عرض مشاركة واحدة
قديم 07-09-2011
  #7
عمرالحسني
محب فعال
 الصورة الرمزية عمرالحسني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 93
معدل تقييم المستوى: 15
عمرالحسني is on a distinguished road
افتراضي رد: دراسات في التصوف ، في الشأن العام و الخاص: ( مقدمات)

راسات في التصوف، في الشأن العام و الخاص :في الولي و الخليفة

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد و على آله و صحبه ، وبعد
يقيم الله العبد فيما أراد ، فإذا سلم له فيما أراد أقامه الله فيما يريده العبد من مقامات القربة.و للزمان و المكان و الوقت و الشأن و السابقة أمر عظيم بها يعرف العبد ما له و ماعليه ، و أين ومتى و كيف و حين ولما ؟
"كن" كما يقول ابن عربي رضي الله عنه حضرة الأمكان و الوجوب و التقييد و المجمل و المفصل ، فأن عرف العبد كيف يستمد من هذه الحضرة القوة الربانية كان سعيدا مرحوما ببركة التسليم و الإنقياد.
يقول ابن عربي قدس الله سره : " ثم إن الزمان و المكان من لواحق الأجسام الطبيعية أيضا ، غير أن الزمان أمر متوهم لا وجود له تظهره حركات الأفلاك أو حركات التحيزات إذا اقترن السؤال بمتى ، فالحيز و المكان لا وجود له في العين أيضا ، و إنما الوجود لذوات المتحركات و الساكنات. و أما المكان ما تستقر عليه المتمكنات لا فيه ، فإن كانت فيه فتلك الأحياز لا المكان ، فالمكان أيضا أمر نسبي في عين موجودة يستقر عليها المتمكن أو يقطعه بالانتقالات حالا بعد حال فذلك التتابع و التتالي من غير أن يتخللها فترة ، فإن دخل بعضها على بعض و لم يفصل الداخل بيت المتصلين فذلك الالتحام ، فما دخل في الوجود منه وصف بالتناهي ، وما لم يدخل قيل فيه إنه لا يتناهى إن فرض متتاليا أبدا ، و إن أعطت هذه الأنتقالات استحالة كان الكون و الفساد، فانتقال الشيء من العدم إلى الوجود يكون كونا ، و إزالة ما ظهر عنه من صورة الكون يسمى فسادا ، فإذا انتقل من وجود إلى وجود يسمى متحركا ، وأما ما يلحق هذه الأجسام من الألوان و الأشكال و الخفة و الثقل و اللطف و الكثافة و الكدورة و الصفا و اللين و الصلابة وما أشبه ذلك من لواحقه فإنه يرجع إلى أسباب مختلفة" ، باب في معرفة النفس ، الفصل 36 : في الأسم المميت، ص 449 من كتاب الفتوحات.
و لسعة علم الشيخ الأكبر قدس الله سره ، وضع في هذه الفقرة أصولا عظيمة في السير إلى الله تعالى و معرفة ، ففساد الكون محتمل لفساد سلوك ساكنيه ، ومتى كان السلوك معلولا أعتل و أختل الكون ، لغياب النورانية الفاعلة في حضرة الكون ، ذلك أن أختلاف الألوان راجع إلى إختلاف المشارب و الأذواق ، والشكل لتنوع الأولياء في سائر المراتب و المقامات ، وما الخفة و الثقل و اللطف و الكثافة و الكدورة استعدادات و مواهب ، فمتى كان المريد خفبف الحاذ ، كان سائرا إلى الله بخطى سريعة لا تكدره شئونه الحياتية ؟.
يقول ابن عربي رضي الله عنه في نفس الفصل ص 446 : " وجعل هذه الأرض سبع أقليم ، واصطفى من عباده المؤمنين سبعة سماهم الأبدال لكل بدل إقليم يمسك الله وجود ذلك الإقليم به ، فالإقليم الأول : ينزل الأمر إليه من السماء الأولى من هناك و تنظر إليه روحانية كوكبه ، و البدل الذي يحفظه على قلب الخليل عليه السلام.و الإقليم الثاني : ينزل أليه الأمر من السماء الثانية و تنظر إليه روحانية كوكبها و البدل الذي يحفظه على قلب موسى عليه السلام .و الإقليم الثالث : ينزل إليه الأمر الإلهي من السماء الثالثة وتنظر إليه كوكبها و البدل الذي يحفظه على قلب هارون و يحيى عليه السلام بتأييد محمد عليه الصلاة و السلام .و الإقليم الرابع : ينزل إليه الأمر من قلب الأفلاك كلها و تنظر إليه روحانية كوكبها الأعظم و البدل الذي يحفظه على قدم إدريس عليه السلام و هو القطب الذي لم يمت إلى الآن و الأقطاب فينا نوابه.و الإقليم الخامس : ينزل الأمر إليه من السماء الخامسة و تنظر إليه روحانية كوكبها و البدل الذي يحفظ الله به ذلك الإقليم على قلب يوسف عليه السلام و يؤيده محمد صلى الله عليه وسلم.و الإقليم السادس : ينزل إليه الأمر من السماء السادسة و تنظر إليه روحانية كوكبها و البدل الذي يحفظه على قلب عيسى روح الله و يحيى عليهما السلام.و الأقليم السابع : ينزل إليه الأمر من السماء الدنيا و ينظر إليه روحانية كوكبها و البدل الذي يحفظه على قلب آدم عليه السلام." ص 446، 447، من كتاب الفتوحات المكية.
و لأهمية الزمان و المكان ، وأثرها في العبد ، فقد طرح ابن عربي رضي الله عنه فهوما أسنى و أجمل و أرفع في معنى الإنسان الفرد و التي سندرسها في الفقرة اللاحقة.
أ.في تعريف الإنسان الفرد:
تملأ كتب التصوف الفلسفية كما يحلو للبعض مفهوم الإنسان الكامل ، يتقبله منذاق المعرفة النورانية و يستحسنه بل و يؤمن به ، في حين يظل الكثير من العلماء و الفقهاء يستهجنون هذا المفهوم و يربطونه بمشكلة الإتحاد و الحلول .و في طلب الكمال و البحث عنه ، أفرد بعض أهل الله كتبا و مواعظ و إشارات ، منهم عبد الكريم الجيلي في كتابيه ، الإنسان الكامل ، و الكمالات الإلهية ، ويرى هذا الأخير أن الإنسان في سلوكه يرقى من الكمال و الأكمل ، وأن من يستحق هذا اللقب و المقام مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن الأولياء الكمل تابعون له ، فهو ورثته صلى الله عليه وسلم.
يشترط في الكمال عند بعض أهل الله مايلي :
- ولاية الرحمة.
- ولاية العلم.
- ولاية الإرادة و العزم.
- ولاية الصدق .
-ولاية صحة الإتباع ثم حسن الإبداع.
- تلقي الإشارة من عين الرحمة النبوية.
-عدم الإشتغال بالوقائع الكونية.
- الكينونة و المعية مع الولي المربي ، ونفي الشرك عنه وبه وعنه.
-الجهاد والبناء.
1.ولاية الرحمة :
ماهي الرحمة في مدلولها الخاص ؟ وما معناها العام؟
تكون رحمة قلبية خاصة إن إكتفى الولي بها وحدها كشأن خاص فردي ، ينعزل عن العالم مستقيلا عن الشأن العام ، لكن بولوجه معمعة التغيير ، تكون و لاية رحمة بمفهومها العام و هي الخذمة ، كهم جماعي ، و مشروع للبناء ، وهو التصدي للتربية و تحمل مشاق التوجيه و المتابعة.
هذه الرحمة تحتاج لحكمة عقلية ، يقول الشيخ عبد السلام ياسين في كتابه مقدمات في المنهاج : " فأقصد بالرحمة العلاقة القلبية للعبد بربه، وأقصد بالحكمة تصرف العقل، عقل المؤمن المرحوم، أثناء فهمه لشريعة الله عز وجل، وأثناء صياغتها صياغة قابلة للتطبيق، وأثناء السهر على تنفيذ أوامرها والامتناع والزجر عن نواهيها.
الرحمة ما جاء من الله تعالى للعبد هداية كبعث الرسل إليه، والرحمة تعلق القلب بتلك الهداية، والاستمساك بعروتها حتى تنور كيانه ويتمكن في محبة الله عز وجل، تلك المحبة التي تؤدي للعمل والجهاد : ﴿ يا أيها الذين آمنوا من يرتدد منكم عن دينه فسوف يات الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المومنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم﴾ [1]
أقصد بالحكمة "معرفة الدين والعمل به" كما فسر الكلمة الإمام مالك رحمه الله. قال ابن قتيبة : "الحكمة عند العرب العلم والعمل". والعلم والعمل آلتهما العقل. فإما عقل مصدر معرفته التجربة البشرية والتخمين الفلسفي وذاك عقل مشترك بين البشر. وإما عقل يتلقى عن القلب رحمة الإيمان وهداية الوحي، ثم ينصرف إلى تنفيذ أمر الله سبحانه وتعالى في الكون، لا غنى له عن التجربة والفحص، فذاك عقل الحكمة.
الرحمة قلبية، والحكمة عقلية راجعة في معرفة الأهداف والغاية إلى الوحي، آخذة بالتجربة التي تمكن الإنسان من ضبط حركة الكون والسيطرة على تفاعلاته ليتسنى له تطبيق الشرع.) كتاب مقدمات في المنهاج.
و لغياب فقه الرحمة في عقول المتصدين للتزكية ، و للأنعدامها في صفوف الحركة الإسلامية المعاصرة ، أنتجت تلك النبرات في الغلو و التطرف.و يعزو الشيخ القرضاوي في هذه المسألة عدم تلقي التربية علما و طريقة من أفواه الرجال و الإكتفاء ببطون الكتب.
ومن هنا كانت الحكمة العقلية في ترتيب العلم و تبويبه ، و الرحمة القلبية في توجيه العقل بنور الله ، كي لا يتنكب بعيدا عن القصد.
سأل الله العافية
عمرالحسني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس