عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-2013
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: كم زيارة المشاهد بمكة والمدينة (دراسة فقهية مقارنة)

المبحث الرابع :
من أقوال الحنابلة :
في مطالب أولى النهى 2/443 : ( وسن زيارة مشاهد المدينة والبقيع ومن عرف قبره بها ) أي : بالمدينة ( كإبراهيم ابنه ) أي : ابن النبي ( عليه ) الصلاة والسلام وعثمان والعباس والحسن وأزواجه ) الطاهرات رضي الله عنهم لتحصل له بركتهم .
( و ) سن ( زيارة شهداء أحد و ) زيارة ( مسجد قباء ) : بضم القاف يقصر ويمد ويصرف ولا يصرف على ميلين من المدينة من جهة الجنوب ( والصلاة فيه ) لما في الصحيحين أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يأتيه راكبا وماشيا فيصلي فيه ركعتين وفيهما : كان يأتيه كل سبت راكبا وماشيا وكان ابن عمر يفعله ) اه
وفي مثير العزم الساكن لابن الجوزي ص2/311 : (باب ذكر بقاع بالمدينة يستحب زيارتها والتبرك بها والصلاة عندها)
وذكر منها: (المسجد النبوي والروضة ومسجد قباء ومسجد الفتح وما حوله من المساجد ومسجد بني ظفر وبيت أنس ودار الشفاء وجبل أحد وقبر حمزة والشهداء) ثم قال : (ومواضع أخرى يطول ذكرها فيستحب تتبعها لمن عرفها بالمدينة)اه
وقال عن مسجد بني ظفر : (وفي هذا المسجد حجر جلس عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلّ امرأة يصعب حملها تجلس على ذلك الحجر إلا حملت) اه
وفي اقتضاء الصراط المستقيم ص305 : ( قال سندي الخواتيمي: سألنا أبا عبد الله [يعني أحمد بن حنبل] عن الرجل يأتي هذه المشاهد ( ) ويذهب إليها، ترى ذلك؟ .
قال: أما على حديث ابن أم مكتوم أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يصلي في بيته، حتى يتخذ ذلك مصلى، وعلى ما كان يفعل ابن عمر رضي الله عنهما يتبع مواضع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأثره، فليس بذلك بأس أن يأتي الرجل المشاهد، إلا أن الناس قد أفرطوا في هذا جداً وأكثروا فيه.
وكذلك نقل عنه أحمد بن القاسم ولفظه : (سئل عن الرجل يأتي هذه المشاهد التي بالمدينة وغيرها يذهب إليها؟ قال: أما على حديث ابن أم مكتوم أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يأتيه فيصلي في بيته حتى يتخذه مسجدا وعلى ما كان يفعله ابن عمر يتبع مواضع سير النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعله حتى رؤي يصب في موضع ما فسئل عن ذلك فقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصب ههنا ماء قال: أما على هذا فلا بأس, قال: ورخص فيه, ثم قال: ولكن قد أفرط الناس جدا وأكثروا في هذا المعنى فذكر قبر الحسين وما يفعل الناس عنده) اه
يعني أنه يرى مشروعية ذلك لكنه ينهى أن يفعل عند تلك المشاهد كما يفعل الشيعة عند قبر الحسين بن علي رضي الله عنهما

ودليل الجمهور:
هو أن ذلك من باب التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه والصالحين من السلف الأولين والتبرك بآثارهم مشروع في قول جماهير أهل العلم من المذاهب الأربعة وغيرها كما هو مقرر في كتاب العبد الفقير (التبرك بالصالحين بين المجيزين والمانعين) وذكرنا هناك أقوال أهل العلم في ذلك وأدلتهم

المبحث الخامس : فوائد متممة
الفائدة الأولى :
كان من عادة السابقين زيارة تلك المشاهد ففي الطبقات الكبرى لابن سعد (5/425-426): (حدثني أحمد بن مسبح قال حدثني عبد الله بن عبيد الله قال: قال لي الواقدي: حج أمير المؤمنين هارون الرشيد فورد المدينة فقال ليحيى ابن خالد: أرتاد لي رجلا عارفا بالمدينة والمشاهد, وكيف كان نزول جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم؟ ومن أي وجه كان يأتيه وقبور الشهداء؟ فسأل يحيى بن خالد فكلٌ دله علي, فبعث إلي فأتيته وذلك بعد العصر فقال لي: يا شيخ إن أمير المؤمنين أعزه الله يريد أن تصلي عشاء الآخرة في المسجد وتمضي معنا إلى هذه المشاهد فتوقفنا عليها والموضع الذي يأتي جبريل عليه السلام وكن بالقرب.
فلما صليت عشاء الآخرة إذ أنا بالشموع قد خرجت وإذا أنا برجلين على حمارين فقال يحيى: أين الرجل؟ فقلت: هاأنذا, فأتيت به إلى دور المسجد فقلت: هذا الموضع الذي كان جبريل يأتيه فنزلا عن حماريهما فصليا ركعتين ودعوا الله ساعة, ثم ركبا وأنا بين أيديهما فلم أدع موضعا من المواضع ولا مشهدا من المشاهد إلا مررت بهما عليه فجعلا يصليان ويجتهدان في الدعاء فلم نزل كذلك حتى وافينا المسجد وقد طلع الفجر وأذن المؤذن, فلما صارا إلى القصر قال لي يحيى بن خالد: أيها الشيخ لا تبرح فصليت الغداة في المسجد وهو على الرحلة إلى مكة فأذن لي يحيى بن خالد عليه بعد أن أصبحت فأدنى مجلسي وقال لي: إن أمير المؤمنين أعزه الله لم يزل باكيا وقد أعجبه ما دللته عليه وقد أمر لك بعشرة آلاف درهم فإذا بدرة مبدرة قد دفعت إلي, وقال لي: يا شيخ خذها مبارك لك فيها...)اه
وفي تاريخ المدينة لعمر بن شبة (1/74) ونحوه في عمدة الأخبار ص141: (قال أبو غسان: قال لي غير واحد من أهل العلم من أهل البلد: إن كل مسجد من مساجد المدينة ونواحيها مبني بالحجارة المنقوشة المطابقة فقد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه حين بني مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل - والناس يومئذ متوافرون - عن المساجد التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بناها بالحجارة المنقوشة المطابقة )اه

الفائدة الثانية:
أن ظاهر كلام ابن حزم هو مشروعية زيارة تلك المشاهد ففي الفصل لابن حزم 2/71 : (وخروجه [صلى الله عليه وآله وسلم ] بحضرة مائة من قريش وهم لا يرونه ودخول الغار وهم عليه لا يرونه وفتح الباب في حجر صلد في جنب الغار لم يكن فيه قط ولو كان هنالك يومئذ لما أمكنه الاختفاء فيه لأنه ليس بين البابين إلا أقل من ثمانية أذرع.
وهو ظاهر إلى اليوم كل عام وكل حين يزوره أهل الأرض من المسلمين, ولو رام الباب الثاني في ذلك الحجر أهل الأرض ما قدروا على إزاحته سالما عن مكانه ولو كان ذلك الباب هنالك يومئذ لرآه الطالبون له بلا مؤونة لأنهم لم يكونوا إلا جموع قريش لعلهم مئون كثيرة, وآثار رأسه المقدس في ذلك الحجر وآثار كتفيه ومعصمه وظاهر يده باق إلى اليوم, فعل الله تعالى منقول نقل الكواف جيلا عن جيل)اه

الفائدة الثالثة :
أن الإمام ابن تيمية يرى عدم مشروعية تلك المزارات ففي اقتضاء الصراط المستقيم ص 425: (وهو في ذلك كله لا هو ولا أحد من أصحابه يأتي غار حراء ولا يزوره ولا شيئا من البقاع التي حول مكة ولم يكن هناك إلا بالمسجد الحرام وبين الصفا والمروة وبمنى ومزدلفة وعرفات وصلى الظهر والعصر ببطن عرنة وضربت له القبة -يوم عرفة بنمرة المجاورة لعرفة ثم بعده خلفاءه الراشدين وغيرهم من السابقين الأولين لم يكونوا يسيرون إلى حراء ونحوه للصلاة فيه والدعاء
وكذلك الغار المذكور في القرآن في قوله تعالى: (ثاني اثنين إذ هما في الغار) وهو غار بجبل ثور يماني مكة لم يشرع لأمته السفر إليه وزيارته والصلاة فيه والدعاء, ولا بنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة مسجدا غير المسجد الحرام بل تلك المساجد كلها محدثة, مسجد المولد وغيره ولا شرع لأمته زيارة موضع المولد ولا زيارة موضع بيعة العقبة الذي خلف منى وقد بنى هناك مسجد
ومعلوم أنه لو كان هذا مشروعا مستحبا يثيب الله عليه لكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعلم الناس بذلك وأسرعهم إليه ولكان علم أصحابه ذلك وكان أصحابه أعلم بذلك وأرغب فيه ممن بعدهم فلما لم يكونوا يلتفتون إلى شيء من ذلك علم أنه من البدع المحدثة التي لم يكونوا يعدونها عبادة وقربة وطاعة ) اه
وكلام الشيخ تقي الدين هذا راجع إلى مسألة البدعة الإضافية ومسألة الترك وقد أفردنا لذلك بحثا بعنوان: (البدعة المحمودة والبدعة الإضافية بين المجيزين والمانعين دراسة مقارنة) ذكرنا فيه أن عمل الصحابة والسلف وعليه جماهير أهل العلم من المذاهب الأربعة وغيرهم على أن البدعة الإضافية ليست بدعة مذمومة وذكرنا أمثلة كثيرة في ذلك, وكذا ذكرنا أن ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لشيء لا يعني أن ذلك الشيء غير مشروع فليراجعه من أراد معرفة ذلك

هذا آخر المطاف والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سدينا محمد وعلى آله وصحبه واتباعه
عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي
اليمن- صنعاء
ذو الحجة / 1426 هـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس