عرض مشاركة واحدة
قديم 08-31-2008
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي لنتذكر جميعاً نصائح الطفولة ..!

لنتذكر جميعاً نصائح الطفولة ..!
أيام شهدتها المياذين لايمكن نسيانها
المياذين دونت في سجل تاريخها أشخاصاً مثل
فؤاد بلاط

السلام على أهل الفرات ... وعلى من عاش ويعيش على ضفتيه ... وعلى من شرب ويشرب من مائهأما بعد:
فقد تحدثت في الحلقة السابقة عن الليل في المياذين ، وأنه يشكل بالنسبة لأطفالها الخوف من السعلوية والحنفيش والبيوت المهجورة المسكونة بالجن ، والضباع والذئاب التي تنزل ليلاً ، والعوامل الثلاث التي تكون الشخصية المياذينية ، وهي البيت والشارع والمدرسة ، ثم وعدت أن أتحدث عن بعض المفاهيم التي يربونا عليها .
من هذه المفاهيم أن الطفل ليلاً ينحصر ، تقوده أمه إلى الحوش ليتبول ، فما أن يصبح في الحوش حتى تقول له أمه ، تعوذ من الشيطان وسمي بالرحمن ، وقل الشهادة ، وأثناء قيامه بعملية التبول ينظر الى السماء ، ويبدأ بالأسئلة ، عن النجوم ، ومن يسكن في السماء ، وعن الله ، الذي يرى كل شيء، وضرورة أن نخافه ونرهبه ونطيعه ، وفي أكثر الأحيان كان يجلجل صوت المؤذن ، داعياً الناس إلى صلاة الفجر ، ومن طرف المؤذنين أن أحدهم قال بدلاً من محمداً رسول الله ، قال وكان الوقت صيفاً ، باميه يارسول الله، وماإلى ذلك مما قيل وأثير
والثاني وهو شارع العلاية حين كان يؤذن في جامع الوسط ، وكان القمر يسطع ، فإذا به يرى من فوق المئذنة ،في أحد البيوت ، مجموعة من الشباب ، يتسامرون ، ويسهرون ، فاعتقد مصيباً أو مخطئاً ، أنها جلسة أنس وأنهم يتعاطون الخمر ، فما منه إلا أن بدأ الأذان بالقول :
ياأهالي المياذين ، اسمعوا ، فالشباب ، وسمى بعضهم يسكرون في بيت فلان وسماه ، فما كان منهم إلا أنهوا الجلسة بسرعة ، وشتموه ، وكانت فضيحة في اليوم التالي ، والناس يسألونهم ساخرين ، كانوا شلة معروفة ، تسهر عند حسيبة الراقصة ، فقد كانت حسيبة وهي راقصة جاؤوا بها من بيروت إلى المياذين ، ترقص في مقهى لاأذكر من هو صاحبه ، حيث كنا صغاراً وكان ذلك قبل الجلاء ، أعتقد أنها أغلقت ، أو منعها الأهالي بعد الجلاء من الاتيان بالراقصة ، والغريب أن المقهى يقع قرب جامع الوسط ، وكانوا يأتون بالراقصات من بيروت، وأخذت حسيبة الشهرة أكثر من غيرها ، إما لجمالها ، أو لبقائها بالميادين مدة طويلة ، أو أنها كانت آخر نمرة ، وكان الديريون يتندرون على أهل المياذين بأنهم باعوا أدوات الطبخ واللحف حتى يحضروا حسيبة ، وأن كثيرين أفلسوا جراء حضورهم اليومي لبرنامجها .
كان هذا المقهى وآخر، لكن لاتوجد فيه راقصات ، صاحبه تركي المراد وهو تركي الأصل ، تزوج من المياذين من آل الضويحي ، وبقي فيها ، وأنجب ثلاث أولاد ، صبحي وعواد ومحمود ، وعدداً من البنات تزوجن من شباب المياذين ، وتحكى رواية مشهورة عنه ، أن كل شخص يقوم ببعض القضايا ذات الطابع الذكي والماكر ، أو يقول بعض الأشياء التي تحتمل التفسير على أكثر من وجه ، يقول "أيوبه" فذهبت مثلاً في المياذين ، نسبة إلى فخذ الأيوب من البو خليل الذين يتمتعون بقدرة هائلة من الدهاء ، ورثوها من الأجداد ، وخلفوها للأحفاد ولازالوا.
قبل الدخول إلى المدرسة ، كان معظم أطفال المياذين يرسلون أبناءهم إلى الملا ، وكان في حارتنا ملا يوسف ، الذي كان خطيباً في جامع الوسط ، أرسلت إليه ، وكان قاسياً ، يعلمنا بنفس الوقت الذي كان يجلس فيه وراء الجومه ، يحوك البسط والعبي ، وكان يملك عصا طويلة ، يضعها الى جانبه ، يطال بها الجميع ، ويضرب بها كل من تسول له نفسه الكلام مع رفيقه ، أو لايتابع القراءة ، وكانت لديه ابنة أكبر منا تسمع لنا ، وكانت هي أيضاً قاسية وقوية ، ولاتأخذها الرحمة فينا إن لم نكن حافظين للسورة أو الآية ، وعندما يختم الطفل القرآن ، يقيم أهله حفلة له ، ويطشون عليه الحلويات ، وأذكر أنني بعد أسبوع من الدوام عند ملا يوسف ، وعندما رأيت الضرب ، وشد أحد الأطفال الفلقة ، لأنه هرب من الدرس ، أصريت على الذهاب إلى ملا علي ، أخو ملا خالد السليمان ، وهي عائلة علم ، وكان ملا علي أرحم من ملا يوسف ، لكن ابنه ثابت ، يشبه ملا يوسف إلى حد كبير ، فهو صارم وحازم ولايبتسم ، وكان يخيفنا .
بعد فترة الملا ، تبدأ المدرسة ، وتبدأ نصائح الآباء والأمهات ، الآباء ينصحون ، بأن لاتمشوا مع من هو أكبر منكم ، لاتعتدوا على أحد ، إذا اعتدى عليكم أحد ، ولم تأخذوا حقكم ، فستعاقبون في البيت ، احفظوا دروسكم ، وإلا فالعقوبة تنتظركم ، فقد كانوا يقولون للمعلمين ، اللحم لكم والعظم لنا ، أي لاتتهاونوا مع التلاميذ ، إن قصروا في الدراسة ، أو أساءوا الأدب إن تأخروا عن المدرسة .
وهو تعبير عن احترام العلم والمعلم .
وتأكيداً على ضرورة العلم وثقة بالمعلم ، وأنه مثل الأب يحق له في سبيل تربية الأطفال أن يعمل مايشاء ، ماعدا كسر الأيدي والأرجل ، فهذا مؤدى الكلام ، اللحم لك والعظم لنا ، أي عاقبهم لكن في حدود .
وبالطبع هناك النصيحة الزاجرة ، أن لاتنظر وأنت سائر إلى بيت بابه مفتوح ، وكان النظر إلى البيت من الباب المفتوح تعتبر من الكبائر .
وهم يرفعون هذه المسألة إلى الحد الأقصى ، فلعل امرأة لاتلبس على رأسها ، أو أنها تغتسل ، باختصار لاتدخل بعينيك على خصوصيات الغير ، فهي ملك لهم ، وعليك واجب احترام هذه الخصوصية .
ومن النصائح أيضاً إذا جرت مشكلة لصاحبك وهومعك ، فلا تتركه لوحده ، افزع له ، ساعده ، من العار تركه ، ولو أدى ذلك إلى أن تتأذى ، فمن العار أن تهرب ، وأن لاتواجه مع صاحبك مايتعرض له ، وكانت هذه أحد عناصر الصداقة ، حيث كنا نقول فلان لا يعتمد عليه ، يهرب ، إذا حدثت مشكلة ، حتى إذا مر أثناء وجود المشكلة مع صاحب أو قريب فعليه التدخل لصالح صديقه ، ولايأخذ موقفاً حيادياً ، فهذه تحسب عليه ، وتقيم شخصيته وعلاقاته على هذا الأساس ، وتنبع من هذه النصيحة قيمة المروءة والشهامة والنخوة .
وكان أطفال الدربات "الحارات" يشكلون فرقاً أمام الحارات الأخرى ، حيث يتقابلون في اللعب ، والمبارزات فلعبة الشكام ، والفطبول ،وغيرها كانت تتم بين فرق الحارات وهكذا تنمو العلاقات ، والصداقات بين الأطفال ، لكن يتم تفكيكها إلى حد كبير في المدرسة ، حيث الصفوف في المدرسة لاتعرف الحارات ولا العائلات ، فهي مختلطة من الجميع ، وهنا تبدأ علاقات من نوع جديد مختلف ، ومتجاوز ، للحارة والعائلة والعشيرة ، طبعاً هذه العناصر تؤثر في البداية ، لكن على مدى خمس سنوات في الابتدائية ، فإن الأمور تختلط ، وتبدأعلاقات من نوع آخر ، تستمر لآخر العمر ، ولم يكن الآباء يمنعونا من علاقات تتجاوز العائلة أو العشيرة ، بل يحبذونها ، لكن يسألون دائماً ، من هم ربعك ؟
أصدقاؤك ؟ فنقول اسماً ، فيسأل ، الأب ابن من ؟ فنقول اسم الأب ، يسرح قليلاً ، ثم يقول ، هذول أوادم ، أو يقول لك هذا أبوه لاينفع ، فيكون الجواب ومادخله بأبيه ؟ فيأتي جواباً حازماً صارماً ، خلص مثل ماأقول لك ، ثم تعيد النظر بعلاقتك مع هذا أو ذاك لكن بحذر هذه المرة ، تراقب سلوكه ودراسته ، فإن كانت المشاكل بعيدة عنه ، ولايتقدم لصنعها تتابع العلاقة معه داخل المدرسة ، وتقطعها بعد الانصراف .
أتابع النصائح باختصار ، حيث يقولون لك : لاتكذب ، لاتزمط ، لاتنشع ، وهذه المصطلحات متداخلة ، فالزمط هو أقل من الكذب ، لكن يعني المبالغة في الأشياء ، والنشع هو نوع من التخايل أو التكبر فمثلاً ، تسأل أحدهم ، لماذا لم تذهب إلى الفاطسة " الطيبة" ؟ يجيب والله لم أجد سيارة توصلني ، فيقال له : الله يرحم جدك الذي كان يذهب "حفت" أي على رجليه . وهذه كناية ، حتى لايتعلم أحد التكبر والغرور ، وأن يكون متواضعاً ، حتى في حديثه ، أي أنه حتى إذا كان صحيحاً أنه لم يذهب لعدم وجود سيارة توصله ، فعليه أن لايقول ذلك ، من باب التواضع ، واحترام الآخر ، بل يقول مثلاً ، والله ماكان عندي وقت .
المهم هنا أن النشاع لايقابل باستسلام ، بل يقال له في وجهه ، أن ذلك غير مقبول ، ولاتنس أصلك ، ومن باب احترامك لنفسك وللآخر ، أن تتحدث دون خيلاء ، وهكذا مصطلحات ، تلحق الشخص طوال عمره ، لذا يقوم الأهل بالنصح المستمر .
لاتدخل أمام من هو أكبر منك ، واترك مكانك له إذا كنت جالساً في ديوان ، أو في أي مكان .
اذهبوا إلى التعازي ، هناك تتعلمون من الكبار ، واحذروا الأعراس فهناك يختلط الحابل بالنابل والصغير بالكبير، وذلك غير محبب لدى الأهل .
لاتضحكوا بصوت عال ، ولاتمازحوا بعضكم بعضاً خارج الأصول ، فذلك يقلل الهيبة .
ممنوع التدخين ، ذلك من الكبائر
باختصار على الأطفال أن يحفظوا القرآن عند الملا ، ثم المدرسة ليتعلموا القراءة والكتابة ، وإذا استطاعوا أن يحصلوا على الابتدائية فلا بأس ، بعدها يتوقف العلم لعدم وجود إعدادية ، فقد انشئت إعدادية الصبيان في عام 1959 .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس