عرض مشاركة واحدة
قديم 02-27-2009
  #76
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 300 } لاتخرج بدون قرب من الله جل وعلا وبدون واسطة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن الخروج بدون قرب ومعية قد يشوش عليك ولا تجمع كما قال ابن عطاء الله السكندري رحمه الله : ( من كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة ) . لأن الطرق والأبواب في جسد الإنسان كلها مفتوحة على الدنيا ، كل باب وطريق يقتضي ما كان مناسباً له . ولكن القرب يغلق هذه الأبواب بشرط أن يكون هذا السفر انتهاؤه متعلقاً بابتدائه . تأمل هذا تجده إن شاء الله تعالى . ولا تكن من الناقدين الذين ينقدون بغير فهم ، وانظر إلى نفسك بأنها مقصرة تجد الفتح إن شاء الله تعالى . نرجو الله تعالى أن تكون عبداً متبعاً موافقاً . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي
ــــــــــــــــــــــ ص 196 ـــــــــــــــــــــ
العظيم . ــ قاله حفظه الله تعالى في المسجد النبوي الشريف 2 شعبان 1416 هــ .
{ 301 } من أراد أن يتعلق بذات الله جل وعلا لابد له من الارتقاء من الأفعال إلى الصفات ، ومن الصفات إلى الذات ، كمن يريد ان يرتقي إلى سطح لابد له من ارتقاء الدرج درجة درجة .
فالدرجة الاولى : التفكر في الافعال ، والارتقاء منها إلى الصفات ، وهذا ما يوجهنا إليه ربنا جل وعلا في قوله : { وَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) }سورة البقرة / 164
والتفكر في الافعال للمبتدئ حتى يقوي إيمانه ، ويخرج عن الإيمان التقليدي وينتقل إيمانه من دائرة علم اليقين إلى عين
اليقين ، لأنه قرأ آية الله في كونه ، ومن قرأ آية الله في كونه فإنه يرتقي من الأفعال إلى الصفات . أما من كان إيمانه في دائرة علم اليقين فقط فإنه قد يدخل عليه بعض الشكوك والشبهات ، كمن يقرأ في كتاب ويتشكك فيه ، أما من دخل إيمانه في دائرة عين اليقين فإنه لا يدخل في إيمانه شك ولا شبهة ، كما قال
ـــــــــــــــــــــــ ص 197 ـــــــــــــــــــــــــ
تعالى { كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) } سورة التكاثر /7
إذا حصل التفكر في الأفعال فإنه فإنه يقبل على الارتقاء إلى الصفات ، لان الافعال مرآة للصفات ، فيتعرف على صفات الله بأنه تبارك وتعالى سميع بصير عليم قادر ، فإذا قوي إيمانه بصفات الله جل وعلا فإنه يتقلب في صفات الله جل وعلا كما يتقلب السمك في الماء ، ولا يستغني عنها كما لا يستغني السمك عن الماء ، لأنه إذا خرج من الماء فهو يموت . كذلك العبد إذا ضعف إيمانه في الصفات فإنه يموت ، وموته غفلته عن الله جل وعلا ، أما إذا شعر بقربه وبسمعه وببصره يكون كالسمك في الماء ، فيه حياته . لذلك يوجهنا ربنا تبارك وتعالى للارتقاء إلى الصفات بقوله تبارك وتعالى : { ۚ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } سورة الشورى /11
الدرجة الثانية : هي الارتقاء من الصفات إلى الذات ، ولقد وجه الله سبحانه وتعالى عباده إلى ذلك في سورة الروم فقال : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ .... } إلى قوله تعالى : { .. وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ } سورة الروم /20 -26
صاحب الإيمان الكامل لا يتفكر في الأفعال ولا في الصفات بل يرتقي مباشرة إلى الذات
ـــــــــــــــــــ ص 198 ـــــــــــــــــــــ
القدسية ، لأنه يعلم حق اليقين محو الأفعال في الصفات ، ومحو الصفات في الذات ، هذا المؤمن لا يحتاج إلى أن يرجع إلى الوراء حتى يندرج درجةً درجةً إلى الذات . والفارق كبير من يستدل بالكون والمخلوقات على المكون والخالق ، وبين من يستدل على الكون والمخلوقات بالمكون والخالق . والذي ينتقل من الصفات إلى الذات فإنه ينتقل بدون تشبيه ولا تمثيل ولا تكييف ، قال تعالى : { ۚ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } سورة الشورى / 11
ويكون صاحب هذا المقام عبداً لله مجرداً من كل الحظوظ الدنيوية والآخروية .
نسأل الله أن ينفعنا ، ويلحقنا بأهل هذه المراتب إنه سميع مجيب وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس