عرض مشاركة واحدة
قديم 12-04-2012
  #85
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني

أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نقبل كل ما جاءنا من الحلال من غير استشراف نفس ولا نرده، وذلك لأنه جاءنا من عند الله تعالى من غير تعمد وقع منا أو اجتلاب، قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}. ولا يمتن الحق تعالى على العبد إلا بما هو حلال محمود.


وكانت طريقة سيدي أبي الحسن الشاذلي، أنه لا يسأل ولا يرد ولا يدخر، وكذلك كانت طريقة سيدي أحمد بن الرفاعي رحمهم الله تعالى.


وفي الحديث: من تورع عن الحلال وقع في الحرام. وهذا أمر ربما يخل به كثير من المشايخ فضلا عن غيرهم، وكذلك كان دأب سيدي علي الخواص إلى أواخر عمره، ثم قبل من الناس قبل موته وصار يضع الدراهم والدنانير عنده في قدرة، فكل من مر عليه من العميان والعاجزين والمديونين يعطيه من ذلك ويقول ما في الكون مال إلا وله ناس يستحقون الأكل والملبس منه من أصحاب الضرورات.


وسمعته رضي الله عنه يقول: لو كشف للمحجوبين لرأوا جميع ما يأتيهم من الناس إنما هو هدية من الحق تعالى وهو الذي قدمه إليهم فكيف يصح لصاحب هذا المشهد أن يرد. فقلت له: فأين ميزان الشريعة حينئذ؟ فقال: موجود، وهو أنه لو شهد أن الحق تعالى هو المعطي لا يقبله إلا إن رأى وجه رضاه به فإن المعاصي كلها بتقدير الله وإرادته، ومع ذلك فيردها العبد وجوبا ويدافعها جهده حتى لا يقع في هلاكه، فاعلم أنه ما وقع لأحد رد إلا وهو محجوب في حجاب ظاهر الشريعة المطهرة، فإن لسان حالها يقول: إذا جاءكم مال من غير طيبة نفس الخلق فردوه، ولو شهدتم أن الله تعالى هو المعطي فإنه هو الذي نهاكم عن قبوله فما رددتموه إلا بأمره، ولسان الحقيقة يقول: ما ثم أحد يملك مع الله شيئا كشفا ويقينا فخذوا كل ما وصل إليكم عن الله لا عن خلقه، ولسان الجامعين بين الحقيقة والشريعة يقولون: لا نقبل شيئا للشرع عليه اعتراض لأن كون الأمور ملكا لله تعالى محل وفاق بين جميع الملل، وما جعل الله تعالى الرقي في الدرجات إلا بالورع عما حرم الله، فإياكم أن تخرقوا سور الشرع، فإن الذي قال لكم الوجود كله ملكي هو الذي نهاكم عن قبول الحرام والشبهات، وكأنه تعالى يقول: ولو شهدتم أنه ملكي فلا تأخذوه إلا بطيبة نفس من عبدي فلان، فإن أخذتموه بغير طيبة نفس منه عذبتكم، فالعذاب إنما هو من أجل مخالفة ما حده الله لنا لا من جهة أن العبد يملك مع الله تعالى فإنه لا يصح أن يتوارد ملكان حقيقيان على عين واحدة أبدا.


فيجب على صاحب الحقيقة مراعاة الشريعة وعكسه، ومن لم يكن كذلك فهو أعور لا يصح أن يقتدي به في طريق أهل الله تعالى.


وأجمع العارفون على أن من شرط الكامل أن لا يطفئ نور معرفته نور يعني أن نور معرفته يحجبه عن شهود الملك لغير الله، ونور ورعه لا يكون إلا مع شهود نسبة الملك للخلق، فالكامل من يتورع عن أكل ما بأيدي الناس إلا بطريقه الشرعي مع شهوده جزما أن ذلك ملك الله عز وجل. فالزم يا أخي طريقة الشريعة وإلا هلكت والسلام.


روى الشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه مرفوعا: (من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه، ويربيها لصاحبها، كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل) .


وفي رواية لابن خزيمة: ( إن العبد إذا تصدق من طيب، تقبلها الله منه وأخذها بيمينه فرباها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله، وإن الرجل ليتصدق باللقمة فتربو في يد الله، أو قال في كف الله حتى تكون مثل الجبل، فتصدقوا).


وروى مسلم والترمذي مرفوعا: (ما نقصت صدقة من مال).


وروى الترمذي وقال حديث حسن صحيح: (عن عائشة أنهم ذبحوا شاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما بقي منها؟ فقالت عائشة: ما بقي إلا كتفها؟ فقال صلى الله عليه وسلم: بقي كلها إلا كتفها) . ومعناه أن ما تصدقوا به هو الباقي.


وروى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الإنسان مالي، مالي. وإنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو أعطى فأبقى، وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس) .


وروى أبو يعلي بإسناد صحيح مرفوعا: (والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار).


وروى الترمذي وابن حبان في صحيحه: (إن الصدقة ولو قلت لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء).


وفي رواية: (إن الله تعالى ليدرأ بالصدقة سبعين بابا من ميتة السوء).


وقد روى الإمام أحمد وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد مرفوعا: (كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس) .


وقال يزيد بن حبيب: وكان أبو مرة العبدري لا يخطئه يوم إلا تصدق فيه بشيء ولو بكعكة أو بصلة.


وفي رواية لابن خزيمة: كان يزيد بن عبدالله أول أهل مصر دخولا المسجد بمصر، فما رؤي داخلا قط المسجد إلا وفي كمه صدقة أو فلوس إما قمح وإما خبز حتى ربما حمل البصل، فإذا قيل له إنه ينتن ثيابك فيقول إني لم أجد في البيت ما أتصدق به غيره، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ظل المؤمن يوم القيامة صدقته).


وروى الطبراني والبيهقي مرفوعا: (ان الصدقة تطفئ عن أهلها حر القبور).


وروى الإمام أحمد والبزار وابن خزيمة من صحيحه مرفوعا: (لا يخرج رجل شيئا من الصدقة حتى يفك عنها لحي سبعين شيطانا). زاد في رواية البيهقي: كلهم ينهى عنها.


وروى الطبراني مرفوعا: (الصدقة تسد سبعين بابا من السوء) .


وروى البيهقي مرفوعا: (باكروا بالصدقة، فإن البلاء لا يتخطى الصدقة) . وروى موقوفا عن أنس وهو الأشبه قاله الحافظ المنذري والأحاديث في ذلك كثيرة. والله أعلم." اهـ


__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس