عرض مشاركة واحدة
قديم 12-03-2012
  #59
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني


"- (أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نسوي صفوفنا ونتراص فيها ونقدم الوقوف في ميامنها على غيره من الوسط أو المياسر، وفي ذلك أسرار لا تذكر إلا مشافهة.

وينبغي أن لا يكون بين أحد من أهل الصف وبين من هو في صفه شحناء ولا حسد ولا غل ولا مكر ولا خديعة ليوافق الباطن صورة الظاهر، فإن اختلاف القلوب أشد من اختلاف الجوارح، ولذلك منع الإمام مالك رضي الله عنه صحة اقتداء مصلي الظهر مثلا بمن يصلي العصر، وذلك لأن الجوارح تبع للقلب، فكأنما مكان المشاحن خال عن أحد يقف فيه لشرود قلب المشاحن عن جاره فليتأمل. ومن الأسرار الظاهرة في ذلك، أن الله تعالى أمرنا بإقامة الدين ولا يقوم إلا إذا كنا على قلب رجل واحد، وفي القرآن العظيم: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}. يعني قوتكم.

ومن الأسرار أيضا أن الشيطان لا يدخل بين الصفوف ويوسوس لأصحابه إلا إذا رأى بينها خللا، فمتى قرب من الصف احترق من أنفاسهم كما في حديث (يد الله مع الجماعة ). أي تأييده. وهذا الأمر لا يكاد يسلم منه أحد من المحبين للدنيا ومناصبها ووظائفها، فإن كل من سعى على وظيفة شخص صار عدوا له وإن لم يسع في الماضي ربما كان ناويا على السعي في المستقبل إذا رأى حاكما يجيبه إلى ذلك فتحس القلوب بذلك، فيكون عدوا مستورا في الظاهر دون الباطن، فلا ينبغي لأحد من هؤلاء أن يقف في صف من بينه وبينه عداوة ليطابق باطنه ظاهره، ويخرج عن صفة النفاق المشار إليها بقوله تعالى: {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى }. اللهم إلا أن يقف بعد التوبة ناويا التقرب إليه تمييلا لخاطره، و والله لو كان أئمة الدين على قلب رجل واحد ما دخل في الشريعة نقص قط ولا أطاق مخالفتهم أحد من الولاة، وكان كل من خالفهم هلك بسرعة، ولكنهم اختلفوا { ليقضي الله أمرا كان مفعولا}.

وأما غير أئمة الدين ممن يحب الدنيا فقد كفى الله الظلمة شرهم لأنهم لا يزالون يستمطرون منهم الرزق، فإن أعطوهم شيئا من سحت الدنيا خرس لسانهم وذهب سمعهم وبصرهم، وصاروا خرسا صما عميا، فوجودهم كالعدم وإن لم يعطوهم فهم يوافقونهم في أغراضهم ضرورة تمييلا لخاطرهم ليعطوهم كما أعطوا غيرهم، ويصيروا كذلك خرسا صما عميا، فهذا هو الباب الذي دخل منه النقص في الدين، ولو كان العلماء كلهم زاهدين ما دخل في الدين نقص، فجاهد يا أخي نفسك على يد شيخ ليخرجك من رعونات النفوس حتى لا يبقى في نفسك شهوة ولا حرص على شيء من الدنيا، وأمر أصحابك بالمجاهدة على يد شيخ كذلك ثم تراصوا في الصف بعد ذلك، وإن لم يتيسر ذلك فقفوا في الصف واستغفروا الله من كل ذنب يعلمه الله. {والله غفور رحيم}.

- روى الطبراني مرفوعا: (من ترك الصف الأول مخافة أن يؤذي أحدا أضعف الله له أجر الصف الأول ).

قلت وروى الإمام سعيد رحمه الله تعالى أن الإمام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كان يضرب بالدرة من رأى عليه رائحة كريهة ويؤخره إلى أخريات الصفوف. والله سبحانه وتعالى أعلم." اهـ

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس