عرض مشاركة واحدة
قديم 04-12-2009
  #2
هيثم السليمان
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: دير الزور _ العشارة
المشاركات: 1,367
معدل تقييم المستوى: 17
هيثم السليمان is on a distinguished road
افتراضي رد: ترجمة الكبريت الأحمر سيّدي ابن عربي

وكذلك أجاب ابن كمال باشا ( [6] ) بما صورته: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لمن جعل من عباده العلماء المصلحين، ورثةَ الأنبياءَ والمرسلين، والصلاة والسلام على محمد المبعوث لإصلاح الضَّالين والمُضلِّين، وآله وأصحابه المُجدِّين لإجراء الشرع المبين.
وبعد: أيُّها الناس! اعلموا أن الشيخ الأعظم، المقتدى الأكرم، قطب العَارفين، وإمام الموحدين، محمد بن علي بن العربي الطائي الأندلسي، مجتهد كامل، ومرشد فاضل، له مناقب عجيبة، وخَوَارق غريبة، وتلامذة كثيرة، مقبولة عند العلماء والفضلاء، فمن أنكره فقد أخطأ، وإن أصرَّ في إنكاره فقد ضلَّ، يجب على السلطان تأديبه، وعن هذا الاعتقاد تحويله، إذ السلطان مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وله مُصنّفات كثيرة، منها: "فصوص حكمية" و"فتوحات مكيّة". وبعض مسائلها معلوم اللفظ والمعنى، وموافق للأمر الإلهيّ والشرع النبوي، وبعضها خفي عن إِدْرَاكِ أهل الظّاهر دون أهل الكشف والباطن، فمن لم يطلع على المعنى المرام يجب عليه السكوت في هذا المقام، لقوله تعالى:( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إنَّ السَّمْعَ والبَصَرَ والفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كان عَنْهُ مَسْئولاً ) [ الإسراء: 36]، والله الهادي إلى سبيل الصواب، وإليه المرجع والمآب. انتهى.
وكلاَ الجوابين مكتوب في ضريح المترجم فوق رأسه، والله أعلم.
ثم قال المُنَاوي: وأخبر الشَّعْراوي عن بعض إخوانه أنه شاهد رجلاً أتى ليلاً بنارٍ ليحرق تابوته فخُسف به وغاب بالأرض. فأحس أهله، فحفروا فوجدوا رأسه، فكلما حفروا نزل في الأرض، فعجزوا وأهالوا عليه التراب. قال ( [7] ) : ومن تأمل سيرة ابن عربي وأخلاقه الحسنة وانسلاخه من حظوظ نفسه وترك العصبية، حمله ذلك على محبته واعتقاده. ومما وقع له أن رجلاً من دمشق فرض على نفسه أن يلعنه كل يوم عشر مرات، فمات. وحضر ابن عربي جنازته ثم رجع فجلس ببيته وتوجه للقبلة، فلما جاء وقت الغداء أُحضر إليه فلم يأكل، ولم يزل على حاله إلى بعد العَشَاء، فالتفت مسروراً وطلب العَشَاءَ وأكل. فقيل له في ذلك، فقال: التزمت مع الله أني لا آكل ولا أشرب حتَّى يغفر لهذا الذي كان يلعنني، وذكرت له سبعين ألف لا إله إلا الله، فغفر له.
وقد أُوذي الشيخ كثيراً في حياته وبعد مماته بما لم يقع نظيره لغيره، وقد أخبر هو عن نفسه بذلك، وذلك من غرر كراماته، فقد قال في "الفتوحات" كنت نائماً في مقام إبراهيم، وإذا بقائلٍ من الأرواح –أرواح الملأ الأعلى- يقول لي عن الله: ادخل مقام إبراهيم، إنه كان أوَّاهاً حليماً ( [8] ) ، فعلمتُ أنه لابد أن يبتليني بكلام في عرضي من قومٍ، فأعاملهم بالحلم. قال: ويكون أذىً كثيراً، فإنه جاء بحليم بصيغة المبالغة، ثم وصفه بالأوَّاه، وهو من يكثر منه التأوُّه لما يشاهد من جلال الله. انتهى.
وقال الصَّفي بن أبي منصور: جمع ابن عربي بين العلوم الكسبية والعلوم الوهبية، وكان غلب عليه التوحيد علماً وخَلْقَاً وخُلُقاً، لا يكترث بالوجود مقبلاً كان أو معرضاً.
هيثم السليمان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس