عرض مشاركة واحدة
قديم 12-03-2012
  #58
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني



"- (أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم)
إذا صفت سرائرنا من جميع ما يسخط الله عز وجل بحيث لم يبق في سرائرنا وظواهرنا إلا ما يرضي ربنا أن نواظب على الصلاة في الصف الأول عملا بقوله صلى الله عليه وسلم:(ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى). أي العقل: ولا يكون العبد عاقلا إلا إذا كان بهذا الوصف الذي ذكرناه، فإن من كان في ظاهره أو باطنه صفة يكرهها الله فليس بعاقل كامل، ولا يتقدم للصف الأول بين يدي الله في المواكب الإلهية إلا الأنبياء والملائكة ومن كان على أخلاقهم، وأما من تخلف عن أخلاقهم فيقف في أخريات الناس خيرا له، فينبغي للإمام أن يأمر كل من عمل بعلمه بالتقدم كلما صلوا خلفه حتى يكون ذلك من عاداتهم في الوقوف، ويأمر بالتخلف إلى وراء كل من رآه لا يعمل بعلمه، ويعامل المصلين بما يظهروه من الصفات الحسنة أو السيئة، فليس تأخيره لبعض الناس سوء ظن به إنما هو بحسب ما أظهر الناس من الأعمال الناقصة، ثم إن العمل بهذا العهد يعسر جدا على من يصلي خلفه المجادلون بغير علم، فإن كل واحد يقول أنا أفضل من فلان الذي قدم علي في الصف الأول أو الثاني مثلا، وربما سهل العمل به في المساجد التي يحضرها العوام أو يكون أهلها مضبوطين، كزوايا المشايخ التي فقراؤها تحت طاعة إمامهم.

ويؤيد ما ذكرناه من شروط التقدم للصف الأول ما رواه ابن ماجه والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم، وقال صحيح على شرطهما مرفوعا عن العرباض بن سارية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستغفر للصف المتقدم ثلاثا، وللثاني مرتين، وللثالث مرة. أي لأن كثرة الاستغفار للشخص قد تكون لكثرة ذنوبه، وقد تكون لرفعة مقامه، فأحد الاحتمالين يشهد لما قلناه.

وأما حديث: خير صفوف الرجال أولها . فالمراد بالرجال الكمل من الأولياء الذين هم كما وصفنا في أول العهد، فإن طهر الله تعالى يا أخي باطنك وظاهرك فبادر للصف الأول، وإلا فالزم الأدب: وسيأتي في عهود المنهيات أن مما يشهد لنا في تأخير من يحب الدنيا إلى الصف الثاني وما بعده، قوله صلى الله عليه وسلم في حديث للترمذي مرفوعا: (الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، يجمعها من لا عقل له).

فنفى كمال العقل عن كل من يجمع منها شيئا زائدا على غدائه وعشائه في يومه وليلته، وما سلم من هذا الأمر إلا قليل من الناس، ويؤيده أيضا قول الإمام الشافعي رضي الله عنه: لو أوصى رجل بشيء لأعقل الناس صرف ذلك إلى زهاد في الدنيا. وإيضاح ما أشار إليه الحديث من نفي كمال العقل عمن يجمع الدنيا إلا لله لا من يجمعها حين يجمعها وفي بلده من هو مستحق لإنفاقها عليه من مديون ومحبوس وجيعان ونحو ذلك، فإن كانت نيته بالجمع خيرا فهذا منه، فينبغي تقديمه عند كل عاقل اكتسابا للأجر ونحو ذلك، فإن كانت نيته بالجمع خيرا فهذا منه، فينبغي تقديمه عند كل عاقل اكتسابا للأجر، وغير ذلك من أمسك عن الإنفاق ورجح الحرص والشح عليه فهو ناقص العقل، وما قررناه من تأخير مرتكب المعاصي وجامع الدنيا عن الصف الأول هو ما عليه طائفة الصوفية وجمهور العلماء، لا على الأمر بتقديم الوقوف في الصف الأول على غيره مطلقا كما هو مقرر في كتب الفقهاء، فاعلم ذلك والله يتولى هداك.

- روى الإمام أحمد والطبراني وإسناد أحمد لا بأس به مرفوعا: (سووا صفوفكم، وحاذوا بين مناكبكم، ولينوا في أيدي إخوانكم وسدوا الخلل فإن الشيطان يدخل فيما بينكم بمنزلة الخذف). يعني أولاد الضأن الصغار.

وروى الإمام أحمد بإسناد جيد مرفوعا: (إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول أو الصفوف الأول).

وروى ابن خزيمة في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي ناحية الصف ويسوي بين صدور القوم ومناكبهم ويقول: (لا تختلفوا فتختلف قلوبكم).

وفي رواية الشيخين: فإن تسوية الصف من تمام الصلاة . وفي رواية للبخاري: من إقامة الصلاة يعني التي أمرنا الله بها في قوله: {أقيموا الصلاة}.

وروى النسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما مرفوعا:(رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها وحاذوا بين الأعناق، فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الخذف). والخذف: هو ما يكون بين الاثنين من الاتساع عند عدم التراص.

وروى الطبراني مرفوعا: (استووا تستو قلوبكم، وتماسوا ترحموا). ومعنى تماسوا: ازدحموا في الصلاة قاله شريح، وقال غيره تماسوا تواصلوا.

وروى الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما مرفوعا:(ومن وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله).

وروى الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما مرفوعا:(إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف).

وروى الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما مرفوعا: (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف).

وروى مسلم عن البراء بن عازب قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه بقبل علينا بوجهه الحديث. والله سبحانه وتعالى أعلم." اهـ

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس