وهكذا يبدو جلياً البناء العروضي الرصين للبندعند العشاري:
فهو يبدأ بـ (مفاعيلن) في جميع البنود المذكورة في الديوان. كماأنه عند الانتقال من (مفاعيلن) إلى (فاعلاتن) يسبق الانتقال بـ (فعولن) التي تمهدلذلك موسيقياً ولا تتركه يبدو نافراً. أما عند انتقاله المعاكس من (فاعلاتن) إلى (مفاعيلن) فإنه يفعل ذلك مباشرة وبدون تمهيد. ربما كان ذلك لاقتناعه بأن الانتقالمن (فاعلاتن) إلى (مفاعيلن) سليم ولا ترفضه الأذن. أما عدد التفعيلات في السطر فهوغير محدد وهذا ما يجعل البند شعراً حديثاً وليس شعر شطرين.
وقد اتبع العشاريبنده الثالث بهذين البيتين:
ولقد غزوت الكاشحين بمذودي
.......................................فكسرت قلب جيوشهم بجنوديوقصصتأجنحة الجميع بصارمي
........................................ لمـــا نشرت لهمثلاث بنودوهذا ما يثبت أن العشاري كان مدركاً لأهمية البند ومشهراً لهسيفاً يقص أجنحة المنافسين.
وقد كتب إضافة للبنود الثلاثة التي أوردناها مجموعةثانية تتألف من أربعة بنود أخرى.
أما عن شرط السيدة نازك الملائكة بأن يستجيبالشعراء في كافة أنحاء الوطن العربي فحسبنا أن نذكر السيدة نازك بأن العشاري عاشحياته وخاض تجربته الشعرية تلك في العصر العثماني وليس في عصرنا وقد قال العشاري عنعصره:
((إني في زمان تباً له وتب ما أحقه بأن يدعى أبا لهب قد أصلى أهله بنارذات لهب قدم كل ركيك ضعيف وأرسى كل دني سخيف وأذل كل سري شريف)).
يقولخرابتشينكو: ((إن النهوض أو الانحطاط في تطور الأدب والفن وثيق الصلة بنظراتالأدباء العامة إلى العالم)).
وهكذا فلا بد لنا من إعادة قراءة ما كتب من البنوددون تناسي ظرفها الزماني وحينئذ فإننا سنجد:
1.أن البند هو بداية قصيدة التفعيلةوأن العشاري (حتى الآن) رائده.
2.نفي الأصل الغربي (بالصفة العمومية) للشعرالعربي الحديث ما دام العشاري رائده وهو صاحب الثقافة الإسلامية الصرف الصوفي الذيلم يتعلم لغة أجنبية قط.
ذلك مع إقرارنا بتأثير بعض الشعراء العرب المعاصرينبالثقافات الغربية (إلى درجة الذوبان فيها) كتأثر أدونيس وأتباعه بالثقافة الفرنسيةعامة والشعر الفرنسي خاصة.
واندفاع آخرين إلى الشعر الأمريكي وبخاصة إلى الشاعرالأمريكي (ويتمان).
نشرت الدراسة في " مجلة الموقف الأدبي " العدد 371 تاريخ آذار 2002 م
على الرابط http://www.awu-dam.org/mokifadaby/371/mokf371-005.htm
كما نشرت في " جريدة الفرات " العددين 110 و 111 تاريخ 1- 2 آب 2004 م
منقول
من دراسة الأستاذ الأديب اسماعيل ابراهيم الخلف حفظه الله
ومن موقعه http://aakh53.jeeran.com
.............
كتبها ابن الفرات