عرض مشاركة واحدة
قديم 10-26-2008
  #35
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 96 } من الأخلاق المحمدية مناصرة الصادق ، ولو كان ضعيفاً وفقيراً ، والدافع لهذه المناصرة والدعم للصادق موجود في قلب كل مؤمن ، ما لم يفسد الإيمان .

{ 97 } الصدق إذا دخل عليه شائبة تشوب الإخلاص ، من عجب وغرور ، وحب ظهور ، وتعالٍ على الخلق ، فإنه يذهب به ، وبمقدار ذهاب الصدق يضعف الإيمان ، لأن صاحب الإيمان القوي لا يترك الصدق بحال من الأحوال ، فهو لا تأخذه في الله لومة لائم ، ولا يخشى أحداً إلا الله ، والله أحق أن يخشاه ، كيف يترك الصدق خشية من الناس ؟ ولا يترك الكذب خشية من الله ؟
صاحب الصدق لا يلتفت إلى أحد من المخلوقين ، ولا يلتفت إلى أي حظ من الحظوظ الدنيوية والأخروية ، ولا يهمه حديث

ـــــــــــــــــــ
85 ـــــــــــــــــــــــــــــ
الناس مهما قالوا عنه ، ولو قالوا جميعاً عنه كاذب فإن قولهم لا ينقص من صدقه ذرة واحدة ، كما لو أن الناس جميعاً قالوا عن فلان إنه صادق وهو كاذب ، فإنهم لا يجعلون فيه ذرة واحدة من الصدق ، الصادق من كان صادقاً عند الله والكاذب من كان كاذباً عند الله قال تعالى
: { لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ} سورة الاحزاب / 8

هذا الصادق الذي خرج عن كل حظوظه الدنيوية والأخروية هو الذي ينفعه الله بصدقه يوم القيامة ، لقوله تعالى
: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } سورة المائدة / 119

عندما خرجوا من حظوظهم نالوا جنات عدن ، وتُوجوا بعد ذلك برضا الله عزوجل عنهم بموافقَتهم لمولاهم ، ورضوا عن الله عزوجل بما حباهم من نعم ، وأكرمهم بالنظر إلى وجهه الكريم حيث قال تعالى
: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ
} سورة القيامة / 23

وإن لم يكن الصادقون ـــ الذين خرجوا عن جميع حظوظهم ــــ أصحابَ هذا المقام ، فمن هم أهل هذا المقام ؟ جعلنا الله تعالى منهم
. آمين .
{ 98 } المؤمن الصادق الذي خرج من جميع حظوظه يكرمه

ـــــــــــــــــــــــ ص 86 ــــــــــــــــــــــــــــــ
الله عزوجل بملكة دينية ، وبها تصبح فراسته قوية ، فيفرق بفراسته بين الموافق والمخالف ، لأن ظاهر الناس يدل على باطنهم وفي الحديث الشريف : ( اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ) رواه الطبراني والترمذي
ولا يمكن أن ينظر بنور الله إلا إذا صفت سريرته ، ومن صفت سريرته جرى الصدق على لسانه بدون تكلف
. هذا الصادق لا يغتر بمدح المادحين ، ولا يتأثر بذم الذّامّين ، لأن كل شئ مع الله مفقود ، سواء كان مدحاً أم ذماً . والله عزوجل أعلم بأحوال عباده .
{ 99 } المؤمن الصادق لا يأمن على نفسه من أن تدخل عليه شائبة تشوب الإشخاص ، فهو على حذر وخوف ، وكلما كملت شخصيته كلما عظم خوفه من الله ، وخشي على نفسه أن يحبط عمله من حيث لايدري ، لذلك كان سيدنا عمر رضي الله عنه ، يسأل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يا حذيفة : أسألك بالله هل تجد لي اسماً مع أسماء المنافقين ؟ إذا كان حال الفاروق رضي الله عنه هكذا ، فكيف يجب أن يكون حالنا ؟ كأن الواحد منا أخذ الضمان لنفسه من ربه بأنه من أهل الصدق والاستقامة والله تعالى يقول : { فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } سورة الاعراف /99
ــــــــــــــــــــــ ص 87 ــــــــــــــــــــــــ
{ 100 } الصدق صفة كسبية وليست وهبية ، لأنه داخل في دائرة التكليف حيث قال صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر ، والبر يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ) رواه البخاري ومسلم
والله تعالى أمر المؤمنين أن يكونوا مع الصادقين حتى يكتسبوا هذه الصفة منهم فقال
: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } سورة التوبة 119

ولما كان الصدق كسبياً ، وبإرادة المؤمن ، أمر الله به عباده ، وبالكينونة مع أهله ، ووعدهم بالجنة وبرضاه عليهم حيث قال تعالى
: { قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }سورة المائدة / 119
{101 } رأس كل العبادات الإخلاص ، والبناء على الصحيح صحيح ، والبناء على الفاسد فاسد ، والإخلاص محله القلب ، فلابد من تفتيش القلب عن إرادته كلها ، فإن وجد فيه خلاف الإخلاص وجب رميه ، لأن العبد قد يقوم بالعبادات وتكون في شبحها موافقة للشرع . ونحن نقول : صلى وصام
ـــــــــــــــــــــ ص
88 ـــــــــــــــــــــــــ
وذكر وأمر ونهى
.... ولكن إذا فقد منها الإخلاص فلا قيمة لها ، وبالتالي لاتقوى جنود القلب على النفس ، وجنود النفس تفسد الأعمال الصالحة ، فلابد من الإخلاص في كل العبادات ، وبعد ذلك نستغفر ونتضرع إلى الله عزوجل في أن يقبل منا تلك الأعمال وألا يضرب بها وجوهنا إنه المستعان .
{ 102 } صاحب العلم ينظر إلى الأعلى وصاحب الإخلاص ينظر إلى الأسفل أي ينظر إلى أصله ، وأصله العدم ، والمخلص بإخلاصه يصل إلى العلم ، وصاحب العلم ينزل إلى الأسفل إذا لم يقترن عمله وعلمه بالإخلاص . فمن وقف على هذه الحقيقة خرج عن البين وعندها يرفع إلى أعلى عليين ، وإلا فقد ينزل إلى أسفل السافلين بسبب غروره بما آتاه الله من النعم وحجُب بها عن المنعم . فالإنسان لا يكبر وتعظم مكانته إلا بالقرآن الكريم وباتباعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا تمسك بالكتاب ظاهراً وباطناً واتبع الرسول صلى الله عليه وسلم في ظاهره وباطنه كان محبوباً عند الله عزوجل ، وعندها يُلقى له القبولُ بين المؤمنين ، فيجب علينا أن لا نعطي الإنسان فوق طاقته ولا فوق قامته لأن ذلك يوقعه في الغرور .
{ 103 } من كان من أهل الدنيا وكان مخلصاً لها فإنه لا يفرط فيها ، والدنيا كلها لا تعدل عند الله جناح بعوضة ، فوجب على أهل الدين الإخلاصُ لدينهم وأن لا يفرطوا فيه ، والغيرة
ـــــــــــــــــــ ص
89 ــــــــــــــــــــ
على أولياء الله من الدين ، ووالله غيرتي على أولياء الله تعالى كغيرتي على ديني وإيماني
.

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس