عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2011
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: من تاريخ حلبية وزلبية وقرقيسيا

موقع قرقيسيا ( البصيرة ) : ان مكانا يقع في راس المثلث الذي يؤلفه الفرات والخابور عند التقائهما خصب التربة وملتقى طرق برية ومائة كموقع قرقيسيا من المؤكد انه كان ماهولا بالناس منذ عصور قديمة ومن المؤكد انه كان من الناحية الاستراتيجية هاما فاولاه العســكريون اهتمامهم وعنايتهم لاهميته الجغرافية والاقتصادية0 ان موقع قرقيسيا هو القسم الاسفل من نهر الخابور ومنطقة قرقيسيا هي في القسم الجنوبي من الجزيرة الفراتية او بلاد ما بين النهرين مهد الحضارات الزاهية في التاريخ والتي عرفها الاغريق باسم ( ميزوبوتامبا ) أي بلاد الانهر وغلب عليها اسم الجزيرة وخصوها باضافة الفرات قالوا الجزيرة الفراتية نسبت الى اخص نهريها الفرات وسماها بعض السوريين الجزيرة السورية 0 تقع قرقيسيا على خط طول 25 ,40 درجة شرق غرينويتش وعلى درجة عرض 10 ,35 شمال خط الاستواء وترتفع عن سطح البحر 231 م وهي واقعة على الضفة اليمنى لنهر الخابور على تل اصطناعي مرتفع عن ارض الدلتا وهي بالنسبة الى الفرات تقع على ضفته الشرقية وهي نقطة اتصال بين حوض الخابور الاعلى وحوضه الاسفل وصلة الوصل بين القسم الجنوبي من الجزيرة الفراتية والقسم الشمالي والغربي من العراق لا تبعد عن الحدود العراقية سوى 110 كيلومترات وتقع شرقي مدينة دير الزور على بعد 43 كيلومترا وعن بلدة الحسكة الواقعة على الخابور الاوسط 175 كيلومترا وعن بلدة الميادين التي تقع شرقيها 6 كيلومترات وتبعد عن نهر الفرات 200 م ويجري الخابور في شماليها اختار السكان موقع التل في القديم والحديث تحسبا لفيضان كل من نهر الفرات ونهر الخابور وطغيان مياه الفيض على الضفاف في فترة الفيضان فيبدو التل كانه قلعة حصينة وفعلا كان التل حصنا عسكريا في العهود القديمة ثم صار يجمع بين الحصن والمدينة فكان لها اسوار منيعة من الاجر ما زالت اثارها اسم المدينة : كان في موقع البصيرة الحالية مدينة منذ اقدم العصور بالنظر لاهميته الجغرافية والاقتصادية والاستراتيجية ضاع اسمها القديم بسبب القدم الموغل في التاريخ كما يحدث في اسماء مدن الشرق الادنى القديمة بسبب الحروب وتغير الاقوام التي تحتل المكان وكل قوم يطلق على المكان اسما مل يلبث ان يتناسه السكان او يذهب مع الذاهبين من سكان المكان 0 قيل ان اقدم ما عرف من اسم المدينة هو ناباكاث ثم شوبورا أي المدينة الواقعة على الخابور وسميت ميلدا او ميلد وفي عهد الملك سرغون الاول ملك اشور في القرن التاسع قبل الميلاد صار اسم المدينة سركي وكانت من مملكة اشور وفي السنة 878 قبل الميلاد امتنعت سركي وغيرها من مدن الخابور عن ادية الخراج الى ملك اشور ناصر بال فاجتاحها وضرب كل البلاد الواقعة على طول مجرى الخابور والفرات الاوسط احرق المدن وذبح السكان 0 وبعد ثلاثمائة سنة ادخل دارا الاول العاهل الفارسي المنطقة في ولاياته الـ 23 وعنى بريها واصبحت منطقة غنية بخيراتها الزراعية انشا ترعا تصل ما بين الفرات والخابور وصارت منطقة الخابور اهراء لدولة الفرس وكانت حاصلاتهم الزراعية الفائضة تنقل بالسفن على الفرات الى فارس وكانت قرقيسيا ميناء نهريا على الفرات والخابور معا والى ذلك ترجع اهميتها فضلا عن خصب دلتا النهر حيث موقعها الممتاز 0 وكانت منطقة الخابور نقطة حدود بارزة بين الحدود الفارسية والحدود الرومانية ثم البيزنطية ولذا قامت الحصون على ضفاف الخابور مراكز دفاعية وقرقيسيا نفسها كانت حصنا عسكريا لحماية الطريق التجارية والعسكرية النهرية ولحماية الحدود والسكان 0 وفي العهد اليوناني سميت المدينة كيركسيون او كيركيسون كاسترون وكاسترون تعني في اليونانية قلعة وكاركا في الارامية تعني مدينة جاء في كتاب مختصر الدول لابي الفرج الملطي ص 100 وفي زمان بطليموس اورغاطيس الملك اليوناني من خلفاء اسكندر الكبير بنيت قرقيسيا وقالوا نيقوس ( الرقة ) وهذا يدل على قدم قرقيسيا مع ان تاريخها يرجع الى زمن اقدم بكثير مما ذكر ابن الملطي 0 وفي الاحتلال الروماني لمنطقة الخابور بعد احتلال سورية اطلقوا على سركي القديمة اسم سيرسيوم ومعناها القصر المحتوي على حلبة للخيل واسم سيرسيوم مشتق من الاسم الاشوري سركي 0 ان هذه الاسماء تدل على ان الموقع كان منذ القديم قلعة او حصنا او مخفرا للجند ويضم حلبة وكيركيس في اليونانية معناها حلبة وكل حصن عسكري قديم او محطة عسكرية قديمة لابد من ان تضم خيولا لجنودها 0 اولى الامبراطور الروماني دقلسيان مدينة قرقيسيا اهتماما خاصا لاهميتها وحسن موقعها فجعل منها حصنا قويا على الحدود الاكثر تقدما للامبراطورية الرومانية في بلاد ما بين النهرين الجنوبية 0 اجتازت بمنطقة قرقيسيا جيوش كثيرة رومانية وفارسية وعربية وتترية وفرنسية لتلتقي في معارك كبيرة ولتؤول المدينة الى المنتصر وهي في كل ذلك بين المطرقة والسندان0 كان سيرسيوم في العهد البيزنطي مركز اسقفية وكان عدد سكانها ستين الفا وبنتيجة المعاهدة الخجلة التي وقعها الامبراطور الروماني جوفيان في سنة 363 بعد الميلاد وقعت المدينة بيد الفرس في اثناء استيلائهم على الجزيرة الفراتية 0 وفي اواخر القرن التاسع عشر قامت بعثة ( البارون فون ابنهايم ) الالمانية والبعثة الانكليزية فوكس تالبت ببعض الحفريات التي اسفرت عن ان وادي الخابور ووادي الفرات كانا ايام ابراهيم الخليل السنة 1050 قبل الميلاد مقسمين الى امارات صغيرة عديدة لكل امارة ملك لا تتعدى مملكته بعض الضياع وكانوا في نزاع شديد وقتال مستمر فيما بينهم لعل موقع قرقيسيا كان مركز احدى تلك الامارات 0 وفي مطلع السنة الثالثة عشرة للهجرة الموافق شهر اذار السنة 634 م في اواخر عهد الخليفة ابي بكر الصديق توجه القائد العربي خالد بن الوليد الذي كان يحارب في العراق بناء على كتاب ابي بكر يامره فيه بالتوجه الى الشام مددا للقائد ابي عبيدة بن الجراح الذي كان على اطراف الشام من الجهة الجنوبية قال الواقدي : خرج خالد من سوى الى الكواثل ثم اتى قرقيسيا فخرج اليه صاحبها في خلق فتركه وانحاز الى البر ومضى لوجهه واتى اراك 0 وفي كتاب الخراج لابي يوسف ان خالدا توجه من الحيرة واتى عانات ثم مضى الى بلاد قرقيسيا فاغار على ما حولها واخذ الاموال وحاصر اهلها اياما حتى اجابوه الى الصلح ومن منطقة دير الزور توجه الى اليرموك مارا بتدمر ولم يكن ذلك فتحا لقرقيسيا 0 ان تاريخ قرقيسيا قبل الاسلام غامض وليس تاريخها في العهد الاسلامي باكثر وضوحا قل ان ذكرتها المصادر العربية باكثر من كلمة او عبارة 0 عرب العرب الذين كانوا يقيمون في الجزيرة الفراتية وفي بادية الشام قبل الاسلام اسمها القديم اليوناني كركيسوم الذي كان يغلب على المدينة اكثر من اسمها الروماني سيرسيوم ذي الاصل الاشوري فصار قرقيسيا معرب كركيسيا وهو اسم لحلبة الخيل يجيء بالالف الممدودة والهمزة وكثيرا ما يجيء في الشعر مقصورا والنسبة العربية اليها قرقساني وجاء بياء واحدة لضرورة شعرية قرقيساء 0 فتح العرب لقرقيسيا : فتحت قرقيسيا اول فتح سنة 16 هـ وكانت اسقفية بيد الروم في عهد فتوحات الخليفة عمرو بن الخطاب وكان سبب فتحها ان اهل الجزيرة الفراتية من تغلب وغيرهم امدوا جيش هرقل في حمص التي كان يحاصرها القائد العربي ابو عبيدة الجراح وبعث الروم جندا الى اهل هيت لصد الجيش العربي عنها فكتب الخليفة عمر بن الخطاب الى قائده في العراق سعد بن ابي وقاص ان يهاجم الجزيرة الفراتية لاشغال اهلها عن امداد هرقل في حمص وليلحق المقاتلة العرب في جيش هرقل ببلادهم في الجزيرة الفراتية فارسل سعد بن ابي وقاص الى الجزيرة عمرو بن مالك الزهري في جند وجعل على مقدمته الحارث بن يزيد العامري فخرج عمرو بن مالك واتى هيت فنازلها وخلف عليها الحارث بن يزيد يحاصرها وخرج في نصف الناس فجاء قرقيسيا على غرة فاخذها عنوة سنة 16 للهجرة ونزل اهلها على حكمه فقال عند ذلك : ونحن جمعنا جمعهم في حفيرهم بهيت ولم نحفل لاهل الحفائـــر وســــــرنا على عمد نريد مدينة بقرقيسيا سير الكماة المســــاعر فجئناهم في دارهم بغتة ضحــى فطاروا وخلوا اهل تلك المحاجر فنادوا الينا من بعيد باننـــــــــــا ندين بدين الجزية المتواتــــــــــر قبلنا ولم نردد عليهم جزاءهـــم وحطناهم بعد الجزا بالبواتـــــــر لم يطل الاستيلاء على قرقيسيا وتركها العرب موقتا ليتفرغوا لمعاركهم مع الفرس والروم على ان حملة الجزيرة هذه قد حققت غرضها الذي قصده الخليفة عمر بن الخطاب وفتح ابو عبيدة الجراح حمص 0 وبعد فتح العرب لحلب سير ابو عبيدة قائده عياض بن غنم الى فتح بلدان الفرات والجزيرة الفراتية ففتح بالس مسكنة وسار الى الرقة وعسكر فيها لينطلق منها الى راس عين والرها وقرقيسيا وسار جيش المسلمين الى قرقيسيا بقيادة عبد الله بن غسان وسهل بن عدي ولما نزل المسلمون على قرقيسيا وقتل عدد من متقدميها وضايقها المسلمون وفتحوا ثغرة في سورها دخلوا منها الى المدينة ووضعوا السيف في اهلها واحتووا على ما كان فيها من الاموال والذخائر فامنهم القائدان عبد الله بن غسان وسهل بن عدي وعرضا عليهم الاسلام فمنهم من اسلم فوهبوا له اهله وماله ومن ابى وضعت عليه الجزية وكان فتحها في اول ليلة من شهر رمضان سنة اثنتين وعشرين للهجرة وبنوا الكنيسة العظمى وهي بيعة جرجيس جامعا ولم يبرحوا حتى صلوا فيه واطلقوا الرهائن وتسلم ولايتها جبيل بن كعب في مائة وخمسين رجلا واتخذت قاعدة لفتح بلدان الخابور فارتحل عبد الله بن غسان عن قرقيسيا ونزل على ماكسين صلحا على اربعة الاف درهم من نقد بلادهم والف حمل طعام حنطة وشعير فقلقوا من ذلك فترك لهم النصف وكذلك اهل الشمسانية ثم نزل على عربان فصالحوه بما صالح به اهل مكسين ثم ارتحل الى المجدل 0 ولما فتح عبد الله بن غسان ارض الخابور صلحا واقام بالمجدل انشد قيس بن ابي تحازم البجلي هذه الابيات : اقمنا منار الدين في كل جانـب وصلنا على اعدائنا بالقواضب ودان لنا الخابور مع كل اهلـه بفتيان صدق من كرام العرائب هزمناهم لما التقينا بماســــــح وثار عجاج النقع مثل السحائب وجندل وفدالروم في كل جانب تركناهمو فـي القاع نهبا لناهب فلله حمد في المســــاء وبكرة وما لاح نجم في سدول الغياهب قال الزهري : لم يبق بالجزيرة موضع قدم الا فتح على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على يد عياض بن غنم فتح حران والرها والرقة وقرقيسيا ونصيبين وسنجار 0 وحدث ابو عبد الله القرقساني عن اشياخه ان عمير بن سعد لما فتح راس العين سلك الخابور وما يليه حتى قرقيسيا وقد نقض اهلها فصالحهم على مثل صلحهم الاول ثم اتى حصون الفرات حصنا حصنا ففتحها على ما فتحت عليه قرقيسيا ولم يلق في شيء منها كثير قتال 0 واصبحت قرقيسيا قاعدة عربية اسلامية لادارة بلاد الخابور ولما عبر الخليفة الرابع علي بن ابي طالب الفرات من الكوفة الى الجزيرة متوجها نحو الرقة لمحاربة معاوية في سهل صفين ارسل قسما من جيشه ليسير على ضفة الفرات الغربية ولكن هذا القسم من الجيش خاف جيش معاوية الذي كان اكثر عددا وعدة فاراد ان يعبر الفرات من عانات ليلحق بالجيش العام فمنعهم اهلها وحبسوا عنهم السفن فرجعوا وعبروا من هيت ثم لحقوا عليا بقرية دون قرقيسيا 0 قرقيسيا في العهد الاموي : مركز للقيسيين ولزعيمهم زفر بن الحارث الكلابي كان على قرقيسيا عياض الحرسي ولاه اياها يزيد بن معاوية ان اهم حادث اقترن بتاريخ قرقيسيا في العصر الاموي هو التجاء زفر بن الحارث الكلابي ابو الهذيل زعيم قيس مع رهط من قومه اليها واستيلائهم عليها واعتصامهم بها بعد وقعة مرج راهط شمالي دمشق سنة 65 هـ و 684 م وانتصار مروان بن الحكم على انصار عبد الله بن الزبير الذي بويع له بالخلافة في مكة بالحجاز وفي امصار اخرى كان زفر واليا على قنسرين من انصار عبد الله بن الزبير ولما بلغته هزيمة قيس الموالية لابن الزبير ومقتل زعيمها الضحاك بن قيس الفهري الذي كان عاملا للامويين في دمشق غير ان هواه كان في ابن الزبير وما لبث ان بايعه واخذت قيس كلها في الشام تدعو الى نصرة ابن الزبير وكلب تدعو الى بني امية 0 وسار الضحاك ومن معه من قيس والناس حتى نزل مرج راهط واظهر البيعة لابن الزبير وبايعه على ذلك جل اهل دمشق واجتمع بنو امية وكلب بالجابية بحوران واستخلفوا مروان بن الحكم وبايعوه في 3 ذي القعدة سنة 64 هـ فسار مروان الى مرج راهط ومعه كلب وغسان والسكاسك والسكون في سبعة الاف رجل وكان الضحاك في نحو عشرين الفا فاقتتل الفريقان قتالا شديدا استمر عشرين يوما واسفرت اليمانية في قتل قيس قتل منها عدة الاف فهزم دعاة بان الزبير وانتصر مروان بن الحكم 0 وكان زفر يوم وقعة مرج راهط في قنسرين واليا لعبد الله بن الزبير وكان يبعث بالمدد الى الضحاك بن قيس 0 ولما بلغت الهزيمة زفر بن الحارث الكلابي بقنسرين سار الى قرقيسيا واجتمعت عليه قيس وصحبه في هزيمته الى قرقيسيا شابان من بني سليم فجاءت خيل مروان تطلبهم فقال الشابان لزفر : انج بنفسك فانا نحن نقتل فمضى زفر وتركهما فقتلا وقال زفر في ذلك : اريني سلاحي لا ابا لك انني ارى الحرب لا تزداد الا تماديا اتاني عن مروان بالغيـــــــــــب انه مقيد دمي او قاطع من لسانيا ففي العيس منجاة وفي الارض مهرب اذا نحن رفعنا لهن المثانيـــا فلا تحــــــــــسبوني ان تغيبت غافلا ولا تفرحوا ان جئتكم بلقائيـا فقد ينبت المرعى على دمن الثـرى وتبقا حزازات النفوس كما هيا لعمري لقد ابقيت وقيعة راهــــــط لحسان صدعا بيننا متنائيــــا اتذهب يوم واحد ان اساتــــــــــــه بصالح ايامي وحسن بلائيــا فلا صلح حتى تنحط الخيل بالقنــا وتثار من نسوان كلب نسائيا الا ليت شعري هل تصيبن غارتي تنوخا وحيي طيء من شقائيا فاجابه حواس بن القعطلي بمقطوعة منها : لعمري لقد ابقت رقيعة راهط على زفر مرا من الداء باقيــــــا مقيما ثوى بين الضلوع محله وبين الحشا اعيا الطبيب المداويا وتبكي على قتلى سليم وعامر وذبيان معذورا وتبكي البواكيـــا دعا بالسـرح ثم احجم اذ راى سيوف جناب والطوال المذاكيـا وقال عمرو بن الجلي الكلبي يجيب زفرا من قصيدة : بكى زفر القيسي من هلك قومـه بعبرة عين ما يجف سجومها ويبكي على قتلى اصيبت براهط تجاوبها هام القفار وبومهـــا فمت كمدا او عش ذليلا مهضما بحسرة نفس لا تنام همومها لحق زفر بن الحارث بقرقيسيا وكان عليها عياض الحرسي عاملا ليزيد بن معاوية فدخلها زفر وتغلب عليها واخرج عاملها وتحصن بها وجعلها قاعدة لقيس الذين خرجوا من ارض الشام بعد وقعة مرج راهط الى الجزيرة الفراتية ونفوسهم تغلي بالحقد وتحصنوا بديار مضر وامروا عليهم زفرا وعقدوا العزم على الانتقام لانفسهم من كلب 0 كانت قيس تشن من قرقيسيا غاراتها على كلب وانضم اليها عمير بن الحباب السلمي وقد استطاع زفر ان يضم اليه ايضا تغلب التي تسكن ديار ربيعة بالجزيرة الفراتية وهي اعظم قبائل ربيعة وهي قيس من عدنان والعداء قديم بين عدنان وقحطان اليمن فشاركت تغلب في الاغارات التي كانت قيس تشنها على كلب في مواطنها 0 وكان شعراء كلب ينددون بتغلب فكان الاخطل شاعر تغلب يهجو كلب ويتغنى بامجاد نزار بن معد بن عدنان 0 كان من الممكن ان يطول الاتحاد بين قيس وتغلب لو لم تقم قيس بعد اخذها بثارها لقتلى راهط بالتغلغل في الجزيرة الفراتية والدعوى لابن الزبير ونزول عمير بن الحباب السلمي بالخابور وهو منازل تغلب واخذت فروع قيس تعتدي على تغلب وتستلب اموالها فضاق بنو تغلب بذلك وطلبوا من زفر ان يجلي سليما قوم عمير بن الحباب عن اراضيهم فرفض ودعت قيس تغلب الى الدخول في طاعة ابن الزبير وطالبتها بالصدقات التي كانت تدفعها الى عمال بني امية فرفضت تغلب وتمسكت بولائها للامويين لارتباط حياتها الاقتصادية بالشام وصممت على طرد القيسية من ديارها فوقعت بين القبيلتين عدة وقعات منها وقعة ماكسين على الخابور انهزمت فيها تغلب وقتل كثير من رجالها وبقرت بطون نساء منهم 0 فحشدت تغلب انصارها والتقت بقيس على الثرثار واقتتلوا قتالا شديدا فانهزمت قيس وقتلت تغلب ومن معها مقتلة عظيمة وبقروا بطون ثلاثين امراة من بني سليم وتعددت الوقعات بين قيس وتغلب فكان يوم الثرثار الثاني ويم الفدين ويوم السكير ويوم الشرعبية ويوم البليخ ويوم الكحيل ويوم البشر وغيرها وقد ارخ لها ابن الاثير في الكامل وكلها في السنة 70 هـ وكانت الحرب بينهما سجالا وقد اشترك زفر بن الحارث في اكثر هذه الحروب وشارك فيها كل من الشاعرين التغلبيين الاخطل والقطامي ووصفاها في شعرهما0 واستمرت الحرب بين قيس وتغلب حتى تدخل الخليفة عبد الملك بن مروان فاوقفها لانه يريد ان يتفرغ الى حرب مصعب بن الزبير في العراق وفي يوم من الايام بين تغلب وقيس هزمت تغلب واسرت قيس القطامي الشاعر التغلبي واخذ ماله فقام زفر بن الحارث الكلابي بامره حتى رد عليه ماله ووصله فمدحه القطامي بشهره 0 ولاتصال حياة هذا الشاعر الفراتي بحياة زفر بن الحارث الكلابي وبتاريخ قرقيسيا اقف عنده وقفة قصيرة نتعرف على ملامحه وشعره ومنزلته : قال عبد الملك بن مروان للاخطل ذات يوم : الهملا إلا شاعر مغدف القناع خامل الذكر حديث السن إن يكن في أحد خير فسيكون فيه ولوددت اني سبقته إلى قوله : يقتلننا بحديث ليس يعلمنـــــه من يتقين ولا مكنونه بــــــــــادي فهن ينبذن من قول يصبن به مواقع الماء من ذي الغلة الصادي وكان ذلك الشاعر الخامل الذكر عمير بن شيبم بن حبيب ولقبه القطامي من الاراقام والاراقم أحياء من تغلب والقطامي من أسماء الشاهين ومن ألقاب السادة الأشراف وله لقب ثان : صريع الغواني لقوله : صريع غوان راقهن ورقنه لدن شب حتى شاب سود الذوائب ولقد لقب مسلم بن الوليد الشاعر العباسي بصريع الغواني بعد ذلك لقبه الخليفة هارون الرشيد لقوله : هل العيش ألا أن تروح مع الصبا وتغدو صريع الراح والأعين النجل لم تذكر المصادر تاريخ ميلاد القطامي ومكان ولادته ومكان ترعرعه بل اكتفت بذكر نتف قليلة من أخباره والروايات مختلفة في تاريخ وفاته وأصحها انه توفي سنة 101 هـ الموافقة 719 م 0 كان قد مدح عبد الواحد بن سليمان وزفر بن الحارث الكلابي واسماء بن خارجة الغزاري 0 روى المؤرخون انه شاعر فحل رقيق الحواشي حلو الشعر حسن التشبيب وقد عده ابن سلام من شعراء الطبقة الثانية الإسلاميين غلب على شعره الوصف والمدح والغزل 0 وقد عده رواة كثيرون احسن الإسلاميين ابتداء قصيد حيث يقول : انا محيوك فاسلم أيها الطلل وان بليت وان طالت بك الطيل القطامي شاعر مقل استحسنوا شعره لرقة حواشيه وكثرة الأمثال فيه ولحسن تشبيهه وحلاوة تعبيره 0 ذكر ديوانه الحاج خليفة في كتابه كشف الظنون وكان شرح ديوانه أبو سعيد الحسن السكري وطبعه المستشرق برت أول مرة سنة 1902 وهو في 92 ص من الحجم الكبير في ليدن ونقل إلى الألمانية وعلق عليه عدة ملحوظات مع روايات شتى وكتب له مقدمة باللغة الألمانية في 17 ص وقد اخرج الدكتور إبراهيم السامرائي واحمد مطلوب طبعة جديدة للديوان محققة لان طبعة أوربا غير متيسرة طبعت في بيروت في دار الثقافة سنة 1960 – 196 ص من الحجم الكبير جيد الطبع مشكول0 قال القطامي يمدح زفر بن الحارث الكلابي من قصيدة في اثنين وسبعين بيتا يخاطب في مطلعها ضباعة ابنة زفر : قفي قبل التفرق ياضباعــــا ولايك موقف منك الوداعـــا قفي داوي أسيرك إن قومي وقومك لا أرى لهم اجتماعــا وكيف تجامع مع ما استحلا من الحرم العظام وما أضاعا ألم يحزنك أن حبال قيــــس وتغلب قد تباينت انقطاعــــــا يطيعون الغواة وكان شــرا لمؤتمر الغواية أن يطاعــــــا ألم يحزنك أن ابني نــــزار أسالا من دمائهما التلاعـــــــا فلا تبعد دماء ابني نــــــار ولا تقر عيونك يا قضاعــــــا أمور لو تدبرها حليــــــــم إذن لنهى وهيب ما استطاعــا ومنها في شكر زفر على إطلاقه وانعامه عليه بمائة ناقة : اكفرا بعد رد الموت عنـــي وبعد عطائك المائة الرتــــــاعا فلو بيدي سواك غداة زلــت بي القدمان لم ارج اطـــــــلاعا إذن لهلكت لو كانت صغارا من الأخلاق تبتدع ابتـــــــــداعا فلم أر منعمين اقل منــــــا واكرم عندما اصطنعوا اصطناعا من البيض الوجوه بني نفيل أبت أخلاقهم اتســــــــــــــــــاعا بني القرم الذي علمت معـد تفضل فوقها سعة وابــــــــــــاعا وقال بمدحه من قصيدة في ستة وستين بيتا : من بلغ زفر القيسي مدحــــــته عن القطامي قولا غير افنـــــــاد اني وان كان قومي ليس بينهـم وبين قومك إلا ضربة الهــــادي مثن عليك بما استبقيت معرفتي وقد تعرض مني مقتل بـــــــــاد فلن أثيبك بالنعماء مشــــــــتمة ولن أكافئ إصلاحا بإفســـــــــاد وان هجوتك ما تمت مكارمتي وان مدحت فقد أحسنت أصفادي وقال بمدحه من مقطوعة : يا زفر بن الحارث بن الأكرم قد كنت في الحرب كريم المقدم إذ أحجم القوم ولما تحجم انك وابنيك حفظتم محــــرمي أنقذتني من خطر معمــم والخيل تحت العارض المسوم وله قصائد ومقطوعات أخرى في مدح زفر بن الحارث الكلابي وفي السنة سبعين سار الخليفة عبد الملك بن مروان من دمشق إلى الفرات وعبره بالقرب من دير الزور متوجها إلى قرقيسيا قاصدا زفر فحاصره حصارا طويلا ونصب المجانيق على أسوار قرقيسيا فقال زفر لعبد الملك : انا لا نقاتلكم من وراء الحيطان ولكننا نخرج إليكم ودعا بابنه الهذيل وبه يكنى وأمره أن يخرج بخيله على القوم فحمل عليهم وانكشفوا ووطأ الهذيل ورهطه فسطاط عبد الملك وقطعوا بعضها ثم رجعوا فقال زفر : ألا لا انالي من أتاه حمامـه إذا ما المنايا عن هذيل تجـــــلت تراه أمام الخيل أول فارس ويضرب في أعجازها إن تولت وكان عبد الملك يقاتل بقضاعة ومعه روح بن زنباع وسعت الرسل بين عبد الملك وزفر بالصلح فتم على الآمان لزفر ومن معه واموالهم وان يعطى زفر ما احب واشترط زفر ألا يقاتل مع عبد الملك وابن الزبير حي لبيعة له في عنقه ولم يدخل الهذيل في شرط أبيه ولما دخل زفر على عبد الملك بعد أن أتم الصلح أجلسه معه على سريره ولما رأى قلة من مع زفر من الرجال قال : لو علمت انه في هذه القلة لحاصرته حتى ينزل على حكمي فقال زفر إن شئت رجعنا ورجعت فقال عبد الملك : بل نفى لك يا أبا الهذيل 0 ولما سار عبد الملك بعد ذلك إلى مصعب بطريق الجزيرة الفراتية سار الهذيل معه حتى إذا قرب من مصعب تحول إليه وقاتل مع إبراهيم بن الاشتر قائد مصعب فلما قتل مصعب اختفى الهذيل حتى ستؤمن له من عبد الملك فأمنه ثم عفى عنه لشجاعته 0 وكان الاخطل ما يزال يحقد على زفر واشتد عليه أن يعفو عبد الملك عنه بعد انتصاره على مصعب فكان زفر أول هدف للاخطل من زعماء قيس يحرض عليه عبد الملك عندما يكون زفر في مجلس عبد الملك فمن قوله في ذلك : بني أمية اني ناصح لكـــــــم فلا يتبين فيكم أمنا زفـــر إن الضغينة تلقاها وان قدمت كالعريكمن حينا ثم ينتشر ولكن عبد الملك وفى بعهده لزفر وتزوج مسلمة بن عبد الملك الرباب بنت زفر فكان يؤذن لاخويها الهذيل والكوثر في أول الناس إلى مجالس الخليفة 0 زفر هذا الذي يفي الخليفة الأموي عبد الملك له بعهده ويقره على قرقيسيا ويحترم شروطه هو من التابعين وكبير قيس في زمانه قال ابن سلام في طبقات الشعراء : ( زفر من بني نفيل بن عمرو بن كلاب من ولد يزيد بن الصعق وهو سيد شريف ) شهد وقعة صفين مع معاوية أميرا على أهل قنسرين سمع الحديث من السيدة عائشة أم المؤمنين ومن معاوية وروى عنه ثابت بن الحجاج سكن البصرة وانتقل إلى الشام وكان في جيش البصرة الذي خرج لإغاثة الخليفة المحصور عثمان بن عفان في المدينة وكان في وقعة صفين رسول معاوية إلى عائشة وكانت تسأله عمن قتل في صفين 0 ظل زفرا أميرا على قرقيسيا حتى مات في خلافة عبد الملك بن مروان سنة 75 هـ - 695 م وكان شاعرا جزل الألفاظ متين النسج مقل بحكم انشغاله بولايته في ظروف سياسية صعبة يتمثل في حياته الصراع بين القبائل العربية في وادي الفرات وفي الجزيرة الفراتية ينتهي نسبه إلى قبيلة قيس عيلان بن مضر بن نزار من عدنان وهي قبائل كثيرة وإذا قيل قيس دخلت العدنانية كلها في قيس نسب وعصبية ذكرت قيس عند النبي ( ص ) فترحم عليها وقال : إن قيسا فرسان الله في الارض ياقيس حي يمنا يايمن حي قيسا ( الحديث ) وقحطان جد القبائل اليمنية 0 اتصلت أحداث إسلامية بارزة محدث التوابين بقرقيسيا وباميرها زفر بن الحارث الكلابي لما قتل الحسين بن علي رأت الشيعة أنها قد أخطأت خطا كبيرا بتركها نصرته واجابته حتى قتل إلى جانبهم ورأوا انه لا يغسل عارهم والاثم عليهم إلا قتل من قتله فاجتمع رؤسائهم في منزل سليمان بن صرد الخزاعي وهو المقدم عليهم باشروا حركتهم بعد هلك يزيد بن معاوية سنة أربع وستين وبايع أهل الكوفة لابن الزبير وخرج سليمان بن صرد الخزاعي سنة خمس وستين في أربعة آلاف بطريق الجزيرة الفراتية قاصدين عين الوردة راس العين عند منابع نهر الخابور ساروا حتى انتهوا إلى قرقيسيا على تعبية وبها زفر بن الحارث الكلابي قد تحصن بها منهم ولم يخرج إليهم فارسل إليه المسيب بن نجبة من رؤسائهم يطلب إليه أن يخرج إليه سوقا فامر زفر ابنه فاخرج إليهم سوقا وامر لمسيب بألف درهم وفرس فاخذ الفرس ورد المال وبعث زفر إليهم بخبز كثير وعلف ودقيق حتى استغنى الناس عن السوق إلا إن كان الرجل يشتري سوطا أو ثوبا ثم ارتحلوا من الغد وخرج إليهم زفر يشيعهم وزودهم بنصائحه ومعلوماته الإعلامية ولما وصلوا إلى عين الوردة اقتتلوا مع جيش عبد الله بن زياد – جيش الشام الذي يفوقهم عددا قتل من التوابين معظمهم وقتل سليمان بن صرد الخزاعي في شهر ربيع الآخر وسارت بقيتهم حتى أتوا قرقيسيا فعرض عليهم زفر الإقامة ثلاثا فاضافهم ثم زودهم وساروا إلى الكوفة ولما سمع عبد الملك بن مروان بقتل سليمان وانهزام أصحابه صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه واعلن مقتل سليمان بن صرد والمسيب بن نجبة 0 حظيت قرقيسيا في العهد الأموي بحظوة كبيرة بنزول الخليفة عبد الملك فيها ومصالحته أميرها زفر وقبول شروطه ووفائه بها وبزواج أخي عبد الملك بابنة زفر الرباب وبتردد أخويها الهذيل والكوثر على مجلس الخليفة عبد الملك 0 قرقيسيا في العهد العباسي وما تلاه من العهود : إن أخبارها في هذه الحقبة غامضة وان كانت حتى أوائل القرن الثالث الهجري تدخل في حكم الوالي الذي تعينه بغداد لطريق الفرات والجزيرة الفراتية وكان الذي يستولي على الرحبة من العسكريين المغامرين أو الأمراء يستولي على قرقيسيا من الأمراء الحمدانيين والطولونيين والسلجوقيين والاتابكية والأيوبيين والمرادسيين والعقيليين والمماليك 0 وقد امتد نفوذ حكام مصر الطولونيين إلى قرقيسيا غير أن الموفق أخا الخليفة المعتمد ببغداد اخذ المدينة منهم سنة 268 هـ اتصل تاريخها في العصر العباسي بتاريخ أختها وجارتها رحبة مالك بن طوق الواقعة على ضفة الفرات الغربية والتي جدد بنائها في النصف الأول من القرن الثالث هجري وجعلها قاعدة طريق الفرات فازدهرت في عهده لحسن موقعها على طريق الفرات البرية والمائية وبفضل وفرة مياهها وخصب سهولها فانتقلت إليها مكانة قرقيسيا وكانتا تشكلان ناحية واحدة وظلت كذلك مدى قرون وكان يفصل بينهما الفرات وتحملتا نفس المصير وهو الخراب الذي ألتا إليه 0 مر بقرقيسيا الشاعر العباسي ربيعة الرقي المتوفي سنة 198هـ - 812 م في عودته من العراق إلى بلدة الرقة وكان قد مدح الخليفة المهدي وبعض الأمراء العباسيين وكان ربيعة يلقب بالغاوي وكان له مع شعر المديح شعر في الغزل حسن سلس حلو وشعره كله مليح عذب مطبوع جيد 0 وفي نزوله بقرقيسيا تشبب بجارية يقال لها عشمة كانت لرجل من أهل قرقيسيا يقال له ابن مرار قال : اعتاد قلبك من حبيبك عيــده شوق عراك فأنت عنه تــذوده والشوق قد غلب الفواد فقاده والشوق يغلب ذا الهوى فيقوده في دار مرار غزال كنيســة عطر عليه خزوزه وبــــروده ريم أغر كأنه من حســــــنه ضم يحج ببيعة معــــــــــبوده ماضر عشمة أن تلم بعاشق دنف الفؤاد متيم فتعــــــــــوده وتلده من ريقها فلربـــــــمـا نفع السقيم من الســــقام لدوده وجاءته امرأة من منزل هذه الجارية فقالت تقول لك فلانة إن بنت مولاتي محمومة فان كنت تعرف لها عوذة فافعل فامر من كتب هذه العوذة : ثقوا ثقوا باسم الإله الذي لايعرض السقم لمن قد شفى أعيذ مولاتي ومولاتـــها وابنتها بعوذة المصــــــطفى من شر ما يعرض من علة في الصبح والليل إذا اسدفا فقال له الكاتب : أبا ثابت لست احسن أن اكتب ثقوا ثقوا فكيف اكتبها ؟ قال انضح المداد من راس القلم في موضعين حتى يكون الكنفث وادفع العوذة إليها فأنا نافعة ففعل فلم تلبث أن جاءت الجارية وهي لا تتمالك ضحكا فقالت له : يا مجنون ما فعلت بنا كدنا نفتضح بما صنعت قال فما اصنع اشاعر أنا أم صاحب تعاويذ ؟ ومن تشبيهه بعشمة المذكورة قوله من قصيدة تستملح له وهو اطبع ما يكون من الشعر واسهل ما يكون الكلام : اعشمة أطلقي العلق الرهينا بعيشك وارحمي الصب الحزينا ربيعة مغرم بك مستـــــهام يحن إليك من شوق حنيــــــــــنا ترعض زائرا لك فارحمـيه فلقد أورثت زائرك الجنونـــــــا رآك وأنت مقبلة فلــــــــــما رأتك العين هجت لنا فتونــــــا وقمت تأودين وعهد عينـي بحسنك في الحزن تأوديــــــــنا فلما إن رآك الناس قالــــــوا تعالى الله رب العالميــــــــــــنا وقد أعطاك ربك فاشكريـــه جمالا فوق وصف العالميــــــنا إذا أقبلت زعت الناس حسنا وان أدبرت قيدت العـــــــــيونا كان أمر تعيين الولاة على الرحبة وقرقيسيا يصد تارة من بغداد وتارة من دمشق وأخرى من حلب ومرة من الموصل واحيانا يغتصب بعض القواد والأمراء هذه الناحية اغتصابا من يد عاملها باغتياله وبذلك لقيت كل من الرحبة وقرقيسيا كثيرا من المصائب والكوارث مدى قرون متتابعة وتميزت الرحبة بأنها كانت وما زالت اكثر وابعد شهرة من قرقيسيا جاء إليها القرامطة من الرحبة سنة 315 هـ بقيادة أبي طاهر سليمان بن سعيد ومنها بعث السوادي إلى النواحي في الجزيرة الفراتية 0 كانت الرحبة إقطاعا إلى أبي محمد بن رائق الذي ولاه الراضي ولاية بغداد مع طريق الفرات ومضر وحران وكان في الرحبة من جهة ابن رائق في السنة 330 هـ رجل يدعى مسافر بن الحسن فلما قتل ناصر الدولة الحمداني ابن رائق استولى مسافر على الناحية وجبى خراجها فارسل ناصر الدولة جيشا لاخراج مسافر من الرحبة ففارقها مسافر من غير قتال وسار إلى قرقيسيا وملكها وبقي في الخابور ستة اشهر فجبى الأموال العظيمة وقوى وعاد إلى الرحبة ما لبث الحمدانيون أن قتلوه 0 هذه عينة من تاريخ قرقيسيا في ذلك العهد 0 في عمران قرقيسيا يقول أبو القاسم محمد بن حوقل البغدادي الذي تجول في البلاد سنة 331 هـ ووضع كتاب ( المسالك والممالك ) ص 155 ( قرقيسيا مدينة على الخابور ويجلب من فواكهها وفواكه الخابور إلى العراق في الشتاء الكثير وان كان الاختلال قد شابهما وبينها وبين الخانوقة يومان ) والخانوقة هي حلبية الحالية على ضفة الفرات الغربية تبعد 54 كم شمالي غربي دير الزور – قريبة التبني 0 وروى بنجامان ثوديل الرحالة انه وجد في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الميلادي خمسين عائلة يهودية بين سكان قرقيسيا 0 كانت قرقيسيا إلى نور الدين محمود بن زنكي بن مودود المتوفى سنة 624 هـ 1227 م ودفن فيها ابنه عثمان المتوفى سنة 635 هـ وكانت مع الخابور في حكم شرف الدولة مسلم العقيلي ولما قتل في سنة 478 هـ و 1085 م رتب السلطان ملكــشاه السلجوقي في محله أبا عبد الله محمود بن شرف الدولة0 وكانت تحت إمرة جاولي سقاو من أمراء السلجوقيين وتولى عليها سيف الدولة اقسنقر البرسقي أحد الأمراء السلجوقيين سنة 509 هـ 1115 م ولاه إياها السلطان محمد بن ملكشاه 0 احسبها قد خربت بكاملها في أواخر القرن السادس الهجري بدليل شاهد البيت التالي الذي رواه الحموي في كتابه معجم البلدان والمتوفى سنة 626 هـ : لعن سخطة من خالفي أو لشقوة تبدلت قرقيساء من دارة الروم وكان ابن حوقل الذي تجول في البلاد سنة 331 هـ قد أشار إلى الاختلال الذي شابها 0 كان هولاكو في زحفه على الشام سنة 658 هـ تقدم في الجزيرة الفراتية فنصب جسرا على الفرات قريبا من ملطة واخر عند قلعة الروم وثالثا عند قرقيسيا عبرت عليها عساكره إلى الضفة الغربية وقتلوا عند منبج مقتلة عظيمة ( تاريخ مختصر الدول لابن العبري ) 0 واستولى عليها المغول واسترجعها سلطان مصر والشام الظاهر بيبرس في سنة 636 هـ 1264 م وكان وسع حدود مملكته إلى الخابور وكانت إقطاعا إلى الخوارزمية وبعد التتار آلت إلى تيمورلنك الذي قتل السكان ودمر البلاد 0 وملك التركمان البلاد بعد انقراض التتار سنة 914 هـ 1508 م على يد الشاه إسماعيل الصفوي ولما استولى العثمانيون على العراق سنة 914 هـ 1534 م كانت قرقيسيا خرابا 0 وفي العهد العثماني ( القرن العاشر الهجري ) كانت قرقيسيا المخربة والرحبة المدمرة ودير الزور الصغيرة من التشكيلات الإدارية لولاية الرقة وكان مركزها مدينة اورفا ( الرها ) لخراب الرقة 0 تنوسي اسم قرقيسيا بانقراض السكان القدماء ومجيء سكان طارئين من جهات متعددة إلى المكان القديم وهو التل الأثري الذي يخفي قرقيسيا القديمة في داخله وحلت محلها منذ نيف ومائة عام قرية فقيرة حملت اسم البصيرة تشكل سكانها من قلعيين أتوا إليها من قلعة الرحبة ومن ديريين أتوا إليها من دير الزور ومن راويين أتوا إليها من راوة في العراق ومن عكيدات جاؤوا من عشائر العكيدات والمجاورين والقاطنين على ضفة الفرات الشرقية 0 ولازم المكان سوء الحظ فنهبت حملة ديبوفر الفرنسية عام 1922 القرية على فقرها 0 لا يعلم مصدر تسميتها باسم البصيرة ولا تاريخ إطلاق هذا الاسم على مكان قرقيسيا الذي تنوسي في العصور الأخيرة ويجهل السكان اسم قرقيسيا وتاريخها جهلا تاما بسبب طروئهم على المكان وعشائريتهم وغلبة الأمية عليهم وقد لفتت التسمية الأخيرة نظر العالم الألماني ( هرتزفلد ) الذي زار المنطقة في أوائل القرن العشرين وقال إن هذه التسمية أتت من اسم دير قديم كان بقربها يسمى بدير البصير كانت له شهرة في الناحية فسميت البلدة المخربة باسمه 0 لا صحة لهذا الزعم فلم يكن في الناحية دير بهذا الاسم وليس له ذكر بين السكان فضلا عن أن تكون له شهرة والناحية منذ عدة قرون مجال عشائر عربية لا ذكر بينها لهذا الدير ولم تذكره المصادر العربية ولا السريانية 0 بناحية قرقيسيا تمر قوافل بين العراق وسورية على ضفة الفرات الشرقية ولعل أحد المسافرين في هذه القوافل لاحظ الشبه بين موقع البصيرة على شط العرب المؤلف من الفرات ودجلة وموقع مكان قرقيسيا حيث يلتقي الخابور بالفرات ويؤلفان نهرا واحدا فسمي المكان البصيرة تصغيرا لاسم ثغرهم البصرة وبقي الاسم غير متداول لغلبة الاسم القديم أو إن بعض أبناء البصرة من جيش علي بن أبى طالب سكن في قرقيسيا عقب وقعة صفين ولعل هؤلاء هم الذين أطلقوا على المكان اسم البصيرة تصغيرا لاسم ثغرهم البصرة وبقي الاسم غير متداول لغلبة الاسم القديم ثم شاع الاسم الجديد بعد خراب قرقيسيا واندثار عمرانها 0 ولقد سالت بعض أبناء البصيرة إن كانوا يعرفون سبب تسمية المكان بهذا الاسم فردوا ذلك إلى أن بدويا كان يعتلي قمة التل وينظر إلى الجهة الشمالية ويخبر جماعته بأنه يبصر جبال ماردين وبيوت قراها فسمى السكان المكان باسم البصيرة أي المكان الذي يبصر منه رواية لا أثبتها ولا انفيها 0 عاشت البصيرة منذ مائة سنة إلى اليوم قريبة فقيرة لم تحقق خلال هذه المدة الطويلة إلا تقدما ضئيلا وازداد عدد سكانها أضعافا 0 وكانت مركز قضاء في أواخر العهد العثماني يمتد حتى تل حميضة في الجزيرة مقابل القصبي على الفرات في الغرب ويمتد في الشمال حتى موقع الشدادي على الخابور الأوسط وكان فيها قاض وكان نجم الطلحة الراوي يصنع قواقه لدواليب الخابور وصحونا ومزامل وجرارا وقدور فخار من طين البصيرة وكان حمدان اللولح واخرون يصنعون البارود من تراب نقرة احمد الحماد بالقرب من جامع البصيرة وكان السكان يستخرجون طباق الآجر من البيوت القديمة يصدرونه إلى دير الزور 0 وقبل الحرب العالمية الأولى كان لبعض سكان البصيرة دواوين يسمرون فيها على غرار الدواوين بدير الزور أصحابها عبد الله الاحمد الخالد – العبيد الذيب – وعبود الشاهر الكسار – وفرحان الخلف الهوش – وخلف النايف – ومحمد النايف – وغدو اللجي 0 وكان بعض أبناء البصيرة يشتركون مع العكيدات بغزو عنزة وشمر والدليم ويغنمون إبلا كانوا يفتخرون بها 0 البصيرة ( قرقيسيا ) في العهد السوري : في التشكيلات الإدارية السورية أي منذ عام 1920 جعلت ناحية ألحقت بقضاء الميادين أحد اقضية متصرفية دير الزور وفكتها الحكومة من منطقة الميادين في 9 / 11 / 1963 وألحقتها بمركز دير الزور بسبب تعبيد الطريق بين البصيرة ودير الزور والتي كانت ترابية في كل العهود الماضية على أهميتها حتى سنة 1963 وكانت نفقات تعبيدها من أموال العمل الشعبي 0 فئات سكان قرية البصيرة : 1. قلعيون من البو مصطفى مصدرهم قلعة رحبة مالك بن طوق على ضفة الفرات الغربية في اسفل البصيرة وجارتها يفصل بينهما نهر الفرات هذه بيوتهم خلف النايف وأولاده – محمد النايف وأولاده – جار الله النايف – فرج الزيد – كريد الزيد – سليمان الزيد وأولاده – علي الزيد وأولاده 0 2. الراويون مصدرهم بلدة راوة في العراق على ضفة الفرات الشرقية هذه بيوتهم إسماعيل السطم الراوي وأولاده جاء جده عبد الحسين إلى البصيرة – حمادة السطم وأولاده – فرج المحمد العبد وأولاده – عكوش المحمد العبد وأولاده – احمد السلامة وأولاده – حاج محمد السلامة وأولاده – حسان السلامة وأولاده – حمادي الحاج محمد السلامة رحيم المحمد العبد 0 3. ديريون بو شلهوم مصدرهم دير الزور هذه بيوتهم ملحم اللجي وأولاده وأحفاده – غدو اللجي وأولاده – حمادي اللجي وأولاده – علي اللجي وأولاده – حناش اللجي وأولاده – بنية اللجي وأولاده – هويدي اللجي وأولاده – شيخ الحسن وأولاده – دللي صالح الحسن العلي وأولاده حنيف الحسن وأولاده – عواجي مظهور الحسن وأولاده – ظاهر الحسن وأولاده – سليمان الحسن وأولاده – خالد العي وأولاده – حسن العلي وأولاده – عبد الله العلي – فرحان الخلف الهوش الشبلي واخوته حساني ووحيد 0 4. ديريون جواشنة مصدرهم دير الزور هذه بيوتهم عبد الملحم العزاوي كانوا اكثر لكنهم نزحوا عن البصيرة – الياسات – محمد – حسين – علي – حمزة وأولادهم واحفادهم 0 5. عكيدات مصدرهم عشيرة العكيدات المحيطة بالبصيرة بيوتهم رافع المطر ومنصور المطر 0 6. ديريون بوفيريو مصدرهم دير الزور هذه بيوتهم عبد الرحمن النجم وأولاده – احمد النجم وأولاده – محمد النجم وأولاده – حناش النجم 0 7. سخاني مصدرهم قرية السخنة إما مباشرة منها واما من سخاني دير الزور بيوتهم محمد التدمري – عوض التدمري 0 8. مشاهدة مصدرهم قرية مشهد في العراق بيوتهم عبود الحميد وابنه عبيد – صالح الدخيل وأولاده 0 9. الربيعيون هنادة أصلهم من بقايا جيوش إبراهيم باشا المصري التي جاءت الى وادي الفرات في حملة إبراهيم باشا على سورية بقي بعضهم بعد وقعة نزب 1839 هذه بيوتهم حسين الجاسم عبد الله المحمد الربيع – ملا حمادي الجاسم – ملا بنية الجاسم – صالح الدودة – إبراهيم الخليف الربيع – محمد الخليف الربيع – احمد الدودة – رجب العبد الربيع – حسن العبيد الربيع – حمادي العبيد – ملحم العبيد الربيع 0 10. قلعيون من البوخليل مصدرهم قلعة رحبة مالك بن طوق بيوتهم علاوي الخلف المنصور وأولاده – محمد خلف المنصور – زهدي الخلف المنصور ( خلف المنصور الملقب الاشكر ) 0
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس