عرض مشاركة واحدة
قديم 08-19-2010
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

ابن بطوطة ورمضان مكة

أمّا رحلة أبي عبد الله اللواتي الطنجي المعروف بابن بطوطة فهي من أشهر الرحلات في التراث الجغرافي العربي في القرن الثامن للهجرة (الرابع عشر للميلاد) وتعدّ رحلة ابن بطوطة من الرحلات الشعبية المؤنسة والطريفة لما حوته من المدهش والعجيب في سرد الأسفار والمشاهدات التي قام بها ابن بطوطة خلال خمس وعشرين سنة مدة رحلته.

وكما فعل قبله الرحالة الأندلس ابن جبير في ذكر استهلال الأشهر القمرية عند أهل مكة المكرمة، فعل ابن بطوطة ذلك فحدثنا عنه بقوله: “أن يأتي أمير مكة في أوّل يوم من الشهر، وقوّاده يحفُون به، وهو لابسٌ البياض مُعتماً مُتقلداً سيفاً، وعليه السَكِينة والوِقار. فيصلي عند المقام ركعتين، ثم يُقبِّل الحجر. ويشرع في طواف أسبوع ـ سبعة أشواط ـ ورئيس المؤذنين على أعلى قُبّة زمزم، فعندما يكمل الأمير شوطاً واحداً ويقصد الحجر لتقبيله، يندفع رئيس المؤذنين بالدعاء له والتهنئة بدخول الشهر رافعاً صوته بذلك”. وأضاف الرحالة المغربي: “وإذا أهلَّ هلال رمضان تضرب الطبول والدبادب عند أمير مكة، ويقع الاحتفال بالمسجد الحرام من تجديد الحصر وتكثير الشمع والمشاعل حتى يتلألأ الحرم نوراً، ويسطع بهجة وإشراقاً، وتتفرق الأئمة فرقاً، وهم الشافعية والحنبلية والحنفية والزيدية، وأما المالكية فيجتمعون على أربعة من القُرّاء يتناوبون القراءة ويوقدون الشمع ولا تبقى في الحرم زاوية ولا ناحية إلاّ وفيها قارئ يصلي بجماعته، فيرتج المسجد لأصوات القُرّاء، وترقُّ النفوس وتحضر القلوب وتهمل الأعين”.

ختمة الصائمين

ثم تحدث ابن بطوطة عن ختمة الصائمين للقرآن الكريم أيام شهر رمضان المبارك، قائلاً: “وفي ليلة وتر من ليالي العشر الأواخر من رمضان يختمون القرآن، ويحضر الختم القاضي والفقهاء والكبراء، ويكون الذي يختم بهم أحد أبناء كبراء أهل مكة، فإذا نصب له منبر مزين بالحرير، وأُوقد الشمع، وخطب، فإذا فرغ من خطبته استدعى أبوه الناس إلى منزله فأطعمهم الأطعمة الكثيرة والحلاوات. وكذلك يصنعون في جميع ليالي الوتر”. أما عن أعظم الليالي عند المكيين فهي ليلة القدر المباركة التي قال عنها في رحلته: “وأعظم تلك الليالي عندهم ليلة سبع وعشرين، واحتفالهم لها أعظم من احتفالهم لجميع الليالي، ويختم بها القرآن العظيم خلف المقام الكريم، وتقام إزاء حطيم الشافعية خشبٌ عِظَام توصل بالحطيم، وتعرض بينها ألواح طِوَال، وتجعل ثلاث طبقات، وعليها الشمع وقنديل الزجاج، فيكاد يغشى الأبصار شُعاع الأنوار، ويتقدم الإمام فيصلي فريضة العشاء الآخرة، ثم يبتدئ قراءة سورة القدر، وإليها يكون انتهاء قراءة الأئمة في الليلة التي قبلها، وفي تلك الساعة يُمسك جميع الأئمة عن التراويح تعظيماً لختمة المقام، ويحضرونها متبركين، فيختم الإمام في تسليمتين ثم يقوم خطيباً مستقبل المقام فإذا فرغ من ذلك عاد الأئمة إلى صلاتهم وانفض الجمع، ثم يكون الختم ليلة تسع وعشرين في المقام المالكي في منظر مختصر، وعن المباهاة مُنزّه موقر، فيختم ويخطب”.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس