عرض مشاركة واحدة
قديم 08-13-2008
  #9
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

وبدأ الكتابة بتسفيه الفتيا، وتأكيد أن الإمام أحمد بن حنبل لا يعتقد أن القرآن حرف وصوت، وقولهم هذا إنما هو جهل فاضح برأي الإمام أحمد..

واستطرد الشيخ عز الدين فكتب أن الإمام أحمد بن حنبل بريء من كل ما يدعون. وأن فضلاء الحنابلة أبرياء منهم. وكذلك سائر السلف: «فهم لا يقولون بالحرف والصوت. فالإمام أحمد بن حنبل وغيره من فقهاء السلف الصالح، لا يعتقدون أن وصف الله القديم القائم بذاته هو عين لفظ اللافظين ومداد الكاتبين. مع أن لفظ الله قديم، وهذه الأشكال والألفاظ حادثة بضرورة العقل وصريح النقل. قال تعالى: (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث) والعجب ممن يقول إن القرآن مركب من حرف وصوت ثم يزعم أنه في المصحف!! وليس في المصحف إلا حرف مجرد لا صوت معه!! وإنما أتى القوم من قبل جهلهم بكتاب الله وسنة رسوله وسخافة العقل وبلادة الذهن فإن لفظ القرآن، يطلق في الشعر واللسان على الوصف القديم، ويطلق على القراءة الحادثة، والقراءة غير المقروءة، لأن القراءة حاثة والقرآن قديم هؤلاء القوم يذمون الأشعري لقوله أن الخبز لا يشبع والماء لا يروي والنار لا تحرق. وقول الأشعري كلام أنزل الله معناه في كتابه: فإن الشبع والري والإحراق حوادث انفرد الرب بخلقها. فليس الخبز هو الذي يخلق الشبع، ولم يخلق الماء الري، ولم تخلق النار الإحراق، وإن كانت أسبابا في ذلك. فالحق هو المسبب دون السبب كما قال تعالى: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى)، فقد نفى أن يكون رسوله خالقا للرمي وإن كان سببا فيه.»...

وعندما ظفروا بجواب الشيخ تمايلوا من الفرح، وأيقنوا أنها القاضية عليه!

وأوحوا الى السلطان أن يدعوا جميع الفقهاء والعلماء الى سماطه على الإفطار ـ وكان الوقت رمضان ـ ففعل، وذهبوا بما كتبه الشيخ عز الدين الى السلطان الأشرف فانفجر سخطه على الشيخ..! سخط عنيف هائل ينبع من أعماق نفس امتلأت بالحب والإكبار لشخص رفضت فيه كل الوشايات والأقاويل، ثم إذ بها تكتشف بغتة أن هذا الآخر، كان يخدعها ويسخر منها، ويظن بها الغفلة!!.. واختلط غضبه على الشيخ بضيقه المتراكم من سيرة الشيخ معه، فهو كلما أدناه ابتعد، وكلما قربه هجر، وكلما تألفه نفر..!

وعلى سماط الإفطار، ظلت صيحة السلطان تندد بالشيخ عز الدين: «صح عندي ما قالوه عنه!. هذا رجل كنا نعتقد أنه متوحد في زمانه في العلم والدين، فظهر بعد الاختبار أنه من الفجار.. لا.. بل من الكفار»!..

ولم يستطع أحد من الفقهاء أو العلماء أن يرد على السلطان الأشرف.. وظل صوته يدوي بالوعيد في بهو الطعام بقصره السلطان.. وضيوفه يمضغون طعام الإفطار على مهل، ويزدردون المضض، وقلوبهم تدق!!

ما من صوت واحد يرتفع إلا أنفاس تلهث، وصراخ السلطان يتصاعد كحيوان جريح يوشك أن ينقض ليفترس، بكل ضراوة الألم والإهانة وغريزة البقاء!!

وبعد لأي تجرأ أحد الفقهاء فقال في تذلل: «السلطان أولى بالصفح والعفو ولاسيما في مثل هذا الشهر، شهر رمضان». فلم يرد السلطان، وهمهم آخر ملتمسا مغفرة السلطان..!

ولم يرد السلطان.. وانصرف الفقهاء والعلماء، وكان معهم على مائدة الإفطار، عدد من العلماء والفقهاء من كل الأقطار.

وتناقل العلماء والفقهاء ما حدث، ولاموا أنفسهم على الصمت في حضرة السلطان، وهم يعلون أنه على الباطل، وأن الشيخ عز الدين على الحق الذي يؤمنون به هم أنفسهم!.

وتحفز الطلاب والمعجبون!

ما عسى أن يصنع السلطان بشيخهم عز الدين؟!

أيتهم السلطان الأشرف وهو جاهل بأصول الدين، شيخهم العالم الورع التقي بالفجر والكفر؟!!.. أتراه ينزل به عقاب الفجار والكفار وهم ينظرون!!

واشتعل التوتر في دمشق. وأصبح الناس وما من شيخ من الذين حضروا المأدبة بالأمس، يستطيع أن يمشي في الأسواق!

احتشد الطلاب حول باب الشيخ عز الدين، وتعهدوا أن يمنعوه إذا حاول السلطان أن ينزل به أي مكروه." اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس