عرض مشاركة واحدة
قديم 05-15-2009
  #2
هيثم السليمان
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: دير الزور _ العشارة
المشاركات: 1,367
معدل تقييم المستوى: 17
هيثم السليمان is on a distinguished road
افتراضي رد: خلاصة الكلام في اللحية


وقد عقَّب القائلون بوُجوب إعفاء اللحية ـ علىالقائلين بأنه مِن سُنَنِ الإسلام ومَندوباته بأنّ إعفاء اللحية جاء فيه نصٌّ خاصٌّ أخرجها عن الندْب إلى الوُجوب ، وهو الحديث المذكور سابقًا "خالِفواالمُشركين..".
وردَّ أصحاب الرأي القائل بالسُنَّة والندْب بأن الأمر بمُخالفةالمُشركين لا يتعيَّن أن يكون للوُجوب ، فلو كانت كلُّ مُخالفةٍ لهم مُحتَّمةلتحتَّم صبْغ الشعر الذي وَرَدَ فيه حديث الجماعة: "إنّ اليهود والنصارى لا يَصبغون فخَالِفُوهم ". (رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي) مع إجماع السلف على عدم وُجوب صبْغ الشعر ، فقد صبَغ بعض الصحابة ، ولم يصبغ البعض الآخر كما قال ابن حجر في فتح الباري ، وعزَّزوا رأيهم بما جاء في كتاب نهج البلاغة : سُئل عليٌّ ـكرَّم الله وجهه ـ عن قول الرسول ـ صلّى الله عليه وسلّم: "غيِّروا الشَّيْبَ ولاتَشَبَّهُوا باليهود ". فقال: إنما قال النبي ذلك والدِّينُ قُلٌّ ، فأمّا الآن وقداتَّسع نطاقه ، وضرب بجرانه فامرؤٌ وما يَختار..
مِن أجل هذا قال بعض العلماء: لو قيل في اللحْية ما قيل في الصبْغ مِن عدم الخُروج على عرف أهل البلد لكان أولَى ،بل لو تركت هذه المسألة وما أشبهها لظُروف الشخص وتقديره لمَا كان في ذلك بأس.
وقد قيل لأبي يوسف صاحب أبي حنيفة ـ وقد رُؤي لابسًا نَعْلَيْنِ مَخْصُوفيْن بمَسامير ـ إن فلانًا وفلانًا من العلماء كرِهَا ذلك ؛ لأنّ فيه تَشَبُّهًا بالرهبان فقال: كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يلبسُ النعال التي لها شعْر ، وإنها مِنلبس الرهبان...
وقد جرَى على لسان العلماء القول : بأنّ كثيرًا ممَّا ورَد عنالرسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في مثل هذه الخِصال يُفيد أنّ الأمر كما يكون للوُجوب يكون لمُجرد الإرشاد إلى ما هو الأفضل ، وأنّ مُشابهة المُخالفين في الدِّين إنماتَحرُم فيما يُقصد فيه الشبه بشيء مِن خصائصهم الدينية ، أمَّا مُجرَّد المشابهةفيما تجري به العادات والأعراف العامة فإنّه لا بأْس بها ولا كَراهة فيها ولا حُرمة.
لمَّا كان ذلك كان القول بأنّ إعفاء اللحية أمر مَرغوب فيه ، وأنّه من سُنَنالإسلام التي ينبغي المحافظة عليها مقبولاً ، وكان مَن أعفَى لحْيته مُثابًا ،ويُؤجَر على ذلك ، ومَن حلَقها ، فقد فعل مَكروهًا ، لا يأثَمُ بفِعله هذا اعتبارًالأدلة هذا الفريق.
والله أعلم.
ويقول الدكتور/محمد سيد أحمد المسير- أستاذالعقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: اختلف العلماء في حكم إطلاق اللحية ، والذينراه ونطمئن إليه أنها سنة تُفعل عند المقدرة وعدم الموانع ، ويستطيع كل إنسان أنينوي إطلاقها إذا كان غير مطلقٍ لها، ويتخير الوقت المناسب لإطلاقها إذا كان يجد فيمجتمعه أو بيئته بعض الموانع والمضار ، وليس الأمر يتوقف على المظهر وحده إنما نحنفي حاجة إلى مخبر ومظهر ، وإلى عقيدة وسلوك ولا ينبغي أن تكون مثل هذه الموضوعاتالمتعلقة باللحية أو الثوب القصير أو الإسبال مصادر خلافات ومنازعات ، فإنّ قضاياالإسلام أعمق من ذلك كلّه ، وهناك أولويات في فقه الدعوة يجب أن نراعيها حتى لا تتبددالجهود ونستهلك الوقت والعقل فيما لا طائلة من ورائه ، والله أعلم .
ويقول الشيخ عبد الرزاق القطان - مقرِّر هيئة الفتوى والرقابةالشرعيَّة ببيت التمويل الكويتي: اللحية معدودة في السنن المؤكدة عند جمهورالعلماء ، على خلاف في ذلك بين موجب وغير موجب ، مع أنه لم يرَ بعض الفقهاء شيئاً فيحلقها لغير عذر.
وأمّا حلقها لعذر ؛ سواء كان بدنياً من مرض حساسية مثلاً ، أوغيره ، أو كان عذراً عاماً: كمتطلبات مهنة ، أو متطلبات أمن ، فإنّ حالقها معذور.
وأمّا طولها ؛ فليس فيه نص يوجب حدًّا معيناً ؛ لأنّ التوجيه في الحديث إليمطلق الترك . ومعلوم أن من ترك لحيته ، ولو شيئاً يسيراً ؛ فهو يقع في مفهوم مطلقياللحية ، إلا أنّه ثبت أنّ لحية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كانت على عادة أهلزمانه عظيمة وافرة ، وكذلك كانت لحى أصحابه رضوان الله عليهم .
وقد ورد أنعبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان إذا فرغ من موسم الحج قبض بيده على لحيته ، ثمّأخذ ما زاد عن ذلك.
على أنّه ينبغي التنبه إلى قضيّة هامّة ، وهي أنّه لا يمكنإلزام جميع المسلمين بقول واحد في المسائل الخلافية ، كما أنّه لا يجوز أن يشنعالمسلم على الآخرين إذا خالفوه في مسائل الخلاف.
ويقول فريق من الباحثين: وردت أحاديث كثيرة في أمر بإحفاء الشارب وإعفاء اللحية مقروناً بالأمر بمخالفةالمشركين أو المجوس أو اليهود والنصارى كحديث ابن عمر مرفوعاً { خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب } متّفق عليه , وجاء في اللحية { اعفوا أوفوا وأرخوا وارجواووفروا } ومعناها كلّها تركها على حالها.
ومع ذلك فقد اختلف العلماء قديماًوحديثاً في الأخذ من اللحية أو نتفها أو حلقها أو إطلاقها دون أخذ منها ، وما بينمنكر لنتفها أو حلقها وجعل ذلك بدعة محرمة وبين مجيز لذلك وجعله من سنن الفطرة التيهي من المستحبات أو المكروهات , ومنهم من قال هي سنة واجبة , ومنهم من جعلها سنّة مؤكّدة, ومنهم من جعلها من المستحبات , ومنهم من جعلها من سنن العادات - عادت القوم والبيئة-ومنهم من جعلها من خصائص النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
وكلّ هؤلاء علماء مجتهدون على مختلف العصور ، ولمينكر بعضهم على بعض اجتهادهم وإنما قبلوا هذا الاختلاف الذي هو نوع اختلاف التنوعوليس التضاد.
وهذا الخلاف ناتج من فهم العلماء للأمر في الحديث ; فالحديث يشتملعلى نوعين من الأمور: الأمر الأول بمخالفة المشركين وهذا الأمر يفيد الوجوب حتماًلأنّ الكثير من الآيات والأحاديث شدّدت في ذلك وتوعدت عمن لا يخالفهم تديناً كماسردها ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم .
أمّا الأمر الآخر فهو مخالفتهم في بعضالسمات والمظاهر كاللحية والشارب . فهل الأمر الأخير ينزل كالأول منزلة الوجوب أم أنللندب أم للعادة أم للإشادة ؟ هذا هو مناط الاختلاف بين العلماء.
ولكي نحررموضع النزاع هذا ننظر إلى أقوال العلماء فيما شابه هذا الحديث ، فقد وردت أحاديثأخرى فيها الأمران معاً الأول بالمخالفة والأخر بتعيين صفة ما لتحقيق هذه المخالفة ،مثل حديث أبن عباس مرفوعاً { وأنّ اليهـود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم } رواه البخاريومسلم والنسائي وأبو داود ، وفى رواية للترمذي { وغيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود }ومع ذلك فقد اتّفق الجميع على وجوب مخالفتهم خاصة في ما يتعلق بأمور دينهم ، ولكنالعلماء والصحابة والسلف الصالح قد اختلفوا في الخضاب وجنسه ، فقال بعضهم ترك الخضابأفضل ، وبعض الصحابة خضب وآخرون لم يخضبوا.

[/align]
هيثم السليمان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس