عرض مشاركة واحدة
قديم 08-13-2008
  #1
نوح
رحمتك يارب
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,437
معدل تقييم المستوى: 18
نوح is on a distinguished road
افتراضي القصيدة الدمشقية

أنا الدمشقي لو شرَّحتم جسدي


هذي دمشق، وهذي الكأس والراحُ
إني أحب.. وبعض الحب ذباحُ
أنا الدمشقي لو شرّحتمُ جسدي
لسال منه عناقيد.. وتفاحُ
ولو فتحتم شراييني بمديتكم
سمعتمُ في دمي أصوات من راحوا
زراعة القلب، تشفي بعض من عشقوا
وما لقلبي إذا أحببت جرّاحُ


حقا ما أعظم الحب إذا كان حبا للوطن خالصا صافيا كبيرا، فهذه هي دمشق، وهذا هو الدمشقي كما وصفه الشاعر نزار قباني في قصيدته (العقيدة الدمشقية).. فحبنا لدمشق كبير عظيم بعظمة مساجدها، وعظمة تاريخها، وعظمة مبانيها، وعظمة قاسيونها وجبالها ووديانها، وياسمينها، ونرجسها، وورودها، حبنا لدمشق يكبر يوما بعد يوم حتى فاض. ولم تبق شعيرة فينا لا تصدح باسم دمشق والشام باسم قاسيون، ووادي بردى، باسم بلودان وسوق الحميدية.. وكيف لا نحبك يا شام وأنت الأهل، والأمل، والراحة والطمأنينة لكل عربي على وجه البسيطة. فالحب يغزل من هوائك، ومياهك، ومن طبيعة أهلك ومن خصالهم المملوءة بالأصالة والكرم.. فما أبدع وأروع من شرب فنجانا من القهوة على وادي بردى أو جبل قاسيون.



طاحونة البن جزء من طفولتنا

فكيف ننسى؟ وعطر الهال فواح



ترى من زار دمشق ولم يتمنَّ زيارتها ثانية، ومن خرج منها ولم يحب أن يعود إليها ثانية.. فمساجدها.. ومتاحفها.. وتضاريسها وأسواقها تنادينا لنرى الأصالة وعبق التاريخ.. وأزقتها وحاراتها العتيقة تبعث في النفس الراحة والاطمئنان. ومياه الفيجة الحنون، وعين بقين الحانية التي يقف الزائرون طوابير يغازلون مياهها العذبة من كل بلدان العالم.



هذا مكان (أبي المعتز) منتظر

ووجه (فائزة) حلو ولماحُ

هنا.. جذوري.. هنا قلبي.. هنا لغتي

فكيف أوضح.. هل في العشق إيضاحُ



دمشق الشام.. يا حاضنة الأهل والأحباب.. ثلاثون عاما بعيدة عنك سوى أيام أقضيها بعد كل عام وعام لا تشبع شوقي وتشوقي، ولهفتي وعيني من الاستمتاع بقديمك وحديثك، وحضارتك وثقافتك، وشوارعك القديمة والحديثة.



خمسون عاما وأجزائي مبعثرةٌ

فوق المحيط وما في الأفق مصباحُ

تقاذفتني بحار لا ضفاف لها

وطاردتني شياطين، وأشباحُ



فالبعد عن الأهل والوطن والأرض هو العذاب بعينه، رغم أن الكتابة سفر، وهي بحر سفينة القراءة وبغيرها يغرق المرء في البحر ورغم كل هذا وذاك تمر بي الأيام دون الأهل والأحباب رتيبة حزينة، قاسية، متمردة، ساخرة ملتهبة، باردة، نازفة، ولا أدري أأبكي عليها أم أبكي منها.. أتدرين يا دمشق الشام أنك سر الهوى وأن للحظك سحرا عجيبا، وأنني أسامر في ناظريك الدجى أو تسائلين عن الجمال، من ذا يقول وما يقال، أتسائلين عن الجمال وأنت يا دمشق الشام تعريف الجمال.
أنت مفتاح الأمل لكل عربي، وعيش هنيء لكل فقير يا وطن الحضارة التي تمتد جذورها في أعماق التاريخ، وقاسيونك الجبل الشامخ العتيد الذي ارتبط اسمه باسم دمشق عبر الزمان وأحيط بهالة من التقديس فإليه تستند أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ.
فقد سكنه آدم عليه السلام، وعليه تنازع قابيل وهابيل وفيه مقام هابيل، وعلى سفحه مقامات كثيرة من الصالحين والعلماء والأبطال يحكي كل منهم جزءا من تاريخ المدينة التي قيل فيها إن ما من طالب علم أو معرفة إلا وأقام بها أو مر بها أو سعى إلى زيارتها.. فزوروا دمشق.. تسعدوا.. وتفرحوا.. وتتثقفوا وتشاهدوا التاريخ العظيم.




ما للعروبة تبدو مثل أرملة

أليس في كتب التاريخ.. أفراحُ



والجامع الأموي العريق هو أول نجاح معماري في الإسلام حسب قول (سوفاجه) و(إمام الأبنية) كما وصفه الدكتور عفيف بهنسي لأنه كان المنهل الذي أخذت منه كل العمائر الإسلامية التي شيدت بعده.. فتاريخ المسجد الأموي غني للغاية فهو يقوم على أرض تعاقبت عليها الأبنية الدينية منذ أقدم العصور فكان تاريخه تاريخا لمدينة دمشق. وهو من أهم رموز دمشق على الإطلاق فدمشق الشام سفر من أسفار التاريخ، وهي رحلة الإنسان والحجر وهي دمشق الشام المنهل ولكل إنسان في العالم وطنان وطنه الأصلي.. وسورية.
__________________


التعديل الأخير تم بواسطة نوح ; 08-13-2008 الساعة 10:34 PM
نوح غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس