات الإفريقية في دارفور ، ومايمكن أن يلتفت إليه من الاهتمام المتزايد لنيجيريا بقضية دارفور ، وربما للكنيسة يد في ذلك وفي هذا الاتجاه نلحظ أن نيجيريا هي الدولة الإفريقية الوحيدة شمال الصحراء التي بادر وفد منها بالمجيء إلي دارفور(52).

لكن من غير المنطقي كذلك اعطاء هذا المؤثر قدرا اكبر من حجمه خاصة ونحن نعلم المشكلات التي تواجه الكنيسة في غرب إفريقيا مع مواطنيها ، والصعوبات التي تعترض المسيحية في تلك المناطق وعلي الأخص مع وجود صحوة إسلامية حقيقية بين المسلمين في غرب افريقيا وتحديدا بين الجماعات القبلية ذات التاريخ الإسلامي المعروف نحو قبائل الفولاني والتي تنتشر في 18 دولة والهوسا وغيرهما .

أما فيما يتصل بتشاد فإن الأمر يختلف نوعا ما أولا للقرب الجغرافي وللعلاقات الوثيقة بين تشاد والسودان من ناحية التداخل القبلي والثقافي والاجتماعي ولذلك نجد أن اثنيات غرب دارفور تتميز بتداخلها المتصل وامتدادها القطري مع دول الجوار خاصة تشاد وافريقيا الوسطي ، وأهم قبائل غرب دارفور المساليت وهم من أصول زنجية ، وقد اختلطوا بالعرب، وأهم مدنهم ( الجنينة ) ولهم امتداد في تشاد وتسكن شمالهم قبائل القمر ويزعم هؤلاء انهـم من أصل عربي ، ويتكلم معظمهم اللغة العربية ، وأهم القبائل العربية ذات التـداخل مع تشاد هم ( بنو حسين ) ويتجاورون مع المساليت كما نجد ايضا قبائل السلامات في أقصي جنوب غرب دارفور(53).

ويمتد الشريط الحدودي بين تشاد والسودان بطول 750 كلم (54). وتوجد في تشاد ثلاثة معتقدات رئيسة : هي : الديانة التقليدية المحلية ، والإسلام ، والنصرانية (55) وينتشر في تشاد الاعتقاد بالتنجيم والسحر الذي يستخدمونه في قضاء الحوائج وحل الأمور المستعصية ويكثر عندهم الظواهر الخارقة في النفس والطبيعة والحياة ، نحو التخاطر وهو انتقال الافكار من شخص إلي آخر بدون استخدام وسائل الاتصال الحسية ، وقراءة الأثر ، وهو حالة خاصة من الاستبصار ، يستطيع فيها الوسيط أن يتلقي معلومات عن شخص أو شيء عن طريق الاتصال ببعض متعلقات هذا الشخص أو الشيء ، وضرب الرمل أو الحظ ، وهو يستعمل لمعرفة الماضي أو الحاضر أو المستقبل ، واستحضار الأشياء ، وهو القدرة علي تحريك شيء من مكان آلي أخر ، أو استحضار شيء من بعيد في لحظات (56).

وقد انتشر الإسلام في تشاد عن طريق التمازج السكاني السلمي سواء بتأثير الهجرات العربية أو بواسطة التجار المسلمين الذين كانوا يجذبون الناس إلي الإسلام إما بالدعوة أو القدوة الحسنة ، وقد تم هذا الأمر في وقت مبكر .

وكان أول ملك مسلم من حكام مملكة كانم هو ( هومي) الذي حكم البلاد مابين سنة 1085م وسنة 1095م وقد اسلم علي يد أحد الفقهاء ، وانتشر الإسلام أثر ذلك في صفوف رعاياه.(57)

وقد سعي المستعمر الفرنسي إلي اضعاف الهوية الإسلامية للمسلمين في تشاد وعمل الاستعمار الفرنسي علي تحقيق عدة غايات في سبيل ذلك ، من بينها :

- تهميش الدور الحضاري والثقافي للغة العربية في تشاد.

- التأكيد علي أن اللغة العربية لغة وافدة مثل الفرنسية

- تشجيع اللغات المحلية والعمل علي تطويرها في مواجهة اللغة العربية

- العمل علي اعتماد اللغة العربية الدارجة لغة رسمية

- ابعاد اللغة العربية من الحياة الرسمية للدولة التشادية

وظل الاهتمام بالتعليم الفرنسي قائما حتي في العهد الوطني ، بينما ضعف الاهتمام بالتعليم العربي فمدارس التعليم الفرنسي في غالبيتها حكومية ( 3356 مدرسة حكومية في مقابل 1067 مدرسة أهلية خاصة ) بينما نجد أن مدارس التعليم العربي في غالبيتها مؤسسات أهلية ( 38 مدرسة حكومية في مقابل 161 مدرسة أهلية وخاصة ) (58).

وقد دخلت المسيحية إلي ارض تشاد في الحقبة الاستعمارية وقد بدأت بعثات التبشير البروتستانتية عملها في جنوب تشاد عام 1923م وكانت في البداية بعثات امريكية ، ثم تلتها جنسيات أخري (59).

أما بعثات التبشير الكاثوليكية فقد جاءت إلي تشاد بعد بعثات التبشير البروتستانتية ، وقد نجم هذا التأخير عن موقف الفاتيكان والذي كان يعتبر تشاد تابعة للأسقفية الايطالية بالخرطوم ، ولم تشأ الحكومة الفرنسية إرسال مبشرين إلي تشاد نظرا للأطماع التوسعية لنظام ( موسوليني ) في تشاد ، وقد ظل هذا الوضع إلي مابعد الحرب العالمية الثانية (1939-1945) واجلاء ايطاليا عن كل مستعمراتها في إفريقيا ، وبموجب المرسوم البابوي الصادر بتاريخ 22 مارس 1946 تكونت في تشاد ثلاثة تنظيمات كاثوليكية (60)

وفي سنة 1960بلغ عدد الكاثيوليك 54317 ووصـل عدد البعثات الي 30 بعثة ، وظلت الكنيسة تقدم خدماتها الاجتماعية للمسيحيين والمسلمين وأصحاب العقائد التقليدية ، ويعتقد أن المسيحية حققت نجاحا كبيرا في تشاد ، عن طريق الأثر الفعال الذي تركته في المجتمع التشادي ، وربطه باوربا وتعميق الارتباط باللغة الفرنسية وفلسفتها الفكرية(61).

ويري مصدر مسيحي أن نسبة الأديان والمذاهب تتوزع في تشاد كالآتي :

العقائد المحلية 21%

مسلمون 44%

الرومان الكاثوليك 21%

الانجيلية 12% (62)

وإزا كل الذي ذكرناه يمكن القول حول معسكرات النزوح في تشاد إنه المكان الجيد الذي يمكن أن تتوفر بيئة مناسبة ومثالية إلي الحد البعيد ، لمزيد من التنصير ونشر المسيحية بين النازحين الذين يعيشون في تشاد في معسكرات ، وعبر تشاد يمكن أن تمر رسل التبشير ودعاته ، وقد سعت الامم المتحدة من قبل إلي نقل الإغاثة عبر تشاد ، فقد اقترح ( توم فراسلين ) مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الانسانية علي الحكومة السودانية نقل الإغاثة لسكان دارفور عبر تشاد(63).

كما أن تشاد الحالية تعاني من صراعات داخلية يمكن أن تؤدي بحكومتها ، وهي تعاني من التدخل والسيطرة الأجنبية وتوجد بها قوات فرنسية ، كما أن المجتمع التشادي مجتمع متعدد الإثنيات ( حوالي 200 إثنية ) تتكلم أكثر من 100 لغة ، يعاني من مشكلات عشائرية مزمنة ، تعرضه بشكل دائم للتفكك وغياب السلطة المركزية ، اضف إلي ذلك عمق الثقافة الغربية في المجتمع التشادي ، ونشاط الحركة التبشيرية في غرب تشاد ، والتنصير بين المسلمين ، وسعي الحكومة الحالية في تشاد إلي استخدام النازحين السودانيين من دارفور وسيلة ضغط علي الحكومة السودانية لايقاف تدخلها في الشأن الداخلي التشادي ، فقد هدد الرئيس التشادي(ادريس ديبي ) باغلاق مخيمات اللاجئين علي أرضه، وقد أثار هذا ردود فعل حادة ولاسيما من(واشنطون) ، وقد ظهر هذا في قيام السفير الامريكي ( مارك وول) بزيارة إلي مخيم ( قوز أمير ) شرق تشاد علي بعد أقل من مائة كلم من الحدود مع السودان ليطمئن علي الأوضاع هناك ، بعد أن حصل تأكيد من الرئاسة التشادية بأنه لن يتم طرد اللاجئين ، وهكذا فإن اللاجئين السودانيين يظلون ضحية للحرب وعرضة لحياة يكتنفها الخوف والجوع والمرض وعدم الاستقرار وعبرت احدي النازحات في مخيم (قوز أمير) عـن وضعها ( هربنا من الحرب لكن الحرب لحقت بنا ) (64).

وتبقي هذه الاجواء – كما أشرنا – منطقة صالحة لنمو التبشير وزيادة العمل التنصيري ، خاصة ونحن نعلم أن أهم مايركز عليه المنصرون اليوم للتأثير علي المسلمين إغاثة المنكوبين حيث يكون المرء في اشد الحاجة لمن يمد له يد العون في المأكل والمشرب والمأوي والدواء(65)

ويستخدم التبشير الظروف الاجتماعية المتدهورة ويتخذ من ذلك وسيلة للتقرب من أهل البلاد فيقدم الاعانات المادية ويفتح المدارس وينفق عليها ويشرف عليها(66).

وقد جعل مجلس الكنائس العالمي ، وهو يهدف إلي توحيد الكنائس الشرقية ، وجنيف مقره الحالي – ثلاثة أهداف عامة له ، كان اهمها : تقديم المعونات الإنسانية للاجئين علي اختلاف أديانهم (67) .
__________________
بنت الاسلام غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس