عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #61
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

"قال تعالى:‏‎ { لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } (1)‏ ‏ ‏.‏


فمن ادَّعى الملك فليبرز حجَّته بذلك!. قال تعالى:‏‎ { أَمْ ‏لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا } (2) ‏.‏


ويكفينا أن الله أذلَّ النمروذ ببعوضة ، وقد أعطى الله الملك ‏لسيدنا سليمان، وصرَّفه في كل رتبة كونية، ولكنه وهو ‏معصوم:‏‎ { قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ ‏أَكْفُرُ} (3) ‏. ‏


فكأنَّ الملك والتصريف فيه بلاء من الله تعالى ليمتحن ‏العقائد والنفوس، وقد سلب الله الملك من سيدنا سليمان حتى ‏لا يغترَّ الناس بأنه متصرِّف، وغَيرةً على مكانة الحضرة، حتى ‏أرجعه لرتبة العبد.‏


فمتى تحقَّقت بالعبدية صرفك في الملك ، بل تترقَّى إلى أن ‏يصرِّفك في الملكوت. ‏


فالعبد الحقيقي للملك العلي يقول له "الملك": يا عبدي! ‏أنا الغني عن الملُك، وقد صرَّفتك فيه بأمري، وعند ذلك ‏يأنس العبد بالملك الجليل، ويتضح له السبيل.‏


ومن أراد أن يتخلَّق بسرِّ هذا الاسم: فليكن عادلاً بين ‏قواه الظاهرة والباطنة، فلا يترك نفسه تطغى على روحه، ولا ‏يترك شهوته تـثور على عقله، ولا يجعل حسَّه يحجب ‏لطائف قلبه. فإن الجسم الإنساني مملكة عظيمة تدبِّرها الروح، ‏وهي نور من الله، فهي قريبة من حضرته، والقلب لها مثل ‏العرش تتنـزل أمورها عليه، ثم يسري إلى لوح الخيال، ‏ويقوى العزم فتنفذ الجوارح وهم جنود المملكة، فإذا عرفت ‏هذا المثال تجلَّى لك الملك المتعال:‏




الملك لله ، والأكوان خُدَّامُ =عبيده، وهو للأشياء علاَّمُ
كل الملوك وكلُّ الأغنيا صورٌ = في طيِّ قبضته، واللهُ قوَّامُ
أقامهم في مقام الامتحان وهم = لم يفقهوا سرَّه ، والكلُّ نُوَّامُ

1
2
3الـمـلــك لــلــه ، والأكـــوان iiخُـــدَّامُ عـبـيــده، وهــو لـلأشــيــاء iiعـــلاَّمُ
كـل الـمـلـوك وكـلُّ الأغـنـيـا iiصــورٌ فــي طـــيِّ قـبـضــتــه، واللهُ iiقـــوَّامُ
أقـامـهـم فـي مـقـام الامـتـحـان وهـم لـم يـفـقـهـوا سـرَّه ، والـكــلُّ iiنُــوَّامُ



وروي أن بعض الملوك مرَّ على رجلٍ من العارفين، فلم ‏يعبأ به، فقال له: أتعرف من أنا؟. ‏
فقال له: أعرفك، أنت عبد عبدي.‏
قال: وكيف ذلك؟.‏
قال: أنت عبدٌ لطمعك، وأنا ملكت طمعي، فأنت عبدٌ ‏لعبدي!.‏


فالذي ملَّكه الله ناصية نفسه، فذلَّلها لله، وملك حظَّه ‏وهواه،فقد تجلَّى له الملك الحق المبين.‏" اهـ 4/260

==================== الحاشية ====================

(1) ‎ ‎‏: سورة الشورى - الآية 49.‏
(2) ‎ ‎‏: سورة النساء - الآية 53.‏
(3) ‎ ‎‏: سورة النمل - الآية 40.‏" اهـ



(يتبع إن شاء الله تعالى.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس