عرض مشاركة واحدة
قديم 05-15-2009
  #3
هيثم السليمان
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: دير الزور _ العشارة
المشاركات: 1,367
معدل تقييم المستوى: 17
هيثم السليمان is on a distinguished road
افتراضي رد: خلاصة الكلام في اللحية


وقال الطبري : واختلاف السلف في فعل الأمرين بحسب اختلاف أحوالهم في ذلك مع أنّ الأمر والنهي في ذلك للوجوب بالإجماع ،ولهذا لم ينكر بعضهم على بعض (نيل الأوطار 1/ 141) وشرح النووي على مسلم (14/80 ) .
وقال القاضي عياض : وقال غيره يعنى غير الطبري من العلماء- هو على حالين فمن كانفي موضوع عادة أهل الصبغ أو تركه فخروجه عن العادة شهرة ومكره ، والثاني أنّه يختلفباختلاف نظافة الشيب ، فمن كان شيبته تكون نقية أحسن منها مصبوغة فالترك أولى ومنكانت شيبته تستبشع فالصبغ أولى.
وكذلك حديث الصلاة في النعالومخالفة اليهود, فلم يقل أحد بوجوب الصلاة في النعال وإن كان الجميع متفقون علىوجوب المخالفة.
بل حديث اللحية نفسه ، جمع اللحية والشارب معاً في مخرج واحد{ جزّوا الشوارب وأرخوا اللحى } رواه أحمد ومسلم عن أبي هريرة {خالفوا المشركين وفروااللحى وأحفوا الشوارب } متّفق عليه عن ابن عمر.
ومع ذلك فقد اختلف العلماء فيتطبيقه ، فكثير من السلف والكوفيين كأبي حنيفة وزفر وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وكذلكأحمد وأصحاب الشافعي كالمزني والربيع المرادي كلّ هؤلاء ذهبوا إلى استئصال الشاربوحلقه لظاهر قوله { احفوا وانهكو } وذهب مالك وآخرون إلى منع الحلق والاستئصال ، وكانمالك يرى تأديب من حلقه وروى عن ابن القاسم تلميذ مالك أنّه قال : ( إحفاء الشارب مثله ), وبعضهم يرى قصَّ ما طال عن الشفتين ، وهو ما اختاره مالك والنووي من المتأخرين ، وفىرواية عن أحمد أنّه ساوى بين الإحفاء والقص وما فيهما لا بأس. راجع نيل الأوطارللشوكاني (1/ 138 )
إذاً لماذا أختلف العلماء في فهم الأمر بإحفاء الشارب حتى قالبعضهم : إنّ الإحفاء مُثْلَهَ وكلمة الإحفاء هي نص الحديث في إحدى الروايات ، لعل ذلكراجع إلى العرف أو البيئة وفهم الأمر الذي هو عندهم للإرشاد كوسيلة من وسائلالمخالفة وإلا ما اختلفوا هذا الاختلاف.
وفى مثل هذه الأحاديث عقب الأمر بالوصفالمشتق المناسب وذلك دليل على أنّ مخالفة المجوس أمر مقصود للشارع وهو العلّة في هذاالحكم كما يقول ابن تيمية وغيره ويقول : ولهذا لما فهم السلف كراهة التشبه بالمجوسفي هذا وغيره كرهوا أشياء غير منصوصة بعينها عن النبي صلّى الله عليه وسلّم من هدى المجوس ، وضرب مثلاًبكراهة أحمد لحلق القفا لأنه من فعل المجوس وأنزل المفهوم من حديث اللحية منزلةحديث صبغ الشيب فقال والتقرير من هذا الحديث شبيه بالتقرير من قوله { لا يصبغون فخالفوهم } ( اقتضاء الصراط المستقيم/ 59 ) وهذا هو الحق فكل أحاديث المخالفة تحتوىشقّين:
الأول:وجوب المخالفة للمشركين في هديهم وما يتعلق بدينهم وعبادتهم وهذالا خلاف فيه.
الثاني:الإرشاد إلى بعض الجوانب والمظاهر التي بها يحصل التميزوتظهر المخالفة ويمكن الجمع بين الأمرين بأنّه على المسلم أن يأتي عملاً أو مظهراًأو سلوكاً يظهر منه التميز عن المشركين وليس شرطاً وجوب الامتثال بالمخالفة فياللحية أو الصبغ أو الصلاة في النعال ، بدليل أنّ الصحابة كثير منهم لم يصبغوا ولميصلوا في النعال ولم يلتزموا هيئة واحدة في الشارب بل روى مالك عن عمر أنّه كان إذاغضب برم شاربه لذلك يقول الشيخ محمود شلتوت ونحن لو تمشينا مع التحريم لمجردالمشابهة في كلّ ما عرف عنهم من العادات والمظاهر الزمنية لوجب علينا الآن تحريمإعفاء اللحى لأنّ شأن الرهبان في سائر الأمم التي تخالف في الدين ، ولوجب الحكمبالحرمة على لبس القبعة وبذلك تعود مسألتها جذعة ( أصلية ) بعد أن طوى الزمن صفحتها ،وأخذت عن النّاس مسلك الأعراف العامة التي لا تتصل بتدين ولا فسق ولا بإيمان وكفر.
ويقول : والحق أنّ أمر اللباس والهيئات الشخصية ومنها حلق اللحية من العادات التيينبغي أن ينزل على استحسان البيئة فمن ( وجدت ) بيئته على استحسان شيء منها كان عليه أنيساير بيئته ، وكان خروجه عمّا ألف الناس فيها شذوذاً عن البيئة راجح الفتاوى للشيخ شلتوت ص( 129 )
وقد روى ابن كثير في تاريخه في فتح بيت المقدس أنّ صلاح الدين أمرجنوده أن يحلقوا لحاهم ويغيروا من ثيابهم وهيئتهم لخداع العدو ولمصلحة المسلمين ولمينكر عليه أحد مع العلم بأنّ صلاح الدين كان عالماً محدّثاً وكان في عصره مئاتالعلماء والأئمة ولم يؤثر عن أحدهم إنكار ذلك ، بل ابن كثير يسوق هذا الخبر سياقالمشيد بحكمة صلاح الدين وحسن تصرفه.
بل قديماً طلب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من نعيم بن مسعود كتم خبر إسلامه لمصلحة الدعوة ، وفى القرآن { وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلاً أن يقول ربى الله…} الآية.

ولا شكَّ أنّ كتم الإسلام والإيمان أشدُّ من كتم مظهر من مظاهرهما بل سمح النبي صلّى الله عليه وسلّم لمحمد بن مسلمة وصحبه أن يذكروه ببعض سوء حين أمرهمبقتل كعب الأشراف اليهودي ، وذلك من أجل أن يتمكنوا منه.
الثانية:هناك بعضالمتحمسين الذين لا يدركون دقائق العلم ولا يلمّون بقول العلماء من السلف والخلف يسارعون بالإنكار على من خالف رأيهم بل يبدّعونه ويضلّلونه ويكفّرونه أحياناً لا لشيءإلا لمجرد خلافه لهم وقد يصل الحال إلى الخصومة والفرقة والتشتت و التنابز بالألقاب في الدروس وعلى المنابر.
هيثم السليمان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس