عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

الباب الأول

تمهيد


تقسيم الأسماء الحسنى وأثرها في الوجود


بسم الله الرحمن الرحيم


مقدمة المؤلف


"الحمد لله الغني بذاته عن العالمين، الظاهر بأسمائه وتعطُّفاته للعارفين. والصلاة والسلام على مفتاح كنـز الحضرة العلية، سيدنا محمد الذي وسع الأنوار بالعناية الأزلية، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وورثته، وسلَّم إلى يوم الدين.أما بعد:


فإن معرفة الله تعالى هي الشرف العظيم، والعلم بالله هو العز المقيم، لأن المعرفة بالذات الأحدية ومعاني الأسماء والصفات القدسية، هي غاية ما يتمناه الرجال، ويحنُّ إليه الأبطال.


وإن أقرب سبيل يوصل إلى الله معرفة أسمائه، فهي سر الوجود والشهود. وقد وضعت كتاباً سميته:
" الأنوار القدسية في شرح أسماء الله الحسنى وأسرارها الخفية"


وجعلت له أبواباً كالمقدَّمات، تكشف للطالب أنوار الصفات، ووضعت لكل اسم "دعاءً" لم أنقله من كتاب، إنما هو من فيض الوهاب .


قال صلى الله عليه وآله وسلم : (فيما رواه مسلمٌ وَغَيرُهُ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه ): "إِنّ للّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً. مِائَةً إِلاّ وَاحِداً. مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنّةَ" (1) .


وبقدر معرفتك بأسرار الأسماء بقدر رسوخك في مقامات (2) الأولياء ، فما فاز صفيٌّ بالشهود إلا من تجلي أسماء الرب الودود، وما تأدَّب عارفٌ وخشع إلا إذا نور الجلال سطع، وما طار قلب إلى الحبيب إلا بنور أسماء القريب المجيب.


فابحث عن العارفين بأسرار الأسماء والصفات، المستغرقين في أسرار التجليات. أسأل الله أن ينفعني بالعمل بما في هذا الكتاب، وأن ينفع إخواني ويفتح لهم الأبواب، إنه على ما يشاء قدير.


أحمد سعد العقاد

========================================

1 : الحديث رواه: متفق عليه [البخاري ، ومسلم] والترمذي ، وابن ماجة عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه ، ورواه أيضاً ابن عساكر عن سيدنا عمر رضي الله عنه. وفي صحيح مسلم بشرح النووي: "وزادَ هَمّامٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم "إِنّهُ وِتْرٌ. يُحِبّ الْوِتْرَ".

وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة ،إنه وتر يجب الوتر" .وفي رواية: "من حفظها دخل الجنة"

قال الإمام أبو القاسم القشيري: فيه دليل على أن الاسم هو المسمى إذ لو كان غيره لكانت الأسماء لغيره لقوله تعالى: ] وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى[ - الأعراف - الآية 180 -. قال الخطابي وغيره: وفيه دليل على أن أشهر أسمائه سبحانه وتعالى الله لإضافة هذه الأسماء إليه، وقد روي أن "الله" هو اسمه الأعظم.

قال أبو القاسم الطبري: وإليه ينسب كل اسم له فيقال: "الرؤوف، والكريم" من أسماء الله تعالى ولا يقال من أسماء الرؤوف أو الكريم الله.

واتفق العلماء: على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه سبحانه وتعالى فليس معناه أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين وإنما مقصود الحديث أن هذه التسعة == والتسعين من أحصاها دخل الجنة، فالمراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحصر الأسماء، ولهذا جاء في الحديث الاَخر: "أسألك بكل اسم سميت به نفسك أو استأثرت به في علم الغيب عندك". وقد ذكر الحافظ أبو بكر بن العربي المالكي عن بعضهم أنه قال: لله تعالى ألف اسم، قال ابن العربي: وهذا قليل فيها والله أعلم. وأما تعيين هذه الأسماء فقد جاء في الترمذي وغيره في بعض أسمائه خلاف، وقيل إنها مخفية التعيين كالاسم الأعظم وليلة القدر ونظائرها.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحصاها دخل الجنة" فاختلفوا في المراد بإحصائها فقال البخاري وغيره من المحققين: معناه حفظها وهذا هو الأظهر لأنه جاء مفسرا في الرواية الأخرى من حفظها، وقيل: أحصاها عدها في الدعاء بها. وقيل: أطاقها أي أحسن المراعاة لها والمحافظة على ما تقتضيه وصدق بمعانيها. وقيل: معناه العمل بها والطاعة بكل اسم منها. والإيمان بها لا يقتضي عملاً. وقال بعضهم: المراد حفظ القرآن وتلاوته كله لأنه مستوف لها وهو ضعيف والصحيح الأول. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي رضي الله عنه.


(2) يعبر ساداتنا الصوفية رضي الله عنهم بلفظ"المقام" و"الحال"، أما المقام فهو عبارة عن طريق الطالب وموضعه في محل الاجتهاد، وتكون درجته مكتسبة بمقدار اكتسابه في حضرة الحق تعالى. والحال: عبارة عن فضل الله تعالى ولطفه إلى قلب العبد، دون أن يكون لمجاهدته تعلُّقٌ به، لأن المقام من جملة الأعمال، والحال من جملة الأفضال. والمقام من جملة المكاسب، والحال من جملة المواهب، فصاحب المقام قائم بمجاهدته، وصاحب الحال فانٍ عن نفسه، ويكون قيامه بحال يخلقه الحق تعالى فيه. ." اهـ



(يتبع إن شاء الله تعالى.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس