عرض مشاركة واحدة
قديم 08-13-2008
  #10
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

ولاذ اراذل شيوخ الحنابلة من حاشية السلطان بالقصر، غير أن شيخ المالكية عمرو بن الحاجب عذبه صمته وصمت الفقهاء الآخرين أمام السلطان، فركب بغلته وأخذ يطوف المدينة، حتى جمع العلماء في الجامع الأموي بعد صلاة العصر وانقض عليهم يعنفهم: «العجب أنكم كلكم على الحق وغيركم على الباطل، وما فيكم من نطق بالحق. وسكتم وما انتصرتم لله تعالى والشريعة المطهرة.

ولما تكلم متكلم منكم قال: السلطان أولى بالعفو والصفح ولا سيما في مثل هذا الشهر!! وهذا غلط يوهم الذنب، إن العفو والصفح لا يكون إلا عن جرم وذنب.. أما كنتم سلكتم طريق التلطف بإعلام السلطان بأن ما قاله عبد السلام مذهبكم ومذهب أهل الحق وأن جمهور السلف والخلف على ذلك، ولم يخالفهم فيه إلا طائفة مخذولة ينفون مذهبهم ويدسونه على تخوف الى من يستضعفون علمه وعقله، ومنهم السلطان الأشرف؟! لقد قال الله تعالى: (ولا تلبسوا الحق بالباطل وأنتم تعلمون).

ولام ابن الحاجب نفسه لانه سكت، واعلن الندم والتوبة.. ثم اقترح عليهم أن يكتبوا فتيا بموافقة الشيخ عز الدين بن عبد السلام.

وكتبوا الفتيا ووقعوها، وذهبوا الى بيت العز عز الدين عبد العزيز ابن عبد السلام، وخاضوا اليه زحام الناس الذين رابطوا عند بيته.

وقبل أن يتدافع الناس لإدانتهم على موقفهم أعلن ابن الحاجب، أنهم جاءوا الشيخ بفتيا موقعة منهم توافق رأيه. وهذا هو اعتذارهم له عما فرط أمام السلطان في حق الشريعة وحق ابن عبد السلام.

وفرح الشيخ بموقف ابن الحاجب ومن معه من العلماء والفقهاء.

فأرسل الشيخ الى السلطان يعلمه بفتيا الشيوخ، وأنهم «إذا كانوا قد سكتوا ولم يعلنوا رأيهم على سماط الإفطار بالأمس، فما ذلك إلا لأن السلطان لم يمكنهم من الكلام لما ظهر من حدة غضبه»!

وأنهى رسالته طالبا من السلطان أن يعقد مجلسا للشافعية والحنابلة يحضره المالكية والحنفية وغيرهم من العلماء لتدور المناظرة أمام الجميع بينه وبين خصومه من فقهاء رجال الحاشية!

ثم ختم رسالته الى السلطان بقوله: «والذي نعتقده في السلطان أنه إذا ظهر له الحق رجع إليه! وأنه يعاقب من موه بالباطل عليه، وهو أولى الناس بموافقة والده السلطان الملك العادل. فإنه عزر جماعة من أعيان الحنابلة المبتدعة تعزيرا بليغا رادعا، وبدع بهم وأهانهم.»

وذهب ابن الحاجب الى السلطان وسلمه الرسالة، ولم يقرأها السلطان أمامه، ووعده السلطان خيرا وودعه خير وداع...

وعندما خلا السلطان الأشرف الى رجال حاشيته من الفقهاء الحنابلة وقرأوا الرسالة أوجسوا خيفة من مجلس المناظرة الذي اقترحه الشيخ عز الدين، فما كانوا يطيقون مواجهته أمام سائر الفقهاء والعلماء.. وأجمعوا على ألا تكون مناظرة، ثم وسوسوا في صدر السلطان ألا يقبل عقد المناظرة، فقد يهينه ابن عبد السلام!

وكتبوا ردا فوقعه السلطان. واستدعى رسولا يحمل الرسالة الى الشيخ عز الدين ليأتي في الوقت برده.

وفض الشيخ رسالة السلطان وقرأها بصوت مرتفع ليسمعها ضيوفه.

«بسم الله الرحمن الرحيم. وصل إلي ما التمسه الفقيه ابن عبد السلام أصلحه الله من عقد مجلس وجمع المفتين والعلماء، وقد وقفنا على خطه وما أفتى به، وعلمنا من عقيدته ما أغنى عن الاجتماع به. ونحن نتبع ما عليه الخلفاء الراشدون الذين قال (صلى الله عليه وسلم) في حقهم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي. وعقائد الأئمة الأربعة فيها كفاية لكل مسلم يغلب هواه، ويتبع الحق، ويتخلص من البدع، اللهم إلا إن كنت تدعي الاجتهاد، فعليك أن تثبت ليكون الجواب على قدر الدعوى، ولتكون صاحب مذهب خامس. وأما ما ذكرته عن الذي جرى في أيام والدي تغمده الله برحمته، فذلك الحال أنا أعلم به منك، وما كان له سببه إلا فتح باب السلامة لأمر ديني:... " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس