عرض مشاركة واحدة
قديم 03-12-2009
  #123
ابوعبدالله
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور - الكرامة
المشاركات: 2,061
معدل تقييم المستوى: 18
ابوعبدالله is on a distinguished road
افتراضي رد: مسابقة في سيرة الحبيب عليه الصلاة والسلام نرجوا منكم المشاركة

أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تعبير عن الفرح و السرور برسول الله صلى الله عليه و سلم و قد انتفع به الكافر برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد جاء انه يخفف عن أبي لهب كل يوم اثنين بسبب عتقه لثويبة جاريته لما بشرته بولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم "أخرجه البخاري و السهيلي في الروض الانف

وقال إمام القراء الجزري في كتابه "عرف التعريف بالمولد الشريف "( وقد رؤي أبو لهب بعد موته في النوم فقيل له ما حالك فقال في النار إلا انه يخفف عني كل ليلة اثنين باعتا قي ثويبة عندما بشرتني بولادة النبي الله صلى الله عليه وسلم وبإرضاعها له )

فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القران بذمه يخفف عنه العذاب كل ليلة اثنين بسبب فرحه بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حال المسلم الموحد من امة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته تعبيرا عن محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا شك انه سيكون له اجر عظيم عند الله



أولاً: قال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية: ( وذكر السهيلي وغيره إن الرائي له هو أخوه العباس وكان ذلك بعد سنة من وفاة أبي لهب بعد وقعة بدر وفيه أن أبا لهب قال للعباس انه ليخفف علي في مثل يوم الاثنين قالوا لأنه لما بشرته ثويبة بميلاد ابن أخيه محمد بن عبدالله أعتقها من ساعته فجوزي بذلك لذلك) انتهى.

ثانياً: يقول الشيخ الدكتور محمد علوي المالكي: ( والحاصل أن هذه القصة مشهورة في كتب الأحاديث وفي كتب السير ونقلها حفاظ معتبرون معتمدون مثل الإمام عبد الرزاق الصنعاني والإمام البخاري والحافظ ابن حجر والحافظ ابن كثير والحافظ البيهقي وابن هشام والسهيلي والحافظ البغوي وابن الديبع الشيباني صاحب جامع الأصول والإمام الأشخر والعامري ويقول في ذلك الحافظ شمس الدين محمد بن ناصر الدين الدمشقي:

إذا كان هذا كافـراً جاء ذمـه *** بتبّت يداه في الجحيم مخلّدا
أتى أنه في يوم الاثنين دائـمـا *** يُخفّف عنه للسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره *** بأحمد مسرورا ومات موحّدا

ويكفي في توثيقها كون البخاري نقلها في صحيحه المتفق على جلالته ومكانته وكل ما فيه من المسند صحيح بلا كلام حتى المعلقات والمرسلات فإنها لا تخرج عن دائرة المقبول ولا تصل إلى المردود وهذا يعرفه أهل العلم المشتغلون بالحديث والمصطلح والذين يعرفون معنى المعلق والمرسل ويعرفون حكمها إذا جاءت في الصحيح.

ثم إن هذه المسألة من المناقب والفضائل والكرامات التي يذكرها العلماء في كتب الخصائص والسير ويتساهلون في نقلها ولا يشترطون فيها الصحيح بالمعنى المصطلح عليه.

أما قول من قال: إن هذا الخبر يعارض قوله تعالى " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا " فتحرير الكلام في هذا المقام هو أن الآية تدل على أن أعمال الكفار لا ينظر إليها وليس فيها أنهم سواء في العذاب وأنه لا يخفف عن بعضهم العذاب كما هو مقرر عند العلماء وكذلك الإجماع الذي حكاه عياض بقوله (انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب وإن كان بعضهم أشد عذاباً من بعض)

فإنه في عموم الكفار وليس فيه أن الله تعالى لا يخفف العذاب عن بعضهم لأجل عمل عملوه ولهذا جعل الله تعالى جهنم دركات والمنافقون في الدرك الأسفل منها. ثم إن هذا الإجماع يرده النص الصحيح وذلك إنه ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: هل نفعت أبا طالب بشيء فإنه كان يحوطك ويدافع عنك؟ فقال: وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح منها. فالتخفيف عن أبي لهب من هذا الباب أيضا لا منكر فيه والحديث يدل على أن الآية المذكورة فيمن لم يكن لهم عمل يوجب التخفيف وكذلك الإجماع.

وأما قول من قال: إن هذا الخبر رؤيا منام لا يثبت بها حكم فإن هذا القائل هداه الله إلى الصواب لا يفرق بين الأحكام الشرعية وغيرها أما الأحكام الشرعية فإن الخلاف واقع بين الفقهاء: هل يجوز أخذ الأحكام وتصحيح الأخبار برؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام أم لا؟ وأما غيرها فإن الاعتماد على الرؤيا في هذا الباب لا شيء فيه مطلقاً.

وأما قول من قال إن الرائي والمخبر هو العباس في حال الكفر والكفار لا تسمع شهادتهم ولا تقبل أخبارهم فإن هذا قول مردود لا رائحة للعلم فيه وهو باطل ذلك لأنه لم يقل أحد أن الرؤيا من باب الشهادة مطلقاً وإنما هي بشارة لا غير فلا يشترط فيها دين ولا إيمان بل ذكر الله تعالى في القرآن معجزة يوسف عليه السلام عن رؤيا ملك مصر وهو وثني لا يعرف ديناً سماوياً مطلقاً ومع ذلك جعل الله تعالى رؤيته المنامية من دلائل نبوة يوسف عليه السلام وفضله وقرنها بقصته ولو كان ذلك لا يدل على شيء لما ذكرها الله تعالى لأنها رؤيا مشرك وثني لا فائدة فيها لا في التأييد ولا في الإنكار.

والعجب كل العجب من قول القائل: إن العباس رضي الله تعالى عنه رأى ذلك في حال كفره والكفار لا تسمع شهادتهم ولا تقبل أخبارهم فإن هذا القول يدل على عدم المعرفة بعلم الحديث إذ المقرر في المصطلح أن الصحابي أو غيره إذا تحمل الحديث في حال كفره ثم روى ذلك بعد إسلامه أخذ ذلك عنه وعمل به ) انتهى بتصرف.

ولا نضيف على هذا سوى الرد على من احتج بقوله تعالى " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا " سببا في رفض قصة ثويبة فنقول إن الاحتجاج بالآية مردود لأنها تتحدث عن الحساب يوم القيامة وفي ذلك يذكر الإمام جلال الدين السيوطي في كتابه الدر المنثور في التفسير بالمأثور: ( وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال: هو الكافر يعطي كتابه يوم القيامة فينظر فيه فيرى فيه كل حسنة عملها في الدنيا، فترد عليه حسناته، وذلك قول الله تعالى: " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا " (سورة الفرقان الآية 23) فأبلس واسود وجهه، وأما المؤمن فإنه يعطى كتابه بيمنيه يوم القيامة فيرى فيها كل خطيئة عملها في دار الدنيا ثم يغفر له ذلك وذلك قول الله: " فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات " (سورة الفرقان الآية 70) فابيض وجهه واشتد سروره ) انتهى.

أما قصة ثويبة فيفهم منها أنه يخفف عنه في القبر أي يخفف عنه من عذاب القبر وهو ما لا تتعلق به الآية ويؤيد هذا المعنى من جواز تخفيف عذاب القبر على الكافر ما ذكره السيوطي في تفسيره حيث قال: (وأخرج ابن الأنباري عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: ينامون نومة قبل البعث، فيجدون لذلك راحة فيقولون " يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ".

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه في الآية قال: كانوا يرون أن العذاب يخفف عنهم ما بين النفختين، فلما كانت النفخة الثانية، قالوا " يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ") انتهى .

كما يفهم من القصة أن هذا التخفيف هو كرامة للمصطفى صلى الله عليه وسلم وليس لفعل أبي لهب في حد ذاته، وعليه يمكن تفسير القصة بما لا يتعارض مع الآية على أن تخفيف الله تعالى للعذاب عن أبي لهب في كل يوم اثنين هو تفضل منه سبحانه وتعالى وكرامة منه لنبيه صلى الله عليه وسلم وإلا فإن عمل أبي لهب في حد ذاته في ميزان عدل الله تعالى هباء منثور. وفي صحيح مسلم والبخاري وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم (لن ينجي أحدا منكم عمله. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ ! قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه) فالذي خفف عن أبي لهب في قبره هو ليس عمله حتى يحتج بالآية بل رحمة الله تعالى وتفضله وكرامته لنبيه صلى الله عليه وسلم وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله تعالى أعلم." اهـ.
ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس