عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #70
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

المـُؤْمِنُ جلَّ جَلالُهُ



"هو المتفضِّل بالأمن والأمان، المفيض لأسباب الراحة للأكوان، الكلُّ في خوفٍ لولا أنه أمَّنهم، والجميع في ظلام لولا أنه أرشدهم.


فإذا نظر الإنسان إلى نفسه ونشأتها، وإلى ذاته في تركيب بدايتها، يرى ضعفاً ظاهراً، ولكن أمدَّه الله بأسباب القوة والأمان (1) .


فالأمراض تهدِّد العبد، والحظوظ تخرجه عن الحدّ، والشهوات توقعه في البعد، ومقتضيات البشرية تطالبه بالغذاء والملبس والمسكن بالجد والكد؛ فأمَّنه الله من شرِّ الأمراض بوجود الدَّواء، وأمَّنه من شرِّ الجوع بوجود الغذاء، وأمَّنه من شرِّ الحرِّ والبرد بوجود المسكن واللِّباس، وأمَّنه من عذاب النار بإرسال سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم منقذ البشرية.


فكلُّ أمنٍ في الوجود من تجلِّي نور اسمه: " المؤمن "، الودود، ولما كان الإيمان نوراً من تجلِّي اسمه "المؤمن" وهو سرٌّ بين العبد وسيِّده يعطى بفضل المحسن.


والإيمان أساس كل سعادة، ومنبع كل إفادة، لأنه شجرة مقرُّها ثابت في القلوب، وفرعها متَّصلٌ بعلاَّم الغيوب.


فكلُّ كرامة ونور وكشف وانشراح صدر، وهداية ، وبيان، ووصول إلى سرٍّ مصان، كل ذلك فروع الشجرة الإلهية، والعطية الربانية، فالجنَّةُ تزيَّنت للتَّشرُّف بأهل الإيمان، والملائكة خدمٌ لهم في فسيح الجنان. { بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ } (2) ." اهـ


اقتباس:====================الحاشية ========================

(1) : ولذلك قال سيدي ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه في حكمه الجامعة:" نعمتان ما خرج موجود عنهما ، ولا بد لكل مكوَّن منهما : نعمة الإيجاد ، ونعمة الإمداد . يعني أنه لا بد لك مكوَّن أي موجود ، من نعمتين لا يخرج عنهما : الأولى نعمة الإيجاد ؛ أي نعمة هي إيجاد الله إياه بعد العدم السابق ، والثانية نعمة هي إمداد بالمنافع التي تقتضي بقاء صورته وهيكله إلى أجل مسمى فهو المنعم ابتداءً ودواماً.ثم قال: " أنعم عليك أولاً بالإيجاد ، وثانياً بتوالي الإمداد" .

وقد وجه الكلام في هذه الحكمة على طريق الخطاب؛ ليستحضرهما الإنسان في نفسه، ويعلم أن الإمداد متواصل لا يتخلله انقطاع، فيعرف من نفسه الفاقة الذاتية.فالاضطرار لازم لوجودك، وورود الأسباب كالفقر والمرض مذكرات لك بما خفي عليك من الفاقة الذاتية . فإن غالب الناس يغفلون عن الفاقة الذاتية إذا دامت عليهم صحة أبدانهم وكثرة أموالهم . بل قال بعضهم : إنما حمل فرعون على قوله: { أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى } طول العافية والغنى . فإنه لبث أربعمائة سنة لم يتصدع رأسه، ولم يضرب عليه عرق، ولو أخذته الشقيقة ساعة واحدة لشغله ذلك عن دعوى الربوبية . والفاقة الذاتية اللازمة للعبد لا ترفعها العوارض كالصحة والغنى ، فإنه يجوز في حقه تعالى أن يزيل ذلك . ويبدله بضده المقتضي للافتقار والاضطرار ، ولا يزايل العبد هذا الاضطرار لا في الدنيا ولا في الآخرة ولو دخل الجنة ، فهو محتاج إلى الله تعالى دائماً وأبداً ، وإذا لاحظ العبد ذلك وقف عند حده وقام بعبودية ربه ، وخاف من تهديد قوله تعالى : { وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ }.


(2) : سورة الحجرات – الآية 17." اهـ 4/292





(يتبع إن شاء الله تعالى مع: "فلا تظنّ أن هناك سعادة فوق الإيمان، ..... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس