عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2011
  #5
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: المثنوي العربي النوري - نور من انوار نجوم القرآن

المثنوي العربي النوري - ص: 475
نعم تفاني المرايا، زوال الموجودات.. مع التجلي الدائم.. مع الفيض الملازم.. من أوضح برهان.. من أفصح تبيان.. للجمال المجرد.. للاحسان المجدد، للواجب الوجود.. للباقي الودود.
فاعرف.. وقل: الله اكبر.. هو الخلاق الكبير، هو الفعال القدير.. فالاجسام السفلية، والزينات الأرضية، والاجرام العلوية والكواكب الدرّية.. في بستان الكائنات:
معجزات القدرة.. شواهد الحكمة.. براهين للواحد الأحد، والقادر الصمد.
سبحان من جعل حديقة أرضه: مشهر صنعته.. مزهّر النباتات.. مثمّر الشجرات.. مزيّن الحيوانات.. محسّن الطيورات.. خوارق صنعه.. شواهد علمه..دلائل لطفه.
تبسّم الأزهار.. من زينة الاثمار.. في هذه الجنان: تودّد الرحمن.. ترحّم الحنان.. تعرّف المنّان.. للجن والانسان، والروح والحيوان.
فالزهر والثمر.. والحب والبذر.. معجزات الحكمة.. هدايا الرحمة.. براهين الوحدة.. بشائر لطفه.. في دار الآخرة.. شواهد صادقة.. بان صانعها بكل شئ عليم.. لكل شئ قدير.. قد وسع كل شئ .. بالرحمة والعلم.. باللطف والتدبير.
فالشمس كالذرة.. والنجم كالزهرة.. والأرض كالبيضة.. لاتثقل عليه في الخلق والتدوير.. والحفظ والتصوير.. والصنع والتنوير.
فافهم .. وقل: الله أكبر.. هو سلطان الأزل.. هو حاكم الأبد.. هو الملك السرمد.
انظر الى وجه السماء.. كيف ترى سكوتاً في سكونةٍ.. حركة في حكمةٍ.. تلألؤاً في حشمة.. تبسّماً في زينة.. مع انتظام الخلقة.
تلألؤ نجومها.. تعلن لأهل النهى.. سلطنة بلا انتهاء.
فهذه النيّرات.. وهذه السيارات.. براهين منيرة.. شواهد مضيئة.. معلنة لعزة


المثنوي العربي النوري - ص: 476
كبرياء الالوهية.. مظهرة لشوكة سلطنة الربوبية.. مبينة لحشمة عظمة قدرته.. مشيرة لوسعة احاطة حكمته.
آمن وقل: الله أكبر.. وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم..
سبحانك يامَن في كل شئ لك شاهدان على أنك واجب واحد.
سبحانك يامََن في كل حيّ لك آيتان على انك أحد صمد.
سبحانك يامَن سكته مضروبة على جباه الخلق.. بالصدق شاهدة بالحق ناطقة.
فانظر الى آثاره كيف ترى كالفلق.. سخاوة مطلقة في انتظام مطلق.. وقد ترى النظام في سهولة في اتزان مطلق.. في سرعة مطلقة في حسن صنع مطلق.. في وسعة مطلقة في اتقان مطلق.. في رخيصة مطلقة مع غلوّ مطلق.. في خلطة مطلقة في امتياز مطلق.. في بعدةٍ مطلقة في اتفاق مطلق.. في كثرة مطلقة مع كمال مطلق.
فهذه الكيفية المشهودة شاهدة للعاقل المحقق.. مجبرة للأحمق المنافق.. على قبول الوحدة والصنعة للحق.. ذي القدرة المطلقة.. وهو العليم المطلق.
فتأمل وقل:
لا خالق الاّ هو ..
لا فاطر الاّ الحق
"تمت الجذبة الفكرية بهجزاتها"


المثنوي العربي النوري - ص: 477
[14]بسم الله الرحمن الرحيم
(الَمْ تَرَ ان الله يَسْجُد له مَن فِي السَّموات ومَن في الأرضِ والشَّمْسِ وَالقَمر والنُّجُوم والجبَالِ والشَّجَرِ والدَّوابِ وَكَثِيرٍ مِن النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيهِ العَذَابُ ومَن يَهِنِ الله فَما لَه مِن مُكْرِمٍ اِنّ الله يَفعَل ُمَا يَشَاءُ) 1
اعلم! 2 ان القرآن الحكيم يصرّح: بان كل شئ من العرش الى الفرش، ومن النجوم الى الهوام، ومن الأملاك الى الأسماك، ومن السيّارات الى الذرّات يعبد الله ويسجد له ويحمده ويسبّح له اِلاّ ان عباداتها متنوعةٌ. فنشير الى وجهٍ من وجوه التنوع، بنوعِ تمثيل.
مثلاً: "ولله المثل الاعلى" اِن ملكاً عظيماً اذا بنى مدينة جسيمةً وبنى قصراً محتشماً، فذلك الملك يستعمل فيهما أربعة أنواعٍ من العَمَلة:
الأول: مماليكُه: فليس لهم معاش ولا أجرة. بل لهم ذوقٌ وشوقٌ في كل ما يعملون بأمره، ويقولون في مدحه، ويكتفون بشرف انتسابهم له، ولذة نظرهم بحسابه.
والثاني: خَدَمة عاميون يستعملهم الملك بعلمه بأجرةٍ جزئية تليق بهم. ولا يعرفون ما يترتّب على عملهم من الغايات العالية الكلية. حتى قد يتوهم البعضُ أنْ ليس لعمله غايةٌ الاّ ما يعود الى نفسه من الأجرة والمعاش.
والثالث: حيواناتٌ له يستخدمها، فليس لها الاّ العَلَف، والتلذّذ بالعمل فيما تستعدّ له، اذ في خروج الاستعداد من "القوّة" الى "الفعل" لذة عامة.
والرابع: عَمَلة عالمون بما ولِمَا يعملون وتعمل سائر العَمَلة، وعارفون بمقاصد الملك. فلهم رياسةٌ ونظارةٌ على سائر الخَدَمة، ولهم معاشٌ متفاوتٌ على درجات رُتَبهم.
_____________________
1 الحج: 18
2 هذا المبحث القيم خلاصة جيدة للغصن الرابع من الكلمة الرابعة والعشرين.



المثنوي العربي النوري - ص: 478
كذلك اِن مالك السموات والأرض وبانيها، استخدم واستعبَد الملائكة، ثم الحيوانات، ثم الجمادات والنباتات، ثم الأناسي، لا للحاجة؛ اذ هو خالقُهم ومايعملون، بل للعزّة والعظمة وشؤونات الربوبية وغير ذلك.
فاما الملائكة فليس لهم ترقيات بالمجاهدة. بل لكلٍ منهم "مقام معلوم" لكن له ذوقٌ مخصوص في نفس عملهم وفيوضاتٍ بنسبة درجاتهم في نفس عباداتهم. فمكافآت خَدَماتهم مندرجةٌ في عين خدماتهم. فكما يتغذى الانسانُ بالماء والهواء والضياء والغذاء ويتلذذ بها، كذلك االملائكة يتغذَّونَ ويتنعّمون ويتلذذون بأنوار الذكر والتسبيح والحمد والعبادة والمعرفة والمحبة، لأنهم من النور فيكفي لغذائهم النور والنورانيّ، كالروائح الطيّبة، ولهم سعادة عظيمة في فعلهم بأمر معبودهم، وفي عملهم بحسابه، وخدمتهم باسمه، ونظارتهم بنظره، وتشرّفهم بانتسابه، وتنزهّهم بمطالعة مُلكه وملكوته، وتنعّمهم بمشاهدة تجليات جماله وجلاله.
واما الحيوانات فلوجود النفس المشتهية فيها مع اختيارٍ جزئي ليست أعمالها خالصةً بحسابه وحَسْبةً محضةً لوجهه، فلهذا يعطيها مالِكُها الكريم معاشاً في ضمن عملها لأجله.
مثلاً: اِن العندليب المشهور بالعشق للورد يستخدمه فاطرُه الحكيم لإعلان المناسبة الشديدة بين طوائف النبات وقبائل الحيوان. فالعندليب خطيبٌ رباني من طرف الحيوانات - التي هي ضيوف الرحمن - وموظّفٌ لإعلان السرور بهدايا رازقها. ولاظهاره حُسن الاستقبال للنباتات المرسلة لإمداد أبناء جنسه، ولبيان احتياج نوعه البالغ ذلك الاحتياج الى درجة العشق، على رؤوس جميلات النباتات، ولتقديم ألطف شكرٍ في ألطف شوقٍ في ألطف وجهٍ لجنابِ مالكِ الملك ذي الجلال والجمال والاكرام.. فهذه غايةُ عمله بحسابه سبحانه، فهو يتكلم بلسانه فنفهم هذه المعاني منه، واِن لم يَعرف هو معنى نغماته بتمامها. وعدمُ معرفة البلبل بهذه الغايات بتفصيلها لا يستلزم عدمَها، لا أقل يكون كالساعة تُعلّمكَ الأوقات وهي لاتعلم ماتعمل. وأما معاشُه الجزئي فذوقه بمشاهدة الأزهار المتبسّمة وتلذّذه محاورتها. فليست نغماته الحزينة تألّمات شكايات حيوانية، كلاّ بل هي "تشكرات عطايا رحمانية" وقس عليه النحل والفحل والعنكبوت والنمل وبلابل الهوام وغيرها. فلكلٍ


المثنوي العربي النوري - ص: 479
منها معاشٌ جزئي في ذوق خصوصيّ في ضمن خدمتها لغاياتٍ كليةٍ ولصنعةٍ ربّانية كالنفر المستخدم في سفينة سلطانية.
فالحيوانات بامتثالها للأوامر التكوينية بكمال الاطاعة واظهارها لغايات فطرتها بأحسن وجه بإسمه، وتظاهرات حياتها بوظائف [15] بابدع طرز بحوله، وهكذا من سائر تسبيحاتها تقدم هدايا عباداتها ومزايا تحياتها لجناب فاطرها.
فالتحيات تظاهرات الحياة بلطائف آثارها المطلوبة لواهب الحياة.
واما النباتات والجمادات فلأجل ان لا إختيار لها، لا معاشَ لها، فأعمالُها خالصةٌ لوجه الله، وحاصلةٌ بمحض إرادة الله وباسمه وبحسابه وبحوله. الاّ انه يتظاهر من حال النباتات أن لها تلذّذات بوظائفها ولا تألماتَ لها، خلافاً للحيوان المختار. فله الألم كاللذّة. ولأجل عدم تداخل الاختيار في أعمال الجماد والنبات تكون آثارها أكمل من اعمالِ ذوي الاِختيار، ثم عمل ذي الاختيار المنوّر بالوحي والالهام كالنحل وامثاله أجملَ من غيره المعتمد على اختياره.
واما الانسان فهو كالمَلَك في كلية العبادة وشمول النظارة واِحاطة المعرفة ودلاّلية الربوبية، بل أجمع منه. الاّ ان له نفساً شريرة مشتهية، فله ترقيات وتدنيات.
وكالحيوان في ادخاله في عمله حظاً لنفسه وحصةً لذاته، فله معاشان معجّل جزئي حيواني، والآخر مؤجل كلي مَلَكي. فتأمل تَنَلْ.
ولقد ذكرنا في دروس رسالة النور كثيراً من اسرار عبودية الانسان ووظيفته وقسماً من عبادة النبات والجماد وتسبيحاتهما فلا حاجة الى التطويل هنا فان شئت فراجع تلك الدّروس لترى سرّ سورة "والتين والزيتون" وسورة "والعصر".
"تتمة لمبحث العندليب"
ولاتحسبن ان هذه الوظيفة الربّانية في الاعلان والدلاّلية والتغني لذوي الأسماع بهزجات التسبيحات مخصوصةٌ بالعندليب. بل كل نوعٍ له عندليبٌ يُمَثّل ألطفَ حسيّات ذلك النوع بألطف تسبيح في ألطف تسجيعِ. لاسيما في انواع الهوام والحشرات.


المثنوي العربي النوري - ص: 480
فمنها ما له عندليب وبلابل كثيرة، تنشد على رؤوس كثير من انواع الهوام والحشرات الصغيرة المختلفة سجعاتِ تسبيحاتٍ يلتذّ باستماعها جميعُ مَن له سمعٌ.
فمنها ليلية ذات سرود 1 في مسامرةٍ لصغار الحُوَينات من نوعها وغير جنسها في سكوت الليل وسكونه حتى كأنها قُطبُ حلقةِ ذكرٍ خفيٍ. لأن الغناء كاللسان المشترك العمومي يفهمه كل من له سمع وحسّ.
ومنها نهارية ذات تسبيحات بتسجيعات وهزجات لطيفة رفيعة تنشدها في فصل الصيف على منابر الاشجار على رؤوس جميع ذوي الحياة وهي تفوق البلبل المشهور بمراتب حتى كأنها رئيس حلقةِ ذكرٍ جهري تهيّج جذبات المستمعين وتُنطقهم كلٌّ بلسانه.
وأفضل جميع الأنواع واشرف عندليبها وأنورها وأبهرها واعظمها واكرمها واعلاها صوتاً واجلاها نعتاً واتمّها ذكراً وأعمّها شكراً، عندليبُ نوعِ البشر في بُستان الكائنات، حتى صار بلطيفات سجعاته بلبلَ جميع الموجودات في الأرض والسموات.
عليه وعلى آله واَمثاله أفضل الصلوات واجمل التسليمات. آمين.
اعلم! 2 انه يُفهم من كمال ذكاوة الحيوان وقتَ خروجه الى الدنيا ومهارته في العلم العملي المتعلق بحياته، ان ارساله الى الدنيا للتعمّل لا للتكمل بالتعلّم.
ويُفهم من كمال جهالة الانسان وعجزه وقت اخراجه الى الدنيا واحتياجه الى التعلّم في كل مطالبه وفي جميع عمره اَن اِرساله الى الدنيا للتكمّل بالتعلّم والتعبّد لا للتعمّل. وما عمله المطلوب؛ الاّ تنظيم أعمال ما سخّره الله له من النباتات والحيوانات والاستفادة من نواميس الرحمة.. والاّ الدعاءُ والالتجاء والسؤال والتضرع والتعبّد لمن سخّر له مع نهاية ضعفه وعجزه وغاية فقره واحتياجه هذه الموجودات. وما علمُه المقبول الاّ معرفةُ مَن كرّمه وسخّر له وجهّزه للعبادة والسعادة بتعلّمِ حكمةِ الكائنات بوجهٍ يُنتج معرفةَ خالقها باسمائه، وصفاته وجلاله وجماله وكماله. وغيرُ هذا الوجه اِما مالا يعنينات أو ضلالات.
_____________________
1 سرد سرداً الحديث أو القراءة: أجاد في سياقها.
2 الكلمة الثالثة والعشرون توضح هذه المسألة.



المثنوي العربي النوري - ص: 481
اللهم اجعلنا لك عبيداً في كل مقام قائمين بعبوديتك متضّرعين لألوهيتك مشغولين بمعرفتك.
اعلم! ان الخالق الحكيم، لإمتناع العجز عليه، ولكمال جُوده، يخلق الذرة كما يخلق الشمس، ويعطي لها الوجود مثلها.
فكما يخلق الذرة مع الشمس كذلك يخلق أصغر النبات كأكبر الشجر. وكما يخلق المَلَك المسخّر على الشمس مع المَلَك المسخّر على القطرة، كذلك يخلق أصغر الحوينات كأكبر الحيوان، فيستعبده مثلَه، ويوجد الفردَ الواحد بأحسن وجه، كما يوجد مجموع الأفراد الغير المحدودة.
ولكل من الموجودات صغيراً وكبيراً قليلاً وكثيراً وظيفة لائقة.. وحكمة مناسبة وغاية حسنة.. من خزينة رحمة مَن:
(اِنَّمَا أَمْرُهُ اِذا أرادَ شَيْئاً اَن يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون _ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُل شَئٍ وَاِليهِ تُرجَعُون). 1
[16] علم! 2 أيها المسلم ان لك في تطبيق عملك العرفي ومعاملتك العادية على الأصول الشرعية.. خزينةً أخروية واِكسيراً كبيراً. يصير به كلُّ عمرك عملاً، وكلُّ عاداتك المباحة عبادةً، وغفلتُك بمشاغلك حضوراً.
مثلاً: اذا بعتَ أو اشتريت شيئاً وعملت بما يقوله الشرع في تلك المعاملة فتخطرتَ حُكمه في الايجاب والقبول، صار لك نوع حضورٍ وعبادةً واطاعة وعملاً أخروياً، فقِس واغتنم.
طوبى لمن نوّر حركاته بالآداب الشرعية. فيا سعادة مَن وفّقه الله لإتباع السنّة في أعماله ومعاملاته حتى أورث عمره الفاني أثماراً باقية.. وياخسارة مَن خَذَله الله باتباعِ الهوى فاتخذ الهه هواه حتى صار عمُره هواءً وعمله هباءً.
اللهم وفّقنا لمرضاتك والعمل بكتابك وسنة نبيّك. آمين.
_____________________
1 يس : (82 - 83)
2 النكتة الاولى من اللمعة الحادية عشرة تفصّل هذه المسألة.



المثنوي العربي النوري - ص: 482
اعلم! 1 انه كما ان من الانسان مَن هم رُعاة، ولهم نظارةٌ على تنظيم حركات قسمٍ من الحيوانات، ونوع محافظةٍ له.
وكذا منهم زرّاع لهم نظارة على تنظيم زرعِ قسمٍ من الحبوبات، ونوع ترتيب له.
كذلك اِن من الملائكة مَن هو راعٍ بنوع من الحيوان في مرعى وجه الأرض. لكن ليس كالأنسان بل نظارتُه وَرَعْيُه بمحض حساب الله وباسمه وبحوله وبأمره، بل نظارتُه هي:
مشاهدتُه لتجليات الربوبية في ذلك النوع.. ومطالعته لجلوات القدرة والرحمة فيه.. وإلهام الأوامر الالهية لها لأفعال ذلك النوع الاختيارية.
ومنهم من له نظارة على نشر نوع من النباتات في مزرعة الأرض باذن الله وبأمره وبإسمه وبحوله. بل نظارتُه لها:
تمثيلُ تسبيحاتها وتحيّاتِها لفاطرها، واعلانها، مع نوع تنظيم وحماية بحسنِ استعمال الجهازات الموهوبة لها.
فهذه الخدمة، بنوع كسب، بدون تصرّف حقيقي (اذ في كل شئ سكّةٌ خاصّةٌ بخالق كل الاشياء ليس لغيره فيها مجال) عبوديةٌ وعباداتٌ لهم، لا عادات كالانسان. فحضرةُ ميكائىل عليه السلام الذي هو من حَمَلة عرش الرزاقية له عبوديةٌ بنظارةٍ على جنس النباتات في مزرعة الأرض، وتحتَه نظّار على نوعٍ نوعٍ بقوة الله وبحَوله وبأمره وبإسمه، وهكذا نُظّار الحيوانات.
فان شئتَ درك هذا المعنى فانظر الى الأرض كيف صيّرها الفاطر الحكيم مزرعةً واسعة ومرعىً عظيماً للنباتات والحيوانات.. ثم انظر الى انواع النباتات المنشورة بانتظام عجيب في توزيع بذوراتها في الأطراف بتقسيم غريب بحكمة فاطرها القدير العليم.. والى انواع الحيوانات المنشورة بطرز غريب بتقسيم عجيب وهي تسرح في مرعى الأرض في حسن انتظامٍ بعناية خالقها الحكيم الكريم جل جلاله وعمّ نواله ولا اله الا هو.
_____________________
1 تراجع الكلمة الرابعة والعشرون - الغصن الرابع.



المثنوي العربي النوري - ص: 483
بسم الله الرحمن الرحيم
يا الله يا رحمن يا رحيم يا فرد يا حيّ يا قيوم يا حكم يا عدل يا قدوس بحرمة الاسم الاعظم اسكن طلبة النور الذين قاموا بطبع هذا المثنوي النوري في فردوس جنتك وأسعدهم فيها ووفقهم دائماً في خدمة الايمان والقرآن، واكتب اللهم في سجل حسنات كلٍ منهم حسناتٍ كثيرة مقابل كل حرف من حروف هذه المجموعة.
آمين. آمين. آمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
سعيد النورسي
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس