عرض مشاركة واحدة
قديم 08-19-2009
  #3
admin
مدير عام
 الصورة الرمزية admin
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: uae
المشاركات: 717
معدل تقييم المستوى: 10
admin تم تعطيل التقييم
افتراضي رد: نفحات من اللهجة الديرية

دراسات لغوية . . نفحات من اللهجة الديرية ( 2 )


د . زهير حسون
الثلاثاء/18/8/2009
في هذا البحث استطاع الدكتور الباحث زهير حسون من خلال تعامله مع انتروبلوجيا اللغة تفجير الكثير من المعطيات التاريخية المتعلقة بالتراث الاجتماعي والفكري والأخلاقي في منطقة الفرات ، مثلما فجر فينا نحن ذكريات الماضي وفتح أبوابها على الكثير من القضايا

ذاتها التي علمنا إياها وزرعها فينا من غادرنا من أهلنا الذين أحببناهم... لقد كان الباحث فيما قدم هنا أديبا وفقيه لغة وقاصا بارعا .‏

عدنان عويد‏

الفرات وحرصا منها على تعميم الفائدة تنشر هذه المحاضرة التي ألقاها الباحث الدكتور زهير حسون في أصبوحة أدبية بفرع اتحاد الكتاب العرب بدير الزور .‏

فما فنونُ العربيةِ التي أسقطتها على لهجتِنا ؟‏

القلب :‏

وهو تقديمُ أو تأخيرُ حرفٍ أو أكثرَ في اللفظِ الواحدِ مع حفظِ معناه . وقد سمّاه البعضُ التبادلَ المكانيَّ ، وقد كثُرت صورُه في العربيةِ وكثُرَ معها الخلافُ والاختلافُ بشأنه حتى بات من سُننِ العربيةِ كما قال ابن فارس . ومن صورِه ما ورد في مصحف ابنِ مسعود : من كل فجٍ معيق عن قوله جلّ وعلا : من كل فجٍ عميق .‏

أما صوره في لهجتنا فكثيرةُ منها : دحّق ، قضب ، أيّس ( التي قال فيها تاج العروس : إنها مقلوب يئس ولا مصدر لها ) .‏

كما أننا نقلب الهمزةَ المتوسطةَ إلى ياءٍ كما في قولنا : توضيت وبديت ُ .‏

ونقلب الهمزة ياءً كما مشّاء وبكّاء التي تصبح : مشّاي وبكّاي.‏

وقد استهدف القلبُ أساساً التخفيفَ من ثقل المقلوبِ ، واعتبره البعضُ مرحلةً من مراحلِ النطقِ وتعلمِه واستشهد على ذلك بمشاهدتِه عندَ الطفلِ في مراحلِ نطقِه الأولى وتطورِ كلامِه .‏

الإمالة :‏

وهو أن يُنحى بالفتحةِ نحوَ الكسرةِ . وقد قالوا : إنّ الفتحةَ من جنسِ الألفِ، والكسرةُ من جنسِ الياءِ ، والفرقُ بينهما هو فرقٌ في الكمِّ فقط . وعليه فإنّ الألفَ تُمال لتصبحَ وكأنها ياءٌ خفيفةٌ إذا ما جاء الحرفُ الذي يليها مكسوراً.‏

ونحن نقول : أنا قيتله لو ما أبوه . ومثلها : ريكب ، ضيرب ، عيبد ، قيهر، نييِم ، شيرب وغيرها .‏

فنحن نميل كلَ اسمِ فاعلٍ أصلُه فعلٌ ثلاثيٌ . كما نُميل الصفاتَ التي على وزن فعيلة ، مثل : طويلة ، جميلة لتصبح : طويلِه ، جميلِه . وتلك التي على وزن فاعلة كآخِرَة التي تصبح : آخْرِه . والتي على وزن فُعلى ، كحُبلى التي تصبح : حبلِه .‏

وقد ذكر سيبويه أنّ : الإمالةَ ليست في لهجةِ أهلِ الحجازِ بعد أن ذكر طَرفاً من إمالة تميمٍ ومَنْ تابعهم .‏

الاستنطاء:‏

وهو ظاهرةُ استبدالِ العينِ الساكنةِ نوناً إذا ما جاورتْ الطاءَ .‏

كما في : أعطى التي نقولها : انطى .‏

وهذا رسولُنا الكريم (ص) يكتب لأحدِهم وثيقةً تقول : هذا ما أنطى محمدٌ رسولُ اللهِ لتميمٍ الداري ِّ وإخوتِه ....‏

وهذا طلحةُ والحسنُ (رض) يقرآن : إنا أنطيناكَ الكوثرَ ....‏

وهذا الأعشى يقول :‏

جيادُك خيرُ جيادِ الملوكِ تُصان الجِلالَ وتُنطَى الشَعيرا‏

الإدغام :‏

وهو تقريبُ صوتٍ مِنْ صوتٍ وهو المماثلةُ عند المحدثين مِنْ علماءِ اللغةِ.‏

وكثيرةٌ هي صورُه في لهجتِنا :‏

ـ إدغام التاء والدال : كما في وَتَد التي تصبح ودّ في لهجِتنا .‏

ـ إدغام التاء والطاء كما في يطّوى ويطّوعون .‏

ـ إدغام التاء والسين كما في قولنا : يسّمعون .‏

وقوله تعالى : لايسّمعون إلى الملأ الأعلى ويُقذفون من كلِ جانبٍ .‏

التشديد :‏

ونكاد نشدّدُ في الأفعالِ جميعاً ، ونقصد من ذلك المبالغةَ أو التكرارَ أو الإشارةَ إلى شدّةِ الفعلِ ، كما في : بشّر ، قتّل ، كسّر ، وجمّع .‏

وقد أوردَ القرآن الكريمُ الصيغتين ، فتارةً نراه يشدّدُ بقوله :‏

إنّ الله يبشّرُك .‏

وأخرى يخفِّف بقوله : إنّ الله يَبشَرُك َ .‏

الوقف :‏

وأكثرُ صورِه شيوعاً عندنا : الوقفُ بهاءِ السكْتِ ، كما في : هوَّ ه وهيّه .‏

كما وردَ في قرآننا الكريمِ في قوله تعالى : وما أدراك ماهِيه .‏

وقول حسان بن ثابت :‏

إذا ما ترعرع فينا الغلامُ فما أنْ يُقال له : من هُوَّه‏

الاقتطاع والحذف :‏

ففي الاقتطاعِ نقول : ريكب مرسيدس . والقصدُ أنّ فلاناً راكبٌ سيارة مرسيدس ، فاقتطعنا من الجملة كلماتٍ وتركنا ما دلّ عليها .‏

أما في الحذفِ فنقولُ : استحيتُ بدلَ استحييتُ ، حيثُ استثقلنا اجتماعَ يائين فحذفنا إحداها . ووافقنا تميماً في ذلك . وكذا في كلمة اثنتين التي تصبح : ثنتين .‏

قوله :‏

فقالوا لنا ثنتان لابدّ منهما صدورُ رماح أُشرعتْ أو سلاسلُ‏

إسقاطُ الهمز :‏

عن كل مهموز الآخر . فنقول : نبي ، خوابي ، دني ، وواطي . عن نبيء، خوابيء، دنيء ووطيء .‏

وبذا نكون قد خالفنا تميماً صراحة ، لكننا وافقنا قريشاً التي لا تهمز .‏

كما أننا نقصر الممدود وهو كلُ اسمِ مؤنثٍ ينتهي بالألف والهمزة ، مثل : صحراء ، خنساء ، هيفاء وما شابه لتُصبح : صحرا ، خنسا ، هيفا .‏

صيغة انفعل أو ما يسمى بصيغة المطاوعة :‏

وهي التي يُعبرُ فيها عن حدوثِ الفعلِ دون الإشارةِ إلى فاعله ، فنقول :‏

انكسر الصحن ، انفتلت الطاولة ، وانقشع الغيم . وكأنما قصدنا بذلك التعبيرَ عن المبني للمجهول .‏

العنعنة :‏

وهي ظاهرة تنقلب فيها فاءُ الفعلِ إن كانت ألفاُ إلى عينٍ ، كما في أنّ وأنين التي تصبح : عنّ وعنين . ثم تعدتها لتشملَ الألفَ حيثما كان موقعها من الكلمةِ ، مثل : يجأر التي تصبح : يجعر .‏

التصغير :‏

وبه تتميزُ لهجتُنا إذ نُصغرُ من نفسِ الكلمةِ دون إضافةِ صفة ٍ للمصغّرِ ، فنقول:‏

بويت وصحيحُها بييت بدلَ بيتٍ صغيرٍ . كما نصغّرُ تحبباً بقولنا : شكّور ، سعّود . وتحقيراً بقولنا : اشكيّر ، اسعيّد . أو استصغاراً بقولنا : وليد ، مريّه وسوكت .‏

الاشتقاق :‏

وشكلُه الأهم هو النحتُ أو ما يُدعى باشتقاق الكبّار حيث يتألف من كلمتين أو أكثر نستخلص كلمةً واحدةً جامعةً لمعاني الكلمات التي نُحتتت منها . كما في قولِنا : هساع ، هلحز ، شكون ، شمدريني واثنعش .‏

والنحتً ظاهرةٌ جاهليةٌ في أصولِها ، ولعل أقدمَ ما جاء في شعرِ العربِ منه قولُ عبدِ يغوث بنِ وقاصٍ الحارثي :‏

وتضحكُ مني شيخةٌ عبشميةٌ كأنْ لم ترَ قبلي أسيراً يمانيا ثم شاع النحتُ بعد الإسلامِ لصياغتِه عباراتٍ جديدةً يكررّها المسلمُ في كثيرٍ مما يَعْرِض له في شؤونِ حياتِه ومن أمثلته : البسملة ، الحمدلة ، الحوقلة ، الهيللة ، الحيعلة ، والحسبلة وغيرها .‏

والكشكشةُ آخرُ محطة في ترحالِنا في رحابِ لهجتنا ، فهل الـCH عربيةٌ أم دخيلة؟‏

صحيحٌ أنّ أحرفَ العربية ثمانيةٌ وعشرون إلا أنها عند بعضهم ثلاثون ، وزادها بعضهم إلى الثلاثةِ والثلاثين .‏

وهذه الـ CH هي إشكاليةُ لهجتِنا التي وبسببِها يُنكِر علينا الكثيرون عربيتَها ويكيلون اتهاماتِهم لها ، ولولاها لكانت لهجتُنا أقربَ اللهَجات للفصحى ، كون الديري قادراً على إخراجِ حروفِ العربيةِ صحيحةً فصيحةً .‏

وسأطرح أمامكم بعض ما ورد في المراجع في هذا الشأن :‏

ورد عنه (ص) قوله :‏

" من سرّه أن يقرأ القرآن رطباً كما أُنزل فليقرأه على قراءة ابنِ أمِ عبدٍ " . وقصد عبَدَ الله بنَ مسعود .‏

وقراءةُ ابنِ مسعود وردت كأحدِ القراءاتِ الصحيحةِ وليس الشاذةََ كما قد يخطر ببال أحدِنا ، رغم أنّ الشاذةََ وَجدتْ ـ كما أسلفتُ ـ من احتجّ بها ولها . وقد قرأ هذا الصحابي :‏

قد جعل ربشِ تحتشِ سرياً . ولم ينكر عليه الرسول العظيم ذلك .‏

( الأشموني 4/ 282) .‏

كما قرأ :‏

إنّ الله اصطفاسٍ وطهرَشِ (لهجات العرب 69 - المكتبة الثقافية ) .‏

وإذا ما ذهبنا إلى شِعرِنا العربي فإننا نجد مجنونَ ليلى يصف غزالاً ذكّره بالمعشوقةِ ليلى بقوله :‏

فعيناشِ عيناها وجيدشِ جيدُها ولكن عظمَ الساقِ منشِ دقيقُ‏

وثعلبُ ينشد :‏

ومن يحلل بواديشِ يعشْ‏

كما يسوقُ السيرافي عن ثعلبَ قولَه :‏

عليّ فيما أبتغي أبغيشِ بيضاء ترضيني ولاترضيشِ‏

وتطبّـي وِدّ بـني أبيشِ إذا دنــوتِ جعـلت تُـدنـيشِ ‏

حتى تنــقي نـقـيـقَ الــديشِ‏

واستشهد لها لسانُ العرب حيث يجعلون الشينَ مكانَ الكافِ في خطاب المؤنثِ تمييزاً لها ـ عن كافِ المخاطبِ ـ عند الوقف عليها بالسكون .‏

ثم توسعتْ الظاهرةُ لتشملَ الكافَ المؤنثةَ قي حالةِ الوصلِ ، ثم تطورت لتنقلبَ هذه الكاف الشينُ ، إلى تشِ في لهجتِنا ، وتتعداها إلى الكاف سواءً كانت في أولِ الكلمةِ أم في وسطِها أم في آخرِها .‏

وأترك للقارئ الإجابة .‏
__________________
اللهم يا من جعلت الصلاة على النبي قربة من القربات نتقرب اليك
بكل صلاة صليت عليه من اول النشأة الى ما لا نهاية الكمالات
admin غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس