عرض مشاركة واحدة
قديم 04-06-2011
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الشعاعات - الشعاع الثالث عشر


الشعاع الثالث عشر - ص: 378
باسمه سبحانه
كان فيما مضى شخص غير مسلم، قد وجد وسيلة لبلوغ مرتبة خليفة الشيخ ضمن السير والسلوك في طريقة صوفية، وشرع بوظيفة الارشاد، وعندما بدأ مريدوه الذين يتولى تربيتهم بالرقى الروحي ، كشف احدهم، ان مرشدهم هذا في منتهى السقوط والتردي. ثم أدرك ذلك الشخص ايضاً - بفراسته - انه قد كُشف حاله، فقال لذلك المريد: لقد عرفتني اذاً!
قال له المريد: "ما دمتُ قد بلغت هذا المقام بارشادكم، سأجلّك واوقرك بعد الآن أعظم من قبل". وبدأ بالتضرع الى الله العلي القدير ان يهدي مرشده الى سواء السبيل، حتى أنقذه الله مما فيه، وفاق مريديه كلهم في الرقي الروحي، فظل مرشداً حقيقياً لهم.. اذن يكون المريد احياناً شيخاً لشيخه.
فالفضل والسبق اذاً هو: ان لا يترك الطالب أخاه، عندما يراه مبتلىً بفساد، بل يزيد اخوّته معه، ويسعى لاصلاحه. فهذا هو شأن الأوفياء الصادقين. اما المنافقون فيستغلون مثل هذه الأوضاع ويروّجون: "ان هؤلاء الذين تهتم بهم كثيراً ليسوا سوى اناس اعتياديين عاجزين". وذلك افساداً لحسن الظن القائم بين الاخوة، وتهويناً لتساندهم.
وعلى كل حال فعلى الرغم من اضرار كثيرة تلحق بنا في المصيبة، الاّ انها قضية تهم العالم الاسلامى قاطبة، لذا فان لها قيمة عظيمة يهون تجاهها كل شئ. علماً ان حوادث مشابهة لها لم تصبح ملكاً للعالم الاسلامي لأسباب سياسية دينية او اسباب اخرى.
* * *

اخوتي الاعزاء الاوفياء !
ان سبب اهتمامي البالغ بتساندكم وترابطكم، لا ينحصر في منافعه التي تكسب رسائل النور وتمسها، وانما لعوام المؤمنين ممن ليسوا ضمن الايمان التحقيقي. فهم أحوج ما يكونون الى نقطة استناد والى حقيقة ثابتة عضت عليها جماعة بالنواجذ،
الشعاع الثالث عشر - ص: 379
فيرتكزون على تلك الحقيقة القاطعة للثبات تجاه تيارات الضلالة الرهيبة، حيث تكون لهم حجة قوية، ومرشداً ثبتاً، ومرجعاً لا ينخدع ولا يخدع ولا يتراجع ولا يتزعزع.
فمن يشاهد ترابطكم المتين وتساندكم القوي يطمئن قلبه، اذ يدرك ان هناك حقيقة راسخة لا تُضحى بشئ، ولا يغلبها شئ، ولا تحنى رأسها لأهل الضلالة.. فيقوى ايمانه، وتعمق قوته المعنوية وينجو - باذن الله - من الالتحاق بصفوف أهل السفاهة والدنيا.
* * *
اخواني الأوفياء الصادقين.
اياكم والمراء، احذروا المناقشة. فالآذان المتجسسة تستفيد منها، اذ مهما يكن المناقش فهو على باطل في وضعنا الحالي، سواءً أكان محقاً أم لا! اذ ربما يلحق بنا ضرراً جسيماً في حين ليس له الاّ النزر اليسير من الحق.
اكرر لكم الحقيقة التى ذكرتها لاخواني الحساسين في سجن "اسكي شهر":
كنت مع تسعين من ضباطنا - في الحرب العالمية السابقة - اسرى معتقلين في ردهة طويلة، في شمالي روسيا. وكنت لا أسمح بالضوضاء والصخب باسداء النصح لهم، اذ كانوا يحترمونني بما يفوق قدري بكثير. ولكن على حين غرة أثار الغضب الناشئ من توتر الاعصاب والانقباض المستولي على النفوس مناقشات حادة. فقلت لبضعٍ منهم: اذهبوا الى حيث الضجيج والصياح، وساندوا المبطل دون المحق.
وقد قاموا بدورهم. فانقطع دابر المناقشات الضارة.
ثم سألوني: لِمَ قمت بهذا العمل الباطل؟.
قلت لهم: ان المحق يكون منصفاً يضحي بحقه الجزئي في سبيل راحة الآخرين ومصلحتهم التي هي كثيرة وكبيرة. اما المبطل فهو على الأغلب مغرور وأناني لا يضحي بشئ، فيزداد الصخب.
* * *
الشعاع الثالث عشر - ص: 380
اخوتي!
اقرأوا مكرراً وبامعان ما كتب في الرسائل الصغيرة من مدار السلوان والصبر والتحمل. فأنا اضعفكم واكثركم نصيباً من هذه المصيبة الضجرة. الاّ انني بفضل الله اتحمل ذلك الضيق. فـلله الحمد والشكر لم امتعض ابداً ممن يحمّلون الاخطاء والتبعات كلها عليّ. ولم اضجر ايضاً ممن دافعوا عن انفسهم وألقوا التبعات ضمناً على الجماعة وحمّلوها علينا باعتبار وحدة المسألة.
فما دمنا نحن اخوة في الله فارجو الاقتداء بي في هذا الصبر.
* * *
اخوتي الاعزاء الاوفياء ويا اصحابي في مضيف هذه الدنيا !
لقد فكرت هذه الليلة - بمشاعر سعيد القديم العزيزة - في سوقنا معاً الى المحكمة وانا مكبل اليدين وسط جنود مدججين بالسلاح الابيض، فانتابنى غضب شديد. وفجأة أُخطر الى القلب:
ينبغي استقبال هذا المشهد بالشكر المكلل بالفخر والسرور، لا بالغضب والحدة. لأن هؤلاء في نظر ما لا يعد ولايحصى من ذوي الشعور والملك والروحانيين واهل الحقيقة من الناس واصحاب الضمائر واهل الايمان التحقيقي، يظهرون بمظهر قافلة الابطال الميامين الذين يتحدّون هذا العصر في سبيل الحق والحقيقة ورفع راية القرآن والايمان. وحيث ان الرحمة الآلهية والرضى الربانى متوجهان اليهم، ويُقدَّرون في نظرهما بالاستحسان والاعجاب، فلا قيمة ولا أهمية لنظر الاهانة الآتية من قبل شرذمة من السفهاء السائبين.
حتى انني عندما ذهبت بالسيارة - بسبب المرض - استشعرت ضيقاً شديداً. بينما شعرت بانشراح عظيم عندما كنت معكم اثناء السوق مكبل اليدين مثلكم. بمعنى ان تلك الحالة ناشئة من هذا السر. اكرر ما قلته مراراً:
انه لايشاهد في التاريخ من يتحمل في سبيل الحق أقل المشاق وينال أعظم الثواب مثل طلاب رسائل النور. فمهما تحملنا من مشاق فهي زهيدة ايضاً.
* * *
الشعاع الثالث عشر - ص: 381
باسمه سبحانه
(وَاِنْ مِنْ شَيءٍ اِلاّ يُسَبّحُ بِحَمْدِهِ)
اخوتي الاعزاء الاوفياء !
كان من الصعوبة النجاة من مصيبتنا هذه والتهرب منها بجهتين:
اولاها: كان لابد لنا من المجئ الى هنا، ليطعمنا القدر الإلهي هنا ما قسّمه لنا. اذن فهذا الوضع هو افضله واكثره خيراً.
ثانيتها: لم نتمكن من الخلاص من المؤامرة والشباك التى حيكت لنا. فقد شعرت بها ولكن لاخلاص. حتى ان الشيخ عبد الحكيم 1 والشيخ عبدالباقى لم ينجيا. بمعنى ان شكوى بعضنا لبعض في مصيبتنا هذه باطل لا أساس له، ولا معنى، وهو مضر، ونوع من الاعراض عن رسائل النور.
حذار حذار من جعل ما اظهره الاركان الخواص من اعمال وخدمات سبباً لهذه المصيبة ومن ثم الاستياء منهم، فهذا تخلف عن رسائل النور وندامة على تعلم الحقائق الايمانية. وتلك مصيبة معنوية أدهى من المصيبة المادية.
فانا اطمئنكم مقسماً بالله انه بالرغم من ان لى نصيباً في هذه المصيبة اكثر من كل ٍ منكم بعشرين او ثلاثين درجة، فلا استاء ممن سبّب هذه المصيبة بنيّة خالصة ومن جراء فعاليته في الخدمة وعدم أخذه بالحذر، بل حتى لو تضاعفت هذه المصيبة بعشرة امثالها فلا امتعض منهم ولا استاء. وكذا لا معنى للاعتراض على ما فات. لانه غير قابل للترميم.
اخوتي! ان القلق يضاعف المصيبة ويكون جذراً في القلب لتستقر عليه المصيبة المادية فضلاً عن انه يومئ ويشمّ منه نوع من الاعتراض والنقد تجاه القدر الإلهي وهو نوع من الاتهام تجاه الرحمة الالهية.

_____________________
1 الشيخ عبد الحكيم الارواسي (1864 - 1943) ساح العراق وتركيا طلباً للعلم مدة عشرين سنة، أسس مدرسة للعلوم الاسلامية في تركيا ودرّس فيها عشرين سنة. له منزلة رفيعة فى التصوف. قاوم الروس فى الحرب العالمية الاولى. وعندما اغلقت التكايا والمدارس الدينية، قال: ان الدولة لم تغلق ابواب التكايا بل اغلقت اماكن خاوية من الروح، فتلك الاماكن قد اغلقت نفسها منذ مدة مديدة - المترجم.

الشعاع الثالث عشر - ص: 382
فما دام في كل شئ جهة جمال وجلوة من الرحمة الآلهية وان القدر يفعل ما يفعل وفق عدالة وحكمة. فلابد اننا مكلفون بعدم الاهتمام بالمشقات الهينة في سبيل وظيفة مقدسة في هذا الزمان وذات مساس بالعالم الاسلامي عامة.
* * *
(حالة جزئية اعتيادية بسيطة من احوالي استوجبت كتابتها اليكم)
اخوتي!
انني اقتنعت قناعة تامة: ان العين تصيبني وتؤثر فيّ تأثيراً شديداً وتمرضني. وقد جربت هذا كثيراً.
فانا احب مصاحبتكم من صميم روحي في كل الاحوال ولكن حسب القاعدة المشهورة: (النظر يدخل الجمل القدر والرجل القبر) 1 تصيبني العين والنظر. لان الذي ينظر اليّ إما انه ينظر بعداوة شديدة، او بالتقدير والاحترام، فكلا النظرين ايضاً موجودان لدِى بعض الناس الذين يحملون خاصية الاصابة في نظرهم، لذا اذا كان من المستطاع ولم يرغموني على مرافقتكم، فلا آتي المحكمة برفقتكم دائماً.
* * *

اخوتي الاعزاء الاوفياء !
حسب مضمون الآية الكريمة (وَعَسَى أنْ تَكْرَهُوا شَيْئَاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (البقرة: 216)
والقاعدة المقررة (الخير فيما اختاره الله) فان بلوغ اكثر الرسائل سرية الى ايادي أغرب الناس عنّا، وتحديها لأعتى المتكبرين، واظهار اخطاء مَنْ هم في اعلى مناصب الدولة.. جعلتها تنسل من تحت ستار القاعدة المقررة "سراً تنورت". فقد كان الغرض الى الآن استصغار قضية رسائل النور ولكن على كل حال قد علموا انها قضية عظيمة جداً، وان جلبها للانظار يفتح السبيل الى فتوحات باهرة جديدة للرسائل ويلجئ

_____________________
1 العين حق تدخل الجمل القدر والرجل القبر» رواه ابو نعيم عن جابر مرفوعاً، وحديث العين حق بدون الزيادة متفق عليه عن ابى هريرة، والزيادة ضعيفة... (باختصار عن كشف الخفاء 1797، 2/76).

الشعاع الثالث عشر - ص: 383
كذلك اعداءها الى قراءتها باعجاب واهتمام. حتى انها نورت كثيراً من المترددين في محكمة "اسكي شهر" والمتحيرين والمحتاجين وانقذتهم. فبدّلت مشقاتنا تلك الى رحمات. وستُظهر تلك الخدمة المقدسة فتوحاتها باذن الله هذه المرة في ساحة اوسع وفي محاكم كثيرة، ومراكز عديدة.
نعم ان من يشاهد اسلوب بيان رسائل النور لا يمكن ان لايهتم بها، فهى لا تشبه المؤلفات الاخرى بتأثيرها في العقل والقلب وحدهما بل تســخّر ايضاً النفس والمشاعر.
ان تبرئة ساحتكم والافراج عنكم لايضر هذه الحقيقة ولكن براءتي انا، فيه ضرر. لانه حتى نفسي الامارة قد قبلت بان اضحي لاجل حقيقة واحدة تمس العالم الاسلامي لابحياتى الدنيوية وحدها بل اذا لزم الامر بحياتى الاخروية وسعادتها ايضاً في سبيل إسعاد اهل الايمان برسائل النور.
* * *

اخوتي الاعزاء الاوفياء الصادقين!
لقد غيرتُ احد ادعيتى منذ بضعة ايام، اذ رفعت كلمة (الصادقين) من دعائي الذي يضم: "واغفر لنا" .. أو "وفّق طلبة رسائل النور الصادقين". والذي كنت اكرره لحد الآن مائة مرة احياناً. وذلك لئلا يُحرم من تلك الادعية اولئك الاخوة الذين يرون انفسهم مضطرين الى العمل بالرخصة الشرعية ويتبرأون منّا ظاهراً ، مما يسببه الضيق والشبهات المثارة من ضجر ويأس واتخاذ موقف يخالف العزيمة والوفاء.
* * *
اخي العزيز الحافظ علي!
لاتهتم لمرضك، نسأله تعالى ان يرزقك الشفاء. آمين. فانك رابح غانم كثيراً، لان كل ساعة من العبادة في السجن بمثابة اثنتي عشرة ساعة. فان كنت محتاجاً الى الدواء فلديّ بعضه لأرسله اليك. علماً ان وباءً خفيفاً منتشر في الاوساط. ففي
الشعاع الثالث عشر - ص: 384
اليوم الذي اذهب فيه الى المحكمة أتمرض بلاشك.. ولعلك اصبحت معيناً لي في ذلك فأخذت شيئاً من مرضي، كما كانت تحدث بطولات خارقة سابقاً، فيتمرض احدهم بدلاً من اخيه او يموت بدلاً منه.
* * *
"
عزاء جميل وفي انسب وقت"

اخوتي الاعزاء الاوفياء!
لكل مصيبة نقول: (إنّا لله وإنّا إليهِ راجِعون) (البقرة: 156)
اعزّى نفسي واعزّيكم واعزّي رسائل النور. ولكني اهنئ المرحوم "الحافظ علي" واهنئ مقبرة "دنيزلي" لان اخانا الرائد الذى ادرك حقيقة "رسالة الثمرة" علم اليقين، قد ترك جسده في القبر، صاعداً كالملائكة الى النجوم وعالم الارواح، لاجل الارتقاء الى مقام عين اليقين وحق اليقين، وخلد الى الراحة والسكون متسرحاً عن وظيفته التي ادّاها حق الاداء.
نسأل الله الرحمن الرحيم ان يكتب حسنات في سجل اعماله بعدد جميع حروف رسائل النور المكتوبة والمقروءة. آمين.
وينزل شآبيب رحمته بعددها على روحه... آمين.
ويجعل القرآن الكريم ورسائل النور مؤنسين لطيفين له في القبر.. آمين.
ويحسن الى مصنع "النور" بعشرة عاملين بدلاً منه.. آمين.. آمين.. آمين.
اما انتم فيا اخوتي اذكروه في ادعيتكم، كما اذكره انا، مستعملين الف لسان عوضاً عن لسانه،راجين من رحمته تعالى ان يكسبه الف حياة والف لسان بدلاً عما فقده من حياة واحدة ولسانٍ واحد.
* * *
الشعاع الثالث عشر - ص: 385
اخوتي الاعزاء الاوفياء!
نحمد الله سبحانه وتعالى بما لا يتناهى من الحمد والشكر،على ما يسّر لنا من نيل شرف المقام الرفيع لطلبة العلوم واعمالهم الجليلة بوساطتكم في هذا الزمان العجيب والمكان الغريب.
ولقد ثبت بوقائع عديدة بمشاهدة اهل كشف القبور، ان طالب علم جاد تواق للعلوم عندما يتوفى اثناء تحصيله لها، يرى نفسه - كالشهداء - حياً يُرزق ويزاول الدرس. حتى ان احد اهل كشف القبور المشهورين قد راقب كيفية اجابة طالب علم متوفى اثناء دراسته لعلم الصرف والنحو، لاسئلة المنكر والنكير في القبر، فشاهد انه عندما سأله الملك: من ربك؟ اجاب: مَن: مبتدأ، ربك : خبره، وذلك على وفق علم النحو، يحسب نفسه انه مازال في المدرسة يتلقى العلم.
فبناء على هذه الحادثة:
فاني اعتقد ان المرحوم "الحافظ علي" منهمك برسائل النور كما كان دأبه في الحياة، وهو على هيئة طالب علم يتلقى ارفع علم واسماه، وقد تسنم مرتبة الشهداء حقاً ويزاول نمط حياتهم.
وبناء على هذه القاعدة ادعو له في ادعيتي، وادعو لمثيله (محمد زهدي) و(الحافظ محمد) قائلاً:
يارب سخر هؤلاء الى يوم القيامة لينشغلوا بحقائق الايمان واسرار القرآن ضمن رسائل النور بكمال الفرح والسرور... آمين. ان شاء الله.

* * *
الشعاع الثالث عشر - ص: 386
باسمه سبحانه
اخوتي الاعزاء الاوفياء!
انني لا استطيع نسيان الاخ "الحافظ علي" وقد هزّني ألم فراقه هزاً عنيفاً. واحسب ان ذلك المرحوم قد رحل بدلاً مني كما كان اشخاص مضحون يتوفّون احياناً بدلاً من اصحابهم. فلولا ان قام امثالكم بما قام به هو من خدمات جليلة وعلى نسقه، لَلحق العمل للقرآن وللاسلام ضرر كبير. وانني كلما تذكرت وارثيه، وهم انتم، زالت تلك الآلام وتركت مكانها للسرور والانشراح.
وانه لأمر محير أن يتولد لديّ حالياً شوق للذهاب الى ذلك العالم، عالم البرزخ الذي ذهب اليه اخونا بحياته المعنوية بل المادية وانكشف لروحى مشهد آخر.
وكما نتحاور ونتسامر مع اخوتنا في "اسبارطة" بالمراسلات ونحن مازلنا هنا، ونهدي لهم التحيات ونتجاذب اطراف الحديث معهم ، كذلك عالم البرزخ الذي سكن فيه "الحافظ علي" قد اصبح في نظري مثل "اسبارطه" و"قسطموني". حتى طرق سمعي انه قد رحل احدهم هذه الليلة الى هناك(اي توفي) فتأسفت اكثر من عشر مرات: لِمَ لم ابعث معه السلام الى "الحافظ علي"؟ ثم اُخطر الى القلب: لاحاجة الى وسائط لإبلاغ السلام. فان رابطته كالتلفون، فضلاً عن انه يأتي ويستلم!
ان ذلك الشهيد العظيم قد حبّب اليّ مدينة "دنيزلي" فلا ارغب في مغادرتها.
ان ما انجزه هو و(محمد زهدي) و(الحافظ محمد) من خدمات في سبيل الايمان والنور تدوم باذن الله، وهم يشاهدونها من اقرب موضع ، وربما يعاونون في انجازها.
وحيث انهم قد اخذوا مواقع رفيعة لدى دائرة الاولياء العظام - من حيث خدماتهم الجليلة - فانا اذكر ذينك الاثنين مع (الحافظ محمد) ضمن سلسلة الاقطاب وابعث اليهم هدايانا.
* * *
الشعاع الثالث عشر - ص: 387
اخوتي الاعزاء الصادقين!
ان ما تتحلّون به من اخلاص ووفاء وثبات كاف لغض الطرف عن نقائص بعضِكُم للبعض الآخر وسترها وانتم ترزحون تحت ثقل هذه المضايقات والمشقات. وان رابطة الاخوة الموثوقة بسلسلة رسائل النور لحسنةٌ عظيمة تذهِب بألف سيئة، فينبغي التعامل بالمحبة والصفح فيما بينكم حسب رجحان الحسنات على السيئات كما هو في الحشر الاعظم حيث تُذهب العدالةُ الالهية السيئات برجحان الحسنات. وبخلاف ذلك فان الانفعال وسورة الغضب ازاء سيئة واحدة، والاثارة المضرة الناجمة من الضجر والضيق، يكون ظلماً مضاعفاً.
نسأل الله ان تزيلوا الضجر والسآمة بمعاونة بعضكم البعض الآخر في السراء وبث السلوان.
* * *
اخوتي الاعزاء الميامين الاوفياء!
ان سبب عدم محاورتي معكم منذ بضعة ايام هو ما انتابني من مرض شديد مسمّم لم أر مثله لحد الان.
فأنا اشكر الله عز وجل باسم رسائل النور الى آخر رمق من حياتي، وافتخر باخوتي الثابتين الاقوياء العاملين الذين لا يتزعزعون ضمن دائرة "النور" 1 ودائرة "الورد" 2، مع الاوفياء المضحين في "قسطموني". وأجد السلوان التام والمرتكز القوي معهم ازاء جميع ما يصبّه الظلمة علينا من عذاب. وحتى لو متّ الآن لاستقبلت الأجل بصدر رحب وقلب بهيج، ما داموا موجودين.
ان اهل الدنيا تساورهم شكوك واوهام لا اساس لها اصلاً، وكأنني اتحداهم وابارزهم في الميدان، لذا ألقوني في غياهب السجن. بينما القدر الإلهي ألقاني في السجن، لأنني لم ادعُهم الى الخير ولم احاول اصلاحهم.
_____________________
1 دائرة النور: المقصود مجموعة من طلاب النور فى قرية «اسلام كوي» وفى مقدمتهم الحافظ على. المترجم.
2 دائرة الورد: المقصود مجموعة من طلاب النور فى«اسبارطة» وفى مقدمتهم خسرو.- المترجم.
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس