عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2011
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: المثنوي العربي النوري - نور من انوار نجوم القرآن

المثنوي العربي النوري - ص: 466
وكالاستراحة والتنفس في الخروج من القوة الى الفعل - في نمو الاشياء - فان ما بالقوة كالمحبوس المقيد، وما خرج الى الفعل كالمتنفس المطلق وهكذا فقس.
فجعل الفاطر الحكيم والمالك الكريم هذه اللذات الجزئية معاشات لخدماتها.. وفهرستة لكيفيات وظائفها.. وزنبركاً لحركاتها.
فيا ايها الانسان الحامل للأمانة الكبرى!
كيف لا تطيع قانوناً أحاط بكل شئ من العرش الى الفرش! وكيف تتجاسر على العصيان في مقابلة دستور مسخّر الشمس والقمر، ومستخدم النجم والذرّ.
اعلم! ان الفرق بين طريق التوحيد وطريق الالحاد، كالفرق بين الجنة والجحيم، والواجب والمحال. فأن شئت فانظر الى الموازنة بين الطريقين:
أما التوحيد، فيسند الكثير الغير المحدود الى الواحد فيتخفف الكلفة والمصرف بدرجة تتساوى الشموس والذرات والقليل والكثير الغير المتناهي بالنسبة الى قدرته.
وكذا يظهر التوحيد في كل شئ غاياتٍ كثيرة مهمة من جهة نظره الى صانعه، ومن تلك الغايات اظهار الشئ لأسماء خالقه، كأن الشئ كلمة واحدة جامعة لرموز الأسماء، فتدل عليها.
وأما الغاية المشهورة بين أهل الغفلة التي هي جهة استفادتنا منه، من الأكل وغيره، فأقل واحصر، واذلّ واصغر من اَن تكون غاية تامة لخلقة الشئ، بل هي وسيلة احدى غاياته.
وأما الالحاد، فيسند الواحد الى الكثير الغير المحدود، أي يسند كل شئ الى العناصر والطبائع العاجزة الجامدة ، والى القوى والنواميس الصمّ العمي. فتتضاعف الكلفة بدرجة تساوي كلفة الفرد كلفة عام النوع، بل تساوي كلفة شئ واحد كلفة كل الأشياء.
وكذا لايرى الالحاد من غايات الشئ الاّ ما يعود الى الانسان في حظ نفسه الحيوانية أو الى نفس الشئ في حفظ حياته الدنيوية.


المثنوي العربي النوري - ص: 467
فمثل الموحد والملحد، كمثل رجلين رأيا نواة تمر، وأرادا تعريفها:
أما أحدهما، فقال: هي فهرستة واحدة مما لايحد من الفهرستات المسماة بالنواتات ومن بعض غايات هذه النواة، انها تعرفة معنوية لشجرة.. وتعريف لتاريخ حياتها.. وخريطة كينونتها بقابلياتها، لأن تكون ماكينة تنسج نخلة كأصلها.
واما الآخر، فقال: لا، بل هذه الشجرة بجميع أجزائها وأوراقها اجتمعت عند هذه النواة، فأوجدتها، وجمعت جهازات نخلة باسقة فجهّزتها، لكن بلا فائدة، فلا غاية لهذه الشجرة الاّ هذه النواة، ولا غاية لهذه النواة الاّ أكل الابل بعد السحق والدق.
فيا مَن له أدنى شعور - ولو كشعرة - هل يمكن مشاهدة هذه السهولة المطلقة في الجود المطلق في رخيصية مطلقة ومع شهود هذه الحكمة العامة في الانتظام المطلق، ان يستند خلق الشئ كهذه الرمانة مثلاً الى أسباب جامدة، لكن تجلب جهازات أكثر الأشياء لتصنيع ذلك الشئ الواحد الذي هو مثال مصغر لكل تلك الأشياء.. وان لا تكون لهذه الرمانة غاية الاّ أكلها في دقيقة للذة حيوانية.
نعم! كيف تساعد هذه الحكمة التي وظّفت رأس الانسان في حواسه، بوظائف عديدة، لو خصصت لكل وظيفة منها في رأس الانسان مقدار خردلة لصار رأس الانسان كجبل الطور.
انظر الى لسانك ووظائفه، ومن بعض وظائفه، وزنه لجميع مدخّرات خزائن الرحمة..
بل وكيف توافق تلك الحكمة لأن لا تكون لمثل هذه الرمانة الخارقة الصنعة غاية الاّ أكلك في آن في غفلة. فمحال ظاهر أن يثمر رأسك جبلاً من الاثمار، وان لا يثمر مثل الجبل الاّ ثمرة كرأسك. اِذ يلزم حينئذٍ جمع نهاية الحكمة مع نهاية العبثية، وهو من أمحل المحال وأبطل الباطل، بل تلك الرمانة، كأمثالها تضمنت قصيدة في بيان الأسماء الحسنى، فأفادت معانيها، فوفّت فتوفّت فدفنت من فيك فيك.
سبحان من تحيّرت العقول في صنعته.


المثنوي العربي النوري - ص: 468
[10]هذه نَورةُ من شجرة آية:
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّمواتُ السَّبْعُ والاَرضُ وَمَن فِيهِنَّ وَاِنْ مِنْ شَئ اِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) 1 رأيتها وقت انكشاف الأزهار من الاشجار في زمن الربيع فهيّجت جذبتي فتفكرت في تسبيحاتها فتكلمت أنا لي لا لغيري بهذه التسبيحات الفكرية فظهرت هكذا في بعضها رقص الجذبة بنوع وزن يشبه الشعر وليس بشعر بل قافية ذكر في جذبة فكر.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي يسبّح له كلُّ شئٍ بكلماته المخصوصة المبصَّرة كالمسموعة، مثلاً:
الأنوارُ والانهارُ والأعصار كلماتُ الضياء والماء والهواء. فقس.
سبحان مَن يحمده:
الضياءُ بالأنوار.. والماء والهواء بالانهار والاعصار..
والترب والنبات بالاحجار والأزهار..
والجوّ والاشجار بالاطيار والاثمار..
والسحب والسماء بالامطار والأقمار..
تلألؤُ الضياءِ من تنويره، تشهيره..
تموُّج الهواءِ من تصريفه، توظيفه..
تفجُّرُ المياهِ من تسخيره، تدخيره.. مدحٌ بليغٌ بينٌ للقادر.
تزيُّن الاحجارِ من تدبيره، تصويره..
تبسم الأزهارِ من تزيينه، تحسينه..
تبّرج الأثمار من اِنعامه، اكرامه.. حمدٌ جميلٌ ظاهرٌ للفاطر.
تسجُّعِ الأطيارِ من إنطاقه، إرفاقه..
تهزُّجِ الامطارِ من تنزيله، تفضيله..
تحرّك الاقمارِ من تقديره، تدويره.. تسبيحةٌ فصيحةٌ للقادر، بل آية نيّرة للقاهر

_____________________
1 الاسراء : 44




المثنوي العربي النوري - ص: 469
سبحان من تحمده:
السماءُ بالبروجِ والأنوارِ
والأفلاكُ بالشموس والنجوم والأقمار
والجو بالرعود والبروق والأمطار
والارضُ بالحيوان والنبات والاشجار
وتحمد الأشجارُ بالأوراق والأزهار.. منظومةً موزونة الثمار.
اِذ تسكتُ الأزهار من انشادها، فتنطق الأثمار بالبدار.. حمداً بليغاً ناشرَ الأنوار.
وتنشد النواةُ في قلبها، ذكراً خفياً جامعَ الأسرار.
مكتوبةٌ مطويةٌ في سرّها صحائفُ الاعمال للاشجار
فيُظهر لسانُها حبّات مدحِ الفالق والفاطر.
كل نباتٍ حامدٌ وعابدٌ مسبّحٌ وساجدٌ للقادر.
تبسُّم النبات في تنوير الأزهار.. تحمدةٌ ظاهرةٌ للناظر..
أفواهُها السنبلُ والاكمام، ألفاظُها البذور والحبوب في الأشفار.. منظومةً موزونة الاشعار..
لسانها نظامُها، ميزانُها في نقشها النوّار..
صنعتُها صبغتُها تزيينها البهّار..
بطعمها، بلونها، بريحها، واصفة حامدةٌ للفاطر..
اِذ تصف أوصافَه، تُعرِّفُ أسماءه، تفسّر تودّداً تعرّفاً للقادر.
اِذ تَرشَحُ الاسنانُ السنابلُ، وتقطر العيونُ الأزهارُ.. قطرات رشحاتِ جلواتِ الفاطر..
تودّداً لعَبده.. تعرّفاً لخلقه.. من غيبه في الظاهر


المثنوي العربي النوري - ص: 470
[11] حتى كأن الشجرَ المزهرّة..
قصيدة منظومة محرّرة..
أو فتحت بكثرة عيونها المبصّرة..
أو زَينت لعيدها أعضاءها المخضّرة..
ليشهد سلطانُها آثارَها المنوّرة..
وتُشهِرَ في المحضر مُرصّعات الجوهر..
لتُعرضَ للنظر.. كالعسكر المظفّر.
وتُعلن للبشر: حكمةَ خلق الشجر..
بكنزها المدَّخر من جود رب الثمر.

سبحانه ما أحسن احسانه! ما أزين برهانَه! ما أبيَنَ تبيانَه!
من بارئٍ مصوّرٍ.. من خالقٍ مقتدرٍ.. من فاطرٍ منوّرٍ.
فانظر الى رحمته.. في موسم ربيعه.. لتشهير صنعته:
يظهر لك فصلُ الربيع: يَوم عيد لعبده..
يَوم زينةٍ لخلقه.. من شجرٍ من نبته.
فنطهر كلُ نبات مقدار رتبته:
سلطنة سلطانه.. هدية مالكه.. منتظرٌ لأمره.. ويخدم باسمه.. مزهرٌ مثمرٌ بإذنه.. كسفرة نظيفة لضيفه.
فالنور والهواء والتراب مع الماء:
سُفراء أمره، حَمَلةُ عرشه..
في نشر صَنعته.. في تبليغ حِكَمه.


المثنوي العربي النوري - ص: 471
فالعلمُ والحكمة عرشُهما في: النور
فالفضلُ والرحمة عرشُهما على: الماء
فالحفظ والاحياء عرشُهما: التراب
فالأمر والارادة عرشهما في: الهواء
فاعلم بان كلها - في فعلها - مَظاهرٌ بإسمه، مَساطرٌ لا مصدرٌ، قوابلٌ لا فاعل، حواملٌ بحوله، تحمل ماتحمله بإذنه، بإسمه.. تفعل ما تفعله بطَوله، بحَوله.
لو لم يكن هذا حقُ الاشياء؛ يلزم للتراب والهواء، والنور مع الماء: ان تُدّخِر في كل جزء ذرةٍ، وقطرةٍ من كلها.. معرفة وقدرةً وصنعةً بلا انتهاء.
اذ مثلاً هذا الهواء؛ يمرّ في جوّ الفضاء.. يزور بذرّاته كل نبات ذي نماء.
فيظهر مروره خوارق بلا انتهاء.. في معجزات صنعة لمن له خلق السماء.
اِن أمكن لذرة بسيطة واحدة جامدة جاهلة؛ ان تنشئ هاتا الاشجار.. وتضع تاك الاثمار.. تصوّر هذه الأزهار، بل جملة هذي الأشياء.
وتقدر ان تحمل هذي الأرض، هذي الدنيا، حقّ لك ان تشك في وحدة لاشريك.
فاذ هذا ليس ذاك، فلا شك أن لا ملكَ الاّ لمن كلّ الخلق في قبضة قدرته.. في قبضة حكمته.
لأن كلّ حبّةٍ، وقطرة، وذرة تصلح لكل خضرة، ثمرة، وزهرة. فيلزم في ذرة واحدة وحبّة وقطرة، اِن لم تكن مأمورة بأمر رب السموات، من صنعةٍ وحكمة وقدرةٍ، تكفي لكل المصنوعات، لحمل هذي الموجودات.
سبحان من تحمده الاشجار؛ بالأوراق والأزهار والاثمار..
تَكَشُّفُ الأزهار في تزايد الأوراق، في تكامل الثمار..
في رقص بناتها على أيادي غصنها الخِضار.
تهزّها مراوح نسائم الاشجار..
نُطق فصيح واضح للناظر، في مدح من يُنشئها، يُنشِدُها للواحد القهّار.
أفواهُها، حروفها، ألفاظها.. الأوراق والازهار والثمار.


المثنوي العربي النوري - ص: 472
اذ تَرقُصُ الأوراق من فرحها في ذكرها للفاطر..
وتَبسُمُ الأزهارُ من زينتها تشكراً للقادر..
وتضحك الاثمار بالرحمة في النثار.. لسانها ذو نغماتٍ عشرة في الناظر..
نظامُها المتّزن، ميزانُها المنظّم في لونها المنَّور..
صنعتُها المنقشة، نقوشُها المصنّعة، في شكلها المصوّر.
صبغتها المزينة، زينتها المصبّغة، في طعمها المسرّر.
عجائبُ صنعتها، تكثّر انواعِها، تنوِّع لحومها - بكلها - حامدةٌ للفاطر.. واصفة للقادر..
اِذ تصف أوصافَه، تُعرّف اسماءه تفسّر تحبباً، تحنناً للصانع، للناظر.
اِذ ترشح الثمارُ من شفاهها قطراتٍ رشحاتٍ جلواتِ الفاطر..
تحبباً تعرّفاً لعبده.. تعهّدا ترحّماً لخلقه المفتقِر.
سبحانه ما أنور حجتَه! ما أبهر قدرتَه! ما أظهر رحمتَه! من منشئٍ مصوّرٍ ومُنشدٍ مدبّر.. ومنشر مبشّر.
سبحانه ما أجمل جلاله!
ما أجل جماله!
ما أكبر سلطانه!
(فانظر الى أرضك فقل: الله أكبر. وانظر الى الكائنات فقل: الله أكبر، هو الخّلاق الفعّال، هو الفتّاح العلاّم، هو الوهّاب الفيّاض، هو العزيز الحكيم، هو الكريم الرحيم).
[12] ان شئت ان تعرف معنى "الله أكبر" فانظر الى الكائنات فانها كلها ظلال أنواره.. آثار أفعاله.. خطوط قلم قضائه وقدره.. نقوش أسمائه.. مرايا أوصافه.
فاعلم فقل: الله أكبر.. انظر الى العوالم.. فانها كلها مأخوذة بالتمام في قبضة علمه، في قبضة قدرته، في قبضة عدله، في قبضة حكمته.. منظومةٌ وزنُه، موزونةٌ نظمهُ.


المثنوي العربي النوري - ص: 473
فالتنظيم بالنظام، والتوزين بالميزان: قبضتان للرحمن، عنوانان للبابيَن.. من الامام المبين، من الكتاب المبين.. فذلك الكتاب مع ذاك الامام.. عنوانان بيّنان.. العلم والقدرة للقادر العليم، للعادل الحكيم.. فلا شئ يخرج من نظمِ هذا النظام، من وزن هذا الميزان.. يشهده من له في رأسه الاذعان، في وجهه العينان.. فبالحدس الشهودي بل بالشهود الحسّي.. لاشئ من الاشياء في الكون والزمان، يخرج من قبضة تصرّف الرحمن.
فابصر فقل: الله أكبر.. هو العَدل الحاكم، هو الحكمُ الفرد، هو العادل الحكيم.. اذ هو الذي اسّس بنيان الكائنات، بمسطر المشيئة، بالحكمة النظّامة.. أصول حكمته رابطة الموجودات.. ففصّل الموجودات بدستور القضاء، بقانون القدر.. قوانين القدرة، خيّاطة الصور، لقامة المصنوعات.. فنظّم الكائنات بناموس السُنّة، بقانون العادات.. نواميس السنّة، قوانين العادة.. نظّامة المخلوقات.. "اذ يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد" في الأرض والسموات.. بتلطيف الرحمة، بتكريم العناية.. قد زين الكائنات.. نواميس الرحمة.. دساتير العناية.. حسّانة المصنوعات وزينة الموجودات.. فنوّر الكائنات.. بجلوة الاسماء تجلّي الصفات.. تظاهرات الاسماء.. في جَلوات الصفات.. نوّراة الموجودات.. في الارض والسموات.
فافهم وقل: الله أكبر. هو الفاطر العليم، هو الصانع الحكيم.. ذاك العالم الكبير، هذا العالم الصغير.. مصنوعا قدرته مكتوبا قدره.. ابداعه لذاك، صيّره مسجداً.. ايجاده لهذا صيّره عابداً، انشاؤه لذاك، صيّر ذاك مُلكاً.. بناؤه لهذا صيّره مملوكاً.. صنعته لذاك تظاهرت كتاباً، صبغتُه لهذا، تظاهرت خطاباً.. قدرته في ذاك، تظهر عزّته.. ورحمته في هذا تنظم نعمته.. سكّته في ذاك.. في الكل والاجزاء.. خاتمه في هذا في الجسم والاعضاء..
فانظر وقل: الله أكبر.. هو القادر المقيم.. هو البارئ العليم.. هو اللطيف الكريم.. هو الودود الرحيم.. هو الجميل العظيم.. هو نقاش العالم.. ان شئت ان تعرف هذا العالم ما هو كله اجزاؤه، الكائنات ماهي نوعاً وجزئياتٍ، فانما هو هي خطوط قضائه.. رسوم قدره.. في تنظيم الذرات.. في تعيين الغايات.. في تقدير الهيئات.


المثنوي العربي النوري - ص: 474
فبعد هذ الترسيم.. لتعيين الحدود.. لمقدار القدود.. تجئ قدرته لتشخيص الصور.. ببركار القدر.. في حكمة الأثر.. مراعاة المصالح بالقطع قد شهدت: ان النقوش فاضت، من قلم عليم، من تدبير حكيم.
فبعد هذا التشخيص تجئ العناية، لتزيين الصور، بيد بيضائه، بلطف انشائه.. تزيّن الصور بابدع مايمكن.. يشهد باليقين لصاحب العينين.. ان الزينة والحسن، من اثر لطفه.. آية كرمه.
فبعد هذا التزيين.. يجئ كرمه.. بالتلطيف والتحسين.. لابراز التودد.. في تزيين الحسان.. واظهار التعرف للجن والانسان.. فما تلك المحاسن وما هاتى اللطائف الاّ منها التودد.. الاّ منها التعرف.. تحبّب الفاطر.. يقطر للناظر.. من تحسين الأثر.. تعرّف القادر.. من تزيين الأثر.. يظهر للنظر.. بعد هذا التودد.
بعد هذا التودد تجئ رحمته، لإبراز الانعام.. في نشر سفرته لتلذيذ الأنام.. ترحّم الخالق.. يرشح من الأثر.. تحنن الرزاق.. يقطر من الثمر..
الحاصل:
هذا العالم.. خطوط قدره.. نقوش قلمه.. زينات كرمه.. أزاهير لطفه.. بالحدس والعيان.
اثمار رحمته.. لمعات جماله.. جلوات جلاله.. مرايا كماله.. بالحق والايمان.
مايُشْهَدُ من جمال.. مايُشهر من كمال.. مظاهر سيالة. مرايا جوالة [13] ظلال انواره.. ايات كماله. ويشهد لهذا: كمال آثاره..
فالأثر المكمّل.. يشهد لذي العقل. . على الفعل المكمل. . ثم الفعل المكمل يدل لذي الفهم على الاسم المكمل، والفاعل المكمل. والاسم المكمل يدل بالبداهة على الوصف المكمل، والوصف المكمل يدل بالضرورة على الشأن المكمل.. ثم الشأن المكمل، يدل باليقين على كمال الذات، مما يليق بالذات، وهو الحق المبين.. رفيع الدرجات.. خلاق العالم. يشهد لذي العين: ان الجمال الظاهر ليس ملك المظاهر.

عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس