عرض مشاركة واحدة
قديم 04-02-2009
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: النصيحة الكافية

الفصل الثاني : نصرة الدين

ونصرة الدين بأمور ثلاثة: الجهاد، وشروطه معروفة.
والأمر بالمعروف، وشروطه ثلاثة: كون ما أمر به معروفا متفقا على إنكار نقيضه في مذهب الفاعل والقدرة على ذلك من غير وصول ضرر يؤدي إلى فساد عليه في دين أو دنيا، أو يؤدي إلى منكر أعظم منه.
وأن يكون ذلك بمعروف حتى كأنه عبد يأمر ابن سيده. وإن أدى الأمر إلى ضربه بإذنه فهو نائبه في فعله.
والثالث من وجوه النصرة: القيام بالأسباب الموجبة لبقائه من علم أو عمل.
فالعلم كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وما ولاهما من فقه ولغة ونحوها.
والعمل: الصنائع الأصلِة، كالحدادة والتجارة، وشبهها.
الفصل الثالث : التسليم في الحكم

وأما التسليم لأمره تعالى، فالأمر قسمان: تكليفي، وتعريفي.
فالتعريفي: ما يورده عليك من المرادات القهرية، ويعينك على التسليم له فيه علمك بأنه رحيم بك، عالم بما أنت عليه لطيف بك في جميع أحوالك، ولا يقدر على دفع ما وضع غيره، وأنه يخلق ما يشاء ويختار. فكما ليس لغيره حكم ليس لغيره اختيار.
وأما التكليفي فأربعة: التوبة، في المعصية، وشهود المنة في الطاعة، والصبر على البلية، والشكر على النعمة.
والتوبة: الخروج عن الذنب لله، ولما به وعد الله، لا لخوف الخلق، ولا لطلب الرزق.
ولها فروض ثلاثة: رد المظالم، واجتناب المحارم، والنية ألا يعود.
المطلب الأول : رد المظالم

فالمظالم: مالية، وعرضية، ودينية، ونفسية، وحرمية.
فالمالية: يجب ردها إجماعا.
والعرضية: خلاف، مشهوره وجوب الاستحلال.
وفي النفسية: خلاف. إن لم تتعلق بالمال. ويتعين في الحرمية عدم الاستلحلا.
وفي الدينية تختلف الأحوال.
فإن عدم من وجب له الحق، أو نائبه انتقل الحق إلى المساكين، إن كان مما ينتقل إليهم. وقد ذكر بعض العلماء، أن من استغفر لمظلومه دبر كل صلاة خمسا وفَّى حقه، وأظنه في العرض، والله أعلم.
والذمي، كالمسلم في عرضه وماله ونفسه كأنه لم يعط ذمته إلا ليحفظ بذمة الإسلام، وقد نص على ذلك في العرض أبو بكر بن العربي رحمه الله وغيره.
ويجزيء التحري في مقدار ذلك.
والتوبة من ذنب مع المقام على غيره، صحيحة، والكمال التوبة من كل ذنب، وهي واجبة على الفور، فيجب من تأخيره لها التوبة من التأخير، كما يجب على مدمن الخمر التوبة منه ومن عدم النكير على جلسائه.
وذكر الذنب لا يوجب التوبة منه، بل ندبها على الصحيح، إن لم يكن فرحا بذكره، فيجب التوبة من فرحه به ورضاه بوقوعه، والعودة له هل توجب رجوع إثم قولان، والصحيح: لا، والله أعلم.
المطلب الثاني : المحارم

الغصن الأول المحارم اللسانية

والمحارم التي يجب اجتنابها في اللسان أربعة: الكذب والغيبة، والفضيحة، والباطل.
الفرع الأول : الكذب

فأعظم الكذب الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يوجب حكما، أو ينقض أصلا.
ثم الكذب في الأخبار التي لا توجب ذلك عنده، وإن أوجبت مصلحة، كصلوات الأيام والليالي الفاضلة. والآيات وسائر الأحاديث الموضوعة، وروايتها من غير بيان إثم، كعامل بها، وهي ما روي عن أبي بن كعب رضي الله عنه، في فضائل السور، سورة سورة، وقال الشيخ أبو عبد الله البلالي: وأخطأ من ذكره من المفسرين.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( من كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار ) قيل وهذا تبشير بسوء الخاتمة. وحكى إمام الحرمين قولا في الإرشاد بتكفير الكاذب عليه صلى الله عليه وسلم متعمدا، وهو ضعيف.
ثم الكذب على العلماء في نقل حكم، أو ما يقتضيه، وإن وافق الحق، لأن للوارث من الحرمة ما للموروث في باب ما ورث عنه.
ثم الكذب فيما يوجب حكما من أحوال الناس، وهي شهادة الزور المقتضية للتلبيس على الحاكم الشرعي، حتى يخرج الحكم في غير ما وضع له، ولذلك عزمه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( ألا وقول الزور ) مرتين أو ثلاث. وجاء: ( من شهد زورا علق من لسانه يوم القيامة ) .
ثم الكذب باعتبار التحكم على الله بالحتم بجنته أو ناره لأحد، وقد قيل: إن هذا كفر، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم ( من تألى على الله يكذبه ) وهذا في غير المعين في النص منه عليه الصلاة والسلام في الجهتين.
ثم الكذب على المنام، لأنه لعب بما هو من أجزاء النبوة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( من تحلم بحلم لم يره، كلف أن يعقد بين شعيرتين يوم القيامة وليس بعاقد ) .
ثم الكذب فيما يوجب فوات حق مسلم، أو أخذ ماله، كالكذب في ثمن السلعة، ليأخذ فوق معتادها، أو الشهادة عليه بما لم يجب، أو السعي للظالم بغير حق.
ثم البهتان وهو: رمي المرء بما لم يفعل مما لا تعلق له بك، أو له بك تعلق. قال الله سبحانه: ( وَمَن يَكسَب خَطيئَةً أَو إِثماً ثُمَّ يَرمِ بِهِ بَريئا فَقَد احتَمَلَ بُهتاناً وَإِثماً مُبينا ) .
ثم الكذب باليمين بالله تعالى، فقد جاء ( اليمين الغموس تترك الديار بلاقع ) وسميت غموسا لأنها تغمس صاحبها في النار.
وقال عليه السلام: ( اليمين منفقة للسلعة ممحقة للمال ) وقال: ( من حلق على يمين وهو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان ) . ثم الكذب فيما يوجب ضررا غير متعلق بمال، ولا غيره، كمدح السلعة بما لا يوجب زيادة في الثمن، والكذب في الأراجيف المشوشة للذهن، والمضحكات، ونقل ذلك، فقد قال عليه السلام: ( كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع ) وقال: ( بئس مطية الكذب زعموا ) .
وقال: ( إن الرجل ليتكلم بكلمة يرضي بها جلساءه تبلغ من سخط الله ما لم يظن ) .
ثم الكذب في المدح لتحصيل منفعة، والكذب في الوعد يخلفه، والكذب في تزكية المرء لنفسه لتحصيل غرض، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا مدح أحدكم أخاه فليقل: أحسبه، ولا أزكي على الله أحدا ) وقال عليه السلام: ( ثلاث من كن فيه فهو منافق، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان ) وقال: ( المتشبع بما لم يعطه كلابس ثوبي زور ) ونهى صلى الله عليه وسلم عن النجش، وهو: أن يزيد في السلعة لا لرغبة، بل ليخدع غيره.

ويباح الكذب في مواضع: منها الجهاد لتفريق كلمة الكفار، وكذا الفسقة، المجاهرين عند الأمن من شرورهم.
ثم الكذب في الذب عن مال مسلم، وعرضه، من ظالم.
ثم الكذب في ستر معصيته أو معصية غيره.
ثم الكذب في إصلاح ذات البين.
ثم الكذب في إجبار قلب المرأة والولد.
وبالجملة فالكذب لا يباح لجلب نفع مجرد وإنما يباح لدفع ضرر إذا كان أعظم مفسدة منه.
وفي المعاريض مندوحة، فقد كان بعض السلف إذا طلب في البيت وكان هناك يقول لأهله: قل لهم: اطلبوه في المسجد وقد كان أبو بكر رضي الله عنه يأمر جاريته بذلك. ولن يبلغ العبد حقيقة الصدق حتى يصدق حيث لا ينجيه إلا الكذب.
ويعين على الصدق في القول، قراءة: إنا أنزلناه في ليلة القدر كما أشار إلى ذلك أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه ونفعا به، بمنه وكرمه.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس