الموضوع: التّكفير
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-09-2009
  #6
شاذلي
محب نشيط
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 342
معدل تقييم المستوى: 16
شاذلي is on a distinguished road
افتراضي رد: التّكفير


حقيقة التكفير
ماهر سقا أميني


التكفير، أي الحكم على إنسان بأنه كافر أو خارج عن ملة الإسلام، قضية قديمة وليست مستجدة كما يبدو للبعض هذه الأيام، فالخوارج كانوا قد كفروا كل صاحب معصية، والمرجئة كانوا قد قرروا أنه لا يسيء مع الإيمان ذنب مهما كبر، والمعتزلة قالوا إن صاحب الكبيرة هو في منزلة بين المنزلتين أي بين الكفر والإيمان.

وطرح مشكلة التكفير وتحديد أوجهه اليوم يكتسب أهمية بالغة حيث ظهرت بعض الجماعات التي عرفت بالتكفير دون أن يكون لها معاييرها الواضحة، وفي الوقت نفسه ثارت وتثور ثائرة كثير من العلمانيين على كل من يتحدث عن التكفير أو فيه باعتباره لا يتناسب مع حريات التعبير والرأي وان كان أكثرهم يمارسون دكتاتورية في حياتهم الفكرية لا تقل عن دكتاتورية أكثر الأطياف الفكرية الراديكالية الموجودة على الساحة. وعلى سبيل المثال لا الحصر عندما أصدر مجمع البحوث في الأزهر الشريف بياناً يقول فيه إن مؤلفات ثلاثة من الكتاب حازوا جائزة تقديرية من الدولة تحتوي على ما يعتبر كفرا بواحا والأزهر معروف بوسطيته واعتداله، فضلاً عن كونه يمثل مؤسسة رسمية اعتبر هذا البيان عند بعض العلمانيين تفكيراً همجياً وبعضهم راح ينحو باتجاه رفع قضية على الأزهر أمام المحاكم.

من هنا وجب القول إنه لابد من تحديد منهجي لمصطلح الكفر والتكفير وفي هذا رد على من يسارع في تكفير من لا يعتبر كافراً وهو ذنب عظيم ومسؤولية قد تصل إلى حدود كفر المكفر، ورد أيضاً على من يريد ان يلغي (التكفير) مدلسا على الناس وسامحاً لكل أنواع الشذوذ الفكري بالانتشار تحت عناوين براقة كحريات الرأي والتعبير.

وانني لأعجب كيف يكون واجبا على الجميع احترام (الوطن) و(الأمة) و(علم الدولة) و(الأمن القومي والوطني) وهي أمور نسلم بها جميعاً ولا يكون واجبا احترام (دين الدولة) ومقدساتها ومشاعر المواطنين المؤمنين وهويتهم الدينية حيث يراد في مثل هذه الأمور أن يترك الحبل على الغارب وان يقول كل امرؤ ما يريد.

وأول ما يقال في هذا الجانب أن هناك أموراً أجمع المسلمون وعلماؤهم على اعتبارها مكفرة ومنها أمور اعتقادية فكرية وأمور فعلية سلوكية وأمور قولية، وان تحديد هذه الامور بدقة معيارية أمر لازم وضروري لحسم الفوضى التي قد تأتي من أنصار التكفير وأعدائه.

وثاني ما يقال ان التكفير أمر خاص بأهل الاختصاص أي أهل العلم والخبرة وانه لا يجوز للأفراد الحكم بتكفير أحد إذ ان حكما من مثل هذا قد يؤدي بصاحبه إلى جهنم ان كان مخطئا.

وثالث ما يقال: انه إذا اتفق أهل الاختصاص وهم علماء الأمة على كفر فلان من الناس فان هذا لا يعني بحال من الأحوال تحريضاً للعامة على ايذائه أو قتله كما يدعي بعض العلمانيين وذلك ان الأمر في مثل هذا الحال يوكل للحاكم المسلم الذي له الحق وحده باستدعائه ومناقشته واستتابته ومعاقبته، فالأمر إذن أمر تحذير من فكر منحرف وليس تحريضاً على ايذاء صاحبه.

وقبل كل هذا فإن القاعدة الأولى التي ينطوي كل هذا الحديث تحته هي قوله تعالى (لا إكراه في الدين) وان ما سبق يخص من أظهر كفره ودعا إليه وروج له في دولة الإسلام التي تقوم هويتها وقوانينها وتشريعاتها على الإسلام، مما يعتبر في أي دولة بمقاييس اليوم خيانة عظمى تستحق القصاص.
__________________
عروش الدنيا وممالكها، وبطشها وسلطنتها.. كل ذلك أقلّ من أن يقاوم خفقة من خفقات قلب محبّ!..


ونعيم الدنيا وأفراحها، ولهوها ولذائذها.. كل ذلك أقلّ من أن يخلق لمعةَ فرحٍ في قلب حزين!..
شاذلي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس