الموضوع: صيقل الإسلام
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-02-2011
  #12
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: صيقل الإسلام


صيقل الإسلام/محاكمات - ص: 117
المقالة الثالثة
عنصر العقيدة
صيقل الإسلام/محاكمات - ص: 119
بسم الله الرحمن الرحيم

اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمداً رسول الله

هذه الكلمة السامية اساس الاسلام.. وانور رايته واعلاها التي ترفرف على الكائنات طراً.
نعم! ان الايمان الذي هو عهدنا بالميثاق الازلي قد درج في هذا الكلام المقدس.
وان الاسلام الذي هو الماء الباعث على الحياة، قد نبع من عين حياة هذه الكلمة.
فهذه الكلمة ميثاق ازلي، سُـلِّمَ بيد المبشَّرين بالفوز بالسعادة الابدية والمعنيين لها، من بين البشرية المرشحة للخلود.
نعم! ان هذه الكلمة منهاج رباني.. وترجمان بليغ لأوامره تعالى، تتنور به اللطيفة الربانية الموضوعة على نافذة قلب الانسان المطل على عوالم الغيوب.
هذه الكلمة منهاج أزلي، ينطق به اللسان، المبلّغ الأمين عن الايمان بالله الحكيم.. وخطاب فصيح ينشده الوجدان الملئ بالاسرار تجاه الكائنات.
ان كلمتي الشهادة كل منها شاهد صادق على الاخرى. فالالوهية برهان "لـمّيّ" للنبوة ومحمد صلى الله عليه وسلم بذاته وبلسانه برهان "انّيّ" للالوهية 1.
ان حقائق العقائد الاسلامية بجميع تفرعاتها صريحة ومبرهنة في مظانها من الكتب، وهي في متناول اليد. ولكن لما كان ايضاح الظاهر يومئ الى تجهيل المخاطب او خفاء الظاهر، فلا ابيّن من عناصر العقيدة سوى ثلاثة او اربعة منها، واحيل بقيتها الى كتب فحول العلماء، فقد أوفوها حقها.
_____________________
1 البرهان إما »لمّي« وهو الاستدلال بالمؤثر على الأثر، وإما »إنِّي« وهو الاستدلال بالاثر على المؤثر، وهذا اسلم. (اشارات الاعجاز ص150).



صيقل الإسلام/محاكمات - ص: 120
مقدمة المقصد الاول
من المعلوم لدى المدققين ان مقاصد القرآن اربعة: اثبات الصانع الواحد، النبوة، الحشر الجسماني، العدل.
فالمقصد الأول يخص الدلائل على الصانع الجليل، ومحمد صلى الله عليه وسلم أحد براهينه.
هذا وان وجود الصانع ووحدانيته اجلّ واظهر واغنى من ان يحتاج الى اثبات، ولاسيما لدى مخاطبة المسلمين، لذا وجهت كلامي هذا الى الاجانب، وبخاصة اليابانيين؛ اذ قد سألوا في السابق مجموعة من الاسئلة، فأجبتهم عنها في حينه، وادرج هنا قسماً من تلك الأجوبة.
منها: [ما الدليل الواضح على وجود الآله، الذي تدعوننا اليه؟ والخلق من اي شيء؟ أمن العدم أو المادة أو ذاته؟ الى آخر اسئلتهم المرددة].
ارجو المعذرة عن الغموض الذي يكتنف كلامي، اذ لايمكن حصر معرفة الله التي لا حدود لها في مثل هذا الكلام المحدد.
ان القصد من الكلام الآتي: انجلاء الحقيقة في المجموع، باظهار طريق المحاكمة العقلية وعقد الموازنات، لأن تحرى النتيجة بتمامها في كل جزء من اجزاء المجموع سترٌ للحقيقة بالاوهام والشكوك، بسبب من جزئية الذهن وسيطرة قوة الوهم.
ان الذي يحجب ظهور الحقيقة: الرغبة في المعارضة.. وإلتزام جانب المعارض.. وإعذار المرء نفسه - بالتزامه لها - وارجاع أوهامه الى أصل موثوق.. وتتبع الهفوات والعيوب.. والتحجج بحجج واهية صبيانية.. وامثالها من الامور.
فان استطعت ان تجرد نفسك منها، فقد وفيت بشرطي، فاستمع اذاً بقلب شهيد:


صيقل الإسلام/محاكمات - ص: 121
المقصد الاول

ان كل ذرة من ذرات الكائنات، بينما هي مترددة في إمكانات واحتمالات غير محدودة، بذاتها وصفاتها وسائر وجوهها، اذا بها تسلك مسلكاً معيناً، وتتجه وجهة مخصصة، فتنتج مصالح وفوائد تتحير منها الألباب. مما تدل على وجوب وجوده سبحانه، وتشهد شهادة صادقة عليه، وفي الوقت نفسه تزيد سطوع الايمان المودع في اللطيفة الربانية للانسان الممثلة لنموذج عوالم الغيب.
نعم! كما ان كل ذرة من ذرات الكون تدل على الخالق الكريم بذاتها وبوجودها المنفرد، وبصفاتها، وخواصها، فانها تدل عليه دلالات اكثر: بمحافظتها على موازنة القوانين العامة الجارية في الكون، اذ تنتج في كل نسبة مصالح متباينة، وفي كل مقام منه فوائد جليلة، لكونها جزءاً من مركبات متداخلة متصاعدة في اجزاء الكون الواسع؛ وذلك من حيث الامكانات والاحتمالات التي تسلكها في كل مرتبة، حتى انها تستقرئ دلائل الوجود فيها.. لذا غدت الدلائل على وجوده سبحانه اكثر بكثير من الذرات نفسها.
فاذا قلت: لِمَ اذاً لايراه كل فرد بعقله؟
الجواب: لكمال ظهوره جلّ وعلا.
نعم! ان هناك اجراماً مادية لاترى من شدة ظهورها - كالشمس - فكيف بالصانع الجليل المنزّه عن المادة!
تأمل سطور الكائنات فانها من الملأ الاعلى اليك رسائل
تأمل في صحائف العالم بعين الحكمة، فانظر كيف سطّر البارئ المصور في تلك الابعاد الشاسعة سلسلة الحوادث. وانعم النظر في تلك الرسائل الآتية من الملأ الاعلى كي ترفعك الى اعلى عليي اليقين.


صيقل الإسلام/محاكمات - ص: 122
ان وجدان الانسان لاينسى الله قط. لما غُرز فيه من "نقطتي الاستمداد والاستناد" بل حتى لو عطّل الدماغ اعماله، فالوجدان لا ينسى؛ لانه منهمك بتلك الوظيفتين المهمتين؛ كالآتي:
ان قلب الانسان مثلما ينشر الحياة الى ارجاء الجسد، فالعقدة الحياتية في الوجدان - وهي معرفة الله - تنشر الحياة الى آمال الانسان وميوله المتشعبة في مواهبه واستعداداته غير المحدودة. كلٌ بما يلائمه، فتقطّر فيها اللذة والنشوة، وتزيدها قيمة وترفعها شأناً، بل تبسطها وتصقلها. هذه هي نقطة الاستمداد.
ثم ان معرفة الله نقطة استناد وحيدة للانسان، تجاه تقلبات الحياة ودوّاماتها، وتزاحم المصايب وتوالى النكبات. اذ لو لم يعتقد الانسان بالخالق الحكيم الذي امرُهُ كله حكمة ونظام، واسند الامور والحوادث الى المصادفات العمياء، وركن اليها والى ما يملكه من قوة هزيلة لا تقاوم شيئاً، فسينتابه الفزع والرعب وينهار من هول ما يحيط به من بلايا. وسيشعر بحالات أليمة تذكّر بعذاب جهنم.. وهذا ما لايتفق وكمال روح الانسان المكرم، اذ يستلزم سقوطه الى هاوية الذل والمهانة، مما ينافي روح النظام المتقن القائم في الكون كله.
وهذه هي نقطة الاستناد.. نعم! لا ملجأ الاّ بمعرفة الله!
اذن فالوجدان يطل على الحقائق بذاتها من هاتين النافذتين، فيرى هيمنة النظام على العالم كله، والخالق الكريم ينشر نور معرفته ويبثها في وجدان كل انسان من هاتين النافذتين.. فمهما اطبق العقل جفنه، ومهما اغمض عينه، فالفطرة تراه وعيون الوجدان مفتحة دائماً، والقلب نافذة مفتوحة.
تنبيه:
ان اصول العروج الى عرش الكمالات وهو معرفة الله جلّ جلاله اربعة:
اولها: منهاج علماء الصوفية، المؤسس على تزكية النفس والسلوك الاشراقي.
ثانيها: طريق علماء الكلام المبني على الحدوث والامكان.
هذان الاصلان وإن تشعبا من القرآن الكريم، الاّ ان فكر البشر قد افرغهما في صور اخرى فاصبحتا طويلة وذات مشاكل.


صيقل الإسلام/محاكمات - ص: 123
ثالثها: مسلك الفلاسفة.
هذه الثلاثة ليست مصونة من الشبهات والاوهام.
رابعها: المعراج القرآني الذي يعلنه ببلاغته المعجزة، فلا يوازيه طريق في الاستقامة والشمول، فهو اقصر طريق واوضحه واقربه الى الله واشمله لبنى الانسان.
ونحن قد اخترنا هذا الطريق. وهو نوعان:
الاول: دليل العناية
ان جميع الآيات الكريمة التي تعدد منافع الاشياء، تومئ الى هذا الدليل وينظم هذا البرهان.
وزبدة هذا الدليل: رعاية المصالح والحكم في نظام العالم الاكمل. مما يثبت قصْد الصانع وحكمته وينفي وهْمَ المصادفة.

مقدمة
على الرغم من أن كل انسان لا يستطيع ان يستقرئ استقراءً تاماً رعاية المصالح والانتظام في العالم ولا يمكنه ان يحيط بها، فقد تشكل - بتلاحق الافكار في البشرية عامة - علمٌ يخص كل نوع من انواع الكائنات، ذلك العلم ناشئ من القواعد الكلية المطردة في الكون، وما زالت العقول تكشف عن علوم اخرى.. وحيث أن الحكم لا يجري بكليته في ما لا نظام فيه، فكلية القاعدة اذن دليل على حسن انتظام النوع.. فبناء على كلية القاعدة هذه غدا كل علم من علوم الاكوان برهاناً على النظام الاكمل في العالم بالاستقراء التام.
نعم! ان اظهار المصالح المتعلقة بسلسلة الموجودات بوساطة العلوم، وبيان فوائد الثمرات المتدلية منها، وابراز الحكم والفوائد المنتشرة ضمن تلافيف انقلابات الاحوال.. يشهد شهادة صادقة على قصد الصانع الحكيم، ويشير اليه، ويطرد شياطين الاوهام كالنجم الثاقب.
اشارة: اذا جردت نفسك من حجاب الألفة التي هي سبب الجهل المركب، والتي تنشئ لدى الانسان النظر السطحي العابر.. وافرغت نفسك من محاولة إلزام الخصم،


صيقل الإسلام/محاكمات - ص: 124
بعدم الانصياع الى الحق ليس الاّ، تلك المحاولة التي تلقح الاوهام والشكوك وتسد الطريق الى العقل.. ونظرتَ الى حيوان صغير لا يرى الاّ بالمجهر، ورأيت ما تشف تلك الماكنة الصغيرة الدقيقة، الماكنة الالهية البديعة، عن وجود منتظم متناسق فيه، فلا تستطيع ان تقنع نفسك وتطمئنها، الى أن هذه الآلات الدقيقة ناشئة من مصنع الاسباب الطبيعية الجامدة التي لا شعور لها ولا حدّ لمجالها ولا اولوية لإمكاناتها، الاّ اذا استطعت من رفع المحالات الناشئة من اجتماع الضدين، أي وجود القوة الجاذبة والدافعة في تلك الذرة التي لا تتجزأ.
فان كانت نفسك تجد احتمالاً في هذه المحالات، فسترفع اسمك من سجل الانسانية!.
ولكن يجوز ان يكون الجذب والدفع والحركة التي هي اساس كل شئ - كما يظنون - اسماء وعناوين قوانين الله الجارية في الكون. ولكن بشرط الاّ تتحول القوانين الى طبيعة فاعلة، والاّ تخرج من كونها امراً ذهنياً الى أمر خارجي مشاهد، والاّ تتحول من كونها شيئاً اعتبارياً الى حقيقة ملموسة، ولا من كونها آلة تتأثر الى مؤثر حقيقي.
(فارجع البصر هل ترى من فطور) (الملك: 3) كلا! فالمبصر لايرى نقصاً، الاّ ان كان اعمى البصر والبصيرة، أو مصاباً بقصر النظر!
فان شئت فراجع القرآن الكريم، تجد دليل العناية بأكمل وجه، في وجوه الممكنات، لأن القرآن الكريم الذي يأمر بالتفكر في الكون، يعدّد ايضاً الفوائد ويذكّر بالنعم الالهية.. فتلك الآيات الجليلة مظاهر لهذا البرهان، برهان العناية.
استمسك بما ذكرناه، فانه اجمال، أما التفصيل، فنفسّره في الكتب الثلاثةالتي عقدنا العزم على كتابتها لبحث علم السماء والارض والانسان، كمنهج تفسير في الآفاق والأنفس، ان شاء الله ووفق، وعندها تجد هذا البرهان بوضوح تام.
الدليل القرآني الثاني: دليل الاختراع
وخلاصته: ان الله تعالى قد اعطى كل فرد، وكل نوع ، وجوداً خاصاً، هو منشأ آثاره المخصوصة، ومنبع كمالاته اللائقة. فلا نوع يتسلسل الى الأزل، لأنه من


صيقل الإسلام/محاكمات - ص: 125
الممكنات. فضلاً عن أن حدوث قسم منها مشاهد وقسم آخر يراه العقل بنظر الحكمة.
ان انقلاب الحقائق محال. وسلسلة النوع المتوسط لا تدوم. أما تحول الاصناف فهو غير انقلاب الحقائق.
ولما كان لكل نوع آدم وجدّ اكبر، فالوهم الباطل الناشئ من التناسل في سلسلة كل نوع لايسري الى اولئك الادميين والاجداد الاوائل. اذ إن الفلسفة وعلم الجيولوجيا وعلم الحيوان والنبات، يشهد أن الانواع التي يزيد عددها على مئتي ألف نوع، كل منها له مبدأ وأصل معين، وجدّ اكبر، بمثابة آدم لذلك النوع، وكل مبدأ منها قد حدث حدوثاً مستقلاً عن غيره. وكل فرد من هذه الانواع الوفيرة كأنه ماكنة بديعة عجيبة تبهر الأفهام، فلا يمكن ان تكون القوانين الموهومة الاعتبارية والاسباب الطبيعية العمياء الجاهلة، موجدة لهذه السلاسل العجيبة من الافراد والانواع،بل هي عاجزة عجزاً مطلقاً عن ايجادها.. اي أن كل فرد، وكل نوع، يعلن بذاته أنه صادر صدوراً مستقلاً عن يد القدرة الالهية الحكيمة.
نعم ! ان الصانع الجليل قد ختم في جبهة كل شئ ختم الحدوث والامكان.
ان اعطاء احتمال تشكل الانواع من أزلية المادة وحركة الذرات العشوائية، وغيرها من الامور الباطلة، إنما هو لمجرد اقناع النفس بشئ آخر غير الايمان بالله، ولاينشأ هذا الاحتمال الاّ من عدم الادراك، ومن فساد الفكر، بالنظر السطحي العابر. ولكن ما ان قصدَ الانسان وتوجّه بالذات الى اقناع نفسه، فلابد أنه سيقف على محالية الفكرة وبُعدها عن المنطق والعقل. ولو اعتقدها، فلا يعتقد الاّ اضطراراً بالتغافل عن الخالق سبحانه.
ان الانسان - المكرم من حيث جوهر انسانيته - يبحث دوماً عن الحق، ويتحرى الحقيقة دائماً، وينشد السعادة على الدوام. ولكن اثناء بحثه عن الحق يعثر على الباطل والضلال دون ان يشعر، واثناء تنقيبه عن الحقيقة يقع الباطل على رأسه بلااختيار منه أي كلما خاب في الحصول على الحق ويئس من وجدان الحقيقة قَبل مضطراً أمراً محالاً وغير معقول، يقبله بالنظر السطحي والتبعي، مع أنه يعرف يقيناً بفطرته الاصلية ووجدانه وفكره انه محال.


صيقل الإسلام/محاكمات - ص: 126
خذ هذه الحقيقة بنظر الاعتبار وضعها نصب العين:
ان ما يتوهمونه من أزلية المادة والحركة، من جراء تغافلهم عن نظام العالم.. وما يتخيلونه من مصادفة عشواء في الصنعة البديعة التي تبهر العقول.. وما يعتقدونه من تأثير حقيقي للاسباب الجامدة، رغم شهادة جميع الحِكَم على عدم تأثيرها.. وما يغالطون به انفسهم ويتسلّون به من اسناد كل شئ الى الطبيعة الموهومة المتخيلة المتجسمة، بسبب استمرار اغواء الوهم.. فان فطرتهم ترد هذه المحالات والاوهام وترفضها.
ولكن متى ما توجه الانسان الى الحق يقصده، تعرض له على جانبي الطريق هذه الاوهام، من دون دعوة منه ولا طلب. فمن سدد النظر الى غرضه ونصب هدفه امام عينه، نظر الى الاوهام الباطلة نظر العابر السطحي، من دون ان ينفذ باطنها الملئ باللوثات. واذا ما توجه اليها شارياً لها يراها لا تستحق حتى الالتفات اليها فكيف بالشراء! بل يشمئز وجدانه منها ويستحيلها عقله ويمجها قلبه، الاّ ان يشاغب، وتستفزه السفسطة؛ فيقبل في كل ذرة عقل الحكماء وسياسة الحكام! كي تتشاور كل ذرة وتتحاور مع اخواتها على الاتفاق والانتظام. فهذا المسلك وهذا شأنه لايقبله حتى الحيوان! ولكن ما الحيلة فان لازم البينة من المسلك نفسه، وهذا المسلك لا يصّور الا بهذه الصورة.
نعم ان شأن الباطل هو أنه اذا نظر اليه الانسان نظر التبعي العابر يعطى له صحة الاحتمال، بينما اذا انعم النظر فيه يُرفع ذلك الاحتمال ويدفع.
ان ما يسمونه بالمادة لا تتجرد عن الصورة المتغيرة ولا عن الحركة الحادثة الزائلة، اى ان حدوثها محقق. فيا ترى ان من يضيق عقله عن ادراك ازلية الله سبحانه، وهي صفة لازمة ضرورية للذات الجليلة، كيف يتسع عقله لأزلية المادة التي تنافي الازلية منافاة مطلقة.. حقاً ان هذا شئ عجاب. حتى ان الانسان يندم على انسانيته كلما فكر في هؤلاء الذين يحيلون هذه المصنوعات البديعة الى المصادفة العمياء وحركة الذرات ويستغربون صدورها عن الصانع الجليل المتصف بجميع الصفات الكمالية.
ان القوى والصور الحاصلة من حركة الذرات كما يدّعون، لاتشكل المباينة الجوهرية للانواع، بسبب عَرَضيتها، فالعرض لايكون جوهراً قط. بمعنى أن فصول


عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس