الموضوع: التّيمّم
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-27-2009
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: التّيمّم

التّيمّم للنّجاسة :

25 - ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه إن كانت على بدنه نجاسة وعجز عن غسلها لعدم الماء ، أو خوف الضّرر باستعماله تيمّم لها وصلّى ، وعليه القضاء عند الشّافعيّة ، وهو رواية للحنابلة . والمذهب عند الحنابلة أنّه لا قضاء عليه ، واستدلّوا بعموم الحديث السّابق ذكره « الصّعيد الطّيّب طهور المسلم » . ونقل ابن قدامة عن أكثر الفقهاء أنّ من على بدنه نجاسة وعجز عن غسلها يصلّي بحسب حاله بلا تيمّم ولا يعيد .

ما يجوز به التّيمّم :

26 - اتّفق الفقهاء على جواز التّيمّم بالصّعيد الطّاهر ، وهو شرط عند الجمهور ، فرض عند المالكيّة . قال اللّه تعالى : { فَتَيَمَّموا صَعِيدَاً طَيِّبَاً } .

وقد اختلفوا في المراد بالصّعيد هل هو وجه الأرض أو التّراب المنبت ؟ أمّا جواز المسح على التّراب المنبت فبالإجماع ، وأمّا غيره ممّا على وجه الأرض ، فقد اختلف الفقهاء فيه ، فذهب المالكيّة وأبو حنيفة ومحمّد إلى أنّ المراد بالصّعيد وجه الأرض ، فيجوز عندهم التّيمّم بكلّ ما هو من جنس الأرض ، لأنّ الصّعيد مشتقّ من الصّعود وهو العلوّ ، وهذا لا يوجب الاختصاص بالتّراب ، بل يعمّ كلّ ما صعد على الأرض من أجزائها . والدّليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : « عليكم بالأرض » من غير فصل ، وقوله عليه الصلاة والسلام : « جعلت لي الأرض مسجدا وطهوراً » واسم الأرض يتناول جميع أنواعها .

والطّيّب عندهم هو الطّاهر ، وهو الأليق هنا ، لأنّه شرع مطهّرا ، والتّطهير لا يقع إلا بالطّاهر ، مع أنّ معنى الطّهارة صار مرادا بالإجماع حتّى لا يجوز التّيمّم بالصّعيد النّجس . وقد اختلفوا في بعض ما يجوز به التّيمّم ، فذهب المالكيّة إلى أنّه يجوز التّيمّم بالتّراب - وهو الأفضل من غيره عند وجوده - والرّمل ، والحصى ، والجصّ الّذي لم يحرق بالنّار ، فإن أحرق أو طبخ لم يجز التّيمّم به .

ويجوز التّيمّم بالمعادن ما دامت في مواضعها ولم تنقل من محلّها إذا لم تكن من أحد النّقدين - الذّهب أو الفضّة - أو من الجواهر كاللّؤلؤ ، فلا يتيمّم على المعادن من شبّ ، وملح ، وحديد ، ورصاص ، وقصدير ، وكحل ، إن نقلت من محلّها وصارت أموالا في أيدي النّاس.

ولا يجوز التّيمّم بالخشب والحشيش سواء أوجد غيرهما أم لا ، لأنّهما ليسا من أجزاء الأرض ، وفي المسألة خلاف وتفصيل عند المالكيّة .

ويجوز التّيمّم عندهم بالجليد وهو الثّلج المجمّد من الماء على وجه الأرض أو البحر ، حيث عجز عن تحليله وتصييره ماء ، لأنّه أشبه بجموده الحجر فالتحق بأجزاء الأرض .

وذهب أبو حنيفة ومحمّد إلى أنّه يجوز التّيمّم بكلّ ما كان من جنس الأرض ، ثمّ اختلفا ، فقال أبو حنيفة : يجوز التّيمّم بكلّ ما هو من جنس الأرض التزق بيده شيء أو لا ، لأنّ المأمور به هو التّيمّم بالصّعيد مطلقا من غير شرط الالتزاق ، ولا يجوز تقييد المطلق إلّا بدليل . وقال محمّد : لا يجوز إلّا إذا التزق بيده شيء من أجزائه ، فالأصل عنده أنّه لا بدّ من استعمال جزء من الصّعيد ولا يكون ذلك إلّا بأن يلتزق بيده شيء منه .

فعلى قول أبي حنيفة يجوز التّيمّم بالجصّ ، والنّورة ، والزّرنيخ ، والطّين الأحمر ، والأسود ، والأبيض ، والكحل ، والحجر الأملس ، والحائط المطيّن ، والمجصّص ، والملح الجبليّ دون المائيّ ، والآجرّ ، والخزف المتّخذ من طين خالص ، والأرض النّديّة ، والطّين الرّطب.

ولكن لا ينبغي أن يتيمّم بالطّين ما لم يخف ذهاب الوقت ، لأنّ فيه تلطيخ الوجه من غير ضرورة فيصير بمعنى المثلة ، وإن كان لو تيمّم به أجزأه عندهما ، لأنّ الطّين من أجزاء الأرض ، فإن خاف ذهاب الوقت تيمّم وصلّى عندهما . ويحوز التّيمّم عندهما بالغبار بأن ضرب يده على ثوب ، أو لبد ، أو صفة سرج ، فارتفع غبار ، أو كان على الحديد ، أو على الحنطة ، أو الشّعير ، أو نحوها غبار ، فتيمّم به أجزأه في قولهما ، لأنّ الغبار وإن كان لطيفا فإنّه جزء من أجزاء الأرض فيجوز التّيمّم به ، كما يجوز بالكثيف بل أولى .

وقد روي أنّ عبد اللّه بن عمر - رضي الله عنهما - كان بالجابية فمطروا فلم يجدوا ماء يتوضّئون به ، ولا صعيدا يتيمّمون به ، فقال ابن عمر : لينفض كلّ واحد منكم ثوبه ، أو صفة سرجه ، وليتيمّم ، وليصلّ ، ولم ينكر عليه أحد فيكون إجماعا . ولو كان المسافر في طين وردغة لا يجد ماء ولا صعيدا وليس في ثوبه وسرجه غبار لطّخ ثوبه أو بعض جسده بالطّين فإذا جفّ تيمّم به . أمّا ما لم يكن من جنس الأرض فلا يجوز التّيمّم به اتّفاقا عند الحنفيّة . فكلّ ما يحترق بالنّار فيصير رمادا كالحطب والحشيش ونحوهما ، أو ما ينطبع ويلين كالحديد ، والصّفر ، والنّحاس ، والزّجاج ونحوها ، فليس من جنس الأرض .

كما لا يجوز التّيمّم بالرّماد لأنّه من أجزاء الحطب فليس من أجزاء الأرض .

وذهب الشّافعيّة والحنابلة وأبو يوسف من الحنفيّة إلى أنّه لا يجوز التّيمّم إلّا بتراب طاهر ذي غبار يعلق باليد غير محترق لقوله تعالى : { فَامْسَحُوا بِوجوهِكُمْ وَأيديكمْ منه } وهذا يقتضي أنّه يمسح بجزء منه ، فما لا غبار له كالصّخر ، لا يمسح بشيء منه .

وقوله صلى الله عليه وسلم : « جعل التّراب لي طهوراً » .

فإن كان جريشا أو نديّا لا يرتفع له غبار لم يكف . لأنّ الصّعيد الطّيّب هو التّراب المنبت ، وقد سئل ابن عبّاس رضي الله عنهما أيّ الصّعيد أطيب فقال : الحرث ، وهو التّراب الّذي يصلح للنّبات دون السّبخة ونحوها . وأضاف الشّافعيّة إلى التّراب الرّمل الّذي فيه غبار ، وعن أحمد روايتان الجواز وعدمه ، وعن أبي يوسف روايتان أيضا .

ولا يجوز عندهم جميعا - الشّافعيّة وأحمد وأبو يوسف - التّيمّم بمعدن كنفط ، وكبريت ، ونورة ، ولا بسحاقة خزف ، إذ لا يسمّى ذلك ترابا . ولا بتراب مختلط بدقيق ونحوه كزعفران ، وجصّ ، لمنعه وصول التّراب إلى العضو ، ولا بطين رطب ، لأنّه ليس بتراب ، ولا بتراب نجس كالوضوء باتّفاق العلماء . لقوله تعالى : { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدَاً طَيِّبَاً } .

وقال الشّافعيّة إنّ ما استعمل في التّيمّم لا يتيمّم به كالماء المستعمل .

وزاد الحنابلة المغصوب ونحوه فلا يجوز التّيمّم به . ويجوز المسح بالثّلج عند الحنابلة على أعضاء الوضوء إذا تعذّر تذويبه لقوله صلى الله عليه وسلم : « إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم » . ثمّ إذا جرى الماء على الأعضاء بالمسّ لم يعد الصّلاة لوجود الغسل وإن كان خفيفا ، وإن لم يسل أعاد صلاته ، لأنّه صلّى بدون طهارة كاملة .

كيفيّة التّيمّم :

27 - اختلف الفقهاء في كيفيّة التّيمّم :

أ - فذهب الحنفيّة والشّافعيّة إلى أنّ التّيمّم ضربتان : ضربة للوجه وضربة لليدين لقوله صلى الله عليه وسلم : « التّيمّم ضربتان : ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين » .

ب - وذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّ التّيمّم الواجب ضربة واحدة ، لحديث عمّار « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال في التّيمّم : إنّما كان يكفيك ضربة واحدة للوجه واليدين » واليد إذا أطلقت لا يدخل فيها الذّراع كما في اليد المقطوعة في السّرقة .

والأكمل عنهم ضربتان وإلى المرفقين كالحنفيّة والشّافعيّة . وصورته - عندهم جميعا - في مسح اليدين بالضّربة الثّانية : أن يمرّ اليد اليسرى على اليد اليمنى من فوق الكفّ إلى المرفق ، ثمّ باطن المرفق إلى الكوع ( الرّسغ ) ، ثمّ يمرّ اليمنى على اليسرى كذلك .

والمقصود من التّيمّم إيصال التّراب إلى الوجه واليدين ، فبأيّ صورة حصل استيعاب العضوين بالمسح أجزأه تيمّمه .

سواء احتاج إلى ضربتين أو أكثر ، وعلى هذا اتّفق الفقهاء .

سنن التّيمّم :

يسنّ في التّيمّم أمور :

أ - التّسمية :

28 - ذهب الحنفيّة والشّافعيّة إلى أنّ التّسمية سنّة في أوّل التّيمّم كالوضوء بأن يقول : بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ، ويكتفي عند الحنفيّة ببسم اللّه ، وقيل : الأفضل ذكرها كاملة . وذهب المالكيّة إلى أنّ التّسمية فضيلة - وهي عندهم أقلّ من السّنّة - أمّا عند الحنابلة فالتّسمية واجبة كالتّسمية في الوضوء .

ب - التّرتيب :

29 - يسنّ التّرتيب عند الحنفيّة والمالكيّة بأن يمسح الوجه أوّلا ثمّ اليدين ، فإن عكس صحّ تيمّمه ، إلّا أنّه يشترط عند المالكيّة أن يعيد مسح اليدين إن قرب المسح ولم يصلّ به ، وإلّا بطل التّيمّم . وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى وجوب التّرتيب كالوضوء .

ج - الموالاة :

30 - ذهب الحنفيّة والشّافعيّة إلى أنّ الموالاة سنّة .

وذهب المالكيّة والحنابلة وهو قول الشّافعيّ في القديم إلى وجوب الموالاة بحيث لو كان المستعمل ماء لا يجفّ العضو السّابق قبل غسل الثّاني كما فعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم في صفة الوضوء المنقولة عنه حيث لم يقع فيها الفصل بين أعضاء الوضوء .

د - سنن أخرى :

31 - ذهب الحنفيّة إلى سنّيّة الضّرب بباطن الكفّين وإقبال اليدين بعد وضعهما في التّراب وإدبارهما مبالغة في الاستيعاب ، ثمّ نفضهما اتّقاء تلويث الوجه ، نقل ذلك عن أبي حنيفة . وذهبوا أيضا إلى سنّيّة تفريج الأصابع ليصل التّراب إلى ما بينها ، وذهب المالكيّة إلى سنّيّة الضّربة الثّانية ليديه والمسح إلى المرفقين ، وأن لا يمسح بيديه شيئا بعد ضربهما بالأرض قبل مسح الوجه واليدين ، فإن فعل كره وأجزأه ، وهذا لا يمنع من نفضهما نفضا خفيفا . ومن الفضائل عندهم في التّيمّم استقبال القبلة ، والبدء باليمنى ، وتخليل الأصابع .

وعند الشّافعيّة يسنّ البداءة بأعلى الوجه ، وتقديم اليمنى ، وتفريق الأصابع في الضّربة الأولى ، وتخليل الأصابع بعد مسح اليدين احتياطا ، وتخفيف الغبار لئلّا تتشوّه به خلقته . ويسنّ عندهم أيضا الموالاة بين التّيمّم والصّلاة خروجا من خلاف من أوجبها - وهم المالكيّة - ويسنّ أيضا إمرار اليد على العضو كالدّلك في الوضوء ، وعدم تكرار المسح ، واستقبال القبلة ، والشّهادتان بعده كالوضوء فيهما .

ويسنّ نزع الخاتم في الضّربة الأولى باعتبار اليد فيها أداة للمسح ، وفي الثّانية هي محلّ للتّطهير ، وهو ركن فيجب ، ويسنّ السّواك قبله ، ونقل التّراب إلى أعضاء التّيمّم . ويستحبّ عند الحنابلة تخليل الأصابع أيضاً .
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس