عرض مشاركة واحدة
قديم 08-19-2010
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي مشاهدات رحّالة في مكة ودمشق والقاهرة

صور قلمية لعادات وتقاليد أيام وليالي شهر القرآن كتبها ابن جبير وابن بطوطة والعياشي
مشاهدات رحّالة في مكة ودمشق والقاهرة





عبد المجيد عبد الحميد

زار رحالون عرب وغربيون من المستشرقين الديار المقدسة في مكة المكرمة، وسجلوا تفاصيل دقيقة عن الحياة الاجتماعية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، كما عايشوا الناس واختلطوا معهم، وسعوا وطافوا وحجوا وصاموا شهر رمضان الكريم، وتعرفوا إلى تفاصيل دقيقة لحياة المكيين من عادات وتقاليد متوارثة عندهم، فدونوها لنا في رحلاتهم الجميلة.

وحين نطالع رحلة الرحالة العربي الأندلسي ابن جبير الكناني (ت 614هـ)، في رحلته الأولى صوب مكة المكرمة بعد مغادرته مدينة غرناطة الأندلسية يوم الخميس الثامن من شوال سنة 578هـ، الموافق 3 يناير 1183م، نجد أنه خصّ رحلته المعروفة بـ”رحلة ابن جبير” صفحات للحديث عن رمضان. فبدأ حديثه عن استهلال شهر رمضان قائلاً: “استهل هلاله ليلة الاثنين التاسع عشر لدجنبر (ديسمبر) عرّفنا الله فضله وحقه ورزقنا القبول فيه”.

أما عن صيام أهل مكة المكرمة للشهر المبارك واحتفالهم به فقال ابن جبير: “وكان صيام أهل مكة له يوم الأحد بدعوى في رؤية الهلال لم تصح، لكن أمضى الأمير ذلك ووقع الإيذان بالصوم بضرب دبادبه ليلة الأحد المذكور”. بعد ذلك أوضح الرحالة الأندلسي ما كان يجري من تهيئة للاحتفال بمَقدَم شهر القرآن: “ ..وحقّ ذلك من تجديد الحُصُر وتكثير الشمع والمشاعيل وغير ذلك من الآلات حتى تلألأ الحرم نوراً وسطع ضياءً، وتفرقت الأئمة لإقامة التراويح فرقاً”.




سحور المكيين
كما لم ينسَ ابن جبير في معرض حديثه عن شهر الصيام بمكة المكرمة من الإشارة إلى سحور أهل مكة داخل الحرم المكي الشريف ونقل أيضاً ما كان يؤديه المؤذن الزمزمي من نداءات لتسحير صائمي مكة المكرمة للإمساك عن طعام السحور في صومعته بالحرم الشريف فيصفها الرحالة بقوله: “والمؤذن الزمزمي يتولّى التسحير في الصومعة “المنارة” التي في الركن الشرقي من المسجد بسبب قربها من دار الأمير، فيقوم في وقت السحور فيها داعياً وذكراً ومُحرِّضاً على السحور ومعه أخوان صغيران يجاوبانه ويقاولانه، وقد نصبت في أعلى الصومعة خشبة طويلة في رأسها عُود كالذراع، وفي طرفيه بَكرتَانِ صغيرتانِ يُرفَع عليهما قنديلانِ من الزجاج كبيران لا يزالانِ يَقِدَانِ مُدّة التسحير”. ثم يضيف ابن جبير: “فإذا قرُبَ تبين خيطي الفجر ووقع الإيذان ـ الأذان ـ بالقطع مرّة بعد مرّة حطّ المؤذن المذكور القنديلينِ من أعلى الخشبة وبدأ بالأذان، وثوّبَ المؤذنون من كل ناحية بالأذانِ. وفي ديار مكة كلها سطوح مرتفعة، فمن لم يسمع نداء التسحير ممّن يبعد مسكنه من المسجد يُبْصِر القنديلينِ يَقِدان في أعلى الصومعة، فإذا لم يبصرهما عَلِمَ أنّ الوقت قد أنقطعَ”.

العين الباصرة

كانت عين الرحالة الأندلسي ابن جبير باصرة لكلّ حدث يحدث في الحرم المكي الشريف، فها هو ينقل مشاهداته لليلة الثاني من رمضان مع العشي لطواف الأمير مُكثر بالبيت العتيق مودعاً، وخرج للقاء الأمير سيف الإسلام طغتكين بن أيوب أخي صلاح الدين الأيوبي الذي قَدِم من مصر، ثم رأى دبادب الأمير مُكثر حيث قال عنها: “وفي ضحوة يوم الأربعاء الثالث من الشهر المبارك المذكور كُنّا جلوساً بالحجر لمُكرم فسمعنا دبادب الأمير مُكثر وأصوات نساء مكة يولون عليه. فبينا نحن كذلك دخل مُنصرفاً من لقاء سيف الإسلام المذكور وطائفاً بالبيت المُكرم طواف التسليم والنّاس قد أظهروا الاستبشار لقدومه، والسرور بسلامته، وقد شاع الخبر بنزول سيف الإسلام الزاهر، وضرب أبنيته فيه، ومقدمته من العسكر قد وصلت إلى الحرم، وزاحمت الأمير مُكثراً في الطواف، فبينا النّاس ينظرون إليهم إذ سمعوا ضوضاء عظيمة وزعقات هائلة، فما راعهم إلاّ الأمير سيف الإسلام داخلاً من باب بني شيبة ولمعان السيوف أمامه يكاد يَحُول بين الأبصار وبينه، والقاضي عن يمينه وزعيم الشيبيين عن يساره، والمسجد قد أرتجّ وغصّ بالنظارة والوافدين، والأصوات بالدعاء له ولأخيه صلاح الدين قد علت من الناس حتى صكت الأسماع وأذهلت الأذهان؛ والزمزميّ المؤذن في مرقبته رافعاً عقيرته بالدعاء له والثناء عليه؛ وأصوات الناس تعلو على صوته، والهول قد عظُمَ على مرأى ومستمعاً. فلحين دنوّ الأمير من البيت المعظم أُغْمضت السيوف وتضاءلت النفوس وخلعت ملابس العزّة وذلّت الأعناق وخضعت الرِقاب وطاشت الألباب مهابةً وتعظيماً لبيت مَلِك المُلوك العزيز الجبار الواحد القهّار”. ثم واصل ابن جبير وصف طواف سيف الإسلام ودخوله قبة زمزم وخروجه من باب الصفا إلى السعي، واصطفاف الناس أول المسعى إلى آخره سماطين.. ثم عودة الأمير إلى المسجد الحرام ومبادرة الشيبيين إلى فتح باب الكعبة المشرفة له ومن بعده لكافة الطائفين.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس