عرض مشاركة واحدة
قديم 03-31-2009
  #12
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: تذكرة المحبيّن في أسماء سيّد المرسلين

فصل



"من آداب مَنْ عَلِمَ منزلةَ نبيّنا ومقامه عند ربّه، وأنه سُمِّيَ محمّداً لحمدِ مولاه له وثنائه عليه، وحمد عيبد حضرته العليّة، ومن اختاره لديه.

فكُنْ أَيُّها المحبّ من أكثر المحبيّن له، وليكن جلوسُكَ مع الذّاكرين له، فاحَمْد ذاتَهُ الكريمة، واذكُرْ بدائعَ حُسْنِها وجمالها ومتّعْ فكرك في تَناسُب شكلها وإعْظَامها؛ فإنَّ مَنْ رآهُ بديهةً هابه ومَنْ خالَطهُ معرفةٍ أَحبّه.

يقول ناعِتُه: لم أَرَ قبله ولا بعده مثله، إذا تكلّم رُئي النُّور يخرج من ثناياه، أَحسنُ الناس عُنقاً، إذا افترَّ ضاحكاً افترّ عن مثل سَنا البرق وعن مثل حَبِّ الغمام.

(15أ) وليُكْثِرِ المُحبُّ من ذِكره وامتداحه، ولْيُحسن الثَّناء عليه بما اشتَهر من صفاته. والأحاديث في ذلك كثيرة قطعيّة، وأنّه عليه السّلام أكملُ النّاسِ صورةً في قدّه ولونِه وطولِه، وعينيه، وصورةِ وجهه، ونَضارتِه وحَركتِه، ومشيتهِ وأسنانِه وتبسُّمهِ، وأَنّ ما من شكلٍ منه إلاّ وقد خلَقه الله تعالى على أكمل ما يكون وأتمّه.

وكان ذلك رحمةً بعباد الله في كونهم لا يُشاهدون منه ما يكرهون، بل يَزِيْدُهم فيه حُبّاً وعند رُؤيته يَفْرحُون.

ولولا أنّ مولانا جلّ جلالُه ألقى عليه مع كمال جماله البَهاءَ، لَمَا استطاع أحدٌ من الخلائق أن ينظرَ إليه، إلاّ انَخْطَفت أبصارُه من نوره وحُسنِهِ.

وما مَنَّ به المولى عليه، وما اختصَّ به لديه؛ بل ربما ماتَ ناظِرُه لأجلِ جمالِه الّذي يَسْبي العُقول، وقد تواتَر ذلك، وقُطِعَ به في المنقول، فإنّ جمال الكريم يوسفَ نَبيِّ الله بَعْضٌ من جمال حبيب الله، ومع هذا ماتت عند رؤيته لقوّة جماله خَلْقٌ مِنْ خَلْققِ الله.

ونبيُّنا ومولانا محمّد ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ على قوّة جمالة وحُسنه رحمَ الله أمتّه بأن ألقى عليه البَهاء، فثبَّتَ عقولَها، حتى نالت مِن الله بسبب محبته مأمولَها.

وتذكَّرْ ــــ رَحِمَكَ الله ــــ أخلاقَهُ الكريمة التّي كمّلها له ربّه على التّوالي نسقاً؛

فكان عليه السّلام أكملَ العالمَين خَلْقاً وخُلُقاً؛ فتذكّرْ وفورَ عقله، وذكاءَ لُبّهِ، وقوّة حواشه، وفصاحةَ لسانِه، واعتدالَ حركاتِه، وحُسْنَ شمائِله، وشرَف نسَبهِ، وكرَم بلدِه، وحلَمُه، واحتمالَهُ وعَفوَه مع قُدرته، وصبرَه على ما يكره، وجُوده وكرمه، وسخاءَه وحياءَه، وشجاعتَه وسماحتَه ونجْدته وفضيلته، وصفاءَ مودّته، وبذْلَ نصيحته وحُسن عِشرته (15ب) وآدابه، وشّفقته، ورأفته بجميع الخلائق، وحرصه على إيمانهم، ووفاءه وحسنَ عهده، وصلةَ رحمِه، وتواضُعَهُ على قَدْرِ رِفْعَتِه وعلوِّ منصبه، وعَدْلَهُ في سيرته، وأَمانته وعفّته، وصدقَ لهجته، ووقاره وصَمْتَهُ وتُؤَدَتَه، ومروءته، وحُسن هديه وزُهده في الدُّنيا وتقلَّله منها، وخوفَهُ من ربّه، وطاعتَهُ له، وشدَّة عبادته وعِلْمِه برَبّه، وشُكره وإنابته إلى رَبّه، وحُسن قيامه بحقّه، وجميل رجائه، وصدق يقينه، وتوكّله على ربّه، ومحبّتهُ فيه، وشدّة إيمانه بِغَيْبِه، وكثرة صَلاتِه وصيامهِ، وشُكره وإعطاءه من مال ربّه.

فَما مِن حُسن الأَخلاقِ صفةٌ إلاّ وقد حازَها، وتَمَّمها، وكانَ فيها أَنْهَى الخَلْققِ وأحسْنَها، وما من درجة من درَجات اليقين إلاّ كان أساسَها حبيبُ ربّ العالمين، وإمامَها إمامُ المتّقين، وفيه يجب أن يُقال، وقد قيل:



يا سيّداً عَظُمَتْ في المجد رتُبْتَهُ = وأَعجزَ الخلقَ إحسَاناً وإفْضَالا
ما بعد فقدك موجودٌ يَسَرُّ بهِ = كنتَ الحياةَ وكنتَ الأَهْلَ والمالا

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس