عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-2013
  #48
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: فقه العبادات على المذهب الشافعي تأليف الحاجة دريّة العيطة

ثالثا - سنن الطواف :

(1/747)

- 1 - تسن النية في طواف النسك ويقول : اللهم إني أريد طواف بيتك الحرام فيسره لي وتقبله مني نويت سبعة أشواط طواف الحج أو طواف العمرة
- 2 - أن يستقبل البيت أول طوافه فيقف مستقبل الحجر الأسود بأن يجعل منكبه الأيمن عند طرف الحجر الذي إلى جهة الركن اليماني وينوي الطواف ثم يمر مستقبلا محاذيا ببدنه الحجر الأسود إلى أن يصير طرف الحجر الذي إلى جهة باب الكعبة محاذيا منكبه الأيسر ثم ينفتل جاعلا البيت عن يساره متوجها إلى جهة الباب وهذه السنة لا يمكن تطبيقها إلا حال فراغ المطاف أما في الازدحام فلا يمكن
- 3 - أن يستلم الحجر الأسود بيده في ابتداء الطواف وذلك بأن يضع كفيه عليه ثم يسجد عليه واضعا جبهته عليه وفمه بين كفيه ويقبله ويستحب أن يكرر السجود ثلاثا فإن عجز عن الثلاث فعلى ما أمكن . ويسن استلامه في بداية كل طوفة وبعد صلاة ركعتي الطواف أيضا إذا تمكن . وإن لم يتمكن من الاستلام اقتصر على الإشارة بيده أو بعصا عن بعد ثم يقبل ما أشار به إليه . كما يسن استلام الركن اليماني دون تقبيله ولا يسن استلام الركنين الشامي والعراقي ولا تقبيلهما ودليله ما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال : " قبل عمر بن الخطاب الحجر ثم قال أم والله لقد علمت أنك حجر ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقبلك ما قبلتك " ( 1 ) . وأخرج أبو داود والنسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوفة قال وكان عبد الله بن عمر يفعله " ( 2 ) . وعن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا قال : " ما تركت استلام هذين الركنين اليماني والحجر مذ رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يستلمهما " ( 3 )
ويسن أن يقول عند استلام الحجر الأسود في كل طوفة وخاصة في الأولى : " بسم الله والله أكبر ولله الحمد اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم "
ولا يسن للنساء استلام ولا تقبيل إلا عند خلو المطاف في الليل أو غيره
- 4 - أن يطوف ماشيا إلا لعذر من مرض أو نحوه لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت : " شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم أني أشتكي . فقال : ( طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ) " ( 4 ) . وقالوا بجواز الطواف راكبا بلا عذر لحديث جابر رضي الله عنه قال : " طاف رسول الله صلى الله عليه و سلم بالبيت في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه لأن يراه الناس وليشرف وليسألوه فإن الناس غشوه " ( 5 ) . وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " طاف النبي صلى الله عليه و سلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن " ( 6 )
- 5 - يسن الرمل ( 7 ) للرجل في الطوفات الثلاث إذا أعقب الطواف سعي مطلوب ويسن المشي الهينة في الأربع الأخيرة لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال : " قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه مكة وقد وهنتهم حمى يثرب . قال المشركون : إنه يقدم عليكم غدا قوم قد وهنتهم الحمى ولقوا منها شدة فجلسوا مما يلي الحجر وأمرهم النبي صلى الله عليه و سلم أن يرموا ثلاثة أشواط ويمشوا ما بين الركنين ليرى المشركون جلدهم هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم ؟ هؤلاء أجلد من كذا وكذا " ( 8 ) . ولما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " رمل رسول الله صلى الله عليه و سلم من الحجر ثلاثا ومشى أربعا " ( 9 ) . ويسن أن يقول أثناء الرمل : " اللهم اجعله حجا مبرورا - أو عمرة مبرورة - وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا وتجارة لن تبور يا عزيز يا غفور " ويقول في الأربعة الباقية : " رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "
- 6 - يسن الاضطباع للرجل والصبي في طواف يسن فيه الرمل فقط وذلك بأن يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن وطرفيه تحت عاتقه الأيسر لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا البيت وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم قد قذفوها على عواتقهم اليسرى " ( 10 ) . والاضطباع يعم جميع الطوفات بينما يقتصر في الرمل على الثلاث الأول منها . ولا يسن الاضطجاع في ركعتي الطواف لكراهته في الطواف
أما المرأة لفلا ترمل ولا تضطبع
- 7 - الاقتراب من البيت للرجل لأنه أيسر في الاستلام والتقبيل أما إن أدى الاقتراب إلى تأذيه أو تأذي غيره فالبعد أولى
- 8 - يسن عدم الكلام إلا في خير كتعلم جاهل ونحوه . لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول : ( من طاف بالبيت سبعا ولا يتكلم إلا بسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله محيت عنه عشر سيئات وكتبت له عشر حسنات ورفع له عشرة درجات ) ( 11 )
ويكره في الطواف الأكل والشرب ووضع اليد في فيه بلا حاجة وأن يشبك بين أصابعه أو يفرقعها وليكن طوافه بحضور قلب ولزوم أدب
- 9 - أن يقول ( 12 ) قبالة باب الكعبة : " اللهم البيت بيتك والحرم حرمك والأمن أمنك وهذا مقام العائذ بك من النار " مشيرا بهذا إلى مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام
وعند الركن العراقي : " اللهم إني أعوز بك من الشك والشرك والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق وسوء المنقلب في الأهل والمال والولد "
وتحت الميزاب : " اللهم أظلني في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك واسقني بكأس سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم شربة هنيئة مريئة لا أظمأ بعدها أبدا يا ذا الجلال والإكرام "
وبين الركنين الشامي واليماني : " اللهم اجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وعملا مقبولا وتجارة لن تبور يا عزيز يا غفور "
وبين الركنين اليمانيين : " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "
ويسن الإكثار من الدعاء ورفع الأيدي في كل طوافة وخاصة عند رؤية الكعبة ومأثور الدعاء أفضل فالقراءة فغير المأثور ويسن الإسرار بذلك
- 10 - الموالاة بين الطوفات وإن عضت له حاجة لا بد منها قطع الطواف فإذا فرغ بنى على ما مضى لما روي أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يطوف بالبيت فلما أقيمت الصلاة صلى مع الأمام ثم بنى على طوافه ( 13 ) . وإن أحدث في الطواف توضأ وبنى وإذا حضرت جنازة وهو في الطواف فالأولى إتمام الطواف
- 11 - أن يصلي بعد كل طواف فرضا كان أو واجبا أو نفلا ركعتين يقرأ في الأولى : سورة الكافرون وفي الثانية سورة الإخلاص ويجهر بهما إن فعلهما ليلا أو بعد الفجر وقبل طلوع الشمس ويسر فيما عدا ذلك . والأفضل أن يصليهما خلف مقام سيدنا إبراهيم وإلا ففي حجر سيدنا إسماعيل وإلا في أي مكان من المسجد وإلا في حرم مكة وإلا حيث شاء ومتى شاء ولا تفوتان إلا بموته وتجزئ عنها الفريضة أو نافلة أخرى . ويسن أن يدعو بعدهما بدعاء آدم عليه السلام : " اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فأقبل معذرتي وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنبي اللهم إني أسألك إيمانا يباشر قلبي ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتب لي ورضني بما قسمت لي "
وإذا فرغ من الصلاة يستحب أن يعود إلى الحجر الأسود فيستلمه ثم يخرج من باب الصفا للسعي
_________
( 1 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 41 / 248
( 2 ) أبو داود ج 2 / كتاب المناسك باب 48 / 1876
( 3 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 40 / 245
( 4 ) البخاري ج 2 / كتاب الحج باب 63 / 1540
( 5 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 42 / 254 ، والمحجن : عود معقوف الرأس يكون مع الراكب يحرك به راحلته . وغشوه : أي ازدحموا عليه وكثروا
( 6 ) البخاري ج 2 / كتاب الحج باب 57 / 1530
( 7 ) وهو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطى دون الوثوب والعدو
( 8 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 39 / 240 ، والجلد : الصلابة
( 9 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 39 / 233
( 10 ) أبو داود ج 2 / كتاب المناسك باب 50 / 1884
( 11 ) ابن ماجة ج 2 / كتاب المناسك باب 32 / 2957
( 12 ) أكثر أدعية الحج المأثورة لم يصح عن النبي صلى الله غليه وسلم وإنما أحبها السلف الصالح ورويت عن كثير من العلماء والصالحين فيستحب أن يدعا بها
( 13 ) انظر فتح الباري ج 2 / كتاب الحج باب 68 / ص 484

(1/748)

- رابعا - سنن السعي :

(1/749)

- 1 - الطهارة من الحدث والنجس وستر العورة ولكن لو سعى محدثا أو محدثا أو جنبا أو حائضا أو نفساء أو عليه نجاسة أو مكشوف العورة صح سعيه بلا خلاف لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لها وقد حاضت : ( افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري ) ( 1 )
- 2 - الاضطباع فيه للرجل
- 3 - أن يرقى الساعي على كل من الصفا والمروة قدر قامة ثم يقف بعد الرقي مستقبلا القبلة لأنه صلى الله عليه و سلم رقى على كل منها حتى رأى البيت . فقد روى جابر رضي الله عنه في حديث صفة حجه صلى الله عليه و سلم قال : " ثم خرج من الباب إلى الصفا والمروة من شعائر الله أبدأ بما بدأ الله به ) فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال : ( لا إله ألا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ) . ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات ثم نزل إلى المروة " ( 2 )
- 4 - أن يسعى ماشيا ويجوز راكبا لما روي عن جابر رضي الله عنه قال : " طاف النبي صلى الله عليه و سلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس وليشرف وليسألوه فإن الناس غشوه " ( 3 )
- 5 - المشي أول السعي وأخره ويعدو الحاج بينهما فهو يبدأ بالمشي من الصفا على هينة حتى يبقى بينه وبين الميل الأخضر المعلق بركن المسجد على يساره ستة أذرع فيعدو حتى يتوسط بين الميلين الأخضرين المعلق أحدهما بركن المسجد والآخر بركن العباس فيمشي حتى ينتهي إلى المروة ( 4 ) . لما روى جابر رضي الله عنه قال : " . . . ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة كما فعل على الصفا " ( 5 )
- 6 - الذكر أثناءه : ومنه قوله عند الهرولة بين الميلين الأخضرين " رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم اللهم اجعله حجا مبرورا - أو عمرة مبرورة - وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا وتجارة لن تبور يا عزيز يا غفور "
والدعاء ثلاثا بعد كل مرة فيقول : " الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا لا إله ألا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده ونصر الأحزاب وحده لا إ له إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون " ثم يدعو بما أحب
- 7 - الموالاة بين مرات السعي - وبينه وبين الطواف - فإن أقيمت الصلاة قطعه وصلى ثم عاد وبنى على ما سعى . ويكره للساعي أن يقف أثناء سعيه لحديث أو غيره
- 8 - يستحب للساعي أن يخرج من باب الصفا بعد الانتهاء من سعيه
- 9 - يستحب للمرأة أن تسعى بالليل لأنه أستر وأسلم لها ولغيرها من الفتنة
_________
( 1 ) البخاري ج 2 / كتاب الحج باب 80 / 1567
( 2 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 19 / 147
( 3 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 42 / 255
( 4 ) والآن ما بقي أميال ولكن يوجد معالم لذلك والمسافة ما بين الميلين حوالي سبعون مترا
( 5 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 19 / 147

(1/750)

- خامسا - سنن الحلق :

(1/751)

- 1 - تأخيره لما بعد الذبح - أضحية هدي . . . - فيرمي جمرة العقبة ثم يذبح ثم يحلق لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها ثم أتى بمنزله ونحر ثم قال للحلاق : ( خذ ) وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس " ( 1 )
- 2 - أن يفعله الحاج بمنى لحديث أنس رضي الله عنه المتقدم ولأنها موضع تحلله والمعتمر بالمروة لأنها مكان تحلله
- 3 - استقبال القبلة أثناءه
- 4 - الابتداء باليمين لحديث أنس رضي الله عنه المتقدم
- 5 - استيعاب الرأس بالحلق للرجل لحديث ابن عمر رضي الله عنهما " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( اللهم ارحم المحلقين ) قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : ( اللهم ارحم المحلقين ) . قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : ( والمقصرين ) " ( 2 ) . ويستثنى من أفضلية الحلق للرجل ما لو اعتمر قبل الحج في وقت لو حلق فيه لم يسود رأسه من الشعر في يوم النحر من الشعر في يوم النحر فالتقصير حينئذ أفضل
وأما المرأة فلها التقصير لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( ليس على النساء الحلق إنما التقصير ) ( 3 ) . ويكره لها الحلق
- 6 - يسن لمن لا شعر له برأسه إمرار الموسى عليه
- 7 - أن يأخذ شيئا من شعر اللحية والشارب بدليل " أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه " ( 4 )
- 8 - أن يكبر عند فراغه من الحلق
- 9 - دفن الشعر المزال
_________
( 1 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 56 / 232
( 2 ) البخاري ج 2 / كتاب الحج باب 126 / 1640
( 3 ) أبو داود ج 2 / كتاب المناسك باب 79 / 1985
( 4 ) الموطأ ج 1 / كتاب الحج باب 61 / 187

(1/752)

- سادسا - سنن المبيت بمزدلفة ليلة النحر :

(1/753)

- 1 - يستحب أن يغتسل في المزدلفة
- 2 - يسن للمسافر فقط أن يجمع بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير بمزدلفة
- 3 - يستحب أن يأخذ من المزدلفة حصى رمي جمرة العقبة لما ورد عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما قال : " قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم غداة يوم النحر : ( هات فالقط لي حصى ) فلقطت له حصيات مثل حصى الحذف فوضعتهن في يده فقال : ( بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ) " ( 1 )
- 4 - يسن لغير النساء والضعفاء أن يمكثوا حتى يصلوا الصبح أول دخول الوقت ثم يسيروا وشعارهم التلبية مع التكبير فإذا وصلوا المشعر الحرام ( 2 ) وقفوا عليه أو بجانبه مشتغلين بالدعاء والاستغفار إلى الإسفار ثم يذهبون إلى منى . لما روى جابر رضي الله عنه في حديث صفة حجه صلى الله عليه و سلم : " . . . أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحدة وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع رسول الله صلى الله علبيه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة " ( 3 ) . وبنفس الحديث من تتمة : " أن النبي صلى الله عليه و سلم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس "
- 5 - يستحب إذا دفع من المزدلفة أن يمشي بسكينة وهدوء لما ورد في حديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول حين دفع من عرفة : ( أيها الناس السكينة السكينة ) ( 4 ) وما روى أسامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم " كان يسير العنق - الهدوء - فإذا وجد فجوة نص " ( 5 ) ويسن الخروج من المزدلفة إلى منى من وادي محسر والإسراع فيه والسلوك في الطريق الوسطى لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم " أتى بطن محسر فحرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى " ( 6 )
_________
( 1 ) البيهقي ج 5 / ص 127 وحصى الخذف : الحصى التي يخذف بها الإنسان أي يرمي
( 2 ) وهو جبل في آخر المزدلفة يقال له قزح
( 3 ) مسلم : ج 2 / كتاب الحج باب 19 / 147
( 4 ) مسلم : ج 2 / كتاب الحج باب 19 / 147
( 5 ) البخاري ج 2 / كتاب الحج باب 91 / 1583 ، ونص : أسرع
( 6 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 19 / 147

(1/754)

- سابعا - ما يسن عند الرمي :

(1/755)

- 1 - الاغتسال كل يوم للرمي
- 2 - أن يكون الحجر المرمي به قدر حصى الخذف ( 1 ) ويكره بالحصى الكبار ولو أنه يجزئه
- 3 - غسل الحصى إن شك طهارتها
- 4 - الدنو من المرمى
- 5 - استقبال القبلة أثناء الرمي إلا في جمرة العقبة يوم النحر فيستقبل الجمرة ويجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه
- 6 - قطع التلبية والاشتغال بالتكبير والإكثار منه
- 7 - أن يقول مع كل حصاة عند الرمي رافعا يديه : بسم الله والله أكبر صدق الله وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين وكره الكافرون " . فقد قالت عائشة رضي الله عنها : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله ) ( 2 )
- 8 - أن يرمي جمرة العقبة من أسفلها من بطن الوادي لما روى سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أمه قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يرمي الجمرة من بطن الوادي وهو راكب يكبر مع كل حصاة " ( 3 )
_________
( 1 ) قدر البندقة
( 2 ) أبو داود ج 1 / كتاب المناسك باب 51 / 1888
( 3 ) أبو داود ج 2 / كتاب المناسك باب 78 / 1966

(1/756)

- ثامنا - سنن الحج والعمرة غير المتعلقة بالأركان أو الواجبات :

(1/757)

- 1 - طواف القدوم لمن دخل مكة قارنا أو مفردا إن لم يكن معذورا أما المتمتع فلا طواف قدوم له وإنما عليه المبادرة بطواف العمرة
- 2 - شرب ماء زمزم لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم " أتى زمزم وهم يسقون ويعملون فيها فقال : ( اعملوا فإنكم على عمل صالح ) " ( 1 ) . وسن أن يستقبل القبلة أثناء شربه وأن يقول : " اللهم إنه بلغني عن نبيك محمد صلى الله عليه و سلم أن ( ماء زمزم لما شرب له ) ( 2 ) . وأنا أشربه لكذا اللهم فافعل " ويسن الدخول إلى البئر والنظر فيها والنزع منها بالدلو ونضح وجهه ورأسه وصدره بمائها والتزود منها عند سفره
- 3 - أربع خطب يلقيها إمام الحج أو نائبه كأمير الحج : إحداهما يوم السابع من ذي الحجة وهي خطبة مفردة بعد صلاة الظهر بالمسجد الحرام فيفتتحها بالتكبير إن كان غير محرم وبالتلبية إن كان محرما والأفضل أن يكون الخطيب محرما ويأمر الناس أن يغدوا من الغد إلى منى وذلك أن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا كان قبل التروية خطب الناس فأخبرهم بمناسكهم " ( 3 )
والخطبة الثانية يوم عرفة بنمرة ( 4 ) قبل صلاة الظهر وهي خطبتان الأولى قبل الأذان والثانية مع شروع المؤذن به لما حدث جابر رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه و سلم خطب يوم عرفة وقال : " ( إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم . . . ) إلى آخر خطبته قال : ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام العصر ولم يصل بينهما شيئا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أتى الموقف " ( 5 )
والخطبة الثالثة يوم النحر بمنى وهي واحدة بعد الظهر فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم " خطب الناس يوم النحر فقال : . . . " وذكر تمام الحديث ( 6 )
والخطبة الرابعة يوم النفر الأول بمنى وهي الواحدة بعد الظهر لحديث ابن أبي نجيح عن أبيه عن رجلين من بني بكر قالا : " رأينا رسول الله صلى الله عليه و سلم يخطب بين أوسط أيام التشريق ونحن عند راحلته " ( 7 )
وينبغي للخطيب أن يعلم الناس في كل الخطب المذكورة ما يكون بعد كل خطبة من أعمال الحج
- 4 - المبيت بمنى ليلة عرفة وإنما كان سنة لأن المقصود منه الاستراحة بخلاف المبيت ليال التشريق فإنه واجب كما تقدم
- 5 - التلبية عند التحول من حال إلى آخر كركوب أو صعود أو هبوط أو إقبال ليل أو نهار وأولاها عند الإحرام ويرفع الرجل صوته بها أما المرأة والخنثى فلا ترفعان الصوت بها بحضور الأجانب . ومن لا يحسن التلبية بالعربية يأتي بها بغيرها وتجوز الترجمة . ولا تسن التلبية في الطواف ولا في السعي ويسن قطعها عند ابتداء الرمي لجمرة العقبة والتكبير بدلا عنها مع كل حصاة يرميها
- 6 - يسن ترتيب أفعال الحج في ليلة العيد ويومه على الشكل التالي : رمي جمرة العقبة ثم الذبح إن كان يريده أو كان عليه ثم الحلق ثم طواف الإفاضة . فإن قدم الطواف على الجميع أو الذبح على الجميع أو الحلق على الذبح جاز بلا خلاف لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما " أن النبي صلى الله عليه و سلم قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير فقال : ( لا حرج ) " ( 8 )
- 7 - أن يكثر من الصلاة والطواف والاعتكاف في المسجد الحرام كما دخل
- 8 - دخول الكعبة والصلاة فيها ولو نفلا وأقل ما ينبغي أن يصلي فيها ركعتين لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : " دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم البيت هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فأغلقوا عليهم فلما فتحوا كنت أول ولج فلقيت بلا لا فسألته : هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال : نعم بين العمودين اليمانيين " ( 9 )
- 9 - أن يصلي إذا فرغ من طواف الوداع ركعتي الطواف خلف المقام ثم يقف عند الملتزم ( 10 ) . فيدعو ويقول : " اللهم إن البيت بيتك والعبد عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرت لي من خلقك حتى سيرتني في بلادك وبلغتني بنعمتك حتى أعنتني على قضاء مناسكك فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا وإلا فمن الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري ويبعد عنه مزاري هذا أوان انصرافي إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك اللهم اصحبني العافية في بدني والعصمة في ديني وأحسن من قلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتني " . ثم يصلي على النبي صلى الله عليه و سلم ويخرج من أسفل مكة مغادرا إلى بلده حتى يكون آخر عهده بالبيت
- 10 - زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه و سلم لما روى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله عليه وسلم : ( من زار قبري وجبت له شفاعتي ) ( 11 ) . وتسن الصلاة في مسجده صلى الله عليه و سلم لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام ) ( 12 ) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه و سلم : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى ) ( 13 )
_________
( 1 ) البخاري ج 2 / كتاب الحج باب 74 / 1554
( 2 ) رواه البيهقي عن جابر رضي الله عنه ج 5 / ص 148
( 3 ) البيهقي ج 5 / ص 111 ، ويوم التروية هو الثامن من ذي الحجة
( 4 ) نمرة : موضع معروف بقرب عرفات خارج الحرم بين طرف الحرم وطرف عرفات
( 5 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 19 / 147
( 6 ) البخاري ج 2 / كتاب الحج باب 131 / 1652
( 7 ) أبو داود ج 2 / كتاب المناسك باب 71 / 1952
( 8 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 57 / 334
( 9 ) البخاري ج 2 / كتاب الحج باب 50 / 1521
( 10 ) وسمي بذلك لأنهم يلزمونه للدعاء وهو ما بين الركن والباب
( 11 ) الدارقطني ج 2 / ص 278
( 12 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 94 / 506
( 13 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 95 / 511

(1/758)

- آداب الزيارة :
فإذا توجه الزائر إلى المدينة فليكثر من الصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه و سلم في طريقه ويستحب أن يغتسل قبل دخوله ويلبس أنظف ثيابه ويستحضر في قلبه شرف المدينة وأنها أفضل الأرض بعد مكة . فإذا وصل باب مسجده فليقل الذكر المستحب في دخول كل مسجد لما روي عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا دخل المسجد يقول : ( بسم الله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك ) وإذا خرج قال ( بسم الله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك ) ( 1 ) وليقدم رجله اليمنى في الدخول واليسرى في الخروج فإذا دخل فليقصد الروضة وهي ما بين القبر والمنبر فيصلي تحية المسجد بجنب المنبر لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي ) ( 2 ) ثم يأتي القبر الكريم فيستدبر القبلة ويستقبل جدار القبر الشريف ويقف قبالة الشباك المتوسط للمقام وبعيدا عنه قدر أربعة أذرع غاض الطرف في مقام الهيبة والإجلال فارغ القلب من علائق الدنيا مستحضرا في قلبه منزلة من هو بحضرته ثم يسلم ولا يرفع صوته ويقول : " السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا نبي الله السلام عليك يا حبيب الله أشهد أنك رسول الله حقا بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وكشفت الغمة وجلوت الظلمة ونطقت بالحكمة وجاهدت في سبيل الله حق جهاده جزاك الله عنا أفضل الجزاء " . ثم يتأخر جهة يمينه قدر ذراع فيسلم على أبي بكر الصديق رضي الله عنه قائلا : " السلام عليك يا أبا بكر يا خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم جزاك الله عن أمة محمد خيرا " . ثم يتأخر قدر ذراع جهة يمينه فيسلم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه قائلا مثل ما سبق لأبي بكر رضي الله عنه ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم فيقرأ سورة يس ويقرأ عند قدميه : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم } ( 3 ) ثم يعود إلى موقفه قبالة الوجه ويتوسل به صلى الله عليه و سلم إلى ربه
ويستحب له مدة إقامته بالمدينة أن يصلي الصلوات كلها في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم ويستحب أن يخرج كل يوم إلى البقيع وخاصة الجمعة ويقول : " السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لنا ولهم " . فعن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم - كلما كانت ليلتها منه - يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول : ( السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد ) " ( 4 )
ويستحب أن يزور قبور الشهداء بأحد وأفضله يوم الخميس ويبدأ بحمزة رضي الله عنه
ويستحب استحبابا مؤكدا أن يأتي مسجد قباء وفي يوم السبت آكد لما روى عبد الله ابن دينار " أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يأتي قباء كل يوم سبت وكان يقول : رأيت النبي صلى الله عليه و سلم يأتيه كل سبت " ( 5 ) ناويا التقرب بزيارته والصلاة فيه لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأتي مسجد قباء راكبا وماشيا فيصلي فيه ركعتين " ( 6 )
ويستحب أن يزور المشاهد التي بالمدينة وهي نحو ثلاثين موضعا يعرفها أهل المدينة فيقصد ما قدر عليه منها . وكذلك يأتي الآبار التي كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يتوضأ منها أو يغتسل وهي سبعة آبار فيشرب منها ويتوضأ وينبغي له مدة إقامته في المدينة أن يلاحظ بقلبه جلالتها وأنها البلدة التي اختارها الله تعالى لتنزيل وحيه ولهجرة نبيه صلى الله عليه و سلم ومدفنه ويستحضر تردده فيها ومشيه في بقاعها وتردد جبريل عليه السلام عليه . ويستحب أن يصوم بالمدينة ما أمكن ويتصدق على جيران رسول الله صلى الله عليه و سلم لحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( أذكركم الله في أهل بيتي ) ( 7 )
فإذا أراد الزائر السفر ودع المسجد بركعتين وأتى القبر الشريف وألقى السلام كما تقدم
_________
( 1 ) ابن ماجة ج 1 / كتاب المساجد والجماعات باب 13 / 771
( 2 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 92 / 502
( 3 ) التوبة : 128
( 4 ) مسلم ج 2 / كتاب الجنائز باب 35 / 102 . والبقيع : مدفن أهل المدينة وسمي بقيع الغرقد لغرقد كان فيه وهو نوع من الشجر
( 5 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 97 / 520
( 6 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 97 / 516
( 7 ) مسند الإمام أحمد ج 4 / ص 267

(1/759)

الباب الخامس [ التحلل مفسدات الحج والعمرة أوجه تأدية الحج والعمرة الموانع الفوات الدماء الأضحية ]

(1/760)

الفصل الأول : التحلل

(1/761)

التحلل من الحج :

(1/762)

للحج تحللان يحصل الأول بفعل اثنين من أفعال ثلاثة وهي : رمي جمرة العقبة والحلق وطواف الإفاضة ( 1 ) والثاني يحصل بفعل الثالث منها
ويحل بالتحلل الأول كل محرمات الإحرام إلا النكاح وعقده والمباشرة بشهوة والوطء . ويجل بالتحلل الثاني ما تبقى منها وهي كل ما يتعلق بالعلاقة بالنساء . والدليل ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " إذا رميتم الحمرة فقد حللتم من كل شيء كان عليكم حراما إلا النساء حتى تطوفوا بالبيت " ( 2 ) ودخل وقت الأفعال الثلاثة بمنتصف ليلة النحر وينتهي وقت رمي جمرة العقبة بانتهاء أيام التشريق كباقي الرمي أما وقت الحلق وطواف الإفاضة فلا ينتهي بانتهائها
ولو لم يرم جمرة العقبة حتى خرجت أيام التشريق فقد فات الرمي ولزمه بفواته الدم ويتوقف تحلله على الإتيان ببدل الرمي لأنه قائم مقامه
_________
( 1 ) هذا إذا كان سعى عقب طواف القدوم أما إذا لم يكن قد سعى فيقف التحلل عندها على الطواف والسعي
( 2 ) البيهقي ج 5 / ص 136

(1/763)

التحلل من العمرة :

(1/764)

- ليس للعمرة إلا تحلل واحد ويكون بعد انتهاء أفعالها كلها والحكمة من ذلك أن الحج يطول زمنه وتكثر أعماله بخلاف العمرة فجعل له تحللان لتحل بعض محرماته في وقت وبعضها في وقت آخر
- 4 - المبيت بمنى ليلة عرفة وإنما كان سنة لأن المقصود منه الاستراحة بخلاف المبيت ليال التشريق فإنه واجب كما تقدم
- 5 - التلبية عند التحول من حال إلى آخر كركوب أو صعود أو هبوط أو إقبال ليل أو نهار وأولاها عند الإحرام ويرفع الرجل صوته بها أما المرأة والخنثى فلا ترفعان الصوت بها بحضور الأجانب . ومن لا يحسن التلبية بالعربية يأتي بها بغيرها وتجوز الترجمة . ولا تسن التلبية في الطواف ولا في السعي ويسن قطعها عند ابتداء الرمي لجمرة العقبة والتكبير بدلا عنها مع كل حصاة يرميها
- 6 - يسن ترتيب أفعال الحج في ليلة العيد ويومه على الشكل التالي : رمي جمرة العقبة ثم الذبح إن كان يريده أو كان عليه ثم الحلق ثم طواف الإفاضة . فإن قدم الطواف على الجميع أو الذبح على الجميع أو الحلق على الذبح جاز بلا خلاف لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما " أن النبي صلى الله عليه و سلم قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير فقال : ( لا حرج ) " ( 8 )
- 7 - أن يكثر من الصلاة والطواف والاعتكاف في المسجد الحرام كما دخل

(1/765)

الفصل الثاني : ما يفسد الحج والعمرة وما يبطلهما

(1/766)

- ما يفسد الحج والعمرة :
لا يفسد الحج والعمرة إلا الوطء في الفرج ولو بغير إنزال من مميز عالم عامد مختار ( 1 ) إذا وقعت في العمرة قبل فراغ أعمالها إن كانت مفردة أوفي الحج قبل التحلل الأول ويفسد الحج والعمرة معا في حال القران إذا وقع الوطء قبل التحلل الأول ذلك لأن العمرة هنا تابعة للحج فإذا فسد الحج فسدت وإذا صلح صلحت
فشروط الإفساد إذا هي :
- 1 - أن يكون الوطء في الفرج أما المباشرة في الفرج فلا تفسد والدليل على ذلك قوله تعالى { فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج . . . } ( 2 ) أي لا ترفثوا والرفث هو الجماع
- 2 - التمييز : فلا يفسد الحج أو العمرة الوطء من قبل غير المميز أو المجنون
- 3 - القصد : فلا يفسدان من قبل الناسي
- 4 - العلم بالتحريم والإفساد : فلا يفسدان من قبل الجاهل المعزوز
- 5 - الاختيار : فلا يفسدان من قبل المكره
- 6 - أن يكون الوطء قبل الفراغ من أعمال العمرة أو قبل التحلل الأول سواء كان قبل الوقوف بعرفة أو بعده ( 3 ) فإذا وقع بعد التحلل الأول فهو حرام ولكنه لا يفسد الحج وعليه دم
ما يترتب على من أفسد حجه أو عمرته :

(1/767)

1 - أن يتم النسك الفاسد ولا يخرج من الإحرام حتى يتمه لقوله تعالى : { وأتموا الحج والعمرة لله }
- 2 - عليه الإعادة فورا ولو كان النسك نفلا لأن النفل صار فرضا بالشروع فيه أي صار إتمامه واجبا كالفرض . ويلزمه في الإعادة أن يحرم من الميقات المكاني الذي أحرم منه في النسك الأول أو من مكان أبعد منه ولكن لا يلزمه أن يحرم في الوقت الذي أحرم فيه للنسك المفسد نفسه
- 3 - على الواطئ دون الموطوء ذبح بدنه ودليله " أن رجلا من جذام جامع امرأته وهما محرمان فسأل الرجل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال لهما : ( اقضيا نسككما واهديا هديا ثم ارجعا حتى إذا جئتما المكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فتفرقا ولا يرى واحد منكما صاحبه وعليكما حجة أخرى فتقبلان حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فأحرما وأتما نسككما واهديا ) " ( 4 )
ويندب أن يفارق الموطوءة في القضاء في المكان الذي وطئها فيه إن قضى وهي معه
_________
( 1 ) ويفسد حج الواطئ والموطوء
( 2 ) البقرة : 197
( 3 ) قال الحنفية : إذا كان الوطء قبل الوقوف بعرفة فسد الحج ولزمته شاة وإن كان بعد الوقوف لم يفسد حجه ولزمه بدنة ولا فرق بين الرجل والمرأة
( 4 ) البيهقي ج 5 / ص 167

(1/768)

- ما يبطل الحج والعمرة :
يبطل الحج والعمرة بالردة - والعياذ بالله - ولا يجوز المضي فيهما لأنه يخرج منهما بالبطلان بخلاف الفساد

(1/769)

الفصل الثالث : أوجه تأدية الحج والعمرة

(1/770)

- أوجه تأدية الحج والعمرة ثلاثة :
- 1 - الإفراد : وهو أن يقدم الحج على العمرة وسمي بذلك لإفراد كل منهما بإحرام وعمل
- 2 - التمتع : وهو أن يقدم العمرة على الحج وسمي بذلك لتمتعه بمحظورات الإحرام بين النسكين
- 3 - القران : وهو أن يحرم بهما معا أو بالعمرة ثم يدخل عيها الإحرام بالحج قبل شروعه في أعمالها وسمي بذلك لقرنه بينهما . وهنا تكون أفعال الحج هي نفسها أفعال العمرة طواف الإفاضة هو طوافها وسعي الحج سعيها
والدليل على جواز هذه الأوجه الثلاثة حديث عائشة رضي الله عنها قالت : " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بالحج وأهل رسول الله صلى الله عليه و سلم بالحج " ( 1 )
وأفضل هذه الوجوه الإفراد لأنها صفة حج رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم التمتع ثم القران
ويكون الإفراد بأن يحرم بالحج ويأتي بكل أعماله ثم يتحلل منه ثم يحرم ثانية بالعمرة وذلك بأن يخرج من مكة إلى أدنى الحل ولو بخطوة ويحرم من هناك أما لو عكس بحيث أحرم أولا بالعمرة وبعد تمام فعلها وتحلله منها أحرم بالحج من مكة فهذا لا يسمى إفرادا بل تمتعا . وفي التمتع يفوت الإحرام بالحج من ميقات بلده لذا يجب عليه دم . كما يتمتع المتمتع بمحظورات الإحرام فيما بين التحلل من العمرة ووقت الحج . أما في القران فيفوت الإحرام بالعمرة من ميقاتها لأن القارن يحرم بالحج والعمرة معا من ميقات واحد كما تفوت أعمال العمرة كلها لذلك يجب عليه دم أيضا . ووجوب الدم على المتمتع والقارن دليل على أفضلية الإفراد على التمتع والقران إذ أن الجبر بالدم دليل النقص
ويشترط لتحقق الدم على المتمتع :
- 1 - ألا يكون من أهل الحرم ولا بينه وبين الحرم دون مسافة القصر لقوله تعالى : { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب } ( 2 )
وكذلك من توطن في الحرم أو قريبا منه فحكمه حكم أهله في عدم الدم
- 2 - أن يكون قد أحرم بالعمرة في أشهر الحج أما إن أحرم بها في غير أشهره ثم حج فلا يلزمه دم
- 3 - أن يكون الحج والعمرة في سنة واحدة أي الإحرام بالعمرة ثم الحج
- 4 - ألا يرجع إلى ميقات . فلا دم على من اعتمر ثم رجع إلى ميقات عمرته أو إلى مثل مسافته أو إلى ميقات آخر وإن كان دون مسافة ميقاته سواء عاد محرما أو حلالا وأحرم منه بشرط أن يعود إلى الميقات قبل تلبسه بنسك لأن المقتضي لإيجاب الدم هو ترك الميقات وهذا زال بعوده إليه
أما تحقق الدم على القارن فله شرطان :
- 1 - ألا يكون من أهل الحرم
- 2 - ألا يعود إلى الميقات بعد دخوله مكة وقبل التلبس بعمل من النسك أي قبل أن يبدأ بخطوة من الطواف
_________
( 1 ) البخاري ج 2 / كتاب الحج باب 33 / 1487
( 2 ) البقرة : 196 ، والحاضر : القريب

(1/771)

الفصل الرابع : موانع إتمام الحج بعد الشروع فيه وتحلل المحصر

(1/772)

- موانع إتمام الحج :
- 1 - الإحصار العام : وذلك بأن يمنع المحرم العمرة أو الحج من المضي من نسكه من جميع الطرق إلا بقتال أو بذل مال فله حينئذ أن يتحلل ولو اتسع الوقت واسعا فالأفضل تأخير التحلل إن لم يكن هناك مشقة فلعله يزول المنع ويتم . والدليل أن رسول الله صلى الله عليه و سلم منعه المشركون من عمرة الحديبية من دخول الحرم فتحلل الحديبية بعد الصلح ( 1 )
- 2 - الإحصار الخاص : كأن يحبس ظلما
- 3 - الزوجية : يسن للمرأة ألا تحرم بغير إذن زوجها لأنه عندئذ يتعارض في حقها واجبان : الحج وطاعة زوجها فيجوز لها الإحرام ويندب لها الاستئذان . والدليل عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في امرأة لها زوج ولها مال ولا يأذن لها في الحج : ( ليس لها أن تنطلق إلا بإذن زوجها ) ( 2 )
أما إذا كان الحج نفلا فيحرم عليها الإحرام بدون استئذان وللزوج تحليل زوجته ولو من الفريضة إن كانت أحرمت بغير إذنه لأن حقه على الفور والنسك على التراخي ويجب عليها التحلل إن أمرها وله وطؤها إن لم تتحلل والإثم عليها
- 4 - منع الأصل : ومثاله ولد أحرم بغير إذن أصله ولو علا فله تحليله أو منعه من النفل بخلاف الفرض فليس له تحليله ولا منعه هذا إذا كان الولد غير مكي الأصل أما إن كان مكيا فليس للأبوين منعه من فرض ولا نفل على السواء لما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه " أن رجلا هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم من اليمن فقال : ( هل لك أحد باليمن ؟ ) قال : أبواي . قال ( أذنا لك ؟ ) قال : لا . قال : ( ارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما ) " ( 3 ) . وموضع الاستدلال أن الجهاد فرض كفاية بخلاف الحج فهو فرض عين . وللأبوين منع البنت من الحج خوفا عليها ولو أذن لها زوجها إلا إذا ذهبت مع زوجها فليس لهما ذلك . ويسن للولد أن يستأذن والديه للنسك سواء كان فرضا أم نفلا
- 5 - الدين : فيحق لصاحب الدين الآني غير المؤجل منع غريمه الموسر من الخروج ليوفيه حقه وليس له تحليله بخلاف الدين المؤجل أو غير المؤجل مع إعسار المدين فليس لصاحب الدين منعه إذ لا يلزمه أداؤه حينئذ
- 6 - الشرط : إذ أحرم وشرط التحلل لغرض صحيح كمرض أو ضياع نفقة جاز له التحلل وثبت الشرط لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما " أن ضباعه بنت الزبير بن عبد المطلب رضي الله عنها أتت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : إني امرأة ثقيلة وإني أريد الحج فما تأمرني ؟ قال : ( أهلي بالحج واشترطي أن محلي حيث تحبسني ) " ( 4 ) فالشرط يقيد إباحة التحلل عند المرض فإن لم يشترط لم يجز له التحلل حال المرض ثم إن شرط في التحلل أن يكون مع الهدي وجب الهدي وإن لم يشترط فلا هدي عليه
_________
( 1 ) انظر البخاري ج 2 / كتاب الإحصار وجزاء الصيد باب 2 / 1714
( 2 ) الدارقطني ج 2 / ص 223
( 3 ) أبو داود ج 3 / كتاب الجهاد باب 33 / 2530
( 4 ) مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 15 / 106

(1/773)

- تحلل المحصر :
يتحلل المصر من الحج أو العمرة بذبح شاة تجزئ في الأضحية أو ما يقوم مقامها كسبع بدنة أو سبع بقرة ثم بالحلق مع اقتران نية التحلل بكل منهما بدليل ما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال : " خرجنا مع النبي صلى الله عيه وسلم معتمرين فحال كفار قريش دون البيت فنحر رسول الله صلى الله عليه و سلم بدنه وحلق رأسه " ( 1 ) ويشترط تأخير الحلق إلى ما بعد الذبح لقوله تعالى : { ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله } ( 2 ) . أما من عجز عن الذبح فيطعم بقيمة الشاة فإن عجز صام بعدد الأمداد يوما عن كل مد أو عن كسر المد ويكون محل الإحصار هو محل الذبح ولا يتعين للصوم محل . ويتوقف التحلل على الذبح أو الإطعام لا على الصوم لطول مدته
هذا ولا قضاء على من أحصر إلا إذا كان نسكه فرضا مستقرا ( 3 ) كحجة الإسلام أو كان نذرا أو قضاء فهذا يبقى بذمته ولا يسقط عنه الإحصار وعليه أن يؤديه متى زال الإحصار
أما إن كان حجه غير مستقر في ذمته فتعتبر الاستطاعة جديدة بعد زوال الإحصار
_________
( 1 ) البخاري ج 2 / كتاب الإحصار وجزاء الصيد باب 4 / 1717
( 2 ) البقرة : 196
( 3 ) أي فيما بعد السنة الأولى من سني الإمكان

(1/774)

الفصل الخامس : فوات الحج وحكم ترك أحد الأركان غير الوقوف أو أحد الواجبات أو السنن

(1/775)

- يفوت الحج بفوات الوقوف بعرفة سواء كان من فاته معذورا أم لا وإنما لا يأثم الأول ويأثم الثاني . ويكون الفوات بطلوع فجر النحر قبل حضوره عرفة . ويترتب على من فاته الوقوف بعرفة :
- 1 - أن يتحلل وجوبا بأعمال عمرة بنية التحلل لا بنية العمرة عند كل عمل منها سواء في الطواف أو السعي أو الحلق فإذا كان قد سعى بعد طواف القدوم أجزأه ذلك وأما طواف القدوم فلا يجزئ عن طواف عمرة التحلل كما لا تجزئه العمرة عن عمرة الإسلام لما روى الأسود قال : " سألت عمر رضي الله عنه عن رجل فاته الحج قال : يهل بعمرة وعليه الحج من قابل " ( 1 ) وفي رواية عن إدريس الأودي عنه : " فقال ويهرق دما " ( 2 ) . ولا يجب الرمي والمبيت لأنهما من توابع الوقوف بعرفة
- 2 - يجب عليه القضاء الفوري في العام المقبل سواء كان النسك الذي فاته فرضا أم نفلا . أما إذا كان الفوات بسبب الإحصار فليس عليه قضاء كما تقدم . وإذا لم يتيسر له القضاء بقي في ذمته إلى أن يقضيه
- 3 - يجب عليه دم في حجة القضاء كدم التمتع
هذا كله فيمن أحرم بالحج وحده وفاته أما من أحرم بالعمرة فلا يتصور فواتها لأن جميع الزمان وقت لها وأما من أحرم متمتعا وفرغ من العمرة ثم أحرم بالحج ففاته فيلزمه قضاء الحج دون العمرة ويسقط عنه دم التمتع لأن شرط التمتع وجود حجته في سنة عمرته المؤداة في أشهر الحج وقد فات الحج . وأما من أحرم بالحج والعمرة قارنا ففاته الوقوف فإن العمرة تفوت بفوات الحج لأنها مندرجة فيه ولأنه إحرام واحد فلا يتبعض وعليه القضاء قارنا ويلزمه ثلاثة دماء ( 3 ) فإن قضى مفردا أجزأه ذلك ويسقط عنه الدم الثالث
أما من فاته ركن من أركان الحج غير الوقوف فلا يحل إحرامه حتى يأتي بالركن المتروك ولا يجبر شيء من الأركان بالدم بل لابد من فعله ولا آخر لوقت هذه الأركان - الطواف والسعي والحلق - ولا يختص الحلق بمنى والحرم بل يجوز في الوطن وغيره . ولا فرق بين من فاته عمدا أو سهوا أو جهلا ومن تركه بعذر كالحائض قبل طواف الإفاضة فهذه لها الرحيل إن خافت التخلف عن القافلة وهي من بلدة بعيدة وإذا وصلت إلى محل يتعذر عليها الرجوع منه إلى مكة جاز لها أن تحلل كالمحصر بذبح فإزالة الشعر مع نية التحلل ويبقى الطواف في ذمتها ولا يتقيد قضاؤه بوقت بل يصح في أي وقت من أوقات السنة كما أنه لا يحتاج إلى إحرام
أما إن كانت من أهل مكة أو قريبة منها فعليها مصابرة الإحرام حتى تأتي بالطواف ولو طال الزمن وتحرم عليها محرمات الإحرام ( 4 )
وأما من ترك واجبا من واجبات الحج أو العمرة سواء وقع الترك عمدا أم سهوا أم جهلا أو فعل محرما من محرمات الإحرام فيلزمه دم أي يجبر بالدم ولا يتوقف حجه أو عمرته عليه والعامد يأثم وغيره لا يأثم
ومن ترك سنة من سنن الحج أو العمرة فلا يلزمه بتركها شيء ولا يتوقف حجه أو عمرته عليها وقد يندب لتركها دم كسنة الجمع بين الليل والنهار في الوقوف بعرفة
_________
( 1 ) و ( 2 ) البيهقي ج 5 / ص 175
( 3 ) دم الفوات ودم القران الفائت ودم ثالث للقران الذي أتى به في القضاء
( 4 ) للحائض أن تقلد مذهب الإمام أبي حنيفة فتطوف أثناء الحيض وتذبح بدنة

(1/776)

الفصل السادس : الدماء الواجبة في الحج والعمرة ( الفدية )

(1/777)

- إن الدماء الواجبة في المناسك سواء تعلقت بترك واجب أو ارتكاب منهي عنه إذا أطلقناها أردنا شاة فإن كان الواجب غيرها كالبدنة في الجماع نصصنا عليها ولا يجزئ فيها جميعها إلا ما يجزئ في الأضحية إلا في جزاء الصيد فيجب المثل صغير في الصغير وكبير في الكبير . وكل من لزمته شاة جاز له ذبح بقرة أو بدنة مكانها إلا في جزاء الصيد وإذا ذبح بدنة أو بقرة ونوى التصدق بسبعها عن الشاة الواجبة عليه وأكل الباقي جاز وله أن ينحر البدنة عن سبع شياه لزمته لو اشترك جماعة في ذبح بدنة أو بقرة وأراد بعضهم الهدي وبعضهم الأضحية وبعضهم اللحم جاز ولا يجوز أن يشترك اثنان في شاتين لإمكان الانفراد
والدماء الواجبة أربعة أقسام :

(1/778)

أولا - دم ترتيب وتقدير :

(1/779)

- فالترتيب بمعنى أنه يلزمه الذبح ولا يجزئه العدول عنه إلى غيره إلا إذا عجز عنه . والتقدير بمعنى أن الشرع قدر ما يعدل إليه في حال العجز بما لا يزيد ولا ينقص وهو شاة مجزئة في الأضحية بأن تكون شاة مسنة أي جاوزت السنة من عمرها أو جذعه ضأن أسقطت مقدم أسنانها بعد ستة أشهر أو ثنية معز لها سنتان وبدأت بالثالثة بشرط عدم العيب فيها فإن لم يجدها أو وجدها بزيادة على ثمن مثلها أو لم يكن معه ثمنها أو كان محتاجا إليه أو كان ماله غائبا ( 1 ) فعندئذ يصوم عشرة أيام لقوله تعالى : { . . . فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب } ( 2 )
ثلاثة في الحج : أي في حال الإحرام في الحج فلا يجوز تقديمها عليه إن كان متمتعا بالعمرة إلى الحج بخلاف الدم فيجوز تقديمه على الحج بعد الانتهاء من العمرة لأن الصوم عبادة بدنية لا يجوز تقديمها على أسبابها ولها هنا سببان : تقديم العمرة الإحرام بالحج أما الدم فهو عبادة مالية وهذه يجوز تقديمها على أسبابها . لذلك يجب صوم الأيام الثلاثة قبل يوم النحر فإن أخرها إلى ما بعده كان عاصيا ويجب عليه قضاؤها فورا بعد يوم النحر وأيام التشريق ويندب فيها التتابع أداء كانت أم قضاء وليس السفر عذرا فيها لأنه يتعين وقوعها في الحج ويندب أن تكون قبل عرفة لأنه يسن للحاج فطر هذا اليوم ويسن إيقاعها في السادس والسابع والثامن من ذي الحجة حيث يحرم بالحج قبل اليوم السادس ثم يصومها . هذا في فدية التمتع والقران أما في فدية الفوات أو ترك واجب من الواجبات أو مخالفة النذر فهو لا يتمكن من صيامها قبل النحر ولا يشترط وقوعها حال الإحرام وإنما يفصل ما بينها وبين السبعة الأخر
وسبعة إذا رجعتم : سبعة أيام إذا رجع إلى أهله ووطنه ويندب فيها التتابع ولا يجوز صومها في الطريق ولو صامها أثناءه لم يعتد بها وسواء رجع إلى أهله أو أراد الإقامة بمكة فعليه صومها وإذا لم يصم ثلاثة في الحج لعذر أو بدونه لزمه صوم العشرة ثلاثة قضاء وسبعة أداء ويفصل بينها بأربعة أيام هي نظيرة يوم النحر وأيام التشريق فإن لم يفرق وصام العشرة متوالية حصلت الثلاثة ولم يعتد بالسبعة
أسبابه :
تسعة وهي التمتع والقران وفوات الوقوف بعرفة وترك الرمي لثلاث حصيات فأكثر وترك المبيت بمنى كل ليالي التشريق ( 3 ) وترك المبيت بمزدلفة ليلة النحر وترك الإحرام من الميقات ومخالفة النذر كأن نذر المشي أو الركوب أو الإفراد فخالف وترك طواف الوداع
_________
( 1 ) ويقصد عدم وجود ذلك في الحرم لو قدر عليه ببلده لأن ذبح الدم يختص بالحرم
( 2 ) البقرة : 196
( 3 ) ويجب في ترك الحصاة أو الليلة مد وفي الحصاتين أو الليلتين مدان . فإن لم يجد فيصوم يوم عن الليلة ويومين عن الليلتين

(1/780)

ثانيا - دم تخيير وتقدير :

(1/781)

- ومعنى التخيير أنه يجوز العدول إلى غيره مع القدرة عليه ومعنى التقدير أن الشرع جعل البدل المعدول إليه مقدرا بقدر لا يزيد عليه ولا ينقص . وسمي كذلك لأنه يخبر فيه بين ما يأتي وهو مقدر بما لا يزيد ولا ينقص . وهو إما شاة مجزئة في الأضحية تذبح في الحرم وتصرف إلى فقرائه ومساكينه أو صيام ثلاثة أيام حيث شاء ولو متفرقة أو التصدق بثلاثة أصواع ( 1 ) على ستة من مساكين الحرم أو فقرائه لكل مسكين أو فقير نصف صاع مما يجزئ في الفطرة قال تعالى : { ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } ( 2 )
أسبابه :
ثمانية : إزالة ثلاث شعرات فأكثر على التوالي والقلم كذلك واللبس والادهان والتطيب ومقدمات الجماع والوطء بعد الوطء المفسد والوطء بين التحللين في الحج . ويتكرر الدم بتكرر السبب مع اختلاف الزمان والمكان فإذا تعددت مقدمات الجماع مثلا وجبت فدية واحدة إن اتحد الزمان والمكان وإلا تعددت
ويجب في شعرة أو ظفر مد أو صوم يوم وفي شعرتين أو ظفرين مدان أو صوم يومين وتتحقق الفدية على الحلق سواء حلق جميع الرأس أو ثلاث شعرات أو بعض كل منها إن اتحد الزمان والمكان فإن لم يتحدا ففي كل واحدة مد حتى لو أزال شعرة واحدة على ثلاث دفعات فإن اتحد الزمان والمكان وجب مد واحد وإن اختلف الزمان والمكان فثلاثة أمداد وكذلك في الأظافر
_________
( 1 ) أصوع : جمع صاع
( 2 ) البقرة : 196

(1/782)

ثالثا - دم ترتيب وتعديل :

(1/783)

- بمعنى أن الشرع أمر فيه بالتقويم والعدول إلى غيره بحسب القيمة ولا ينتقل فيه إلى خصلة إلا إذا عجز عن التي قبلها
أسبابه :
- 1 - الإحصار : لقوله تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم ( 1 ) فما استيسر من الهدي } ( 2 ) فمن أحصر عن إتمام النسك تحلل بذبح شاة مجزئة في الأضحية حيث أحصر ثم حلق فإن عجز عن الشاة قومها بنقد واشترى به طعاما يجزئ في الفطرة وتصدق به حيث أحصر فإن عجز عن ذلك صام عن كل مد يوما حيث شاء وله حينئذ أن يتحلل حالا بإزالة الشعر مع نية التحلل ولا يتوقف التحلل عن فراغ الصوم بخلاف الذبح والإطعام
- 2 - الوطء المفسد : من وطئ قبل التحللين عالما مختارا لزمته بدنة فإن لم يجدها فبقرة فإن لم يجدها فسبع شياه فإن عجز عنها قومها لسعرها في مكة واشترى بقيمتها طعاما وتصدق به على مساكين الحرم وفقرائه ولو غرباء ولا تقدير في الذي يدفع إلى كل منهم ولا يجزئه التصدق بالدراهم فإن عجز صام عن كل مد يوما وكسور المد يصام عن كل منها يوم فإن وجد طعاما أو قدر على بعضه ولم يقدر على الباقي أخرج ما قدر عليه وصام عما عجز عنه
_________
( 1 ) أحصرتم : أي وأردتم التحلل
( 2 ) البقرة : 196

(1/784)

رابعا - دم تخيير وتعديل :

(1/785)

- يخير فيه بين الذبح والتصدق بطعام والصيام على التفصيل الآتي
أسبابه :
- 1 - إتلاف الصيد المحرم وهو صيد المحرم للحيوان البري الوحشي المأكول مطلقا وصيد الحلال لذلك في الحرم
والمصيد على نوعين : إما أن يكون له مثل في النعم ( 1 ) وإما ألا يكون له مثل في النعم ومنها ما نقل ما يجزئ فيه عن النبي صلى الله عليه و سلم أو عن الصحابة
الدم الواجب بقتل صيد له مثل في النعم ( 2 ) أو لا مثيل له فيها لكن نقل فيه : يذبح مثله من النعم ( 3 ) ثم يتصدق به على المساكين ولا يجزئه التصدق به حيا ولا ذبحه ثم تركه لعلمه أن الفقراء ستأخذ منه وإنما يجب ذبحه وتوزيعه من قبله . والدليل على ذلك قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام } ( 4 )
ففي النعامة بدنة ولا يجزئ عنها بقرة أو سبع شياه وفي البقر الوحشي وحمار الوحش بقرة لا تجزئ عنها سبع شياه وفي الغزال وهو ولد الظبية قبل أن يطلع قرناه معز صغير ففي الذكر جدي وفي الأنثى عناق ( 5 ) وإن طلع قرناه سمي الذكر ظبيا وفيه تيس والأنثى ظبية وفيها عنز لها سنة وفي الأرنب عناق وفي الضبع كبش في الثعلب شاة وفي الحمامة شاة وهذه الأخيرة لا مثل لها ولكن نقل جزاؤها هكذا ففي المثل ( 6 ) يخير بين ثلاثة : إما أن يذبح المثل ويتصدق به على فقراء ومساكين الحرم أو يقوم المثل من قبل عد لين من أهل الحرم بقيمته في مكة يوم إخراجه ويشتري بقيمته أو يخرج من عنه بقيمته طعاما ويتصدق به على فقراء الحرم ومساكينه القاطنين وغيرهم أو يصوم عن كل مد يوما وعن جزء المد يوما في أي مكان كان ولا يجوز التصدق بقيمة المثل دراهم
ما يجب بقتل صيد لا مثل له كالجراد والعصافير : يخرج بقيمة المصيد طعاما وتعتبر قيمته من مكان الإتلاف لا في الحرم وفي زمن الإتلاف لا زمن الإخراج أو يصوم عن كل مد يوما
- 2 - قطع الأشجار وقلع الحشيش في منطقة الحرم : ويخير فاعل ذلك بين الذبح أو التصدق بطعام أو الصيام ففي الذبح إن قطع شجرة كبيرة ذبح بقرة لها سنة وإن كانت الشجرة صغيرة تقرب في حجمها من سبع الكبيرة يذبح شاة أو يصدق بقيمة المذبوح طعاما أو يصوم بعدد الأمداد ولا ذبح عليه
_________
( 1 ) أي يشبهه بالصورة أو الخلقة
( 2 ) والعبرة في المثل في الخلقة أو الصورة تقريبا لا تحقيقا فيلزم الكبير في الكبير والصغير في الصغير وفي الحامل حامل وفي المريض مريض وفي الصحيح صحيح
( 3 ) وإن كان الصيد مملوكا لزمه دفع قيمته للمالك إضافة إلى جزائه
( 4 ) المائدة : 95
( 5 ) عناق : أنثى المعز دون السنة
( 6 ) مثلي : ماله مثل

(1/786)

أمكنة ذبح الدماء الواجبة :

(1/787)

- تقسم الدماء الواجبة من حيث مكان الذبح إلى نوعين :
- 1 - الدماء غير الواجب إرسالها إلى الحرم : وهي الواجبة بسبب الإحصار ويجب ذبحها في مكان الإحصار وتوزيعها على أهل الحرم . كذلك الطعام يجب توزيعه على أهل مكان الإحصار كما يجوز إرساله إلى الحرم . أما الصيام فيصوم متى شاء وحيث شاء لأنه لا فائدة لأهل مكان الإحصار من صيامه
- 2 - الدماء الواجب ذبحها في الحرم : وهي الواجبة بسبب ترك واجب من واجبات الحج أو فعل محرم فهذه يجب ذبحها في الحرم وتوزيع لحمها وأجزائها على مساكين الحرم وفقرائه ولا يجزئه أن يوزعها على أقل من ثلاثة من الفقراء أو المساكين ولو لغرباء ولا يجوز له أكل شيء من اللحم ولا نقله إلى غير الحرم وإن لم يجد فقيرا أو مسكينا وأفضل بقعة من الحرم لذبح هدي المعتمر المروة من خارج المسجد لا من داخله لأنها مكان تحلله ولذبح هدي الحاج منى لأنها موضع تحلله . ولا فرق بين الهدي الواجب وهدي النذر وهدي النفل فكلها تختص بالحرم ولا يجزئ أن يدفع إليهم حيا بل لا بد من ذبحه وتوزيع لحمه . أما الصوم فيجوز له متى شاء وحيث شاء

(1/788)

الأضحية

(1/789)

تعريفها وقتها حكمها

(1/790)

- تعريفها : الأضحية هي ما يذبح من النعم تقربا إلى الله تعالى

(1/791)

- وقتها :
من أول أيام عيد النحر بعد صلاة العيد إلى غروب شمس آخر أيام التشريق لما روي عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم النحر بعد الصلاة فقال ( من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة من لحم ) ( 1 )
ويكره الذبح في الليل عامة وهو في الأضحية أشد كراهة وإن ضحى قبل الوقت لم تصح بلا خلاف وإن كانت منذورة لزمه أن يضحي وإن فاته الوقت
_________
( 1 ) البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 23 / 940

(1/792)

- حكمها :
- 1 - هي سنة مؤكدة في كل سنة في حق الحج وغيره وطلبها مقيد بكون الفاعل قادرا عليها فلا تطلب من الفقير العاجز عنها . وهي سنة مؤكدة على الكفاية فإن تعدد أصحاب البيت تجزئهم أضحية واحدة . ودليل سنيتها ما روي عن أنس رضي الله عنه أنه قال : " كان النبي صلى الله عليه و سلم يضحي بكبشين وأنا أضحي بكبشين " ( 1 ) . وحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا ( 2 ) وقوله : ( أراد ) دليل على أنها سنة لا واجب
- 2 - واجبة : إذا نذرها أو عينها فقال مثلا : هذه أضحية أو جعلتها أضحية إذ تصبح التضحية بها واجبة يوم النحر فإذا ماتت التي عينها قبل وقت الذبح سقطت عنه ولا يكلف بذبح غيرها
_________
( 1 ) البخاري ج 5 / كتاب الأضاحي باب 7 / 5233
( 2 ) مسلم ج 3 / كتاب الأضاحي باب 7 / 39

(1/793)

دليلها :

(1/794)

- الأصل فيها الإجماع قوله تعالى : { فصل لربك وانحر } ( 1 ) أي صل صلاة العيد وانحر النسك . وما روته عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله عز و جل من هراقة دم وإنه ليأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها وإن الدم ليقع من الله عز و جل بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسا ) ( 2 ) . وقال الشافعي رضي الله عنه : " لا أسمح لمن قدر عليها بتركها "
_________
( 1 ) الكوثر : 2
( 2 ) ابن ماجة ج 2 / كتاب الأضاحي باب 3 / 3126

(1/795)

ما يجزئ في الأضحية :

(1/796)

- يجزئ فيها الإبل والبقر والغنم بنوعيه المعز والضأن لقوله تعالى : { ليذكروا اسم الله على مار زقهم من بهيمة الأنعام } ( 1 ) . وأفضلها ذكر الجمل أو أنثاه ويمكن استبدالها بسبع شياه وهي أفضل ثم البقرة ثم الضأن ثم العنز . ويصح أن يشترك سبعة أشخاص في بدنة أو بقرة . وأفضل ألوانها البيضاء ثم الصفراء ثم الغبراء وهي التي لا يصفو بياضها ثم البلقاء وهي التي يختلط فيها البياض بالسواد ثم السوداء ثم الحمراء وقيل إن الاعتبار بتفاضل الألوان مسألة تعبدية وقد يكون لحسن المنظر أو لطيب اللحم
_________
( 1 ) الحج : 34

(1/797)

شروطها :

(1/798)

- 1 - يشترط إن كانت من الإبل أن يكون عمرها خمس سنين كاملة وإن كانت من البقر أو المعز أن يكون عمرها سنتين تامتين أو من الضأن فسنة ودخلت بالثانية أو أجذعت مقدم أسنانها لأنها قد تسقط أسنانها بعد ستة أشهر وقبل بلوغها السنة . لما رواه جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن ) ( 1 )
- 2 - ألا تكون جرباء ولو قل ذلك ولا شديد العرج ولا عجفاء ( 2 ) ولا عمياء ولا عوراء ولا مريضة مرضا يفسد لحمها ومعنى ذلك أنها يجب أن تكون سالمة من العيوب أما قرونها فلا يضر كونها مكسورة ولو ذهبت كلها . ودليل ذلك ما روى البراء بن عازب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( لا يجوز من الضحايا العوراء البين عورها والعرجاء البين عرجها والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقي ) ( 3 )
- 3 - سلامة الأضحية من العيوب التي تنقص مأكولا منها مثل قطع شيء من أذنها أو لسانها أو ضرعها أو أليتها أو شيء ظاهر من فخدها كما يجب ألا تذهب جميع أسنانها
- 4 - أن ينوي التضحية بها عند الذبح أو قبله
- 5 - أن يلتزم الوقت المحدد للذبح
- 6 - يجب التصديق بشيء من لحمها نيئا فيحرم عليه أكلها جميعها لقوله تعالى في هدي التطوع ومثله أضحية التطوع : { فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر } ( 4 ) . ولا يصح إعطاء اللحم مطبوخا ولا قديدا ولا يصح أن يجعل طعاما ويدعى إليه الفقير لأن حقه في تملكه لا في أكله . ويفضل للمضحي أن يقتصر على أكل لقم من الكبد ويتصدق بالباقي ويجوز له أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث الآخر ويهدي الثلث الباقي إلى الأغنياء ( 5 ) وفي هذه الحال يثاب على الأضحية كلا وعلى التصدق بعضا . وأقل التصدق قدر أوقيتين من اللحم ولا يجوز في نحو الكبد أو الكرش . ولا يكره الادخار من لحمها . ويحرم نقلها من بلد الأضحية
- 7 - ألا يبيع شيئا منها فلا يجوز إعطاء الجزار جلدها أو شيئا منها على سبيل الأجرة ويمكنه أن يعطيه شيئا منها أو جلدها بالإضافة إلى الأجرة على سبيل الإهداء
ويكره لمن يريد التضحية أن يزيل شيئا من شعر الرأس وغيره أو أن يزيل ظفرا أو يقص شاربا أو غير ذلك في عشر ذي الحجة حتى يضحي ولا يكره له الاغتسال وذلك لحديث أم سلمة رضي الله عنها المتقدم وفي رواية من طريق أخرى عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : إن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره ) ( 6 ) فإذا أزال شيئا من ذلك كره له
والأفضل أن يذبح المضحي بنفسه إن أحسن الذبح وإلا كره له ذلك لأن فيه عذابا للأضحية فيوكل من يحسنه وجوبا بقوله : وكلتك بذبح أضحيتي . وليحضر ذبحها ندبا لما روي عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك بأول قطرة تقطر من دمها كل ذنب عملته ) ( 7 )
ويستحب أن يوجه الذبيحة إلى القبلة ويبسمل ويكبر
_________
( 1 ) مسلم ج 2 / كتاب الأضاحي باب 2 / 13
( 2 ) العجفاء : المهزولة
( 3 ) النسائي ج 7 / ص 215 ، ولا تنقى : التي لا نقي لها أي لا مخ لها لضعفها وهزالها
( 4 ) الحج : 36 ، والقانع : السائل والمعتر : المتعرض للسؤال
( 5 ) أما المنذورة فلا يجوز أن يأكل منها شيئا ولا أن يطعم منها الأغنياء
وإنما يجب التصدق بها كلها
( 6 ) مسلم ج 3 / كتاب الأضاحي باب 7 / 41
( 7 ) البيهقي ج 5 / ص 239
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس