عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-2009
  #2
أبو يوسف
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 518
معدل تقييم المستوى: 16
أبو يوسف is on a distinguished road
افتراضي رد: تبرئة الطبري من التهم


ما حقيقة اتهام الطبري أنه كان يروي عن بعض الرواة الضعفاء المتهمين لدى علماء الجرح والتعديل كأبي مخنف ومحمد بن السائب الكلبي وابنه هشام وغيرهم؟

مما لاشك فيه أن الطبري روى عن أبي مخنف وابن الكلبي؛ ولنا وقفة مع هؤلاء الإخباريين بعد أن نلقي الضوء على أهم المصادر التي استند عليها الطبري في تاريخه:
الأول: تاريخ الطبري يبدأ منذ بدء الخليقة حتى أحداث سنة 302هـ.
الثاني: مصادر الطبري في تاريخ الرسل والأنبياء ابن إسحاق وكتب وهب بن منبه.
الثالث: في تاريخ العرب قبل الإسلام على مرويات عبيد بن شرية ومحمد بن كعب القرظي وهشام الكلبي وابن إسحاق أيضاً.
الرابع: وفي السيرة النبوية استند إلى مرويات أبان بن عثمان وعروة بن الزبير وموسى بن عقبة وعاصم بن عمر والزهري وابن إسحاق وشرحبيل بن سعد.
الخامس: مصادره عن حروب الردة عن مرويات سيف بن عمر والمدائني.
السادس: أما مصادره في معركتي الجمل 36هـ، وصفين 37هـ فعلى مرويات أبي مخنف ومحمد بن السائب وابنه هشام الكلبي وسيف بن عمر.
السابع: ومصادره عن الدولة الأموية من مرويات عوانة بن الحكم وأبي مخنف والواقدي وابن الكلبي وعمر بن شبة.
الثامن: مصادره عن العصر العباسي على مرويان أحمد بن أبي خيثمة وابن ززهير والممدائني وعمر بن راشد والهيثم بن عدي والواقدي.
نلاحظ أنه لم يعتمد على مرويات أبي مخنف وابني الكلبي فقط بل إنه قد نوع مصادره كما هو واضح . لكن أخطر مصادره بحق هي مرويات أبي مخنف عن موقعتي الجمل وصفين لأن هناك تزويراً وتلفيقاً وسباً يخلص المرء بعد قراءته لهاتين الموقعتين أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا مجموعة من أصحاب الدنيا الذين يتقاتلون على ملك زائل يشتم بعضهم بعضاً ويسب بعضهم بعضاً وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ حاشاه ذلك ـ قد فشل في تربيتهم وتأديبهم وصحابة رسول الله براء من هذه المرويات الكاذبة التي رواها أبو مخنف وابنا الكلبي، ومن ثم لزام علينا أن نلقي الضوء على هؤلاء الإخباريين:
أما أبو مخنف لوط بن يحيى ت157هـ:
يقول عنه ابن حجر العسقلاني: "إخباري تالف لايوثق به تركه أبو حاتم وغيره، وقال الدارقطني ضعيف. وقال يحيى بن معين ليس بثقة، وقال مرة ليس بشيء. وقال ابن عدي شيعي محترق. وقال أبو عبيد الآجري سألت أبا حاتم عنه فنفض يده وقال: أحد يسأل عن هذا وذكره في الضعفاء" [8]
وقال فيه الحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ت272هـ: "قرئ على العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول: أبو مخنف ليس بثقة نا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول متروك" [9]
وقال الحافظ أبو أحممد عبد الله بن عدي ت265هـ: "معروف بكنيته واسمه حدث بأخبار من تقدم من السلف الصالحين ولا يبعد منه أن يتناولهم وهو شيعي محترق صاحب أخبارهم" [10]
أما عن محمد بن السائب الكلبي ت146هـ:
يقول الذهبي: "العلامة الأخباري أبو النضر محمد بن السائب بن المفسر وكان أيضا رأسا في الأنساب إلا أنه شيعي متروك الحديث يروي عنه ولده هشام وطائفة" [11]
وقال الذهبي أيضاً في ميزان الإعتدال عن محمد بن السائب الكلبي:
" وقال يزيد بن زريع وكان سبئيا قال أبو معاوية قال الأعمش اتق هذه السبئية فإني أدركت الناس وإنما يسمونهم الكذابين. وقال ابن حبان (عن ابن الكلبي) سبئيا من أولئك الذين يقولون إن عليا لم يمت وإنه راجع إلى الدنيا ويملؤها عدلا كما ملئت جوراً وإن رأوا سحابة قالوا أمير المؤمنين فيها. وقال الجوزجاني وغيره كذاب وقال الدارقطني وجماعة متروك. وقال ابن حبان مذهبه في الدين ووضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه" [12]
وقال ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب: " محمد بن السائب أبو النضر الكوفي النسابة المفسر متهم بالكذب ورمي بالرفض" [13]
أما هشام بن السائب الكلبي ت204هـ:
يقول عنه ابن حجر: "هشام بن محمد بن أبوالمنذر الأخباري النسابة العلامة روى عن أبيه أبي المفسر وعن مجالد وحدث عنه جماعة قال أحمد بن حنبل إنما كان صاحب سمر ونسب ما ظننت أن أحداً يحدث عنه وقال الدارقطني وغيره متروك وقال بن عساكر رافضي ليس بثقة" [14]
وذكره الخطيب البغدادي بعد أن ساق بسنده قائلاً: " حدثنا عبد الله بن احمد قال سمعت أبى يقول هشام بن محمد بن من يحدث عنه إنما هو صاحب نسب وسمر وما ظننت أن أحداً يحدث عنه بلغني أن هشام مات في سنة أربع ومائتين وقيل سنة ست ومائتين" [15]
وقال ابن عدي في كتابه الكامل في ضعفاء الرجال: " هشام بن محمد بن السائب ومحمد بن السائب والده صاحب التفسير سمعت ا بن حماد يقول حدثني عبد الله سمعت أبى يقول هشام من يحدث عنه إنما هو صاحب سمر ونسبة وما ظننت ان أحدا يحدث عنه وهذا كما قال احمد هشام الغالب عليه الاخبار والاسمار والنسبة ولا اعرف له شيئا من المسند" [16]

صفوة القول
إن أبامخنف إخباري رافضي تالف متهم بالكذب، شيعي محترق. أما محمد بن السائب الكلبي وابنه هشام فهما إخباريان متهمان بالرفض والتشيع وتلفيق المرويات التاريخية.
لكن يبقى السؤال قائماً: لماذا روى الطبري عن هؤلاء الإخباريين رغم تجريح العلماء لهم؟
نجد الإجابة على هذا التساؤل في مقدمة تاريخ الطبري إذ يوضح لنا منهجه بكل صراحة:
"فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه من أجل أنه لم يعرف له وجهاً في الصحة ولا معنى في الحقيقة فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا وإنما أتى من قبل بعض ناقليه إلينا وإنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدى إلينا" [17]
هكذا يلقي الطبري تبعة الرواية على عهدة الراوي لأنه يعلم أنه بمجرد ذكراسم الراوي الذي أخذ عنه الخبر أو الحديث فإنه يكون قد أدى الأمانة لأصحابها لأن الناظر علمه بحال الراوي وخاصة في حالة الرواة المجروحين فإنه لن يقبل هذه الرواية الواهية أو المكذوبة. وهذه كانت طريقة كثير من علماء السلف قديما الذين لم يكونوا يشترطون على أنفسهم الصحة في كل المرويات التي يكتبونها. وكنا نود أن يعلق الطبري على الأخبار والخرافات والأساطير والأكاذيب التي قيلت في حق الصحابة رضوان الله عليهم وخاصة في موقعتي الجمل وصفين تلك المرويات التي اعتمد عليها كل من أراد النيل من تاريخ الصحابة الأخيار رضوان الله عليهم حتى صار الأمر ببعض البسطاء باعتقادهم أن ماشجر بين الصحابة مسلم به لأنه مروي عن ابن جرير لأنه المصدر الأساسي لكل هذه الكتب التي تناولت الحقبة التاريخية الأولى التي رواها الإخباري الخبيث أبو مخنف وابنا الكلبي. هكذا بعد هذا التطواف نستطيع أن نؤكد أن الطبري إمام حافظ ثقة براء مما هو منسوب إليه رحمه الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[8] لسان الميزان/ج4/ص493.
[9] الجرح والتعديل/ عبد الرحمن بن أبي حاتم/دار إحياء التراث/بيروت/ج7/ص182.
[10] الكامل في ضعفاء الرجال/ابن عدي/دار الفكر/بيروت/ج6/ص93.
[11] سير أعلام النبلاء/الذهبي/ج6/ص248)
[12] ميزان الإعتدال/ج6//ص161)
[13] تقريب التهذيب/ابن حجر العسقلاني/دار الرشيد/سوريا/ج1/ص479.
[14] لسان الميزان/ج6/ص196.
[15] تاريخ بغداد/ج14/ص45.
[16] الكامل في ضعفاء الرجال/ج7/ص110.
[17] تاريخ الطبري/ابن جرير/مؤسسة الأعلمي للمطبوعات/بيروت/ج1/ص5.


(( من مصادر السيرة النبوية : كتب التاريخ العام : د. هاني السباعي ))
__________________
خَليليَّ وَلّى العمرُ مِنّا وَلَم نَتُب = وَنَنوي فعالَ الصالِحات وَلَكِنّا
أبو يوسف غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس