عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #51
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

الرَّحمنُ جلَّ جَلاَلُه


"إن هذا الاسم هو أوسع التنـزُّلات الإلهية، ولولا تنـزُّله ‏بالرحمة الشاملة التي حفظت مراتب الوجود لاندكَّ العالم ‏وتلاشى.‏


والرحمة هي: إرادة الخير للعالم.


أما معناها بالنسبة لنا؛ فهي: رقَّةٌ في القلب تقتضي ‏العواطف على كل محتاج، والحقُّ - سبحانه وتعالى - ‏منـزَّهٌ، إنما رحمته هي إرادة إيصال الخير الحقيقي للعباد (1) ‏.


و"الرحمن" هو المنعم بجلائل النعم مثل إنعامه بالوجود، ‏وبالحياة، وهي الروح التي هي من أمره، ومثل إنعامه علينا ‏بالإيمان، وإنعامه علينا بسيد الأنام صلى الله عليه وآله وسلم، ‏وإنعامه علينا بنـزول القرآن، وتلك النعم ليس لمخلوق فيها ‏فضل (2) ‏.‏


ولا يمكن لأي إنسان أن يكون له تخلُّقٌ بهذا الاسم لأنه من ‏خواص الذات العلية، ولأجل هذا المعنى لم يسمَّ بهذا الاسم أحدٌ ‏سوى الحق تعالى (3) ‏. وقد نبَّهنا الحق إلى هذا السرّ.‏


‏ فقال: ‏{ قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ ‏فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى ‏ }‏ (4) .‏


والفرق بين تجلِّي حضرة الألوهية والرحمانية، أن حضرة ‏الألوهية: حضرة عزَّة، وغنى، وعلو، وعظمة، وكبرياء.‏ وحضرة الرحمانية : حضرة تنـزُّلٍ، وتفضُّل، وتودُّد، ‏وإحسان. لأن الرحمة تقتضي مرحومها، بخلاف الألوهية، فإنها ‏تقتضي عزَّةً وعلواً، وقد أشار القرآن إلى نور هذا الاسم.‏

‏ فقال: ‏{ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء } (5) ‏‎. ‎ ‏


فما من موجود إلا وقد غمرته الرحمة، وشملته النعمة.‏


والرحمة دائرة واسعة شملت المؤمن والكافر، بخلاف المحبة ‏الإلهية، فإنها دائرة خاصة بأهل العناية.‏"اهـ200

اقتباس:======================= الحاشية =====================

(1) - ‎ ‎‏: وللأصفهاني في مفردات القرآن عبارة بسيطة محررة في تعريف الرحمة وكيف تطلق ‏على الإنسان وعلى الله تعالى بيَّن فيها الفرق بين الرحمة في حق الناس والرحمة في حق ‏الخالق سبحانه . يقول :" الرحمة رقة تقتضي الإحسان إلى المرحوم ، وقد تستعمل ‏تارة في الرقة المجردة ، وتارة في الإحسان المجرد عن الرقة ، نحو رحم الله فلاناً ، وإذا ‏ وصف به الباري فليس يراد به إلا الإحسان المجرد دون الرقة . وعلى هذا روي ‏أن الرحمة من الله تعالى انعام وإفضال ، ومن الآدميين رقة وتعطف ، وعلى هذا قول ‏النبي صلى الله عليه وسلم ذاكراً عن ربه أنه لما خلق الرحم قال : أنا الرحمن ، وأنت ‏الرحم ، شققت اسمك من اسمي ، فمن وصلك وصلته ، ومن قطعك بتته . فذلك ‏إشارة إلى ماتقدم وهو أن الرحمن منطوية على معنيين : الرقة والإحسان ، فركز تعالى ‏في طباع الناس الرقة، وتفرد بالإحسان. فصار كما أن لفظ الرحم من الرحمة ، فمعناه ‏الموجود في الناس من المعنى الموجود لله تعالى فتناسب معناهما تناسب لفظيهما . ‏والرحمن الرحيم نحو ندمان ونديم ، ولايطلق الرحمن إلا على الله تعالى ، من حيث أن ‏معناه لايصح إلا له ، إذ هو الذي وسع كل شيء رحمة . والرحيم يستعمل في غيره ، ‏وهو الذي كثرت رحمته ، قال تعالى ‏{ إن الله غفور رحيم ‏}‏ ، وقال في صفة النبي ‏صلى الله عليه وسلم :‏‎ {‏ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص ‏عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}‏ . وقيل : إن الله تعالى هو رحمن الدنيا ورحيم الآخرة ‏، وذلك أن إحسانه في الدنيا يعم المؤمنين والكافرين ، ومن الآخرة يختص بالمؤمنين ، ‏وعلى هذا قال : ‏{‏ ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ‏}‏ تنبيهاً أنها في ‏الدنيا عامة للمؤمنين والكافرين ، وفي الآخرة مختصة للمؤمنين) انتهى (راجع مفردات ‏غريب القرآن مادة رحم )‏

(2) ‎ ‎‏: قال سيدي ابن عجيبة رضي الله عنه: والمختار في تفسير(الرحمن الرحيم)، أن ‏‏(الرحمن) : هو المنعم بنعمة الإيجاد، و(الرحيم) : المنعم بنعمة الإمداد . وفي الحكم : ‏نعمتان ما خلا موجود منهما ، ولا بد لكل مكون منهما نعمة الإيجاد ، ونعمة ‏الإمداد ، أمدك أولاً بالإيجاد ، وثانياً بتوالي الإمداد ، انتهى.‏

(3) ‎ ‎‏: قال سيدي ابن عجيبة الحسني والتخلق به: أن تنظر إلى كافة الخلق بعين الرحمة ، ‏كما قال بعض المشايخ:-‏



ارحم بني جميع الخلق كلهم = وانظر إليهم بعين اللطف والشفقه
وقّر كبيرهمُ وارحم صغيرهمُ = وراع في كل مخلوق حق من خلقه

1
2ارحـم بـنـي جمـيـع الخـلـق iiكلـهـم وانظر إليهم بعين اللطف iiوالشفقه
وقّــر كبيـرهـمُ وارحــم iiصغيـرهـمُ وراع في كل مخلوق حق من خلقه


(4) ‎ ‎‏: سورة الإسراء – الآية 110.‏

(5) ‎ ‎‏: سورة الأعراف – الآية 156.‏" اهـ204



(يتبع إن شاء الله تعالى مع: مناظرة بين إبليس لعنه الله ‏وسيدنا سهل بن عبد التستري ‏رضي الله عنه.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس