عرض مشاركة واحدة
قديم 08-31-2008
  #1
نوح
رحمتك يارب
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,437
معدل تقييم المستوى: 18
نوح is on a distinguished road
افتراضي هؤلاء هم المتقون حقاً

في رحاب آية ... هؤلاء هم المتقون حقاً
يقول الحق سبحانه وتعالى في افتتاح سورة البقرة: “ألم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى للْمُتقِينَ، الذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصلاةَ وَمِما رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ، والذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ، أوْلَئِكَ عَلَى هُدًى من ربهِمْ وَأوْلَئِكَ هُمُ المفلِحُونَ” (الآيات: 1 5).

بدأت سورة البقرة بقوله سبحانه “ألم” وهذه الحروف ليس لها في اللغة العربية معاني مستقلة، ولم يرد من طريق صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم بيان للمراد منها، غير أنه قد أثيرت عن السلف آراء متعددة في معاني هذه الحروف، وهذه الآراء على كثرتها ترجع إلى رأيين اثنين:

* أنها مما استأثر الله به، ولا يعلم معناه أحد سواه، وهذا رأي كثير من الصحابة والتابعين.

* أن لها معنى، وقد ذهبوا في معناها مذاهب شتى فمنهم من قال إنها أسماء للسور التي بدئت بها، أو أن كلا منها علامة على انتهاء سورة والشروع في أخرى، ومنهم من قال إنها رموز لبعض أسماء الله تعالى وصفاته ومنهم من قال إنها قسم أقسم الله به لبيان شرف هذه الحروف وفضلها، ومنهم من قال إن المقصود منها هو تنبيه السامعين وإيقاظهم، ومنهم من قال: إن المقصود منها سياسة النفوس واستدراجها إلى سماع القرآن والإنصات إليه، ومنهم من ذكر أن هذه الحروف ذكرت للتحدي وبيان إعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن الإتيان بمثل القرآن مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها وفي هذا دليل على أنه ليس من صنع البشر بل تنزيل من حكيم حميد.



صفات المتقين

ومعنى قوله سبحانه في وصف القرآن “هُدًى للْمُتقِينَ” بيان لهم وإرشاد إلى ما ينفعهم في دنياهم وأخراهم لما تضمنته آيات القرآن من العقائد والأحكام والأخلاق، فالقرآن هداية لمن آمن به وفتح قلبه عليه، عندئذ يتفتح القرآن عن أسراره وأنواره ويسكبها في هذا القلب.

ثم ذكر سبحانه بعض صفات المتقين فقال: “الذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصلاةَ وَمِما رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ”، فالصفة الأولى من صفات المتقين هي الإيمان بالغيب، أي التصديق القلبي به، والمراد بالغيب ما غاب عن الحس من شؤون الدين، وقام الدليل على ثبوته، فالله تعالى لا تدركه الأبصار، والإيمان به من الإيمان بالغيب، وما يتعلق بالملأ الأعلى أو بأحوال يوم القيامة من بعث وحشر وحساب غيب.

ومن الإيمان بالغيب الإيمان بصدق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم مع عدم رؤيته، بل ذلك الإيمان أيضا يضاعف لصاحبه الأجر مرتين، لأنه تصديق بالنبي صلى الله عليه وسلم مع عدم مشاهدته.

والصفة الثانية من صفات المتقين أشار إليها الحق سبحانه بقوله: “وَيُقِيمُونَ الصلاةَ” أي يؤدونها تامة الأركان مستوفية الخشوع والخضوع مخلصين فيها لله.

“وَمِما رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ” أي يخرجون زكاة أموالهم ويتصدقون وينفقون المال في وجوه البر، وقد شرع الإنفاق قبل أن تشرع الزكاة، لأنه الأصل الشامل الذي تخصصه نصوص الزكاة ولا تستوعبه.الإيمان بالرسل أجمعين

وقوله عز وجل: “والذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ”، أي أن من صفات المتقين أيضا أنهم يؤمنون بما أنزل على رسولهم الكريم صلى الله عليه وسلم من قرآن مجيد وما أنزل على المرسلين السابقين على محمد، فهم يؤمنون بالنبي وبالقرآن ويؤمنون بالرسل أجمعين، وبالكتب التي نزلت عليهم وهي التوراة والإنجيل والزبور وسائر الصحف السالفة.

وهم أيضا بالآخرة يوقنون، أي يتيقنون بوقوع البعث والقيامة والجنة والنار والحساب والميزان، فالإيقان هو: إتقان العلم والتصديق الجازم الذي لا شبهة فيه ولا تردد.

ومعنى قوله عز وجل: “أوْلَئِكَ عَلَى هُدًى من ربهِمْ وَأوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”، أي المتصفون بما تقدم من إيمان بالغيب، وإقامة الصلاة والإنفاق من أموالهم وبالإيمان بالقرآن وبالكتب السابقة، والإيقان بالدار الآخرة والاستعداد لها بعمل الصالحات وترك المحرمات، “على هدى”: أي على نور وبيان وبصيرة من الله وأولئك هم المفلحون في الدنيا والآخرة.
__________________

نوح غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس