عرض مشاركة واحدة
قديم 01-21-2010
  #1
نوح
رحمتك يارب
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,437
معدل تقييم المستوى: 18
نوح is on a distinguished road
وما الحي أبقى من الميتينا

وما الحي أبقى من الميتينا

تذكرتُ أيامَ مَنْ قدْ مضَى


فهاجَ لي الدمع سحا هتوناً


فرددتُ في النفس ذكراهُم


ليُحدث ذلك للقلب لينا


فقُلتُ لنفسي وعاتبتُها


وقد أبتْ النفسُ أن تستلينا


أتنسين آثار مَنْ قد مضى


ودهرا نُقاسيه قدماً خؤونا


وقرع المنايا وإيقاعُها


وصوتُ الصوائح فيما بُلينا


وما إن نزالُ على حادثٍ


يطيرُ له القلبُ روعاً حزِينا


إذا سكَنَ الروعُ عن ميّتٍ


بُدهنا بآخرَ ينعى السكونا


وكيف البقاءُ على ما أرى؟


ستؤتينَ عما قليل يقينا


دفنتُ الأحبةَ لمْ آلها


أهيلُ عليها تُراباً وطينا


وكانتْ تعز على أهلها


وأعززْ بها اليوم أيضاً دفينا


لقد غيبَ القبرُ في لحده


وقاراً نبيلاً وبراً ودينا


وصحبي والأهلَ فارقتهم


وكنتُ أراهمْ رفاقا عزينا


كأن تأوب أهليهمُ


حنينُ عشارٍ تُحب الحنينا


وإخوانُ صدقٍ لحقنا بهمِ


فقدْ كنتُ بالقربِ منهم ضنينا


وأوحشت الدار مِنْ بعدهم


أظل على ذكرهم مستكينا


أرى الناسَ يبكون موتاهم


وما الحي أبقى من الميتينا


أليسَ مصيرهُم للفنا؟!


وإنْ عمرَ القومُ أيضاً سنينا


يساقون سوقاً الى يومهم


فهُم في السياقِ وما يشعرونا


فإن كنت تبكين من قدْ مضى


فبكّي لنفسِكِ في الهالكينا


وبكى لنفسك جهد البكا


إذا كُنتِ تبكينَ أو تغفلينا


فإن السبيل لكم واحدٌ


سيتبعُ الآخِر الأولينا


وإنْ كُنتِ بالعيشِ مغترة


تُمنّيكَ نفسكِ فيها الظنونا


فنادي قبورك ثم انظري


مصارع أهلك والأقربينا


إلى أين صاروا وماذا لقوا؟


وكانوا كمثلكِ في الدور حينا


وأينَ الملوكُ وأهلُ الحجا


ومنْ كُنتِ ترضينَ أو تحذرينا؟


وأينَ الذين بنوا قبلنَا


قُرُوناً تتابعُ تتلو القرونا؟


الإمام عبدالله بن المبارك
__________________

نوح غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس