رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:
ولنواصل تكملة (مقدمة المؤلف):
"والنوم كذلك بجامع الغفلة والحجاب عن الله تعالى إلا لضرورة وأما دليلهم في مؤاخذتهم المريد بالنسيان فإنه لا يصح وقوعه من المريد إلا بعد تعاطيه مقدمات ذلك الأمر الذي نسيه من الغفلة والتهاون به بدليل ما قاله علماؤنا فيمن نسي الماء في رحله أو أضله فيه فلم يجده بعد الطلب فتيمم وصلى أنه يقضي ما صلاه بالتيمم نسبوه إلى التقصير في نسيانه وإضلاله وقالوا لو صلى بنجس لم يعلمه وجب القضاء في الجديد وإن علم به ثم نسي وجب القضاء على المذهب والنظائر كثيرة.
وكان الشيخ محي الدين بن العربي رضي الله عنه يقول إنما آخذ القوم المريد بالنسيان لأن مبنى طريقهم على الحضور الدائم مع الله عز وجل والنسيان عندهم نادر والنادر لا حكم له مع أن القاعدة الشرعية رفع حكم النسيان إلا ما استثني كتدارك ما نسيه من الصلاة وضمان ما أكله من طعام الغير بغير إذنه ناسيا ونحو ذلك ثم ليتأمل ذلك الناسي في نفسه في شدة اعتنائها بتحصيل أمر الدنيا وعدم وقوعه في نسيانه كما إذا وعده شخص بألف دينار يعطيها له في الوقت الفلان كيف يصير يتذكر ذلك لحظة بعد لحظة حتى يأتي وقته حرصا على سحت الدنيا فأراد أهل الله تعالى من المريد أن يقلب تلك الداعية التي عنده للدنيا ويجعلها لأمور الآخرة ليفوز بمجالسة الله تعالى في الدارين
وأما دليلهم في مؤاخذتهم المريد بالاحتلام فلأنه لم يقع منه إلا بعد مقدمات التساهل بالنظر إلى ما لا يحل غالبا أو التفكير فيه فلما عجز عن الوصول إليه حال النظر والتفكر أتاه إبليس في المنام ليسخر به فإن من لا يطلق بصره إلى محرم ولا يتفكر فيه لا يحتلم أبدا ولذلك لم يقع الاحتلام إلا من المريدين والعوام دون الأكابر فإن الأكابر إما معصومون كالأنبياء أو محفوظون كالأولياء ثم إن وقع أن أحدا من أكابر الأولياء احتلم فإنما يكون ذلك في حليلته من زوجه أو جاريه لا فيما لا يحل له وسببه غفلته عن تدبير جسده لما هو عليه من الاشتغال بالله عز وجل أو أمر المسلمين كما بلغنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه احتلم في جاريته وقال: قد ابتلينا بهذا الأمر منذ اشتغلنا بأمر المسلمين.
وأما دليلهم في مؤاخذة المريد بمد رجله من غير ضرورة في ليل أو نهار فهو علمهم بأن المريد بين يدي الله عز وجل على الدوام شعر بذلك أم لم يشعر فأرادوا منه أن يواظب على ترك مد رجله بحكم الإيمان على أنه بين يدي الله حتى ينكشف حجابه ويشهد الأمر يقينا وشهودا وهناك يرى ضربه بالسيف أهون عليه من مد رجله لغير حاجه بل لو خير بين مد رجله ودخول النار لاختار دخول النار وقد بلغنا عن إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه أنه قال: مددت رجلي بالليل وأنا جالس أقرأ وردي وإذا بهاتف يقول يا إبراهيم ما هكذا ينبغي مجالسة الملوك. قالوا فما مد إبراهيم رجله حتى مات بعد عشرين سنه ." اهـ.
يتبع إن شاء الله تعالى مع الجزء الأخير من مقدمة المؤلف
والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات