عرض مشاركة واحدة
قديم 11-01-2011
  #20
عمرأبوحسام
محب فعال
 الصورة الرمزية عمرأبوحسام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 47
معدل تقييم المستوى: 0
عمرأبوحسام is on a distinguished road
افتراضي رد: دراسات في القرآن والنبوة:

علم
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن كما بعث بالسيف. لا إله إلا الله حد القرآن الحاسم، وجند الله المنظم شوكة الإسلام الضرورية. لكن الإسلام، وهو استسلام قلبي لله عز وجل واعتراف به، ما كان ليبدل تلك الجاهلية الغليظة برقة الأخوة الإيمانية لولا حكمة الداعي المعصوم صلى الله عليه وسلم، ولولا معرفته ببيئته، تلك المعرفة التي مهدت له تبليغ رسالة ربه بالبيان والتعليم. كلمة "جاهلية" تحتوي معنيين: الجهل ضد العلم، والجهل ضد الحِلْم. هي إذن جهل وعنف. فلو كان السيف الإسلامي وحْدَه سلاحَ المرسلين لقابله سيف الأعداء، ولكانت الغلبة للأقوى عضُداً. لكن كان السيف ظلا تحته تتقدم الدعوة. يلقى السيف السيف فيُديل الله لمن يشاء من عباده على من يشاء، ويلقى الجهل العلم، وتلقى الغلظة الوحشية رقةَ الإيمان وعزتَه بالله لا بالعصبية، فما أسرع هزيمة الباطل! ما أسرع هزيمة الجهل!
كانت الأمم الجاهلية يومذاك متعطشة لكلمة الحق كما هي اليوم. لعل كلمة الحق اليوم لا تنفذ إلى الآذان والعقول لوجود الحصار الثقافي والغزو الفكري بنفس السهولة التي كانت تنفذ بها يومئذ. لكن قد رُفِعَ عنا حواجز كانت تعوق الدعوة على عهد النبوة والخلافة الأولى. إنها حواجز المسافات، وقلة وسائل الاتصال وعسرها. فهذا يكافئ ذاك.
رغم هوس الجاهلية المعاصرة وضجيجها فإن منافذ الدعوة كثيرة، أهمها شِقْوَةُ الإنسان بما يعانيه تحت ركام الحضارة المادية. إما ركام البضائع والثروة واللذات حتى الملل، وإما ركام البؤس والجوع والجهل والاحتقار. وينتظر الإنسان مَنْ يعلمه فضائل الإسلام، ويبلغه حقيقته، ليَتجلى له مدى جهله حين نسي الله. هوس الجاهلية هذه ينتظر البلاغ الموقظ ليكتشف الناس ما هم فيه من ظلام كما اكتشف العربي جاهليته. روى الإمام الدارمي عن مجاهد عن مولاه أن أهله "بعثوا معه بقدح فيه زُبْد ولبن إلى آلهتهم. قال: فمنعني أن آكل الزبدَ مخافتُها (أي الآلهة). قال: فجاء كلب فأكل الزبد وشرب اللبن. ثم بال على الصنم وهو إساف ونائلة. قال هرون: كان الرجل في الجاهلية إذا سافر حمل معه أربعة أحجار: ثلاثة لقدره، والرابع يعبده، ويربي كلبه، ويقتل ولده".
ذهنية بدائية ساذجة، تقول! ولعلك تنسى أن الأيديَ المحركة لما يسمى بالثقافة العالمية، وهم يهود هوليود وسوق الكتب والمجلات العالمية، لا يتركون حيلة "ليبيعوا" للعالم ثقافة طفولية تخفض المستوى الفكري العام، تعده ليتقبل الدعاية التجارية والسياسية ويبتلع كل كبيرة من البهتان. فمن يعلم الإنسان المعاصر قذارة الأوثان المعاصرة؟
عمرأبوحسام غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس