الموضوع: اللمعات
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-02-2011
  #30
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: اللمعات

الباب الـخامس

في مراتب

} حَسْبُنا الله وَنِعْمَ الوَكيلُ{ (آل عمران:173) (1)

وَهُوَخَمسُ نكت..

T النكتة الأولى

فهذا الكلام دواء مـجرب لـمرض العجز البشري وسقم الفقر الانساني

} حَسْبُنا الله وَنِعْمَ الوَكيلُ{ (آل عمران:173) (2) إِذْ هُوَ الـْمُوجِدُ الـْمَوْجُودُ الـْبَاقِي فَلاَ بـَأْسَ بِزَوَالِ الـْمَوْجُودَاتِ لِدَوَامِ الـْوُجُودِ الـْمَحْبُوبِ بِبَقَاءِ مُوجِدِهِ الْوَاجِبِ الـْوُجُودِ.

وَهُوَ الصـَّانِعُ الـْفَاطِرُ الـْبَاقِي فَلاَ حُزْنَ عَلَى زَوَالِ الـْمَصْنُوعِ لِبَقَاءِ مَدَارِ الـْمَحَبــَّةِ فِي صَانِعِهِ.

وَهُوَ الـْمَلِكُ الـْمَالِكُ الـْبَاقِي فَلاَ تَاَسـُّفَ عَلَى زَوَالِ الـْمُلْكِ الـْمُتَجَدِّدِ فِي زَوَالٍ وَذَهَابٍ.

وَهُوَ الشـَّاهِدُ الـْعَالِمُ الـْبَاقِي فَلاَ تـَحَســُّرَ عَلَى غَيْبُوبَةِ الـْمَحْبُوبَاتِ مِنَ الـدُّنْيَا لِبَقَائِهَا فِي دَائِرةِ عِلْمِ شَاهِدِهَا وَفِي نَظَرِهِ.

وَهُوَ الصـَّاحِبُ الـْفَاطِرُ الـْبَاقِي فَلاَ كَدَرَ عَلَى زَوَالِ الـمُسْتَحْسَناتِ لِدَوَامِ مَنْشَأِ مَحـَاسِنِهَا فِي اَسْمَآءِ فَاطِرِهَا.

وَهُوَ الـْوَارِثُ الـْبَاعِثُ الـْبَاقِي فَلاَ تَلَهــُّفَ ‘ علَى فِرَاقِ الاَحْبـَابِ لِبَقَاءِ مَنْ يَرِثُهُمْ وَيـَبْعَثُهُمْ.

وَهُوَ الـْجَميلُ الـْجَلِيلُ الباقي فَلاَ تـَحَزُّنَ عَلَى زَوَالِ الـْجَمِيلاَتِ الـَّتي هِيَ مَرَايَا لِلاَسْمَآءِ الـْجَمِيلاَتِ لِبَقَاءِ الاَسْمَآءِ بِجَمَالِهَا بَعْدَ زَوَالِ الـْمَرَايَا.

وَهُوَ الـْمَعْبُودُ الـْمَحْبُوبُ الـْبَاقِي فَلاَ تـَأَلــُّمَ مِنْ زَوَالِ الـْمَحْبُوبَاتِ الـْمَجَازِيــَّةِ لِبَقَاءِ الـْمَحْبُوبِ الـْحَقِيقيِّ.

وَهُوَ الـرَّحْمَنُ الـرَّحِيمُ الـْوَدُودُ الـرَّؤُفُ الـْبَاقِي فَلاَ غَمَّ وَلا مَاْيُوسِيــَّةَ وَلا اَهـَمـِّيَةَ مِنْ زَوَالِ الـْمُنْعِمِينَ الـْمُشْفِقِينَ الظــَّاهِرِينَ لِبَقَاءِ مَنْ وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ وَشـَفَقَتُهُ كـُلَّ شَىءٍ.

وَهُوَ الـْجَمِيلُ اللــَّطِيفُ الـْعَطُوفُ الـْبَاقِي فَلاَ حِرْقَةَ وَلا عِبـْرَةَ بِزَوَالِ اللــَّطِيفَاتِ الـْمُشْفِقَاتِ لِبَقَاءِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَ كُلــِّهَا، وَلاَ يَقُومُ الـْكُلُّ مَقَمَ تـَجَلٍّ وَاحِدٍ مِنْ تـَجَلـّيَاتِهِ؛ فَبـَقَاؤهُ بِهَذِهِ الاَوْصَافِ يَقُومُ مَقـَامَ كـُلِّ مَا فَنَي وَزَالَ مِنْ اَنْوَاعِ مَحـْبُوبَاتِ كـُلِّ أحَدٍ مِنَ الــدُّنْيا. } حَسْبُنا الله وَنِعْمَ الوَكيلُ{

نَعـَمْ حَسْبِي مِنْ بَقـَاءِ الـدُّنْيا وَمَا فِيهَا بَقـَاءُ مَالِكِهَا وَصَانِعِهَا وَفَاطِرِهَا.

النـُّكْتـَةُ الثــَّانِيـَةُ

حَسْبِي(1) مِنْ بَقـَائِي اَنَّ الله هُوَ الَـهِيَ الْبـَاقِي، وَخـَالِقِيَ(2) الـْبَاقِي، وَمـُوجِديَ الـْبَاقِي، وَفـَاطِرِيَ الـْبَاقِي، وَمـَالِكِي الـْبَاقِي، وَشـَاهِدِيَ الـْبَاقِي، وَمـَعْبُودِيُ الـْبَاقِي وبـَاعِثِيَ الـْبَاقِي، فَلاَ بـَأْسَ وَلاَ حـُزْنَ وَلاَ تـَأَسـُّفَ وَلاَ تـَحَسـُّرَ عـَلَى زَوَالِ وَجـُودِي لِبـَقَاءِ مـُوجِدِي، وَاِيـجَادِهِ بِآسْمَائِهِ. وَمـَا فِي شَخْصِي مِنْ صِفَةٍ اِلاَّ وَهِيَ مِنْ شُعَاعٍ اِسْمٍ مِنْ اِسْمَائِهِ الـْبَاقِيَةِ؛ فـَزَوَالُ تِلْكَ الصـِّفَةِ وَفـَنَاؤهَا لـَيْسَ اِعْدَاماً لـَهَا، لاَنـَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي دَائِرَةِ الْعِلْمِ وَبـَاقِيَةٌ وَمـَشْهُودَةٌ لـِخَالِقِهَا.

وَكـَذَا حَسْبِي مِنَ الـْبَقَاءِ وَلـَذتِهِ عِلـْمِي وَاِذْعَانِي وَشُعُورِي وَاِيـمَانِي بـِاَنــَّهُ اِلَهِيَ الـْبَاقِي الـْمُتَمَثـِّلُ شُعَاعُ اِسْمِهِ الـْبَاقِي فِي مِرْآةِ مَاهِيــَّتِي؛ وَمـَا حَقِيقَةُ ماهِيــَّتِي اِلاَّظِلٌّ لِذلِكَ الاِسْمِ. فَبِسِرِّ تـَمَثــُّلِهِ فِي مِرَآةِ حَقِيقَتِي صَارَتْ نَفْسُ حَقِيقَتِي مَحْبُوبَةً، لاَ لِذاتِهَا بَلْ بِسِرِّ مَا فِيهَا وَبــَقَاءُ مَا تَمـَثــَّلَ فِيهَا اَنْوَاعُ بـَقـَاءٍ لَهـَا.





النـُّكْتـَةُ الثــَّالِثَةُ (1)

} حَسْبُنا الله وَنِعْمَ الوَكيلُ{ (آل عمران:173) اِذْ هُوَ الْوَجِبُ الْوُجُودِ الـَّذِي مَا هذِهِ الـْمَوْجُودَاتُ الســَّيـِّالاَتُ اِلاَّ مَظَاهِرُ لِتَجَـدُّدِ تـَجَلـّيَاتِ اِيـجَادِهِ وَوُجُودِهِ؛ بِهِ وَبِالاِنْتِسَابِ اِلَيْهِ وَبِمَعْرِفَتِهِ أَنْوَارُ الْوُجُودِ بِلاَ حَـدٍّ. وَبِدُونِهِ ظُلُمَاتُ الْعَدَمَاتِ وَآلاَمُ الْفِرَاقاتِ الْغَيْر الْمَحْدُودَاتِ.

وَمـَا هذِهِ الْمَوْجُودَاتُ السـَّيـَّالَةُ اِلاَّ وَهِي مَرَايَا وَهِيَ مُتَجَدِّدَةٌ بِتَبَدُّلِ التـَّعْيـُّنَاتِ الاِعْتِبَارِيــَّةِ فِي فَنـَائِهَا وَزَوَالِهَا وَبـَقَائِهَا بِسِتـَّةِ وَجُوهٍ:

اَلاَوَّلُ: بَقـَاءُ مَعـَانِيهَا الْجَمِيلَةِ وَهُوِيـَّاتِهَا الْمِثَالِيـَّةِ.

وَالثـَّانِي: بَقـَاءُ صُوَرِهَا فِي الاَلْوَاحِ الْمِثَالِيــَّةِ.

والثـَّالثُ: بَقـَاءُ ثَمَرِاتِها الأخْرَويــَّةِ.

وَالرّابِعُ بَقـَاءُ تَسْبِيحَاتِهَا الـرَّبـَّانِيــَّةِ الْمُتَمَثـِّلَةِ لَهَا اَلـَّتِي هِيَ نَوْعُ وَجُودٍ لَهَا.

وَالـْخَامِسُ: بَقـَاؤهَا فِي الـْمَشَاهِدِ الـْعِلـْمِيـَّةِ وَالـْمَنَاظِرِ السـَّرْمَدِيــَّةِ.

وَالسـَّادِسُ: بَقـَاءُ اَرْوَاحِهَا اِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوِي الاَرْوَاحِ(2). وَمـَا وَظِيفَتـُهَا فِي كَيْفِيـَّاتِهَا الـْمُتَخَالِفَةِ فِي مَوْتِهَا وَفـَنـَائِهَا وَزَوَالِهَا وَعـَدَمِهَا وَظـُهُورِهَا وَاِنـْطِفَائِهَا: اِلاَّ اِظـْهَارُ الـْمُقْتَضِيَاتِ للاَسْمَاءِ الاِلَهِيـَّةِ، فَمِنْ سـِرِّ هذِهِ الْوَظِيفَةِ صَارَتِ الـْمَوْجُودَاتُ كَسَيْلٍ فِي غَايَةِ السـُّرْعَةِ تَتـَمَوَّجُ مَوْتـَاً وَحـَيَاةً وَوُجُوداً وَعـَدَمـَاً. وَمِنْ هذِهِ الـْوَظِيفَةِ تـَتـَظَاهَرُ الـْفَعـَّالِيــَّةُ الـدَّائِمَةُ وَالـْخَلاَّقِيـَّةُ الـْمًسْتَمِـرَّةُ. فـَلاَبُدَّ لِي وَلِكُلِّ اَحـَدٍ اَنْ يَقُولَ: } حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الـْوَكِيلُ{ يَعْنِي؛ حَسْبِي مِنَ الـْوُجُودِ اَنـِّي اَثــّرٌ مِنْ آثـَارِ وَاجِبِ الـْوُجُودِ. كَفَانِي آنٌ سَيــَّالٌ مِنْ هذا الـْوُجُودِ الـمُنــَّورِ الـْمَظهِرَ مِنْ مَلايينَ سَنَةٍ مِنَ الـْوُجُودِ الـْمُزَوَّرِ الاَبْتَرِ.

نَعـَمْ بِسِــرِّ الاِنْتِسَابِ الاِيـمَانِيِّ تَقُومُ دَقِيقةٌ مِنَ الـْوُجُودِ؛ مقام اُلـُوفِ سَنَةٍ بِلاَ اِنْتِسَابِ اِيـمَانِيٍ، بَلْ تِلْكَ الدَّقِيقَةُ اَتـَمُّ وَاَوْسَعُ بِمَرَاتِبَ مِنْ تِلْكَ الآلاَفِ سَنـَةٍ.

وَكَذا حَسْبِي مِنَ الـْوُجُودِ وَقِيمَتِهِ اَنــَّي صَنْعَةُ مَنْ هُوَ فِي السـَّمَاءِ عَظَمَتُهُ، وَفِي الاَرْضِ أيـَاتُهُ وَخـَلَقَ السـَّمَواتِ وَالاَرْضِ فِي سِتـَّةِ اَيــَّامٍ.

وَكـَذا حَسْبِيَ مِنَ الـْوُجُودِ وَكـَمالِهِ اَنــَّي مَصْنُوعُ مَنْ زَيـَّنَ وَنـُوَّرَ الســَّمَاءَ بِمَصَابِيحَ، وَزَيــَّنَ وَبــَّهر الأرضَ بأَزاهيرَ.

وَكَذا حَسْبِي مِنَ الـْفَخْرِ وَالشــَّرَفِ اَنــَّي مَخْلُوقٌ وَمـَمْلُوكٌ وَعـَبْدٌ لِمَنْ هذِهِ الـْكَائِنَاتُ بِجَميعِ كَمـَالاَتِهَا وَمـَحَاسِنِهَا ظـِلٌّ ضَعِيفٌ بِالنـِّسْبَةِ اِلَى كَمـَالِهِ وَجـَمَالِهِ، وَمِنْ آيـَاتِ كَمـَالِهِ وَاِشَاراتِ جَمـَالِهِ.

وَكَذا حَسْبِي مِنْ كُلِّ شَيءٍ مَنْ يَدَّخِرُ مَا لاَ يُعَدُّ وَلاَ يُحْصَى مِنْ نِعَمِهِ فِي صُنَيْدِقَاتٍ لَطِيفَةٍ هِيَ بَيْنَ ((الـْكَافِ وَالنـُّونِ)) فَيَدَّخِرُ بِقُدْرَتِهِ مَلاَيِينَ قِنْطَاراً فِي قَبْضَةٍ وَاحِدَةٍ فِيهَا صُنَيْدِقَاتٌ لَطِيفَةٌ تُسَمـَّى بُذُوراً وَنـَوايـَا.

وَكَذا حَسْبِي مِنْ كُلِّ ذِي جَمَالٍ وَذِي اِحسْانٍ؛ الـْجَمِيلُ الـرَّحِيمُ الـَّذِي مَا هذِهِ الـْمَصْنُوعَاتُ الـْجَمِيلاَتُ اِلاَّ مَرايَا مُتَفـَانِيَةٌ لِتَجَدُّدِ اَنْوَارِ جَمَالِهِ بِمَـرِّ الـْفُصُولِ وَالـْعُصُورِ وَالـدُّهُورِ. وَهذِهِ النـِّعَمُ الـْمُتَوَاتِرَةُ وَالاَثْمَارُ الـْمُتَعَاقِبَةُ فِي الـرَّبِيعِ وَالصـَّيْفِ مَظَاهِرُ لِتَجَدُّدِ مَرَاتِبِ اِنْعَامِهِ الدَّائِمِ عَلَى مَرِّ الاَنَامِ وَالاَيـَّامِ وَالاَعَوَامِ.

وَكَذا حَسْبِي مِنَ الـْحَيَاةِ وَمـَاهِيـَّتِهَا اَنـِّي خَرِيطَةٌ وَفِهْرَسْتَةٌ وَفـَذْلَكَةٌ وَمِيزَانٌ وَمِقْيَاسٌ لِجَلَوَاتِ اَسْمَآءِ خَالِقِ الـْمَوْتِ وَالـْحَـيَاةِ.

وَكَذا حَسْبِي مِنَ الـْحَيَاةِ وَوَظِيفَتِهَا كَوْنِي كَكـَلِمَةٍ مَكْتُوبَةٍ بِقَلَمِ الـْقُدْرَةِ، وَمُفْهِمَةٍ دَالـَّةٍ عَلَى اَسْمَآءِ الـْقَدِيرِ الـْمُطْلَقِ الـْحَـيِّ الـْقَيــُّومِ بِمَظـْهَرِيــَّةِ حَيــَاتِي لِلشــُّئُونِ الذَّاتِيــَّةِ لِفَاطِرِيَ الــَّذِي لَهُ الاَسْمَاءُ الـْحُسْنى.

وَكَذا حَسْبِي مِنَ الـْحَيـَاةِ وَحُقُوقِهَا اِعْلانِي وَتـَشْهِيرِي بَيْنَ اِخْوَانِي الـْمَخْلُوقَاتِ وَاِعْلاَنِي وَاِظْهَارِي لِنَظَرِ شُهُودِ خَالِقِ الـْكائِنَاتِ بِتَزَيــُّنِي بِجَلَواتِ اَسْماءِ خَالِقِي الـَّذِي زَيـَّنَني بِمُرَصـَّعَاتِ حُلــَّةِ وُجُودِي وَخِلْعَةِ فِطْرَتِي وَقِلاَدَةِ حَيَاتِي الـْمُنْتَظَمَةِ الــَّتِي فِيَها مُزَيــَّنَاتُ هَدَايَا رَحْمَتِهِ.

وكَذا حَسْبِي مِنْ حُقـُوقِ حَيـَاتِي فَهْمي لِتَحِيــَّاتِ ذَوِي الـْحَيـَاةِ لِوَاهِبِ الـْحَيـَاةِ وَشُهُودِي لَهـَا وَشَهَادَاتٌ عَلـَيْهَا.

وَكَذا حَسْبِي مِنَ حُقـُوقِ حَيـَاتِي تَبـَرُّجِي وَتـَزَيـُّنِي بِمُرَصـَّعَاتِ جَوَاهِرِ اِحْسَانِهِ بِشُعُورٍ اِيـمَانِيٍ لِلَعْرضِ لِنَظَرِ شُهُودِ سُلْطَانِيَ الاَزَلِـيِّ.

وَكَذا حَسْبِي مِنَ الـْحَيَاةِ وَلَذَّتِهَا عِلْمِي وَاِذْعَانِي وَشُعُورِي وَاِيـمَانِي، بِاَنـِّي عَبْدُهُ وَمـَصْنوعُهُ وَمـَخْلُوقُهُ وَفـَقِيرُهُ وَمـُحْتَاجٌ اِلَيْهِ؛ وَهُوَ خَالِقِي رَحِيمٌ بِي كَرِيمٌ لَطِيفٌ مُنْعِمٌ عَلَىَّ، يُرَبـِّيِني كَما يَلِيقُ بِحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ.

وَكَذا حَسْبِي مِنَ الـْحَيَاةِ وَقِيمَتِهَا مِقْيَاسِيـَّتِي بِاَمْثَالِ عَجْزِيَ الـْمُطْلَقِ وَفـَقْرِيَ الـْمُطْلَقِ وَضـَعْفِيَ الـْمُطْلَقِ لِمَراتِبِ قُدْرَةِ الـْقَدِيرِ الـْمُطْلَقِ، وَدَرَجـَاتِ رَحْمَةِ الـرَّحِيمِ الـْمُطْلَقِ، وَطـَبـَقـَاتِ قـُوَّةِ الـْقَوِيِّ الـْمُطْلَقِ.

وَكَذا حَسْبِي بِمَعْكَسِيـَّتِي بِجُزْئِيــَّاتِ صِفَاتِي مِنَ الـْعِلْمِ وَالاِرَادَةِ وَالـْقُدْرَةِ الـْجُزْئِيــَّةِ لِفَهْمِ الصـِّفَاتِ الـْمُحِيطَةِ لِخَالِقِي. فَـاَفْهَمُ عِلْمَهُ الـْمُحِيطَ بِمِيزَانِ عِلْمِي الـْجُزْئِيِّ.

وَهَكَذا حَسْبِي مِنْ الـْكَمَالِ؛ عِلْمِي بـِاَنَّ اِلَهِي هُوَ الـْكَامِلُ الـْمُطْلَقُ. فَكُلُّ مَا فِي الـْكَوْنِ مِنَ الـْكَمَالِ مِنْ آيـَاتِ كَمـَالِهِ، وَاِشَاراتٌ اِلَى كَمَالِهِ.

وَكَذا حَسْبِي مِنَ الـْكَمَالِ فِي نَفسي، الاِيـمَانُ بِالله. اِذا الايـمَانُ لِلْبَشَرِ مَنْبَعٌ لِكُلِّ كَمالاَتِهِ.

وَكَذا حَسْبِي مِنَ كُلِّ شَيءٍ لاَنْوَاعِ حَاجَاتِيَ الـْمَطـْلُوبَةِ بِاَنْوَاعِ اَلـْسِنَةِ جِهَازاتِيَ الـْمُخَلِفَةِ، اِلَهِي وَرَبـِّي وَخـَالِقِي وَمُصَـوِّرِيَ لِهُ الاَسْمَآءُ الـْحُسْنَى الـَّذِي هوَ يُطـْعِمُني وَيـَسْقِينِي وَيـُربــِّينِي وَيـُدَبـِّرُنِي وَيـُكَمّلُنِي، جَلَّ جَلاَلُهُ وَعَـمَّ نَوَالُهُ.

اَلنـُّكْتَةُ الـرَّابِعَةُ

حَسْبِي لِكُلِّ مَطَالِبِي مَنْ فَتـَحَ صُورَتِي وَصـُورَةَ اَمْثـَالِي مِنْ ذَوِي الـْحَيَاةِ فِي الـْمَآءِ بِلَطِيفِ صُنْعِهِ وَلـَطِيفِ قُدْرَتِهِ وَلـَطِيفِ حِكْمَتِهِ رُبـُوبِيــَّتِهِ.

وَكَذا حَسْبِي لِكُلِّ مَقَاصِدِي مَنْ اَنـْشَأَنِي وَشَقَّ سَمْعِي وَبـَصَرِي، وَاَدْرَجَ في جِسْمِي لِسَاناَ وَجَناناً، وَاَوْدَعَ فِيهَا وَفِي جِهَازاتِي؛ مَوَازِينَ حَسـَّاسـَّةً لاَ تـُعَدٌّ لِوَزْنِ مُدَّخَرَاتِ اَنـْوَاعِ خَزَائِنِ رَحْمَتِهِ. وَكَذا اَدْمَجَ فِي لِسَانِي وَجـَنَانِي وَفِطْرَتِي آلاتٍ جَسـَّاسَةً لا تـُحْصَى لِفَهْمِ اَنـْوَاعِ كُنُوزِ اَسْمَآئِهِ.

وَكَذا حَسْبِي مَنْ اَدْرَجَ فِي شَخْصِيَ الصـَّغِيرِ الـْحَقِيرِ، وَاَدْمَجَ فِي وُجُودِيَ الضـَّعِيفِ الـْفَقِيرِ هذِهِ الاَعْضـَاءَ وَالآلاتِ وَهذِهِ الـْجَوَارِحَ وَالـْجِهَازاتِ وَهذِهِ الـْحَوَاسَّ وَالـْحِسـِّياتِ وَهذِهِ اللـَّطَائِفَ وَالـْمَعْنَوِياتِ؛ لاِحْسَاسِ جَميعِ اَنْواعِ نِعَمِهِ، وَلإذاقَةِ اَكْثَرِ تَجـَلـِّيـَّاتِ اَسْمَائِهِ بِجَليلِ اُلُوهِيـَّتِهِ وَجـَمِيلِ رَحْمَتِهِ وَبِكَبِيرِ رُبـُوبِيـَّتِهِ وَكَرِيمِ رَأْفَتِهِ وَبِعَظِيمِ قُدْرَتِهِ وَلـَطِيفِ حِكْمَتِهِ.

اَلنـُّكْتَةُ الـْخَامِسَةُ

لابُدَّ لِي وَلِكُلِّ اَحـَدٍ اَنْ يَقُولَ حَالاً وَقـَالاً وَمْتَشَكـِّراً وَمُفْتَخِراً: حَسْبِي مَنْ خَلـَقَنِي، وَاَخْرَجَنِي مِنْ ظـُلْمَةِ الـْعَدَمِ، وَاَنْعَمَ عَلَـيَّ بِنُورِ الـْوُجُودِ.

وَكَذا حَسْبِي مَنْ جَعـَلَنِي حَيــَّاً فـَاَنْعَمَ عَلَـيَّ نِعْمَةَ الـْحَيـَاةِ الــّتِي تُعْطِي لِصَاحِبِهَا كُلَّ شَيءٍ وَتـُمِدُّ يَدَ صَاحِبِهَا اِلَى كُلِّ شَيءٍ.

وَكَذا حَسْبِي مَنْ جَعـَلَنِي اِنْسَاناً فـَاَنْعَمَ عَلَـيَّ بِنـِعْمَةِ الاِنْسَانِيــَّةِ الـَّتِي صَيــَّرَتِ الاِنْسَانَ عـَالَمَاً صَغِيراً اَكْبَر مَعْنَىً مِنَ الـْكَبِيرِ.

وَكَذا حَسْبِي مَنْ جَعـَلَنِي مُؤْمِناً فَاَنْعَمَ عَلَـيَّ نِعْمَةَ الاِيـمَانِ الــَّذِي يُصَيــِّرُ الـدُّنْيـَا وَالآخِرَةَ كَسُفْرَتَيْنِ مـَمْلـُوئَتـَيْنِ مِنَ النـِّعَمِ يـُقَـدِّمُهَا الَى الـْمُؤمِنِ بِيَدِ الاِيـمَانِ.

وَكَذا حَسْبِي مَنْ جَعـَلَنِي مِنْ اُمـَّةِ حَبِيبِهِ مُحَمــَّدٍ عَلَيْهِ الصـَّلاَةُ وَالسـَّلاَمُ، فَاَنْعَمَ عَلَـيَّ بِمَا فِي الاِيـمَانِ مِنْ الـْمَحَبــَّةِ وَالـْمَحْبُوبِيـَّةِ الاِلـَهِيـَّةِ، الـَّتِي هِيَ مِنْ اَعْلَى مَرَاتِبِ الـْكَمَالاتِ الـْبَشَرِيــَّةِ.. وَبِتِلْكَ الـْمَحَبــَّةِ الاِيـمَانِيــَّةِ تَمْتَدُّ أيـَادِي اِسْتِفَادَةِ الـْمُؤْمِنِ اِلَى مـَا لاَ يَتـَنـَاهى مِنْ مُشْتَمِلاَتِ دَائِرَةِ الاِمْكَانِ وَالـْوُجُوبِ.

وَكَذا حَسْبِي مَنْ فـَضـَّلـَنِي جِنْساَ وَنـَوْعاً وَدِيناً وَاِيـمَاناً عَلَى كَثِيرٍ مِنْ مـَخْلـُوقاتِهِ، فـَلـَمْ يـَجْعَلـْنِي جـَامِداً وَلا حـَيَواناً وَلا ضَالاَّ. فـَلـَهُ الـْحَمْدُ وَلَهُ الشـُّكْرُ.

وَكَذا حَسْبِي مَنْ جـَعَلـَنِي مـَظْهَراً جـَامِعاً لِتـَجَلـِّيــَّاتِ اَسْمَائِهِ، وَاَنْعَمَ عَلَــيَّ بِنِعْمَةٍ لا تـَسَعُهَا الـْكَائِنَاتُ بِسِـرِّ حَدِيثِ ((لا يـَسَعُنِي اَرْضِي وَلا سـَمَائِي وَيـَسَعُنِي قـَلـْبُ عـَبْدِيَ الـْمُؤْمِنِ))(1) يـَعْنِي اَنَّ الـْمَاهِيـَّةِ الاِنْسَانِيـَّةَ مـَظـْهَرٌ جَامِعٌ لِجَمِيعِ تـَجَلـِّيَاتِ الاَسْمَاءِ الـْمُتَجَلـِّيَةِ فِي جَمِيعِ الـْكَائِنَاتِ.

وَكـَذا حَسْبِي مَنِ اشْتـَرى مـُلْكَهُ الـَّذِي عِنْدِي مِنـَّي لِيَحْفَظَهُ لِي، ثـُمَّ يُعِيدَهُ اِلـَيَّ، وَاَعْطانا ثَمـَنـَهُ الـْجَنـَّةَ. فَلـَهُ الشـُّكْرُ وَلـَهُ الـْحَمْدُ بِعَدَدِ ضَرْبِ ذَرَّاتِ وُجُودِي فِي ذَرَّاتِ الـْكَائـِنَاتِ.

حَسْبِي رَبــِّي جـَلَّ الله نُورْ مُحَمـَّدْ صـَلَّى الله

لاَ اِلَهَ اِلاَّ الله

حَسْبِي رَبــِّي جـَلَّ الله سِـرُّ قـَلْبِـــي ذِكْـرُ الله

ذِكْرُ اَحْمَدْ صـَلَّى الله

لاَ اِلـَهَ اِلاَّ الله







الباب السادس

في ((لا حَولَ ولا قـُوَّةَ إلاّ باللهِ العَلِيِّ العَظيمِ))(1)

وهذه الكلمة الطيبة الـمباركة خامسة من الـخمس الباقيات الصالـحات الـمشهورات التي هي: ((سبحان الله. والـحمد لله، ولا إله إلاّ الله، والله اكبر، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم)).

بِسمِ الله الـرَّحـمنِ الـرَّحيمِ

إلـهي وَسَيـِّدي وَمـَالِكي! لِي فَقْرٌ بِلا نِهايَةٍ، مَعَ أنَّ حاجَاتي وَمـَطالِبي لا تُعَدُّ وَلاتُحصى، وَتـَقصُرُ يَدي عَنْ أدنى مَطالِبي. فَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلاّ بِكَ يا رَبـِّيَ الـرَّحيمِ! وَيا خالِقي الكَريم! يا حَسيبُ يا وَكيلُ يا كافي.

إلَهي ! إختيَاري كَشـَعَرةٍ ضَعيفَةٍ، وَآمالي لاتُحصَى. فـَأعْجَزُ دائِمَاً عـَمـَّا لا اَستغَني عَنها أبـَداً. فـَلاحَولَ وَلا قُوَّةَ إلاّ بِكَ يا غَنيُّ ياكَريمُ يا كَفيلُ ياوَكيلُ يا حَسيبُ ياكَافي.

إلـهَي وَسـَيـِّدي وَمـَالِكي! إقِتداري كـَذَرَّةٍ ضَعيفَةٍ، مَعَ أنَّ الاَعدَاءَ وَالعِلَلَ وَالاَوهامَ وَالاهوالَ وَالالامَ وَالاسقَامَ وَالظـُّلُماتِ وَالضَّلالَ وَالاسفَارَ الطـِّوالَ ما لاتُحصى. فَلا حَولَ عَنها، وَلا قـُوَّةَ عَلى مُقابـَلَتِها إلاّ بِكَ ياقَوِيُّ ياقَديرُ ياقَريبُ يامُجيبُ يا حَفيظُ ياوَكيلُ.

إلَهي! حَياتِي كَشُعلَةٍ تَنطَفىءُ كَـأمثَالِي. وَآمالي لاتُحصَى. فَلا حَولَ عَنْ طَلَبِ تِلكَ الامَالِ، وَلاقُوَّةَ عَلى تَحصِيلِها إلاّ بِكَ يا حَـيُّ ياقَيـُّومُ يا حَسيبُ ياكافِي ياوَكيلُ يَاوافي.

إلَهي! عُمري كَدَقيقَةٍ تـَنْقَضي كَاَقرانِي؛ مَـعَ أنَّ مَقـَاصِدي وَمـَطـَالِبي لا تُعـَدُّ وَلا تُحصَى. فَلا حَولَ عَنها وَلا قـُوَّةَ عَليها إلاّ بِكَ يا أزَليُّ يا أبَدِيُّ يا حَسيبُ يا كافي ياوَكيلُ ياوَافي.

إلَهي! شُعُوري كَلَمْعَةٍ تَزُولُ؛ مَعَ أنَّ ما يَلزَمُ مُحافَظـَتُهُ مِنْ أنوَارِ مَعرِفَتِكَ، وَما يَلزَم التـَّحَفُّظُ مِنْهُ مِنَ الظـُّلـُماتِ وَالضـَّلالاتِ لا تُعَــدُّ وَلاتُحصَى. فَلا حَولَ عَنْ تِلكَ الظـُّلـُماتِ وَالضــَّلالاتِ وَلا قُوَّةَ عَلى هاتيِكَ الانَوارِ وَالـهِداياتِ إلاّ بِكَ يا عَليمٌ يا خَبيرُ يا حَسيبُ يا كافي يا حَفيظُ ياوَكيلُ.

إلَهي! لِي نَفسٌ هَلُوعٌ وَقـَلبٌ جَزُوعٌ وصَبرٌ ضَعيفٌ وَجِسمٌ نَحيفٌ وَبـَدَنٌ عَليلٌ ذَليلٌ، مَعَ أنَّ الـمَحمُولَ عَلـّـيَّ مِنَ الاَحـمَالِ الـمَادِّيــَّةِ والـمَعْنَويـَّةِ ثَقيلٌ ثَقيلٌ. فَلا حَولَ عَنْ تِلكَ الاَحـمَالِ وَلا قُوَّةَ عَلى حَملـها إلاّ بِكَ يارَبــِّي الـرَّحيمُ يا خالِقي الكَريمُ يا حَسيبُ يا كَافي يا وَكِيْلُ يا وَافي.

إلَهي! لِي مِنَ الـزَّمَانِ آنٌ يَسيلُ في سَيْلٍ وَاسِعٍ سَريع الـجَرَيانِ؛ وَلِيَ مِنَ الـمَكانِ مِقدارُ القَبرِ مَـعَ عَلاقَتيِ بِسائِرِ الاَمكِنَةِ وَالاَزمِنَةِ. فَلا حَولَ عَنِ العَلاقَةِ بِهَا، وَلا قُوَّةَ عَلى الوُصُولِ إلى ما فيها إلاّ بِكَ يارَبَّ الاَمْكِنَةِ وَالاَكوَانِ، وَيارَبَّ الدُّهُورِ وَالاَزمَانِ ياحَسيبُ يا كَافي يا كَفيلُ ياوَافي.

إلَهي! لِي عَجْزٌ بِلا نِهايَةٍ وَضعَفٌ بِلا غَايَةٍ، مَعَ أنَّ أعدَائي وَما يُؤلِمُني وَما أخَافُ مِنهُ وَما يُهَدِّدُني مِنَ البَلايَا وَالافاتِ ما لا تُحصَى. فَلا حَولَ عَنْ هَجَماتِها وَلا قُوَّةَ عَلى دَفعِها إلاّ بِكَ ياقَويُّ ياقَديرُ ياقَريبُ يارَقيبُ يا كَفيلُ يا وَكيلُ يا حَفيظُ يا كَافي.

إلَهي! لِي فَقْرٌ بِلا غايَةٍ وَفـَاقـَةٌ بِلا نِهايَةٍ؛ مـَعَ أنَّ حاجاتي وَمـَطالِبي وَوَظائِفي مالا تُحصَى. فَلا حَولَ عنها وَلاقُـوَّةَ عَليها إلاّ بِكَ يا غَنيُّ ياكَريمُ يامُغني يارَحيمُ.

إلَهي تَبـَرَّأتُ إلِيكَ مِنْ حَولي وَقـُوَّتي، وَالتَجاْتُ إلى حَولِكَ وَقـُوَّتِكَ فَلا تَكِلني الى حَولي وَقـُوَّتي. وَارحَمْ عَجزي وَضـَعفي وَفَقـَري وَفـَاقـَتي. فـَقَد ضاقَ صَدري، وَضاعَ عُمري، وَفَني صَبري، وَتـَاهَ فِكري، وَأنتَ العَالمُ بسرِّي وَجَهري، وَأنتَ الـمَالِكُ لِنَفعي وَضَـرِّي، وَأنتَ القَادِرُ عَلى تَفريجِ كَربي وَتـَسِيرِ عُسري. فَـفـَـرِّجْ كُلَّ كَربَتي وَيـَسـِّرْ عَلَيَّ وَعـَلى إخواني كُلَّ عَسيرٍ.

إلَهي! لا حَولَ عَنِ الـزَّمانِ الاَتي، وَعَنِ اَهوالِهِ مَعَ سَوقٍ إلَيهِ؛ وَلا قُـوَّةَ عَلى الـماضي وَلـَذَائِذِهِ مَعَ عَلاقَةٍ بِهِ إلاَ بِكَ يا أزَلـيُّ يا أبَديُّ.

إلَهي! لا حَولَ عَنِ الـزَّوالِ الـَّذي أخـَافُ وَلا أخلِصُ مِنهُ؛ وَلا قُوَّةَ عَلى إعَادَةِ ما فَاتَ مِنْ حَياتيَ الــَّتي أتـَحَسـَّرُها، وَلا أصِلُ إلَيها إلاّ بِكَ ياسَرمَدِيُّ ياباقي.

إلَهي! لا حَولَ عَنْ ظُلمَةِ العَدَمِ؛ وَلا قُـوَّةَ عَلى نُورِ الوُجُودِ إلاّ بِكَ يا مُوجِدُ يا مَوجُودُ ياقَديمُ.

إلَهي! لا حَولَ عَنِ الـمَضارِّ اللاّحِقَةِ بِالـحَياةِ؛ وَلا قـُـوَّةَ عَلى الـمَسارِّ اللاّزِمَةِ للِحَياةِ إلاّ بِكَ يا مُدَبـِّرُ يا حَكيمُ.

إلَهي! لا حَولَ عَنِ الآلامِ الهَاجِمَةِ عَلى ذي الشـُّعُورِ؛ وَلا قُـوَّةَ عَلى اللــَّذائِذِ الـمَطلُوبَةِ لِذي الـحِسِّ إلاّ بِكَ يا مُرَبـِّي يا كَريمُ.

إلَهي! لا حَولَ عَنِ الـمَساوي العَارِضَةِ لِذَوي العُقُولِ؛ وَلا قُــوَّةَ عَلى الـمَحَاسِنِ الـمُزّيــِّنَةِ لِذَوي الـهِمَمِ إلاّ بِكَ يا مُحسِنُ يا كَريمُ.

إلَهي! لا حَولَ عَنِ النـِّقَمِ لاَهلِ العِصيَانِ؛ وَلا قـُوَّةَ عَلى النــِّعَمِ لاَهلِ الطــَّاعَاتِ إلاّ بِكَ يا غَفُورُ يامُنْعِمُ.

إلَهي! لا حَولَ عَنِ الاَحزَانِ؛ وَلا قـُوَّةَ عَلى الافراحِ إلاّ بِكَ. فَإنــَّكَ أنتَ الــَّذي أضْحَكَ وَاَبْكى يا جـَميلُ يا جَليلُ.

إلَهي! لا حَولَ عَنِ العِلَلِ، وَلا قـُوَّةَ عَلى العَلفِيَةِ إلاّ بِكَ ياشافي يا مُعَافي.

إلَهي! لا حَولَ عَنِ الآلامِ؛ وَلا قـُوَّةَ عَلى الامالِ إلاّ بِكَ ياَمُنجي يا مُغيثُ.

إلَهي! لا حَولَ عَنِ الظــُّلُماتِ؛ وَلا قــُوَّةَ عَلى الاَنوَارِ إلاّ بِكَ يانُورُ ياهادي.

إلَهي! لا حَولَ عَنِ الشــُّرورِ مُطلَقاً؛ وَلا قـُوَّةَ عَلى الـخَيراتِ أصلاً إلاّ بِكَ يامَنْ بيَدِهِ الـخَيرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قديرٌ، وَبِعِبَادِهِ بَصيرٌ، وَبِحَوايِجِ مَخلُوقَاتِهِ خَبيرٌ.

إلَهي! لا حَولَ عَنِ الـمَعاصي إلاّ بِعِصمَتِكَ؛ وَلا قـُوَّةَ عَلى الطــَّاعَةِ إلاّ بِتَوفيقِكَ يا مُوَفــِّقُ يا مُعينُ.

إلَهي! لِي عَلاقَاتُ شَديدَةٌ مَعَ نَوعيَ الاِنسانـيِّ، مَعَ أنَّ آيـَةَ } كـُلُّ نَفسٍ ذآئِقَةُ الـمَوتِ{ تُهَـدِّدُني وَتُطفِىءُ آمالي الـمُتَعَلــِّعَةِ بِنَوعي وَجِنسي، وَتـَنْعِي عَلـَيَّ بِمَوتِهما. فَلا حَولَ عَنْ ذاكَ الـحُزنِ الاَليمِ النـَّاشِىء مِنْ ذلكَ الـمَوتِ وَالنــَّعِي، وَلا قـُوَّةَ عَلى تَسَلٍّ يَملأُ مَحـَلَّ مازالَ عَنْ قَلبي وَروحي إلاّ بِكَ. فَانتَ الـَّذي تَكفي عَنْ كـُلِّ شَيءٍ، وَلا يَكفي عَنكَ كـُلُّ شَيء.

إلَهي! لِي عَلاقاتٌ شَدِيدَةٌ مَعَ دُنيَايَ الــَّتي كَبيْتِي وَمـَنْزِلي؛ مَعَ أنَّ آيَةَ } كُـلُّ مَنْ عَلَيها فانٍ وَيَبقى وَجهُ رَبــِّكَ ذُو الـجَلالِ وَالاِكرامِ { (الرحـمن:26) تُعلِنُ خَرابِيــَّةِ بَيتي هذَا. وَزَوَالَ مَحبُوبَاتي الــَّتي ساكَنْتُهُمْ في ذلكَ البَيتِ الـمُنهَدِمِ؛ وَلاحَولَ عَنْ هذِهِ الـمُصيبَةِ الـهائِلَةِ، وَعَنْ الفِراقَاتِ مِنَ الأَحبَابِ الآفِلَةِ؛ وَلا قُـوَّةَ عَلى ما يُسَلــِّيني عَنها، وَيَقُومُ مَقَامَها إلاّ بِكَ يا مَنْ يَقُومُ جلوَةٌ مِنْ تَجَلــِّياتِ رَحمَتِهِ مَقَامَ كـُلِّ ما فارَقَني.

إلَهي لِي عَلاقَاتٌ(1) بِجامِعـَّيةِ ماهِيـَّتي، وَغايَةِ كَثَرةِ جَهازاتي الــَّتي أنْعَمْتَها عَلـَيَّ، وَأحتياجاتٌ شَديدَةٌ إلى الكائِناتِ وَانوَاعِها؛ مَعَ أنَّ آيَةَ } كـُـلُّ شَيءٍ هالِكٌ اِلاّ وَجهَهُ لَهُ الـحُكْمُ وَاِلَيهِ تُرجَعُونَ{ (القصص:88) تُهَدِّدُني وَتـَقطَعُ عَلاقَاتي الكَثيرَةَ مِنَ الاَشيَاءِ. وَبِانقِطاعِ كَلِّ عَلاقَةٍ يَتَولــَّدُ جَزْحٌ وَألـَمٌ مَعنَويٌ في رُوحي. وَلا حَولَ عَنْ تِلكَ الـجُرُوحاتِ الغَيرِ الـمَحدُودةِ؛ وَلا قـُوَّةَ عَلى أدويَتِها إلاّ بِكَ يا مَنْ يكفي لِكـُلِّ شَيءٍ، وَلا يَكفي عَنْ شَيءٍ واحدٍ مِنْ تَوَجـُّهِ رَحمَتِهِ كـُلُّ الاَشيَاءِ، وَيا مَنْ اذا كَانَ لشيءٍ كَانَ لَهُ كـُلُّ شَيءٍ ومَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ لا يَكُونُ لَهُ شَيءٌ مِنَ الأشيَاءِ.

إلَهي! لِي عَلاقاتٌ شَديدَةٌ وَابِتلاءٌ وَمَفتُونِيــَّةٌ مَعَ شَخصيـَّتي الـجِسمانيـَّةِ، حَتـَّى كَأنَّ جسمي عَمُودٌ في نَظَري الظـَّاهِريِّ لِسَقفِ جَميعِ آمالي وَمَطَالبِي؛ وَفِيَّ عِشقٌ شَديدٌ لِلبَقاءِ؛ مَعَ أنَّ جِسمي لَيسَ مِنْ حَديدٍ وَلا حَجَرِ لِيَدُومَ في الـجُملَةِ، بل مِنْ لَحمٍ وَدَمٍ وَعَظمٍ عَلى جَناحِ التـَّفَـرُّقِ في كـُلِّ آنٍ؛ وَمـَعَ أنَّ حـَياتي كَجِسمي مـَحدودةُ الطـَّرَفَينِ، سَتُختَمُ بِخَاتَمِ الـمَوتِ عَنْ قَريبٍ؛ مَعَ أنـِّي قَد اشتَعَلَ الـرَّأسُ شَيباً مِنـِّي، وَقد ضَرَبَ السـَّقَمُ ظَهري وَصَدري، فَأنا في قَلـَقٍ وَضَجَر وَاضطِرابٍ وَتـَألـُّم وَتـَحَـزُّنٍ شَديدٍ مِنْ هذِهِ الكَيفيــَّةِ. فَلا حَولَ عَنْ هذِهِ الـحَالَةِ الـهَائِلَةِ؛ وَلا قـُوَّةَ عَلى ما يُسَلـِّيني عَمـَّا يَحزُنُني، وَعَلى ما يُعَــوِّضُني ما يَضيعُ مِنــِّي، وَعَلى ما يَقُومُ مَقام ما يَفُوتُ مِنــِّي إلاّ بِكَ يارَبــِّي الباَقي، وَالباقي ببَقَائِهِ وَإبقائِهِ مَنْ تَمَسـَّكَ بِاسمٍ مِنْ أسـمائِهِ الباقِيَةِ.

إلـَهي! لِي وَلِكـُـلِّ ذي حَياةٍ خَوفٌ شَديدٌ مِنَ الـمَوتِ وَالـزَّوالِ اللــَّذَينِ لا مَفـَرَّ مِنهًما؛ وَلِي مَحـَبــَّةٌ شَديدةٌ للِحَياةِ وَالعُمْرِ اللــَّذينِ لا دَوامَ لَهُما؛ مَعَ أنَّ تَسارُعَ الـمَوتِ إلى أجسامنا بِهُجُومِ الآجالِ لا يُبقي لِي وَلا لأحَدٍ أمَلاً مِنَ الآمال الـدُّنيَويـَّةِ إلاّ وَيَقطَعُها، وَلا لـَذَّةً إلاّ وَيَهْدِمُها. فَلا حَولَ عَنْ تلِكَ البَلِيــَّةِ الهائِلَةِ وَلا قـُوَّةَ عَلى مل يُسَلـِّينَا عَنها إلاّ بِكَ يا خَالِقَ الـمَوتِ وَالحَياةِ! وَيا مَنْ لَهُ الـحَياةُ الَسـَّرمَدِيــَّةُ، الـَّذي مَنْ تَمـَسـَّكَ بِهِ وَتـَوجــَّهَ إلَيهِ وَيـَعرِفُهُ وَيُحِبــُّهُ؛ يَدُومُ حَياتُهُ وَيـَكُونُ الـمَوتُ لَهُ تَـجَـدُّدَ وَتـَبديلَ مـَكانٍ. فَإذاً فَلا حُزنَ لَهُ وَلا ألَمَ عَليهِ بِسِرِّ } ألا إنَّ أولِيَاءَ اللهِ لا خَوفٌ عَلَيهِمْ وَلا هُمْ يَحزَنُونَ { (يونس:62).

إلـَهي! لِي لأجلِ نَوعيِ وَجِنسِي عَلاقاتٌ بِتَألــُّماتٍ وَتـَمَنـّياتٍ بِالسـَّموَاتِ وَالأرضِ وَبـِاَحوَالِها. فَلا قُوَّةَ لي بِِوجهٍ مِنَ الوُجُوهِ عَلى إسماعِ أمري لَهُما، وَتـَبليغِ أمـَلي لِتِلكَ الاَجرامِ، وَلا حَولَ عَنْ هذا الابِتِلاءِ وَالعَلاقَةِ إلاّ بِكَ ياربَّ الســَّموَاتِ وَالاَرضِ! وَيا مَنْ سَخـَّرَهُما لِعِبادِهِ الصـَّالِحينَ.

إلـَهي! لِي وَلِكـُلِّ ذي عَقلٍ عَلاقَاتٌ مَعَ الأزمنة الـماضِيَةِ وَالاَوقاتِ الاِستِقبَاليــَّةِ؛ مَعَ أنـَّنا قَد انْحَبـَسْنَا في زَمانٍ حاضِرٍ ضَيـّقٍ لا يَصلُ ايدِينا اِلى أدنى زَمانٍ ماضٍ وَمُستَقبَلٍ لـِجلبٍ مِنْ ذاكَ ما يُفـرِّحُنا، او لِدَفْعٍ مِنْ هذا ما يُحزنُنا. فَلا حَولَ عَنْ هذِهِ الـحالَةِ، وَلا قُوَّةَ عَلى تـَحويلِها إلى أحسَنِ الـحالِ إلاّ بِكَ يارَبَّ الـدُّهُورِ وَالاَزمَانِ.

إلـَهي! لِي فِي فِطرَتِي وَلِكـُلِّ أحَدٍ في فِطرَتِهِمْ آمالٌ أبَديـَّةٌ وَمـَطالِبُ سَرمَديــَّةٌ تَمْتَـدُّ إلى أبَدِ الآيادِ. إذ قَد أوْدَعْتَ في فِطرِتَنَا استِعداداً عَجيباً جامعاً، فيهِ احتياجٌ وَمـَحـَبــَّةٌ لا يُشبِعُهُما الدُنيا وَما فيها، وَلاَ يرضي ذلكَ الاِحتِياجُ وَتِلكَ الـمَحَبــَّةُ إلاّ بِالـجَنــَّةِ الباقِيَةِ؛ ولا يَطمئِنُّ ذلِكَ الاِستِعدادُ إلاّ بِدارِ السـَّعادَةِ الاَبـَديــَّةِ. يارَبَّ الـدُّنيا وَالآخـِرَةِ وَيارَبَّ الـجَنــَّةِ وَدَارِ القَرارِ(1).
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس