عرض مشاركة واحدة
قديم 08-31-2008
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي ذاكرة نهر ... الــــجـــســــر الـــقـــديــم بـالــرقـــة

ذاكرة نهر ... الــــجـــســــر الـــقـــديــم بـالــرقـــة


مصطفى الخليل

قبل سنة 1942 م لم على يكن نهر الفرات ضمن الأراضي السورية سوى جسرين الأول الجسر المعلق في دير الزور والثاني جسر الخط الحديدي في جرابلس ،ولكن بالرغم من ذلك لم تكن الصلة مقطوعة


بين الرقة والشامية فلقد كانت وسيلة العبور الاكثر أمناً آنذاك هي السفينة ،كان مركز السفانة في الضفة اليمنى من نهر الفرات (الى الغرب من موقع الجسر القديم حالياً ) كانت أجرة العبور للشخص الواحد كما أفادني بعض المعمرين حوالي فتية واحدة (نوع من أنواع العملة كان متداولاً آنذاك) أما مكان الوقوف على الضفة اليمنى فكان الشرق من موقع الجسر القديم حاليا وذلك لأن السفينة لايمكن لها أن تعبر الفرات دون أن يقوم السفان بتسييس السفينة مع اتجاه المجرى ،لكن وسيلة النقل الوحيدة هذه كانت تنقطع حالما تعلن الشمس عن مغيبها وذلك لدواع أمنية فرضها المستعمر الفرنسي لتخلد مدينة الرشيد غافية شبه معزولة عن العالم الخارجي ومع اطلالة فجر جديد ترجع حركة السفن وضوضاء السفانين .‏


كان العالم في ذاك الوقت يعيش ظروف الحرب العالمية الثانية فبعد هزيمة فرنسا أمام هتلر تبين أن من مصلحة الحلفاء أن يقوموا ببناء جسر على الفرات قبالة الرقة ليكون صلة الوصل مابين جنوبي الشرق الاوسط وشماليه لأن السيناريوهات التي كانت تدور في تلك الأثناء أكدت أن هذه المنطقة ستكون مسرحاً محتملاً لوقوع حرب كبرى.‏


كان فصل الربيع في أوجه حيث ان النهر يعيش عرس الفيضان السنوي لكن الظروف السياسية الدولية لم تراع أعراف النهر وطبعه المتمرد فأزمة الحرب كانت تستعدي تحدي الطبيعة .‏


صمم الجسر على يد (غت) بزمن قياسي وقدره ثلاثة أيام وتم بناؤه في أربعة أشهر ويومين ولوحة التشدين لاتزال موجودة الى الآن عند المدخل الشمالي منه ،كان الحديد المستخدم في البناء من بقايا صهاريج النفط المحترقة بسبب الأعمال الحربية في بغداد فأصبحت ركائز للجسر ،هذا المشروع الذي يعتبر الأول من نوعه وأهميته في ذاك الوقت فتح مجال عمل لشباب المنطقة آنذاك فقد عمل في بناء الجسر العديد من أبناء المنطقة المجاورة لمكان الجسر من قرى الكسرات ورطلة وغيرهم ،لقد رصفت ركائز النهر بأحجار الجبل التي نقلها العمال على ظهور الحمير من الجبل .‏


حدثني الحاج (خالد الخلف السالم ) تولد 1925 م وهو من الذين عملوا في بناء الجسر قائلاً : ( كانت اليو مية نص ورقة كانت الـ نص ورقة تحجي أحسن من خمسمية ورقة اليوم وكان الحساب كل أسبوع ،وكان كل تسع عمال معاهم العاشر شاويش .‏


والدوام من طلعة الشمس لغيبتها وناخذ معانا للغدا خبز الذرا والدبس الحلو والزبدة والشنينة) .‏


لقد كان بناء الجسر بالنسبة لأهل الرقة حدثا غير عادي لابل تتعدى أهميته ذلك بكثير فهو قد أمن عبورهم من والى الرقة متى شاؤوا أضف الى ذلك أنه اعتبر تأريخياً حدا فاصلاً لكثير من الأحداث والتواريخ كأن يقال مات فلان قبل الجسر بسنتين أو يقال ولد فلان سنة بناء الجسر


__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس