عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #58
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

" وقد روي أن بعض العارفين كان يقول في دعائه:" إلهي!! ‏إن كنتَ قدَّرتَ عليَّ دخول النار فاجعل جسمي كبيراً حتى ‏يملأ فراغ جهنَّم، وأكون فداءً للأمة الإسلامية".‏ وهذا منتهى الرحمة بالأمة.‏


وقد روي أن بعض العارفين كان يأخذ تلاميذه ويذهب ‏إلى المقابر ويبحث عن قبور الظالمين ، ويدعو لهم بالرحمة، ‏ويقول: "هؤلاء هم المستحقون للإحسان، الذين نسيَهم ‏الناس، ودعَوا عليهم لسوء فعلهم".‏


وقد روي في الحديث الصحيح (1)‏ ‏: أن امرأة بغيّاً رأت ‏كلباً على رأس بئر يلهث من العطش، فاخذتها الرحمة عليهن ‏ونزعت خفها، وربطته في خمارها،وملأته ماء، وسقت به ‏الكلب، فعطف عليها العطوف، ورحمها "الرحيم" ، وتاب ‏عليها "التواب" ، وفتح لها الباب بسبب رحمتها للكلب. ‏


وقد روي في حديث آخر : أن الله تعالى أدخل امرأة النار ‏في هرَّةٍ حبستها، فلا هي أطعمتها ولا هي أطلقتها تطلب ‏رزقها حتى ماتت الهرة، فاستحقت المرأة النار لقساوة قلبها ، ‏وعدم خوفها من حساب ربها... ‏(2) ‏.‏


فكن رحيماً بالحيوانات التي عندك، فلا تحمِّلها ما لا ‏تطيق، ولا تجوِّعها، ولا تعطِّشها، فتُسأل، وكن رحيماً ‏بالخُدَّام ، والعمال فلا تحقرهم، ولا تُهن كرامتهم، ولا ‏تحمِّلهم ما لا يطيقون، وعامل أهلك بالرحمة، وخاطب الناس ‏على قدر عقولهم، واحذر من التشديد في الوعظ فإنه يكسر ‏القلب، ولكن أخبرهم بوسعة الرحمة.‏


ومن الرحمة أن تتعهَّد أموات المسلمين بالزيارة والدعاء ‏والاستغفار ‏(3) ، فإن الميت مثل الغريق، ينتظر دعوة تنشله.‏


وخير الرحمات أن ترحم نفسك بأن تجعلها دائماً في ظل ‏الشرع، مقتدياً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فمن لا ‏خير له في نفسه لا خير له في غيره.‏


وقد ورد في الأثر:" علامة السعادة أربعة أشياء: حلاوة في ‏اللسان، وبشاشة في الوجه، وكرم في اليدين، ورحمة في ‏القلب".


أسأل الله تعالى أن يحقِّقنا بتلك المعاني، ويذيقنا حلاوة ‏الفضل الصمداني.‏


الدعــــاء:‏


‏" إلهي ... رحمتك بالعوالم دلَّتنا على وسعة الحنان، ‏فاطمأنت قلوبنا بأنك الرحيم بجميع الأكوان، وأنت تحبُّ ‏الرحمة لأنها صفتك، ونحن المستحقون لها لأن عيوبنا كثيرة؛ ‏فانشر علينا رحمتك، لتكون عيوننا بك قريرة، وأوصل ‏أرواحنا بحبيبك الرؤوف الرحيم، ولنستمد من أخلاقه فنكون ‏منه على الصراط المستقيم. وأن تثبِّت في قلوبنا خُلُقَ الرحمة، ‏فإنه أكبر نعمة.‏

وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ‏تسليما".‏ ‏" اهـ 4/ 246


اقتباس:===================== الحاشية ==================

(1) ‎ ‎‏: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما - واللفظ لمسلم - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النّبِيّ ‏صلى الله عليه وسلم "أَنّ امْرَأَةً بَغِيّا رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ. قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ ‏مِنَ الْعَطَشِ. فَنَزَعَتْ لَهُ بِمُوقِهَا. فَغُفِرَ لَهَا". وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ‏صلى الله عليه وسلم "بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيّةٍ قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إذْ رَأَتْهُ بَغِيّن مِنْ ‏بَغَايَا بَنِي إسْرَائِيلَ. فَنَزَعَتْ مُوقَهَا، فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ، فَسَقَتْهُ إيّاهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ".‏

(2) ‎ ‎‏: روى البخاري ومسلم وأصحاب السنن - واللفظ هنا لمسلم -: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ ‏رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النّارَ فِي هِرّةٍ رَبَطَتْهَا. فَلاَ هِيَ ‏أَطْعَمَتْهَا. وَلاَ هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ. حَتّىَ مَاتَتْ هَزْلاً".‏

(3)‎ ‎‏: ومن ذلك أيضاً قراءة القرآن الكريم على روح الميت فقد أجمع العلماء المعتبرون على ‏جواز ذلك ولا عبرة ولا عبرة ولا عبرة بمن شذَّ وأبى إلا أن يحرم الأموات من الخير ‏كما حرم الأحياء من خير كثير بتبديع وتضليل وإطلاق شهادت الكفر والتشريك ‏على من هب ودب من عباد الله دون خوف من الله ولا خشية منه ، ولا حياء من ‏سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكل ذلك بحجة اتباع السلف، والسلف ‏برىء منه ومن أمثاله.‏

‏ قال في مغني المحتاج في شرح المنهاج 3/70 وما بعدها: حكى القرطبي في التذكرة أنه ‏رؤي في المنام بعد وفاته فسئل عن ذلك فقال كنت أقول ذلك في الدنيا والآن بان لي ‏أن ثواب القراءة يصل إلى الميت. وحكى المصنف في شرح مسلم والأذكار وجها أن ‏ثواب القراءة يصل إلى الميت كمذهب الأئمة الثلاثة واختاره جماعة من الأصحاب ‏منهم ابن الصلاح والمحب الطبري وابن أبي الدم وصاحب الذخائر وابن أبي عصرون ‏وعليه عمل الناس وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن. وقال السبكي: ‏والذي دل عليه الخبر بالاستنباط أن بعض القرآن إذا قصد به نفع الميت وتخفيف ما ‏هو فيه نفعه إذ ثبت أن الفاتحة لما قصد بها القارىء نفع الملدوغ نفعته وأقره النبي صلى ‏ الله عليه وسلم بقوله وما يدريك أنها رقية وإذا نفعت الحي بالقصد كان نفع ‏الميت بها أولى اهـ "‏

‏ وقد جوز القاضي حسين الاستئجار على قراءة القرآن عند الميت وقال ابن الصلاح: ‏وينبغي أن يقول: اللهم أوصل ثواب ما قرأنا لفلان فيجعله دعاءه ولا يختلف في ذلك ‏القريب والبعيد. وينبغي الجزم بنفع هذا لأنه إذا نفع الدعاء وجاز بما ليس للداعي ‏فلأن يجوز بماله أولى وهذا لا يختص بالقراءة بل يجري في سائر الأعمال.‏

‏ وكان الشيخ برهان الدين الفزاري ينكر قولهم اللهم أوصل ثواب ما تلوته إلى فلان ‏خاصة وإلى المسلمين عامة. لأن ما اختص بشخص لا يتصور التعميم فيه كما لو قال ‏خصصتك بهذه الدراهم لا يصح أن يقول وهي عامة للمسلمين قال الزركشي: ‏والظاهر خلاف ما قاله فإن الثواب قد يتفاوت فأعلاه ما خص زيدا وأدناه ما كان ‏عاما والله تعالى يتصرف فيما يعطيه من الثواب بما يشاء. وقد أشار الروياني في أول ‏الحلية إلى هذا فقال صلاة الله تعالى على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاصة وعلى ‏النبيين عامة اهـ ". وأما ثواب القراءة إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏فمنع الشيخ تاج الدين الفزاري منه وعلله بأنه لا يتجرأ على الجناب الرفيع إلا بما أذن ‏فيه ولم يؤذن إلا في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وسؤال الوسيلة قال الزركشي ‏ولهذا اختلفوا في جواز الدعاء له بالرحمة وإن كانت بمعنى الصلاة لما في الصلاة من ‏معنى التعظيم بخلاف الرحمة المجردة. وجوزه بعضهم واختاره السبكي واحتج بأن ابن ‏ عمر رضي الله تعالى عنهما كان يعتمر عن النبي صلى الله عليه وسلم عمرا بعد ‏موته من غير وصية.‏

‏ وحكى الغزالي في الإحياء: عن علي بن الموفق وكان من طبقة الجنيد أنه حج عن النبي ‏صلى الله عليه وسلم حججا وعدها الفقاعي ستين حجة. وعن محمد بن إسحاق ‏السراج النيسابوري أنه ختم عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرة آلاف ‏ختمة وضحى عنه مثل ذلك اهـ ". ولكن هؤلاء أئمة مجتهدون فإن مذهب الشافعي ‏أن التضحية عن الغير بغير إذنه لا تجوز كما صرح به المصنف في باب الأضحية ‏وعبارته هناك ولا تضحية عن الغير بغير إذنه ولا عن الميت إذا لم يوص بها. " اهـ ‏




(يتبع إن شاء الله تعالى مع: الْمَلِكُ جَلَّ جَلالُه ... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس