عرض مشاركة واحدة
قديم 01-11-2009
  #3
ابوعبدالله
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور - الكرامة
المشاركات: 2,061
معدل تقييم المستوى: 18
ابوعبدالله is on a distinguished road
افتراضي رد: الخصائص المنهجية لثقافة السلام عند الأستاذ النورسي

الإجراءات التربوية والإيمانية للتعايش السلمي


حدد الأستاذ لتطبيق التعايش السلمي بين الناس في مجموعة من الضوابط والمعالم التربوية والإيمانية ذات النفع الكبير على الفرد والمجتمع، نجمل بعضها فيما يلي:


أ-الإيمان: اعتبر الأستاذ الإيمان أسمى غاية للخلق وأعظم نتيجة للفطرة، وأفضل مقام للبشرية. ومن هنا دعا رحمه الله الناس إلى معرفة الله سبحانه وتعالى والإيمان به، لأن هذا من شأنه أن يريحهم من العنت والضنك الذي يعيشونه في حياتهم الخاصة والعامة، ويجعل المجتمعات البشرية تعرف أنواع السعادة الحقة والسرور الخالص، فتعيش في أمن وأمان واستقرار تحت رحمة الخالق سبحانه.
بـ-الإخلاص: اعتنى الأستاذ في رسائله بالإخلاص أيما عناية، اعتقادا منه أن فيه أنوارا مشعة وقوى رصينة كثيرة من شأنها أن توثق عرى المحبة والأخوة بين الناس.
ونظرا لأهمية الإخلاص في حياة الإنسان، جعل له الأستاذ أربعة دساتير اتخذت صفة توجيهات تربوية لعموم المسلمين، نجملها كالآتي:

• ابتغاء مرضاة الله في العمل.
• عدم انتقاد من يعمل في هذه الخدمة القرآنية، وعدم إثارة نوازع الغبطة بالتفاخر والاستعلاء.
• القوة في الحق والإخلاص.
• الافتخار -مع الشكر- بمزايا الإخوان، وتصورها في الأنفس.

جـ-الأخوّة: تحدث الأستاذ عن الأخوّة واعتبرها دستورا جميلا يجب الاعتماد عليه لتجاوز الكثير من المشاكل والعراقيل بين الناس، وهو ينبثق من الدستور الإلهي: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾(الحجرات:10).
والذي يميز مفهومه للأخوّة عن غيره من العلماء هو استخدامه لتعبير دال عن المعنى العميق للأخوة، وذلكم هو اصطلاحه "الفناء في الإخوان" أي أن يفنى كل في الآخر، "بأن ينسى كل أخ حسياته النفسانية ويعيش -فكرا- مع مزايا إخوانه وفضائلهم. حيث إن أساس مسلكنا ومنهجنا هو "الأخوّة في الله"، وإن العلاقات التي تربطنا هي الأخوة الحقيقية، وليست علاقة الأب مع الابن ولا علاقة الشيخ مع المريد. وإن كان لابد فمجرد العلاقة بالأستاذ. وما دام مسلكنا هو "الخليلية" فمشربنا إذن "الخلة". والخلة تقتضي صديقا صدوقا ورفيقا مضحيا وأخا شهما غيورا. وأسُّ الأساس لهذه الخلة هو "الإخلاص التام". فمن يقصّر منكم فيه فقد هوى من على برج الخلة العالي، ولربما يتردى في واد سحيق، إذ لا موضع في المنتصف".
د-المحبة: وهي ركن أساس في العلاقة الاجتماعية بين الناس، ولا يمكن تصور مجتمع يعيش في أمن واطمئنان دون الحديث عن المحبة التي تعمر قلوب أصحابه ونفوسهم. ولهذا أَولاها أهمية خاصة في رسائله النورانية، واتخذ منها نبراسا يَهتدي بنوره طلابُه والإنسانية جمعاء. ولا غرابة أن نجده يعتبر المحبة سر الوجود والكائنات، وأضفى عليها مسحة تربوية رفيعة، حيث ربط بينها وبين القصد منها، فإن كانت محبةً لله دامت واتصلت وآتت أكلها في الدنيا والآخرة، وإن كانت لغير ذلك فهي غير نافعة ولا أثر لها.
ومن هنا فإنه تحدث عن المحبة في جميع علاقات الإنسان الاجتماعية، ووثقها بخيط نوراني رفيع يتصل بالخالق سبحانه وتعالى، فأكد على أن محبة هذا الإنسان للوالدين واحترامهما، إنما يعودان إلى محبته لله سبحانه؛ إذ هو الذي غرس فيهما الرحمة والشفقة حتى قاما برعايته وتربيته بكل رحمة وحكمة. وعلامة كونها محبة لوجه الله تعالى هي المبالغة في محبتهما واحترامهما عندما يبلغان الكبر ولا يبقى له فيهما من مطمع.
أما محبة الأولاد فهي كذلك محبة لله تعالى وتعود إليه، وذلك بالقيام برعايتهم بكمال الشفقة والرحمة بكونهم هبة من الرحيم الكريم. ثم إن محبة الزوجة وهي رفيقة الحياة، فعلى الإنسان أن يحبها على أنها هدية أنيسة لطيفة من هدايا الرحمة الإلهية. وعليه أن لا يربط محبته لها برباط الجمال الظاهري السريع الزوال، بل يوثقها بالجمال الذي لا يزول، بل يزدادُ تألقا يوما بعد يوم، وهو جمال الأخلاق والسيرة الطيبة المنغرزة في أنوثتها ورقّتها. والحياة أيضا التي وهبها الله سبحانه وتعالى للإنسان هي رأس مال عظيم يستطيع أن يكسب به الحياة الأخروية الباقية. من هنا فالمحافظة عليها ومحبتها من هذه الزاوية، وتسخيرها في سبيل المولى عز وجل تعود إلى الله سبحانه أيضا.
هـ-الصدق: اعتبره الأستاذ حجر الزاوية في الحياة الاجتماعية للإنسان، وبه يداوي أمراضه المعنوية. وأكد على أن الكذب من قبيل المداهنة والتصنع دنيء ومرفوض، فاختلط الحق بالباطل، وتاه الناس عن سبيل الله المستقيم، فاختلطت كمالات البشرية بسفاسفها ونقائصها، وعمت المجتمعات البشرية فوضى واضطرابات عذبت الإنسانية عذابا شديدا في روحها ونفسها وقلبها.
و-الأمل واستشراف المستقبل: نظر الأستاذ إلى الإنسان نظرة جامعة تخرجه من ضيق الدنيا إلى سعتها وسعة الآخرة، وأكد على أن مقام الإنسان الراقي بسجاياه السامية لا يتحقق إلا إذا تجاوز حاضره الضيق الذي يجعله في علاقة اجتماعية محدودة الأثر والنتائج، فلا يرقى أبدا إلى مرتبة الصدق في الوفاء، ولا إلى مكانة الإخلاص في الصداقة، ولا إلى درجة الود في المحبة، ولا إلى الاحترام المبرأ من الغرض في الخدمة.
ومن هنا تأتي دعوة الأستاذ الإنسانَ إلى تغيير منطق تعامله مع محيطه الاجتماعي بأمل كبير واستشراف مستقبليّ من نوع فريد وخاص، أجمَله -رحمه الله- في كلمتين اثنتين: "الإيمان بالآخرة". هذا الإيمان الذي يعتبر إكسيرَ حياةِ البشر، وما إن يأتي "الإيمان بالآخرة" إلى هذا الإنسان لينقذه ويمده .


شكرا لك أخي الحبيب ابو عبود على هذا الموضوع المهم
نسأل الله أن يرزقنا الامتثال

التعديل الأخير تم بواسطة ابوعبدالله ; 01-11-2009 الساعة 08:43 PM
ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس