عرض مشاركة واحدة
قديم 12-03-2012
  #68
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني

أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم)أن نستعد لقيام الليل بالزهد في الدنيا وشهواتها، وعدم الشبع من حلالها. ومن هنا صحت المواظبة من الصالحين على قيام الليل ومهاجرة غيرهم، وما رأت عيني من نساء عصر أكثر مواظبةً على قيام الليل من زوجتي أم عبدالرحمن، فربما صلت خلفي وهي حبلى على وجه الولادة بنصف القرآن، وهذا عزيز جداً وقوعه من الرجال على وجه الإخلاص فضلاً عن النساء.

وقد صلى خلفي مرةً سلامة السند بصطي، فقرأت به من أول سورة البقرة إلى سورة المزمل في الركعة الأولى فخر نائماً ولم يشعر بنفسه، هذا مع صحة جسمه وقلة تعبه في النهار، فرضي الله عن أم عبد الرحمن ما أعلى همتها حيث علت على همة الرجال، وإنما جعلن الزهد في الدنيا معيناً على قيام الليل لما ورد في الحديث (الزهد في الدنيا يريح القلب والجسد) ومفهومه أن الرغبة في الدنيا تتعب القلب والجسد فإذا دخل الليل نزل الراغب في الدنيا إلى الأرض محلولة أعضاؤه فنام كالميت بخلاف الزاهد في الدنيا ينام وأعضاؤه مستريحة فيقوم بسرعة وإذا نام كأنه مستيقظ

فاعلم أنه من طلب قيام الليل مع ترجيحه الذهب على الزبل فقد رام المحال وإن تكلف ذلك لا يدوم وإن دام فهو في حجاب لا يكاد يتلذذ بمناجاة الحق، ولا يذوق لها طعماً ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ يخرجه عن حب الدنيا شيئاً فشيئاً، حتى لا يبقى له هم دون الله تعالى ولا عائق يعوقه، فإن حكم الشيخ في سلوكه بالمريد وترقيه في الأعمال حكم من يمر بالمريد على جبال الفلوس الجدد، فإذا زهد فيها سلك به على جبال الفضة، فإذا زهد فيها سلك به حتى يمر على جبال الذهب ثم الجواهر، فإذا زهد فيهما مر به إلى حضرة الله تعالى فأوقفه بين يديه من غير حجاب، فإذا ذاق ما فيه أهل تلك الحضرة زهد في نعيم أهل الدنيا والآخرة وهناك لا يقدم على الوقوف بين يدي الله شيئاً أبداً، وأما بغير شيخ فلا يعرف أحد يخرج من ورطات الدنيا، ولو كان من أعلم الناس بالنقول في سائر العلوم.

فاطلب لك يا أخي شيخاً يسلك بك كما ذكرنا، وإلا فلا تطمع في دوام قيام الليل، وكيف يتخلص إلى حضرة ربه من سداه ولحمته شهوات ورعونات وعلل وأمراض باطنية في كل عبادة سلكها، فضلاً عن المعاصي هذا مما لا يكون عادةً وتكونه القدرة، وقد كان سيدي محمد بن عنان رضي الله عنه مع زهده في الدنيا لا بد له من غمز أعضائه كل ليلة ليستريح جسمه ويقوم ليتهجد بسرعة لأن البدن لا يستغرق في النوم إلا من شدة التعب.

وكان سيدي علي الخواص إذا نام يرفع رأسه على موضع عال ويقول: إن الرأس إذا كان على موضع عال نام كأنه مستيقظ، وكان أخي أفضل الدين يقرأ كل ليلة سورة الكهف ويقول إنها تخفف النوم، وقد جربت أنا ذلك فوجدت قلبي طول الليل كأنه مستيقظ.

وقد روى الإمام سنيد في تفسيره أن سورة الكهف كانت مكتوبة في لوح يدار به مع الحسين بن علي في كل بيت يكون فيه من بيوت زوجاته والله تعالى.

- روى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه مرفوعاً: (من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه في ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل). والله تعالى أعلم." اهـ

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس